لا يجوز للشخصية الإدارية أن تتصرف فى الممتلكات العامة الفقه الفرنسى قرر تقييد أموال التاج حتى لا يبددها الملوك فى الإسراف والتبذير مبادلات الأموال بين الإداريين جائزة قانوناً لأنها لا تتعارض مع تخصيصها للنفع العام النصوص التشريعية التى تقرر الحماية الجنائية للأموال العامة لا يجمعها تشريع واحد تمتلك الدولة نوعين من الأموال، أموال عامة، وهى التى تخصص لخدمة المرافق العامة أو لخدمة الجمهور مباشرة، لذلك تقررت لها أحكام قانونية خاصة، ونظام قانونى يحكمها، يختلفان عن الأحكام والنظام القانونى الذى يسود الأموال الخاصة فى نطاق القانون المدنى. وتمتلك الدولة أيضاً أموالاً خاصة تستغلها، وتتصرف فيها طبقاً للأحكام التى تخضع لها ملكية الأفراد وهى أحكام القانون المدنى، وتقتصر وظيفة الأموال الخاصة فى يد الدولة على تزويدها بما تنتجه من غلات وثمار، فيكون للدولة حق الانتفاع بها عن طريق تأجيرها للأفراد أو استغلالها بالطرق الإدارية المباشرة. الأموال العامة وبداءة، فإنه لكى يعتبر المال عاماً، يجب أن يتوافر فيه شرطان، الأول: أن يكون خاصاً بالدولة، وهذا الشرط واضح من نص المادة 87 من القانون المدنى التى تنص على أن: «تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التى للدولة أو للأشخاص الاعتبارية»، الثانى: أن يخصص هذا المال لمنفعة عامة، وإسباغ هذه العمومية على أموال الدولة، يقتضى إخضاعها لقواعد خاصة، لا نظير لها بالنسبة لأموال الأفراد، نظراً لتخصيصها للنفع العام، وقد عنى المشرع بالنص فى المادة 87 من التقنين المدنى على أن هذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم. الأموال الخاصة ومفاد ما تقدم أن أموال الدولة ليست كلها سواء، فمنها من ينطبق عليها القواعد التى تطبق على أموال الأفراد، وتحكمها قواعد القانون المدنى، وهى التى تملكها الدولة ملكية خاصة، ومنها ما يكون مخصصاً للنفع العام، وهى بحكم تخصيصها، لا يجوز التصرف فيها، ولا الحجز عليها، ولا تملكها بالتقادم، وتكون خاضعة لأحكام القانون الإدارى. وقد يتساءل البعض عن المعيار الذى يميز الأموال العامة، وقد أجاب المشرع عن هذا التساؤل حين حدد ابتداء فى المادة 87 سالفة البيان ماهية الأموال العامة سواء كانت عقارات، أو منقولات، وحين أوجب أن تكون هذه الأموال مخصصة لمنفعة عامة بالفعل، أو بمقتضى قانون أو قرار جمهورى، أو قرار من الوزير المختص. فيتحقق التخصيص الرسمى فى أن تستصدر الدولة قانوناً، أو قراراً جمهورياً، يخصص -طبقاً له- مال يكون أصلاً داخلاً فى الدين الخاص للدولة، فيعتبره داخلاً فى نطاق الدين العام، كما يجوز أن يكون أداة هذا التخصيص قراراً من مجلس الوزراء أو قراراً من الوزير المختص. وقد يكون التخصيص عملاً، بمعنى أن يشهد الواقع بتخصيص المال للنفع العام، فيغدو من الأموال العامة دون الالتجاء إلى الطريق الرسمى، وقد قضت محكمة الاستئناف أنه لا يشترط صدور مرسوم بعمومية ترعة تتوافر لها هذه الصفة، التى تدل على قيامها ظروف إنشائها، والانتفاع العام بها، كما قضت أيضاً بأنه للمطالبة بمال