حِرص الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، على الحديث من القلب في كل مناسبة لشرح عملية تطوير التعليم ومناقشة المشكلات القائمة أوقعه فريسة لتحريف تصريحاته من أجل إحداث بلبة في الرأي العام والتحريض على الهجوم عليه. وتلبية لدعوة مؤسسات الدولة له لشرح المنظومة الجديد، حضر شوقي الأسبوع الأول للتنمية المستدامة -الذي تنظمه وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ويرعاه الرئيس عبد الفتاح السيسي- من أجل توضيح خطة تطوير العملية التعليمية وآلياء التنفيذ، ومناقشة حلول المشكلات المتواجدة على أرض الواقع. وأثناء حديثه عن ضرورة تغيير فكر وثقافة الشعب من أجل إحياء قيمة العلم والمعرفة وليس الاستخفاف بمن يتحدث عن العلم، ضرب المثل ببعض مجموعات أولياء الأمور على فيسبوك والتي تحمل مسميات "أمهات مصر" بأنهم يهاجمونه ليل نهار دون الحرص على التطوير، قائلا: "أمهات مصر اللى عايشين 24 ساعة على الفيس بوك دا معناه إنهم مش فاضيين لتربية أولادهم". اجتزأ البعض تصريح الوزير الخاص بمجموعات أولياء الأمور وتداولوه على أنه يهاجم أمهات مصر عامة، ما أحدث شيئًا من الارتباك على مواقع التواصل الاجتماعي، وسادت حالة من الشحن للتعاطف مع السيدات، ما أدى إلى تناوب البعض السباب باعتباره يهين سيدات مصر، في حين لم يحاول أحد مروجي هذا التصريح توضيح ما قصده الوزير في كلامه. لم تمر ساعات طويلة على تداول التصريح حتى خرج الوزير مرة أخرى متحدثًا عبر إحدى القنوات الفضائية ليوضح أنه لم يعني مطلقًا التعميم على أمهات مصر وإنما قصد بعض مجموعات أولياء الأمور على فيسبوك والتي لا تحمل سندًا قانونيًا، قائلا: "أمهات مصر أجلّاء وعلى العين والراس". ونوّه شوقي بأن البعض يحاول تشتيت جهود الوزارة التي تتعامل مع 45 مليونًا من أولياء الأمور، وليس لديها رفاهية الوقت للتعامل مع مجموعات "أمهات مصر" على "فيسبوك"، قائلا: "إن ما يحدث على السوشيال ميديا في مصر لا مثيل له في العالم، ولا يمكن أن تدار الدولة من خلاله". وأشار شوقي إلى وجود مجموعات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" متفرغة للهجوم على الوزارة وقيادتها، وأن بعضها أصبح منصة لأصحاب المصالح، كما أن بعضها أشبه ب "الألتراس" ما يجعلها خطرًا على الدولة، قائلا: "تلك المجموعات أنهكتنا ولا شأن لها بتطوير التعليم". ومع تفسير الوزير بشكل واضح لتصريحه إلا أن البعض لم يعجبه تلك التهدئة، فاجتزأ كلماته عن بعض مجموعات أولياء الأمور على فيسبوك، وتداوله على أنه قال: "أمهات مصر خطر على الدولة" ما آثار حفيظة نشطاء فيسبوك ظنًا منهم أن الوزير يهاجم سيدات مصر عامة. ولم تكن تلك المرة الأولى التي يقع فيها وزير التعليم فريسة لمثل تلك الواقعة، وإنما قد اعتاد ذلك منذ توليه المنصب وحرصه على توضيح ما يحدث من تطوير للعملية التعليمية، ومع متابعته الجيدة لردود الأفعال على فيسبوك كثيرًا ما خرج ليعرب عن استيائه مما وصل إليه الحال العام على مواقع التواصل الاجتماعي من انتشار السباب والشتائم. ورأى شوقي أنه إذا ضاعت قيمة العلم والمعرفة والحجة والمنطق تحول الكلام إلى حالة عبثية من الضجيج كالتي نعيشها اليوم، مشيرا إلى أنه لم يعد العلم شرطاً للحديث والجدال ولم يعد للمرجعية دوراً في التحقق من أي معلومة ولم يعد للغة وزناً فأصبح الكلام مرسلاً بلا معنى وبلا عمق. وفسّر شوقي سبب انتشار الشائعات والأكاذيب والتحريف والتزييف بعدم الاهتمام بمرجعية الكلام وعدم محاسبة مروجي الأكاذيب وانتصار الابتزاز الفكري على المنطق، قائلًا: "وكأننا نجد سعادةً خاصة في تناول سيرة الناس وتحقيق مكاسب خاصة بأقل جهد بإثارة بلبلة دائمة تستنزف الوقت والجهد وتقتل العزائم والهمم".