لم يتجاوز عمرهما ال15 سنة، قررا أن ينهيا قصة حب دامت ل4 سنوات بالخطوبة، وبدعم من الأهل، أصبح حلم الارتباط حقيقة، على أحد المراكِب العائمة فى مدينة دسوق، كفر الشيخ، ارتدت العروس الطفلة «ندى» فستانًا، ومن جانبها العريس الطفل «فارس»، مرتديا بدلة كاملة. «إنتو شايفينه صغير بس أنا شايفاه فى نظرى كبير عقلاً».. هكذا دافعت أم العريس، على انتقادات مشهد خطوبة نجلها الطفل من الطفلة «ندى»، وقالت إن الخطوبة تعد دافعاً له للنجاح فى حياته، فهو يحرص على استذكار دروسه مع العمل بعد اليوم الدراسى لتكوين ذاته. وتابعت: «ماعملناش حاجة غلط»، تشير والدة العريس إلى أن هذه الزيجة تربطها صلة قرابة، وبحسب ما أكدته خلال حديثها للقنوات التليفزيونية، فإن مثل هذه الأفراح شىء عادى فى المحافظة. خطوبة «فارس وندى» لم تكن الأولى من نوعها بل تكررت كثيرًا، وبحسب ما أشار إليه عدد من الخبراء القانونيين، الذين أكدوا أن مثل هذه الزيجات يعد جرماً قانونياً، فضلاً عن سلب حقوق الطفل فى الاستمتاع بطفولته وتحمله مسئولية تفوق قدراته العقلية والنفسية والجسمانية. وبحسب تقارير طبية، فإن زواج الأطفال يتسبب فى إصابة 20% من الفتيات بالنزيف، كما أن 88% من الفتيات المتزوجات قبل 18 عامًا يتعرضن للإصابة بالناسور البولى، كما تزيد وفيات أطفال الأمهات المراهقات فى الشهر الأول، حيث يتوفى 6.8% من الأطفال المولودين لأمهات من 16: 17 سنة، أما عن نسبة الوفيات تصل إلى 15% من الأطفال للأمهات أقل من 14 عامًا. وتصدى المجلس القومى للطفولة والأمومة فى إحباط زواج طفلَي كفر الشيخ، وقالت الدكتورة عزة العشماوى، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، فى بيان له، إنه تم رصد هذه الواقعة عن طريق خط نجدة الطفل (16000) وتم تسجيله برقم (148479)، وعلى الفور تم تكليف اللجنة العامة لحماية الطفولة بمحافظة كفر الشيخ لإعمال شئونها والتقصى عن هذه الواقعة وتقديم تقرير بشأنها. وأكدت «العشماوى» أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة فى هذا الشأن، إذ تقوم اللجنة العامة لحماية الطفولة بمحافظة كفر الشيخ بتوعية أسرة الطفلين بمخاطر الزواج المبكر وأخذ التعهد اللازم على والدى الطفلين بحسن رعايتهما، وعدم تكرار ذلك ووقف أى إجراء فى هذا الزواج لحين بلوغ الطفلين للسن القانونية للزواج، حتى يكون لديهما الوعى الكامل لتحمل المسئولية فى هذا الشأن. وأدانت الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة هذا الزواج والذى يعد انتهاكا صارخاً لحقوق الطفل، مشيرة إلى أن مجرد نشر صور الطفلين هو تشهير بالأطفال ومخالف للمادة «116» مكرر (أ) من قانون الطفل، مناشدة رواد مواقع التواصل الاجتماعى بعدم تداول هذه الصور لما فيها من انتهاك لحقوق الطفل. وبحسب بيان صادر سابقًا، توقع صندوق الأممالمتحدة للسكان (UNFPA)، أن الفترة بين 2011 و2020، ستصبح أكثر من 140 مليون طفلة عرائس، وأشار البيان إلى أن حال استمرار الوضع على ما هو عليه، فستصل زيجات الأطفال ل14.2 مليون فتاة سنوياً، أو 39000 فتاة يوميا سوف تتزوج فى عمر صغير للغاية. يخالف الدستور قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، والفقيه الدستورى، إن من حق الطفل أن يعيش طفولته، وحقوقه فى الرعاية، حتى أن يصل لسن الرشد 18 عامًا. وأضاف: وفقًا للمادة 80 من الدستور المصرى، ومن بعدها