النيابة العامة تنظم ورشة عمل بحقوق المنصورة (صور)    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    وزير الكهرباء: نسعى لتعزيز استدامة الطاقة وتوفير حلول طاقة نظيفة وآمنة    «التموين» تواصل صرف مقررات مايو لليوم ال23    زيادة إمدادات «خام مربان» إلى آسيا وسط انخفاض أسعاره بعد زيادة إنتاج أوبك+    وزيرة التضامن تبحث دعم الصناعات الريفية وريادة الأعمال المجتمعية    استرداد 10 أفدنة من أراضي أملاك الدولة بوادي النطرون    «حماس»: رفض الدول استغلال المساعدات لأي غرض يتطلب ضغطًا لإغاثة الفلسطينيين    حماس: المساعدات حتى الآن لا تمثل نقطة في محيط احتياجات أهالي غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم وينتظم في معسكر للقاء بتروجت    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة صن داونز وبيراميدز في ذهاب نهائي دوري الأبطال    رقم خيالي، إغراءات جديدة من الهلال للتعاقد مع إنزاجي    تفاصيل الاجتماع الفنى لمباراة صن داونز وبيراميدز فى ذهاب نهائي دورى الأبطال    بحوزتهم مخدرات ب21 مليون جنيه.. مصرع 4 عناصر إجرامية بالإسكندرية وأسوان    رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي الأزهري 2025 الترم الثاني فور ظهورها    لمدة 48 ساعة.. غلق كلي لطريق الواحات لتنفيذ أعمال محطات الأتوبيس الترددي    رئيس الأوبرا يقود حفل أيقونات بليغ ووردة 30 مايو    اليوم.. بداية فعاليات مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي ومصر تشارك ب"بروفايل"    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    ما حكم بيع واستعمال سجاد الصلاة المكتوب عليه لفظ الجلالة؟.. الإفتاء توضح    إضافة خدمة جديدة ومتطورة إلى بنك الدم بمجمع الإسماعيلية الطبي    "الصحة" تعقد اجتماعا تحضيريا لتنفيذ خطة التأمين الطبي لساحل البحر المتوسط    فحص 11.3 مليون طالب ابتدائى ضمن مبادرة للكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    الصحة العالمية: النظام الصحي على وشك الانهيار في غزة مع تصاعد الأعمال العدائية    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي    وزيرة التخطيط: الابتكار وريادة الأعمال ركيزتان أساسيتان لتجاوز «فخ الدخل المتوسط» (تفاصيل)    شاب ينهي حياته بأقراص سامة بسبب خلافات أسرية    الأرصاد تحذر من حالة الطقس: موجة حارة تضرب البلاد.. وذروتها في هذا الموعد (فيديو)    4 جثث ومصاب في حادث مروع بطريق "إدفو - مرسى علم" بأسوان    محافظ أسيوط يشهد تسليم 840 آلة جراحية معاد تأهيلها    بروتوكول تعاون بين "الإسكان" و"الثقافة" لتحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    وزير الثقافة يشهد حفل فرقة أوبرا الإسكندرية ويشيد بالأداء الفنى    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    الخارجية: الاتحاد الأفريقى يعتمد ترشيح خالد العنانى لمنصب مدير عام يونسكو    «الشيوخ» يناقش تعديلات قانونه ل«تقسيم الدوائر» غدا    الهلال يفاوض أوسيمين    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    توريد 180 ألف طن قمح لصوامع وشون قنا    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    مقاطع مفبركة.. جارديان تكشف تضليل ترامب لإحراج رئيس جنوب أفريقيا    وزير الصحة يشارك في مائدة مستديرة حول البيانات والتمويل المستدام لتسريع التغطية الصحية الشاملة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 23-5-2025 في محافظة قنا    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 23 مايو 2025    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    موعد نهائي كأس أفريقيا لليد بين الأهلي والزمالك    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالمنعم أبوالفتوح يكتب:الأعمدة الخمسة.. لمصر القوية
نشر في الوفد يوم 20 - 05 - 2012

في تاريخ الأمم والشعوب أوقات تتسم بقدر كبير من الروعة والأهمية.. سواء بما تحمله من تطور وتقدم في انتقال حضاري وزمني نحو المستقبل.
أو بما تحمله من مخاطر التحول والانتقال.. والأمة المصرية تمر الآن بهذه الأوقات.. فبعد أيام قليلة يمر الوطن بتجربة هي الأولى من نوعها على مدى قرون عدة.. وهي خروج الناس إلى صناديق الاقتراع لاختيار الحاكم/ الرئيس في مناخ أنتجته ثورة شعبية حقيقية سالت فيها دماء واستشهد فيها شهداء.