باعتباره من الأملاك العامة للدولة، كالأراضى المكونة لقاع البحيرات، ليست الدولة فى حاجة إلى تقديم مستند، بل يكفيها أن تتمسك بطبيعة هذه الأشياء، أو بطبيعة تخصصها للاستعمال العام أو لحاجات ضرورية لحماية الدولة. وقد عنى المشرع فى مصر بإسباغ حماية قانونية خاصة على أموال الدولة العامة، فمن ناحية حرمة الاعتداء على تلك الأموال، وفرض عقوبات على كل من يخالف النصوص التى تقرر هذه الحماية، وحماية هذه الأموال تعتبر استثناء خارجاً على القواعد العامة، لأن الاعتداء على الأموال الخاصة يسوغ مطالبة المعتدى بالتعويض، ولا يوقع على هذا الأخير العقاب الجنائى، إلا فى حالة ماسة بهذه الأموال مساساً خطيراً متعمداً، ولكن الأمر يختلف بالنسبة للأموال العامة، فكل اعتداء مادى يقع عليها، يستوجب توقيع الجزاء الجنائى، حتى إذا لم يكن هذا الاعتداء متعمداً، بل كان نتيجة إهمال أو عدم احتياط، ومعاقبة تعدى الأفراد على الأموال العامة قد تكون وحدها غير مجدية فى توفير الانتفاع بها، لذلك فإن بعض التشريعات تفرض على «الأفراد الذين يلجأون إلى التعدى على الأموال العامة إزالة أسبابه ومحو آثاره، بحيث تعود الحالة إلى ما كانت عليه». والنصوص التشريعية التى تقرر الحماية الجنائية للأموال العامة، لا يجمعها تشريع واحد، ولكنها مبعثرة فى قانون العقوبات، وفى غيره من القوانين والتشريعات الأخرى. كما عنى المشرع أيضاً بإضفاء حماية خاصة على الأموال العامة، فحرم الاعتداء عليها، كما حرم التصرف فيها أو الحجز عليها، أو تملكها بوضع اليد، فعدم جواز اكتساب ملكية الأموال العامة بالتقادم، يعنى أن استناد الأفراد إلى وضع يدهم على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يجدى فى الادعاء باكتساب ملكيتها، كما أن حيازتها لا تصلح سبباً لقبول دعوى ضد اليد، ويهدف هذا المبدأ إلى حماية الأموال العامة، بمنع التعدى من شأنها لسبب من الأسباب المقررة فى القانون لكسب الملكية، فهو مظهر مهم من مظاهر حماية تلك الأموال حتى لا يتعطل الانتفاع بها طبقاً لما هى مخصصة له. ولا تقتصر الحماية التى أسبغها المشرع على الأموال العامة فحسب، بل أصبحت تشمل الأموال الخاصة المملوكة للدولة، وذلك بالتعديل الذى أدخله المشرع على المادة 970 من القانون المدنى بالقانون رقم 39 لسنة 1959، وقد أكسب هذا التعديل الأموال الخاصة بميزة فريدة لأنه طبقاً للقواعد العامة، ما كان يجوز للدولة أن تزيل الاعتداء المادى على أموالها الخاصة بنفسها، بل كان عليها أن تلجأ للقضاء، لكن بصدور هذا التعديل أصبح للدولة الحق فى إزالة الاعتداء الذى يقع على أموالها بالطرق الإدارية. ومن ضمن الحماية التى أضفاها المشرع على الأموال العامة أنه لم يجز الحجز عليها، بما يتعارض مع تخصيصها للنفع العام، وجب القول أيضاً إذا كان البيع فى الأموال العامة ممنوعاً فمن باب أولى أن يحرم البيع الإجبارى، فإذا كان عدم جواز الحجز على الأموال العامة متفرعاً عن مبدأ عدم جواز التصرف فى تلك الأموال إلا أن مبدأ عدم جواز الحجز على الأموال العامة يمثل ضماناً جدياً لحماية تلك الأموال، عن