المادة 2 من قانون الطفل «12 لسنة 1996»، وما أدخل عليه من تعديلات فى القانون «126 لسنة 2008»، فإن سن الطفولة لا ينتهى إلا ببلوغ 18 عامًا، وخلال تلك الفترة يحق للطفل التمتع بالرعاية بصورة قد يعيقها تسريب فكرة الارتباط العاطفى، زيجة كانت أو خطبة لعقل الطفل. جريمة قالت نهلة عبدالسلام، خبيرة التنمية البشرية، إن زواج الأطفال فى عمر أقل من 18 عامًا جرم فى حق الطفولة، مشيرة إلى أن الزواج وتحمل المسئولية يحتاج إلى تجارب حياتية وخبرات عالية فى التعامل مع الأزمات وهذا يفوق قدرات الطفل مهما كانت درجة ذكائه. وأشارت خبيرة التنمية البشرية إلى أن فى القرون السابقة كانت الفتيات يتزوجن على سن ال15 عامًا ولكن فى ظروف بيئية تختلف عما هو عليه الآن، فكانت الصحة العامة لمواطنين فى السنوات الماضية أفضل بكثير عن وضعهم الحالى. «تصيب الطفل أو الطفلة بالاكتئاب».. تكمل خبيرة التنمية البشرية حديثها، وقالت إن من ضمن العواقب النفسية التى قد تلحق بالأطفال بعد زواجهم، إصابتهم بالاكتئاب، وذلك حال عجزهم عن مواجهة ضغوط الحياة، فضلاً عن الضغوط الاقتصادية على أولياء الأمور حال توقف الطفل عن سد احتياجات منزله. وأشارت عبدالسلام إلى أن السن المناسبة لزواج الفتاة 20 عامًا، حينها تكون مهيّأة للارتباط وتحمل المسئولية، ففى هذه المرحلة تبلغ مرحلة النضوج النفسى والصحى، ولديها من الخبرات ما يمكنها من مواجهة صعوبات الحياة، وتعين زوجها على العقبات التى تواجههم. كما قالت إن الفتاة قبل سن ال18 عامًا ليست مهيأة للتغيرات الفسيولوجية المصاحبة للحمل، ما يصيبها بحالة من الاكتئاب الشديد، والأرق والوسواس القهرى، ما يجعلها أيضاً عاجزة عن تربية أبنائها بشكل سوى وسليم. ليست الأولى قال الدكتور على الأزهرى، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، إن فى القرون الماضية كان الفرد لا يتجاوز ال12 عامًا ويتحمل المسئولية، فعلى سبيل المثال أسامة بن زيد، كان قائدًا للجيش وهو فى سن الثامنة عشرة، ولكن القرون الماضية تختلف عن الحياة الآن، فالفرد أقل من 18 عامًا بالفعل لا يقدر على تحمل المسئولية. وأشار «الأزهرى» إلى أن الدولة الآن تجرم الزواج أقل من 18 عامًا، وعلى الجميع الالتزام بالقانون الذى هو فى صالح الشاب والفتاة، فكثير من حالات الزواج تنتهى بالوفاة بسبب الزواج المبكر. ونوه عضو هيئة التدريس فى جامعة الأزهر إلى أن حالة خطوبة كفر الشيخ لم تكن الأولى من نوعها، بل هناك الكثير لم يسلط عليه الإعلام الضوء، ولهذا على وسائل الإعلام التصدى لهذه الظاهرة عن طريق برامج التوعية واستضافة رجال الأزهر المعنيين بالدعوة، وقوافل صحية فى القرى، والمنابر فى المساجد. مطلوب توعية قال الدكتور عادل صادق، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة سوهاج، أن الإعلام من أهم وظائفه التنوير والتثقيف للشعب، وفى تلك القضية المذكورة، لابد على وسائل الإعلام مرئى ومسموع ومقروء، شن حملات إعلامية على زواج الأطفال. وأشار أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة سوهاج، إلى أن الإعلام المرئى أهم الوسائل فى الحرب ضد زواج الأطفال لكونه الوسيلة الأكثر انتشارًا، وتخاطب جميع فئات الشعب، كما يمكن استضافة رجال الدين المعنيين بالدعوة، فى توضيح حكم الشرع من هذه الزيجة. وأضاف «صادق» أن القضية لها توابع نفسية على الأطفال، ولهذا