1 • ذهبت إلى المسجد الذى اعتدت أداء صلاة الجمعة فيه ، وتابعت الخطبة الأخيرة قبل انتخابات الرئاسة..قال خطيب المسجد للمصلين مقدمة طويلة عريضة تدور حول «حٌسن الاختيار» و«فضيلة التدقيق».. طبعاً فهمت أنها مقدمة تستبق الترويج لمرشح من التيار الدينى.. ولكن يبدو أننى لم أكن الوحيد.. فقد شعرت بتململ كثير من المصلين.. وشعورهم بالضيق من الرجل.. وما هى إلا لحظات حتى بدأ يكشف عن غرضه.. وقال: «إننى أدعوكم للتصويت لصالح مرشح التيار الإسلامى...» وقبل أن يكمل جملته قال له جموع المصلين « بس.. كفاية.. انزل.. ماتتكلمش فى السياسة..ماتوجهناش إحنا بنفهم كويس».. لا أخفى عليكم لقد كنت سعيداً جداً بهذا الموقف الجماعى.. فقد أدركت أن ما ننبح أصواتنا لأجله منذ سنوات بدأ ينتج ثماره.. بعدما شعر الناس بالخطر الذى يهددهم من تيارات تسعى للحكم عن طريق «المنبر».. وهو وسيلة آمنة بعيدة عن السلاح الذى أسقطهم فى مشكلات من كل اتجاه..بعد هذا الموقف الذى أجبر هذا الخطيب على التوقف عن استخدام المنبر لتحقيق مكاسب سياسية «دنيوية» زائلة، أدينا الصلاة فى هدوء ليعقبها معركة بين الخطيب الذى حاول الدفاع عن طريقته «السياسية المنبرية» فى مواجهة مصلين يرفضون استغلال المسجد فى السياسة ..تركتهم يتجادلون ، وخرجت أسعى فى الأرض ، وقمت بفتح هاتفى المحمول ، ففوجئت بسيل من المكالمات، تلقيتها من عدد كبير من الأصدقاء الذين حكوا لى مشهداً مشابهاً ، شاهدوه فى مساجد بمحافظات مختلفة.. عندها قلت الحمد لله .. الطريق «آمن» كى نشرح للناس خطورة استخدام المساجد فى حروب معظمها غير نظيفة بين مرشحى الرئاسة..وقلت الآن نستطيع أن نؤسس حركة «انزل» .. لا تصعد إلى المنبر وأنت تحمل فى صدرك «ضغينة» ضد منافس سياسى .. ولا تلقى خطبة تميل لمرشح على حساب منافسه.. سنبدأ حركة «انزل».. نستطيع أن ندعو إليها دون خوف أو قلق..فقد أعلن الناس رفضهم لاستغلال الدين للترويج لأهداف سياسية حزبية ضيقة.. فقد نريد استخدام المنبر للتعريف بتعاليم ديننا الحنيف أو لتحقيق أهداف وطنية عامة وغير حزبية!! لا تتعجب من هذا الاقتراح فقد جاء الوقت الذى يجب أن تشارك فيه ، فيجب أن تنتبه ،وتعرف ، وتدرك ، أن « معظم»المصريين يوم الجمعة الماضية قالوا كلمة واحدة ، فاصلة، جامعة ،فى مواجهة المتاجرة بالدين، فقد شهدت معظم المساجد، والزوايا ، فى كافة محافظات مصر موقفاً موحداً فى مواجهة الأئمة الذين ينتمون سياسياً لأحزاب دينية، ولا نعرف كيف يحصلون على ترخيص من وزارة الأوقاف لاعتلاء منبر لا يجب أن يصعد إليه غير العلماء.. قال الناس لمن تجاوز من هؤلاء الأئمة، فى حق مرشحين منافسين لحزبه، أو من قام بالترويج لصالح مرشح يدعمه ، على حساب مرشحين آخرين، قالوا لكل واحد من هؤلاء الذين يصلون بالناس يوم الجمعة، بهدف توجيههم «إنزل» ولا تتكلم فى السياسة.. لا توجههنا لصالح تيار معين .. هذا المكان محايد ولا يجب أن ينحاز لمصرى على حساب آخر..ولا يطعن فى مسلم لحساب آخر!! 2 • لن أدعوك فقط لمطالبة خطيب المسجد غير المحايد بالنزول من فوق المنبر، ولكننى أدعوك أيضاً للنزول إلى الشارع كى تشرح للناس الأزمة التى نعيشها الآن بسبب المتاجرة بالدين.. فنحن على أعتاب انتخاب رئيس جمهورية بلاتحديد لصلاحياته.. ربما يكون رئيساً ديكتاتوراً لايعرف سوى استخدام سلطاته المطلقة.. التى لايحدها شىء طبقاً للإعلان الدستورى فقد قال لنا أئمة المساجد المنتمون سياسياً لأحزاب وتيارات ، أن من سيعطى صوته ب «نعم» فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، يوم 19 مارس 2011، سيد خل الجنة لا محالة وأن كاتب كلمة «لا» فى ورقة التصويت ، هو آثم قلبه، وفاسد عقله ، مُغضبٌ لربه.. وقد استجاب الناس لدعوتهم، فسقطت البلاد فى براثن أزمة لا نعرف كيف نخرج منها.. والآن يجب أن نتذكر ماقلناه للناس حينها .. فقد نصحناهم ب «لا» حتى نكتب دستوراً جديداً يتناسب مع المرحلة التى تمر بها البلاد..وأن «نعم» ستأتى لنا برئيس ديكتاتور لأنه سيكون بلا «فرامل» توقف سلطاته وقوته الغاشمة..والآن من حقنا أن نقول للناس أن المتاجرة بالدين تذهب بنا إلى كوارث لا تتوقف.. وتلقى بنا فى غياهب الفساد السياسى بلا محاسبة!! 3 • أدعوك أيها القارئ العزيز للنزول إلى لجنتك الانتخابية للمشاركة فى اختيار رئيسك القادم، فالمعركة الحقيقية التى نواجهها ، سوف تبدأ بعد انتخابه، فإذا كان اختيارك غير صحيح، فسوف ندفع ثمناً غالياً جداً ،وسوف نعود إلى نقطة الصفر..ولذلك دعنى أقلها لك بكل صراحة.. أرجوك لا تمنح صوتك لمرشح يقف على أرضية سياسية دينية ، ولا مرشح له خلفية عسكرية، فقد دفعت مصر ثمناً غالياً بسبب الصراع على السلطة بين هذين النموذجين، فكلاهما لايؤمن بالديمقراطية، ولا يعرف لتداول السلطة طريقاً، ويسعى للبقاء أطول فترة ممكنة فى مقعد السلطة والحكم .. امنح صوتك لمرشح مدنى يعبر بمصر إلى بداية الطريق.. ويضعها على أولى خطوات الحداثة والعلم والتطور .. يحقق العدل ويوفر الأمن الحقيقى..نسانده من أجل دولة القانون التى لايوجد فيها فارق بين مواطن وآخر..يرفض الظلم ويساند الفقراء !! هوامش • كلمة مهمة قالها الشيخ المرحوم فرحات المنجى المستشار الأسبق لشيخ الأزهر.. قال عمن يستغلون الدين لتحقيق مكاسب سياسية « إنهم يريدون الدنيا بعمل الآخرة».. اكتب هذه الجملة فى ورقة عشرات المرات وامنحها لأصدقائك حتى تتوقف هذه التجارة!!