مبدأ عدم جواز التصرف. أموال التاج! ثم يأتى مبدأ عدم جواز التصرف فى الأموال العامة، وهذا المبدأ سنه الفقه والقضاء الفرنسى لحماية أموال التاج من أن يبددها الملوك بإسرافهم وتبذيرهم، وكان الملك طبقاً لهذا القيد يمنع من تبديد أمواله العامة أو الخاصة، وقد تغير هذا المبدأ فى الوقت الحالى، وأصبح الغرض منه حماية النفع العام الذى خصص المال من أجله، وبذلك يكون تخصيص المال العام للمنفعة العامة هو الذى أدى إلى البقاء على هذا المبدأ رغم تغيير أساسه. ومقتضى هذا المبدأ، أن المال العام يكون مملوكاً ملكية صحيحة للشخص الإدارى الذى يتبعه هذا المال، بيد أنه لما كان هذا المال مخصصاً للنفع العام، فإنه لا يجوز للشخص الإدارى الذى يملكه أن يتصرف فيه بما يتعارض مع النفع العام الذى خصص من أجله، لذلك فإنه لا يجوز للشخص الإدارى أن يتصرف فى المال العام بمقابل كالبيع أو بدون مقابل كالتبرع، أو يجرى فى شأنه أى تصرف آخر يتنافى مع تخصيصه للنفع العام؛ لأن هذه التصرفات يكون من شأنها أن تزيل ملكية الشخص الإدارى للمال العام، فلا يستطيع بعد ذلك أن يتابع تخصيصه للنفع العام. وبالتالى فإذا أراد الشخص الإدارى أن يتصرف فى المال العام، وجب عليه أولاً تجريده من صفته العامة، وصيرورته مالاً خاصاً، وفى هذه الحالة يمكنه أن يتصرف فيه بجميع أنواع التصرفات، كما لو كان هذا المال من الأموال الخاصة. وترتيباً على ذلك، فإن قيد منع التصرف فى الأموال العامة هو قيد وارد على سلطة الشخص الإدارى، الذى تتبعه تلك الأموال، بقصد البقاء عليها للانتفاع بها، فهو قيد متصل لا بطبيعة هذه الأموال، وإنما منصب على أهلية صاحبها. وهذا القيد متصور على مجال التعامل فى نطاق القانون الخاص، أى التصرفات التى تخضع لأحكام القانون المدنى، أما التصرفات التى تجرى بشأن الأموال العامة بين الأشخاص الإدارية، كالمبادلات التى ينتقل بها المال العام من ولاية الدولة إلى ولاية الأشخاص الإدارية الأخرى، فهى تكون جائزة بالنسبة للأموال العامة، لأنها لا تتعارض مع تخصيص تلك الأموال للنفع العام. ولا شك كأن الأموال العامة وإن كانت غير قابلة للتصرف فيها، إلا أنه يجوز إعطاء منفعتك إلى شخص مقابل جُعل معين، مثل الترخيص بالانتفاع بأرصفة الطرق أو الشوارع، أو باستغلال الأسواق العامة أو مقاصف محطات السكك الحديدية، وتحويل الانتفاع بهذه الأموال لا يكون بموجب عقد إيجار مدنى، إنما يكون بموجب عقد إدارى يخضع لأحكام القانون الإدارى، وبالتالى فإن تصريح الإدارة للأفراد بالانتفاع بمال عام، هو تصريح يغلب عليه التسامح والوقتية والزوال، لمجرد قيام المصلحة العامة، فإذا جاز القول بأنه عقد إيجار، فإنه يقيد بضوابط القانون الإدارى وما تمليه المصلحة العامة. وخلاصة ما تقدم أن مبدأ عدم جواز التصرف يحمى الأموال العامة، ولا شأن له بأموال الدولة الخاصة لأن هذه الأموال لم تكن مخصصة للمنفعة العامة، لذلك فليس هناك ما يمنع بيعها أو تأجيرها أو التصرف فيها بأى نوع من أنواع التصرفات، أسوة بأموال الأفراد الخاضعة لأحكام القانون الخاصة. قانون المناقصات