طبعاً هو ليس الرئيس، لكنه كان.. وكانت دولته هى تلك الدولة الأمنية الصعبة التى كنا نحيا فيها دون أن نشعر أو نستشعر حجم الخطر الذى كان يحيط بنا من كل جانب، لا أريد أن أطرق أبوابا قديمة، لكن أبواب الخوف قد أدركت كل جنبات هذه الأمة وأصبحنا نسير وسط مجاهل الفلاسفة ودعاة الفكر ومن صوت أو سولت لهم أنفسهم أنهم امتلكوا عقول المصريين.. فى عيد ميلاده شهدنا قتلاً و شهادة، عنف وحجارة، رأينا احتكاكات واشتباكات وأناساً على ضلالة .. كلها اشارات تنبئ بزلزال قريب وتؤكد أن الرئيس القادم لن يكون ذلك المنقذ صاحب العصا السحرية ولن يكون الرجل الخارق للحواجز أو القادر على فعل ما لم يفعله غيره.. هل فكرتم فى مسألة إعلان الأحكام العرفية ؟ و هل يمكن أن نصل الى هذا الأمر؟ و هل اعلان حظر التجوال فى محيط العباسية هو بداية الطريق الذى لا رجعة فيه؟ وهل تسير فيه كل القوى وهى لا تدرى؟! هل من يهتفون ضد المجلس العسكرى «يسقط يسقط حكم العسكر» قادرون على الاطاحة به؟ وهل المجلس أذكى من كل القوى السياسية الموجودة حالياً؟... فى يوم ميلاده كانت العباسية تتألم و كنا نحن فى انتظار نهاية لجمعة النهاية دون اراقة دماء ، دون اصابات، دون آهات وصرخات ممن فقدوا ذويهم، ولكن ليت المطالب بالتمنى!! وحدث ما حدث.. ولكن من فاز فى النهاية؟ إذا أجبتم تدركون من الذى أدار المعركة ببراعة... ومن الذى استطاع أن يستحوذ على ثقة المصريين، فى وقت تحاول كل الأطراف أن تستحوذ على قلوبهم وأفئدتهم أو أن تستميل أفكارهم وانتماءاتهم السياسية، أو أن تقنعهم بأننا نحتاج الى الأقوى والأشد بأساً فى هذه المرحلة، أو أن تجعل المصريين يستلهمون الخلاص من أفواه أصحاب التيارات الدينية، الكل يلعب والبلد لم تعد قادرة على التحمل، ولا نحن.. لم نعد قادرين على رؤية مشاهد المسرحية تتكرر أو تعاد، إننا نصرخ يا سادة ولا أحد يجيب... فى عيد ميلاده وصلتنى رسالة على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك تقول « انتظروا المفاجأة.. فى عيد ميلاد الرئيس «فهل ما شهدته البلاد فى ذلك اليوم الصعب كان احتفالا ؟ وهل كان الاحتفال مرهونا بجثة شهيد القوات المسلحة؟ وهل كان الاحتفال فى انتظار دماء جديدة من شبابنا وأبنائنا؟!! هل تحول مسجد النور من مكان للعبادة الى وكر للأسلحة أو قلعة لراغبى القتل و صائدى الأرواح؟! لماذا الحال هكذا؟ لماذا اختفى كل جميل فى هذه الأمة؟ لماذا غابت الابتسامة ؟ لماذا لم نعد آمنين فى بيوتنا وشوارعنا؟ لماذا هذا العبث فى التفكير و لماذا كل تلك الظنون بين الناس؟.. لا أعرف ربما أنتم تعلمون بعد إذن من الله .. عندى سؤال و ربما هو عندى من كثرة سماعى له على ألسنة الناس، فى الميادين و فى الشوارع و البيوت ، هل هناك صفقة بين المجلس العسكرى و الاخوان؟!!! و هل لا تزال؟؟ ربما تكون الاجابة بنعم، وربما تكون الاجابة بلا، لكن السؤال بات راسخا فى عقول الكثيرين، والاعلام والحمد لله كان له شرارة البحث عن هذه الامر (حماه الله) ووسط اختلافاتنا على الاجابة الا أن الأكيد أن هناك صفقات قد حسمت للاخوان مثل الانتخابات البرلمانية والحصول على مقاعد الأغلبية وان لم تكن مطلقة كما براها البعض، وهناك جولات أخرى قد حسمت لصالح المجلس العسكرى عندما سقطت أقنعة الاخوان فى المواقف الأخيرة أو اختلفت آراؤهم وقراراتهم فى الشأن السياسي بدون سبب مقنع للرأى العام وإن كانت لهم مبرراتهم.. ببساطة شديدة يرى الكثيرون أن الاخوان تنسحب من تحت أقدامهم جميع الأبسطة، وان كانوا غير معترفين بهذا الأمر، ففى أزمة البرلمان مع الحكومة كشر الدكتور كمال الجنزورى عن أنيابه، وتمسك الدكتور سعد الكتاتنى برغباته فى سحب الثقة عن الحكومة، فيما تنصل المجلس العسكرى من وعده بتغيير بعض الحقائب الوزارية (ان كان هذا الوعد موجود أصلاً) ويبدو أن الصراع سيمتد حتى كرسي الرئاسة، فإذا كان رئيس الجمهورية هو مرشحاً إخوانياً فسيكون هذا انتصارا للجماعة، و اذا نجح الفريق أحمد شفيق أو أى أحد بخلاف الذين ينتمون الى التيار الدينى فسيكون ذلك انتصارا للعسكريين، ولكن هل سيكون هذا أو ذلك انتصارا للثورة أو لنصرة هذا الشعب البسيط؟ سأترك لكم الإجابة. ولكن أزمة جديدة باتت واضحة بين نواب الشعب فى البرلمان وبين لجنة الانتخابات الرئاسية، التى قررت اللجوء الى المجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره فاصلا بين السلطات، كما نص الاعلان الدستورى، لكننى بدأت أفكر وأحاول ربط كل مجريات الأحداث.. تعليق عمل اللجنة الرئاسية و شعور أعضائها بالإهانة بعد هجوم نواب البرلمان عليها فى جلستهم الأخيرة، فرض حظر التجوال فى ميدان العباسية ، ظهور الشيخ محمد الظواهرى على الساحة المصرية، وفاة العريف متطوع سمير أنور اسماعيل فى أحداث العباسية، عدم الانتهاء من وضع الدستور أو الاتفاق على لجنته التأسيسية، وتصريحات بعض مرشحى الرئاسة و تهديداتهم بالنزول الى الشارع اذا لم تحسم نتائج الانتخابات لصالحه أو اذا ذهبت أصوات المصريين الى أحد الفلول فى النظام السابق على حد تعبيره، .. يا سادة بات الانشقاق واضحاً فى الصف والاختلاف فى وجهات النظر أصبح أمرا طبيعياً، فهل من يموتون فى أحداث كالعباسية هم شهداء من أجل الحرية وفى سبيل هدف أو قضية؟ أم ألقوا بأنفسهم فى التهلكة فضاعت حياتهم هباء وسعوا وراء ضلالة، أو استجابة لرغبات أحد من بنى البشر؟؟ هذه قضية جدلية لكنها مسار اختلاف بين أفراد البيت الواحد، ولكن من يجرؤ على الدخول فى هذا النفق المظلم؟ أو العبور بين أشواك الحقيقة؟ أتمنى أن أضع هذه المعادلة أمام عقول شبابنا وقدرات مثقفى وفلاسفة هذا الجيل، ولا أعرف لماذا يحاول كل طرف أن يحسم إجابة التساؤل لصالحه علما بأن قلب كل مؤمن ملك لربه، وما يدور فيه لا يعلمه الا الله (وإنما الأعمال بالنيات) وان خلصت النوايا أصبحت الأهداف طاهرة. فى عيد ميلاده كنت مسافرا خارج البلاد فى عمل، وسألنى أحد أفراد الجالية المصرية «هو عيد ميلادك امتى؟» فتعجبت قليلا لكننى أجبت، والاجابة كانت سريعة يسيرة ومباشرة، فسألنى مرة أخرى «وامتى عيد ميلاد بلدنا ؟» «هو انهارده مع عيد ميلاده ؟!!!» بصراحة تاه عقلى وأدركت أن ملامح وجهى ظهر عليها الارتباك والحيرة، فمتى عيد ميلاد بلادنا الغالية؟ ولماذا لم نفكر فى هذا السؤال من قبل؟!! لم أستطع الاجابة إلا بكلمات بسيطة «طبعا مش يوم عيد ميلاده» وابتسمت قليلا ثم رحلت.. لكننى مازلت أبحث عن اجابة فهل عيد ميلاد مصرنا الحبيبة هو يوم استقلالها عن الانجليز!! هل عند مولد الزعيم سعد باشا زغلول، هل مع وفاة المناضل مصطفى كامل!! هل هو عيد الفلاح أو عيد تحرير سيناء!! هل مع استرداد آخر شبر من أرضنا بعد المفاوضات لضم طابا!! هل الإجابة تأتى مع الفتوحات الاسلامية أم تعود الى عصر الفراعنة ؟!!لم أصل الى إجابة لكننى أدركت أن مصر تاريخ كبير، وأنها تعرضت عبر آلاف السنين لكل أنواع المؤامرات وكل أشكال النهب والسرقة، وتعرضت لكل مغتصب غاشم، وكذلك لكل انسان طموح، فجأة شعرت بقيمة الأحداث وشواهد التاريخ، و بدأت أتفهم أن البلد الذى ذكر اسمها فى القرآن الكريم قدره هو استيعاب كل ما يحدث حوله و على أرضه، توقفت عند أحداث جمعت بيننا و بين العرب، وأخرى جذبتنا فى اتجاه الغرب، وثالثة ربطت بيننا و بين الأمريكان أو فرقت بيننا وبين اليهود، وشعرت أن ما نحن فيه الآن من مهانة لقدر هذا الوطن واستشهاد لأرواح أبنائه، هو جزء من تاريخ هذه الأمة، سيكتبه ذات يوم شاب قوى فتى يعى و يدرك معنى الحياة و عبرة الاستشهاد و الموت.. والله على ما أقول شهيد. بقلم : محمد عبد الله