التجارب الأولى عادة ما تحمل قدرا من القلق والترقب.. وبحكم طبائع الأمور يمثل مسار التجربة في حد ذاته كسبا كبيرا من ناحية الحركة نحو المستقبل استنادا إلى قواعد وأسس صحيحة ومن ناحية أخرى تراكم الوعي بما تحمله التجربة من الجديد الذي لم يعرفه الشعب.
لقد عاش المصريون خلال العقود الماضية تجارب حكم تؤسس للاستبداد وتبديد الثروة ونشر الفقر والجهل والمرض وأخذت (الدولة) تتضاءل وتتحلل داخل هياكلها الضيقة وتزداد قوة أمام الشعب وضعفا أمام الأجنبي تاركة الميدان الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتعليمي والصحي لعوامل الانهيار.. ولولا تلك الثورة العظيمة التي قدرها الله برحمته لاستمر التردي إلى ما لا يحتمل.
كل ذلك أثر بطبيعة الحال على الوعي والرؤية.. لكن التاريخ يقول إن المصريين طوال تاريخهم كانوا أصحاب إحساس دقيق وواع في لحظات التاريخ المهمة بما يجب أن تكون عليه الأمور.. المصريون وإن حرموا من السياسة أكثر من نصف قرن فإنهم سياسيون حتى أطراف أظافرهم.. قد يلوذون بالصمت طويلا لكنهم يعرفون جيدا كيف يخرجون من أزمات التاريخ في دوراته المتعاقبة.
في مشروعنا الذي تقدمنا به إلى عموم المصريين (مصر القوية) نستند في حلمنا الذي ننشده إلى حقائق عن طبيعة هذا الشعب العظيم وإلى أسس وأعمدة يعتبر المصريون من أعرق الشعوب معرفة بها وإدراكا لها.
الدين الذي يسير في أوردة وشرايين المصريين مع دمائهم كما يسير النيل أمام أعينهم.. المصري يعتبر (الدين والبحر) الوجود كله.. ولا نندهش إذا علمنا أن النيل هو النهر الوحيد في العالم الذي يسميه المصريون (البحر) وكذلك وصفه القرآن الكريم. لقد رأينا كيف استقبلت مصر المسيحية على يد مرقس الرسول عام 55 م وكيف قدموا من التضحيات أمام الإمبراطورية الرومانية حفاظا على نقاء إيمانهم.. ورأينا كيف استقبلت مصر الإسلام عام 639 م ثم ما هي إلا سنوات قلائل وقدم المصريون من أبنائهم كبار الفقهاء والعلماء كأنهم نشأوا في أرض النبوة.
وإلى الآن يتظلل المسلمون والمسيحيون بظلال الحضارة الإسلامية بمكوناتها العربية والقبطية.. وعبر التاريخ الطويل ترافق نهوض المصريين وريادتهم (بالفكرة الدينية).. وكان افتقاد مشروع النهوض والتجديد في تجربتي محمد علي وعبد الناصر إلى الفكرة الدينية نقصا كبيرا لمكون شديد الأهمية عند المصريين..
على أن (التسامح) كخلق وثقافة كان دائما الأرض الصلبة التي يمارس المصريون عليها وعيهم بالدين.. فقط في فترات التخلف رأينا بعض المظاهر البعيدة عن الإسلام السمح.. العظيم في نظرته (للآخر) المختلف في الدين. وبعض المظاهر التي تخالف قيم المحبة والصفاء التي تتميز بهما المسيحية الغراء.. لكن كل ذلك لا يؤثر بشيء في صلابة الوحدة الاجتماعية والتماسك الوطني.. وتظل (المدرسة) و(الجيش) نبعا فياضا لقيم الوحدة والتماسك والحب والتعايش الآمن.
العلم.. يشهد التاريخ على اهتمام المصريين بالعلم اهتماما كبيرا ولدينا صرحان كبيران يدللان على ذلك.. مكتبة الإسكندرية التي علمت الدنيا والأزهر الشريف صائن الشريعة. والأمر يتسع لفهم معنى العلم في حياة الأمم والحضارات لأبعد من ذلك.