وقد نظم المشرع فى القانون رقم 89 لسنة 1998 وسائل بيع وتأجير العقارات، والمنقولات المملوكة للدولة، فنص فى المادة 80 على أن يكون البيع وتأجير العقارات والمنقولات عن طريق مزايدة علنية عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة، واستثنى من ذلك حالات معينة أجاز فيها التعاقد بطريقة الممارسة المحدودة، وبقرار مسبب من السلطة المختصة، وهذه الحالات هى: حالة الأشياء التى يخشى عليها من التلف، وحالات الاستعجال الطارئة التى لا تحتمل اتباع إجراءات المزايدة، والأصناف التى لم تقدم عنها أية عروض فى المزايدات أو التى لم يصل ثمنها إلى الثمن الأساسى، والحالات التى لا تجاوز قيمتها خمسين ألف جنيه، كما أجاز المشرع فى الحالات العاجلة التى لا تحتمل اتباع إجراءات المزايدة أو الممارسة المحدودة أن يتم التعاقد بطريق الاتفاق المباشر بناء على ترخيص من الوزير المختص، ومن له سلطاته. وإذا كان المشرع حرم التصرف فى الأموال العامة أو الحجز عليها أو تملكها بوضع اليد، وبالتالى فإنه ليس هناك ما يمنع من بيع العقارات والمنقولات المملوكة للدولة ملكية خاصة، وذلك طبقاً للإجراءات المنصوص عليها فى قانون المناقصات والمزايدات على النحو السالف بيانه. وقد خلت نصوص قانون المناقصات والمزايدات من ثمة إشارة إلى «العارية»، والعارية عقد يلتزم به المعير أن يسلم المستعير شيئاً غير قابل للاستهلاك ليستعمله بلا عوض لمدة معينة أو فى غرض معين، على أن يرده بعد الاستعمال، ونقف هنا من عقد العارية على عدة خصائص: أولاها: إن عقد العارية عقد رضائى؛ لأنه يتم بمجرد توافق الإيجاب والقبول، دون حاجة إلى شكل خاص, وذلك بالرغم من أن العارية من عقود التبرع، وعقد التبرع الشكلى هو عقد هبة، لأنه ينقل الملكية، ولا يقتصر كعقد العارية على ترتيب التزام شخص. ثانياً: إن العارية عقد ملزم للجانبين، فالمعير يلتزم بتسليم الشىء المعار للمستعير، وكذلك المستعير فإنه ملتزم بأن يستعمل الشىء فى الغرض المعد له، وبالمحافظة عليه، ويرده عند انتهاء العارية. ثالثًا: إن العارية من عقود التبرع، ذلك لأن المستعير يستعمل الشىء المعار بلا عوض، ولو كان هناك عوض للعارية لا نقلبت إيجاراً، وإن كان البيع هو إعطاء الملك معارضة، فإن الهبة إعطاء للملك تبرعاً!! والأصل فى العارية أن تكون عقداً مدنياً، وبالتالى فإن إثباتها يكون طبقاً للقواعد المقررة فى قانون الإثبات، والعارية وإن كانت من عقود التبرع، فهى فى حقيقتها عقد تفضل لا عقد هبة، إذ هى لا تنقل الملكة، ومن ثم فإن العارية ليست من عقود التصرف، وإنما هى من عقود الإدارة، وينبنى على ذلك أن الأهلية الواجب توافرها فى المعير يكفى أن تكون «أهلية الإدارة»، وإذا كانت العارية عقداً نافعاً نفعاً محضاً للمستعير، فيكفى أن تتوافر فيه أهلية التعاقد دون أهلية الإدارة. ويجب أن تتوافر فى الشىء المعار الشروط العامة التى يجب توافرها فى المول، فيجب أن يكون الشىء موجودًا، ومعينًا غير مخالف للنظام العام ولا الآداب، فإذا كان الشىء غير قابل للتعامل فيه لم تجز إعارته، والمقصود هنا أن تكون