يمكن الاستعانة بخبراء علم النفس والاجتماع والتنمية البشرية للكشف عن مدى المخاطر التى تتعرض لها تلك الحالات سواء للطفل أو الطفلة، وأيضاً أولياء الأمور. واستكمل أستاذ الصحافة حديثه، وقال: يمكن من خلال وسائل الإعلام المرئية استعراض نماذج سابقة لزواج الأطفال ومدى الأضرار الجسيمة التى وقعت عليهم وعلى ذويهم، مؤكدًا أن الإعلام لا يستطيع رصد كافة الحالات على مستوى الجمهورية، ولهذا لابد أن يكون الوعى داخلياً لدى المجتمع. «أحباب الله».. فى «الكوشة» فى يناير 2018، أقيم حفل خطوبة طفلين من قرية قبريط التابعة لمركز فوة فى كفر الشيخ، ويبلغ عمر العريس 11 سنة، والعروس 12 سنة. فى أواخر 2017، أثارت صور خطوبة طفلين فى الفيوم، داخل قرية منشأة رحمى، بمركز أطسا، جدلا كبيراً حيث تم خطبة الطفل أحمد شعبان عيد، 12 سنة، على عروسة تكبُره بأربعة أعوام، الأمر الذى اعتُبر مخالفة للقوانين، إذ يُشترط إتمام العروسين سن 18 عامًا. فى 2016، شهدت قرية المعصرة التابعة لمركز بلقاس بالدقهلية، عقد قران وزفاف «أصغر عروسين فى العالم»، وفقًا لتعبير حاضرى الحفل. وبدأت الواقعة بقيام أسرتى الطفلين فارس السعيد عبدالعزيز، 12 سنة، بالصف الأول الإعدادى، ونانسى، 10 سنوات، بالصف الخامس الابتدائى، بعمل حفل الزواج فى سرادق كبير بالشارع، وسط مشاركة كبيرة من الأهل والأصدقاء وأهالى القرية، بمشاركة فرقة موسيقية و3 راقصات. فى 24 ديسمبر 2015 تمت خطوبة طفلة تُدعى نبيلة، 8 أعوام، على ابن عمها أحمد، 9 سنوات، بعزبة الجزار التابعة لمركز شربين بمحافظة الدقهلية، وكان الكوافير زيّن الفتاة على اعتبار أنها ستحضر حفل عيد ميلادها، ليفاجأ الموجودون بأن الطفلة تستعد لحضور حفل خطوبتها، وبرر الأهالى ذلك بأنهم يعدّون مفاجأة للطفلة، وقد نشر الكوافير صور الفتاة على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك». فى 15 سبتمبر 2015 أتمّ الأهالى خطوبة طفلة تُدعى نهى، 11 عامًا، على فتى يُدعى وجيه، 17 عامًا، بقرية كفر شبرا اليمن التابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية، والعروس هى ابنة عم العريس، الذى غار عليها من كثرة تقدّم العرسان لخطبتها، فقد تقدم لخطبتها 5 أشخاص، فقرّر أن يبادر هو بالارتباط بها فخطبها، وهى لا تبلغ سوى 11 عامًا. فى شهر يوليو عام 2015 نشر أب صور خطوبة ابنته فى الصف الثالث الابتدائى من ابن خالتها فى الصف الرابع، حيث أقام حفل خطوبة لهما، ونشر الصور على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» وكتب عليها: «تم اليوم بحمد الله خطبة ابنتى سلمى عيد البنا، ثالثة ابتدائى، إلى ابن خالتها يوسف وائل، رابعة ابتدائى، والزفاف بعد التخرج إن شاء الله» ليلقى ردود أفعال عنيفة من مستخدمى الإنترنت. فى عام 2013 تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى مقطع فيديو لخطوبة طفل يُدعى شمس، 13 عامًا، فى الصف الأول الإعدادى، وطفلة تُدعى إيمان، 10 أعوام، فى الصف الخامس الابتدائى، من أبناء السنبلاوين بالدقهلية، وكان الطفل يرتدى بدلة فيما ارتدت الطفلة فستانًا وطرحة وحملت باقة من الورود، كما وضعت المكياج على وجهها لكى تبدو كفتاة، وظهر فى الفيديو أهالى الطفلين مسرورين يباركون الخطوبة، فيما نُشِرَت صور لهما فى جلسة تصوير بأحد الاستوديوهات، وهما يقومان بأوضاع تصوير كالعريس والعروس فى يوم زفافهما.