على أني أقف كثيرا أمام تجربة محمد علي الرائدة في العلم ونشر التعليم. وقد رد عليه المصريون العظام صاعا بصاع فكما أرسل البعوث وأنشأ المدارس قدم المصريون من أبنائهم أعظم العقول وأذكاها فنشأت نهضة علمية عمت كل الديار المصرية في وقت وجيز وكان تفاعل المصريين مع هذه النهضة العلمية نموذجا رائعا للتفاعل النجيب بين المصريين والسلطة. والحق أن التاريخ يشهد للمصريين بأنهم أساتذة الجد حين يرفع لهم الحاكم رايات الحكم الرشيد.
وأرى أن الخطوة التي تسبق كل الخطوات في مشروعنا القادم إن شاء الله هو (التعليم الكامل) الذي يعني المدرسة الرحيبة والمعلم القادر الكفء والمناهج التعليمية المتقدمة.. على أن الوعي بالفكرة وغرسها في الإدراك والحس يكفل لها حسن التطبيق وصحة المسار.. وهذا من فضائل الثورة التي نفضت عن المصريين غبار السلبية والخمول واليأس وهو ما نتطلع إلى أن يكون الشعور باقتراب حلم (مصر القوية) هواء يتنفسه الناس وماء يشربونه.
الفن هو وقع الوجود على الوجدان كما يقولون.. وقد عرف المصريون الفن بكل ألوانه وجمالياته المتعددة معرفة حب وقرب.. وآثار مصر عبر تاريخها العريق أبلغ الأثر في رؤية المصريين للجمال والفن.. والفنون عند المصريين يربطها خيط جامع، تختلف وتتعدد وتتنوع ولكنها كلها تتكامل لتعزز جانب الرقي والإنسانية. أعتبر الفن عضلة شديدة الأهمية في بنياننا الفكري والأخلاقي.. في كل إبداعاته.. مسرح وسينما.. موسيقى وقصيدة. رواية ولوحة.
العمل والمال: أمير الشعراء العرب له بيت شهير يقول فيه:
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يبن ملك على جهل وإقلال
مجتمع الرفاه هو المجتمع الذي نهدف اقتصاديا إلى الوصول إليه.. وأهتم كثيرا بما قاله الباحث العلامة (ليستر ثرو) الأستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عن نظريته في عدم التعارض بين العدل الاجتماعي والكفاءة الاقتصادية أو كما أسميها (رأسمالية النبلاء) وذهب أيضا إلى أن البرامج الاجتماعية لتحقيق هذا العدل من تأمين صحي عريض ومراكز الرعاية الخاصة ومنح الدراسة... إلخ، كلها في حقيقتها منتج اقتصادي.. وإذا تحدثنا عن نظرية (الضريبة المعكوسة) لميلتون فريدمان حائز نوبل في العلوم الاقتصادية والتي تنص على دفع وزارة المالية هذه الضريبة لكل من يكسب أقل مما يكفيه، فلن نغادر مواقعنا الأولى ونذكر بكل الإجلال والإعظام أن الإلزام بالعطاء والتوصية به ذكر في القرآن في 82 موضعا.. ونتيجة لثورة هادئة في المجتمعات العربية عبر التاريخ تكونت مفخرة حضارية اسمها (الأوقاف). نهدف إلى الوصول بالمجتمع إلى أقصى (الإنسانية) وأقصى (الكفاءة).
وأرى في كثير إن لم يكن كل القوى السياسية والاجتماعية هذه الصفات، وإن تعددت الدروب إليها كما يقولون. ونحن نهدف من خلال خطوتنا القادمة إن شاء الله إلى تكوين (سبيكة التوافق والتلاقي).. وقد أكرمني الله بشرف التواصل الأمين مع كل قوانا وتياراتنا الفكرية والسياسية.. والذين رأوا في (مشروعنا) ما يقرّب بينهم ولا يباعد وهذه فضيلة سياسية سيذكرها لهم التاريخ بما تحمله من تجاوز وعبور لمواضع الخلاف تحقيقا لوحدة الوطن وتماسكه في هذه الفترة الحرجة. لم أقدم لهم إلا برنامجي المعلن فقرأوه ووعوه.. فكان منهم الدعم والتأييد.
وأشكر الله كثيرا أن جعل يدي ملتقى الأيادي الصادقة من الإسلاميين (الدعوة السلفية والجماعة الإسلامية وحزب الوسط) والأقباط والليبراليين واليسار والكتلة الصلبة الكبيرة من المصريين الطيبين الذين رأوا في مشروعنا الخطوة الأولى للانطلاق باتجاه المستقبل.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.