القابلية للتعامل متعلقة بالانتفاع بالشىء لا متعلقة بملكيته، فالملك العام لا يجوز بيعه، ولكن تجوز إعارته، فهو قابل للتعامل من ناحية الانتفاع به، ولكنه غير قابل للتعامل من ناحية تملكه، وبالتالى فإن أى شىء توافرت فيه الشروط سالفة البيان يجوز إعارته، ويستوى فى ذلك المنقول والعقار. وقد حددت المادة 636 من التقنين المدنى التزامات المعير، وهو أن يسلم الشىء المعار بالحالة التى يكون عليها وقت انعقاد العارية، وأن يتركه للمستعير طوال مدة العارية، وإذا اضطر المستعير إلى الإنفاق للمحافظة على الشىء أثناء العارية فإن المادة 637 تلزم المعير بأن يرد إلى المستعير ما أنفقه من مصروفات، فكانت لازمة لحفظ الشىء من الهلاك، وكذا المصروفات النافعة، وأعطى المشرع المستعير حق حبس الشىء المعار حتى يسترد من المعير ما أنفقه من المصروفات الضرورية. والمعير لا يضمن استحقاق الشىء المعار، كما لا يضمن العيوب الخفية، إلا فى حالتين، الأولى: إذا كان المعير تعمد إخفاء سبب الاستحقاق أو تعمد إخفاء العيب، وأن يكون المستعير غير عالم بسبب الاستحقاق أو بالعيب الخفى، الحالة الثانية: إذا كان المعير قد اتفق مع المستعير على أن يضمن له استحقاق الشىء أو يضمن سلامته من العيوب. والمستعير يلتزم إعمالًا لحكم المادة 639 وما بعدها باستعمال الشىء المعار على الوجه الواجب، وبالمحافظة عليه، ويرده عند انتهاء العارية، وله أيضًا الحق فى استعمال الشىء المعار إلى أن تنتهى العارية، وهو مقيد فى استعمال الشىء المعار بالوجه المعين، وبالقدر المحدد، وهو ملتزم بمصروفات الاستعمال، وبمصروفات الصيانة، فالذى يستعير سيارة ملزم بمصروفات البنزين، وبكافة المصروفات اللازمة لاستعمالها، والمستعير ملزم بعدم النزول عن الاستعمال للغير، وهو ملزم بالمحافظة على الشىء المعار، وأن يبذل فى المحافظة عليه العناية التى يبذلها فى المحافظة على ما له دون أن ينزل فى ذلك عن عناية الرجل المعتاد، وهو ضامن لهلاك الشىء إذا نشأ الهلاك عن حادث مفاجئ أو قوة قاهرة وكان فى وسعه أن يتماشاه، باستعمال شيء من ملكه الخاص، أو كان بين أن ينقذ شيئًا مملوكًا له، أو الشىء المعار، فاختار أن ينقذ ما يملكه! كما يجب على المستعير أن يرد الشىء الذى تسلمه بالحالة التى يكون عليها، وذلك دون إخلال بمسئوليته عن الهلاك أو التلف، كما يجب عليه أن يرد الشىء المعار فى المكان الذى يكون قد تسلمه فيه ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك. وتنتهى العارية بانقضاء الأجل المتفق عليه، فإذا لم يعد لها أجل، انتهت باستعمال الشىء فيما أُعِد من أجله، فإن لم يكن هناك سبيل لتعيين مدة العارية جاز للمعير إنهاؤها فى أى وقت، ويجوز للمعير أن يطلب فى أى وقت إنهاء العارية إذا عرضت له حاجة عاجلة للشىء لم تكن متوقعة، أو إذا أساء المستعير استعمال الشىء أو قصر فى الاحتياط الواجب للمحافظة عليه، أو إذا أعسر المستعير بعد انعقاد العارية، كما تنتهى العارية بموت المستعير ما لم يوجد اتفاق يقضى بغيره. العارية!! ويلاحظ مما تقدم أن المشرع المصرى حرم الاعتداء على الأموال العامة المخصصة لخدمة المرافق العامة أو المخصصة لخدمة الجمهور مباشرة، وفرض عقوبات على كل من يخالف النصوص التى تقرر هذه الحماية، كما أضفى حماية خاصة على هذه الأموال، فمنع التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، فإذا أرادت الدولة أو أحد ممثليها التصرف فى مال عام، وجب عليه ابتداء أن يجرد هذا المال من صفته العامة، ثم التصرف فيه بالإجراءات أو الأوضاع والشروط التى أوجبها القانون، أما التصرفات التى تجريها الدولة بشأن الأموال العامة بين الأشخاص الإدارية، كالمبادلات التى ينتقل بها المال العام من ولاية شخص اعتبارى إلى شخص اعتبارى آخر فهى جائزة قانونًا لعدم تعارض ذلك مع قاعدة تخصيص هذه الأموال للنفع العام. أما بيع العقارات أو المنقولات المملوكة للدولة أو تأجيرها، فقد حدد المشرع في قانون المناقصات والمزايدات المعمول به أن يكون ذلك علنية عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة، واستثنى من ذلك بعض الحالات التى يخشى عليها من التلف وحالات الاستعمال التى لا تحتمل هذه الإجراءات، وتلك الأصناف التى لم تقدم عنها أية عروض. وإذا كان البيع أو التأجير يكون نظير ثمنه أو جعل مادى تستفيد منه الخزانة العامة، فإن إعادة الجهة الإدارية المنقول لجهة إدارية أخرى طبقًا لما استقر عليه العرف، فإن الأمر يستوجب تدخل المشرع لإقراره، أو لمنعه ذلك لأن عقد الإعارة هو عقود التبرع، بدليل أن المشرع فى المادة 635 قرر أن المستعير يستعمل الشىء المعار بلا عوض، وبالتالى فإن العارية تبرع بالنسبة إلى المعير لأنه لا يأخذ شيئًا من المستعير فى مقابل استعمال هذا المنقول وهو تبرع أيضًا بالنسبة إلى المستعير لأنه لا يعطى شيئًا للمعير فى مقابل هذا الاستعمال. وأشير إلى أنه يجب التمييز فى عقود التبرع بين عقود التفضل، وعقود الهبات، فعقود التفضل يولى التبرع فيها المتبرع له فائدة دون أن يخرج عن ملكية ماله، أما الهبات فيخرج فيها المتبرع عن ملكية المال المتبرع به، ومن ثم تكون العارية تفضّل، لأن المعير يتبرع بمنفعة الشىء، دون أن يخرج عن ملكيته. وأيًا ما كان التكييف القانونى لعقد الإعارة، فإن المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون قالت فى هذا الصدد إن العارية عقد تبرع، ولا شك أن العارية تتماثل مع الهبة فى أن كلاً منهما يلزم صاحب الشىء أن يعطيه لآخر دون مقابل. فإذا كان المشرع نظم بنصوص صارمة كيفية بيع العقارات وتأجير المنقولات المملوكة للدولة وسكت عن تنظيم إعارة المنقولات المملوكة للدولة، رغم ما فى هذه الإعارة من مساس بأموال الدولة باعتبار أن هذه الإعارة من عقود التبرع، فهل يملك الوزير أن يتبرع بمنقول مملوك لوزارته. هذا العرف الحاصل بين جهات الإدارة يحتاج إلى تشريع يقره أو يلفظه، تشريع يضع القواعد والشروط والإجراءات التى يجب أن تتبع، أما السكوت، وهذا الفراغ التشريعى بسبب اللغط بين العاملين فى الوزارات والمصالح والهيئات والمؤسسات الحكومية. وقد يحمل بعضهم المسئولية، وقد يدرأ عن بعضهم هذه المسئولية رغم عدم وجود نصوص قاطعة لتنظيمه!