خلال الفترة الماضية تقريبا مع بداية ثورة 1952 م و بدأت اهتمامات الشباب تتغير تدريجيا بفعل الزمن و ببعض التوجه الحكومي لشغل الشباب عن أمور السياسة , فكان كل اهتمامات الشباب حين ذاك منقسم إلى قسمين قسم يخضع للريف و آخر للمدن , و هنا كان أهل الريف هم من الفقراء و الغلابة و كان دائمي السمع و الطاعة و لا خوف منهم على الحكم و كان أهل المدن لهم طبيعة خاصة فاغلب سكانهم متعلمون و مثقفون و دائمي النقاش و الاستفسار و السؤال و اغلبهم يتبع احد الأشخاص الكبار في الدولة , فيقال هذا ( تبع ) إبراهيم بيه و هذا ( تبع ) ذكي باشا , و هذه الألقاب كانت منذ عهود سابقة و بقيت إلى وقتنا هذا مع انه تم إلغاؤها , و حرصت حكومة الثورة لعام 1952 على أن تجعل الشباب بعيدا قدر الإمكان عن ممارسة السياسة أو حتى التحدث فيها , و هكذا أصبح الشباب يجد متعته في أشياء بعيدة كل البعد عن أمور السياسة . أصبح الاهتمام السياسي يضعف يوما بعد يوم , و أخذت ميول الشباب و اهتماماتهم تنصرف إلى أشياء أخرى مثل الرياضة و البحث عن حبيبة و مشاهده الاختراع العجيب ( التلفاز ) و الذي كان يملكه حينها أغنياء مصر فقط , فأغلب الشعب كان يملك مذياع ( راديو ) يستمع لحفلة ( الست أم كلثوم ) كل يوم خميس و ينتظروها بشغف , و عند ظهور التلفاز , كان أول من اقتناه من الشعب هم أصحاب المقاهي , فكان عامل جذب لهذه المقاهي , و من هنا أصبح الشباب جليسا لها و أخذت بعض المقاهي في جذب الشباب , حتى أصبح المقهى هو الرابط الذي يربط الشباب مع بعضهم البعض ,. و تدريجيا مع الزمن يعود اهتمام الشباب بمتابعة أمور السياسة خاصة في ظل وجود زعيم ثوري مثل ( جمال عبد الناصر ) و خوضه لحروب عدة أخذت الكثير من اهتمام الشباب و جميع فئات الشعب , و أصبح الشباب متابعا لكل كبيرة وصغيرة و أحيانا كثيرة كان يبدي رأيه في بعض الأمور على استحياء و لكن كان هناك من يستمع من الطرف الأخر. و استمر اهتمام الشباب بما يحدث على الساحة السياسية في عهد الرئيس ( محمد أنور السادات ) هذا الرجل الذي أتى بعد زعيم كبير , فأراد أن يقول للجميع أنا أيضا زعيم , و من هنا جذب أنظار الشباب له بأقدامه على قول إننا سوف نحارب و بالفعل حارب و انتصر و من اجل الحرب حرص الشباب على متابعة مجريات الحرب و تبعاتها و هنا نجد أن المرحلة السياسية بعد الرئيس أنور السادات قد أخذت تخبو يوما بعد يوم و ذهب الشباب إلى اهتمامات أخرى بعيدة عن السياسة و سمي هذا العصر بعصر ( الانفتاح ) و أصبح الشباب مشغول بالبحث عن لقمة عيشة فقط , و تغيرت اهتماماته مرة أخرى. مع بداية عصر الرئيس مبارك كان الشأن السياسي لمصر مستقر بعض الشيء و لذا أخذت اهتمامات الشباب مرحلة أخرى من مراحل التغير و زادت البطالة بين الشباب بصورة كبيرة و كان لابد من عمل شيء يشغل وقت هؤلاء الشباب و يلهي تفكيرهم عن السياسة و الانحراف فكانت كرة القدم محبوبة الجماهير هي الوسيلة التي من خلالها يستتب الحكم و الأمن و يبعد الشباب عن أمور السياسة و بالطبع حدث تطور كبير في جميع أنواع التسلية مثل زيادة المسلسلات و خاصة في شهر رمضان الذي من المفروض أن يتجمع اكبر قدر من الشباب يوميا داخل المسجد للصلاة و النقاش فأصبحت الصلاة لبعض الشباب ( كنقر الديوك ) لا وقت للحديث في شئون السياسة أو غيرها و أتى الانترنت حبيب الشباب و لحق بهم الكبار حتى أصبح الشاب يأكل و يشرب و هو جالس أمام هذا الجهاز – و أتي الموبايل الذي شغل فكر و جهد كل شاب في وضع رنات و الإجابة عن المسابقات أو ما شابه ذلك و زادت حالات التحرش الجنسي و الكذب و النفاق و الفساد , نعم هذا تطور و لكن نحن لم نصنعه و إنما نحن من يستعمله و يصرف الأموال عليه و غيرنا هو من يربح و يزداد علما . و حدثت ثورة 25/1/2011 و هذا في حد ذاته خروج غير طبيعي لمجريات الأمور فالشباب كان مغيبا و معني أن يستيقظ ليطالب بحقوق سياسية غائبة هو في حد ذاته معجزة , و للحق أصبح كل شيء في البلد يهتم فقط بما يحدث , الكل يتكلم في السياسية صباحا و مساءا , أثناء الأكل و أثناء الشرب , لدرجة أن الأميون و الجهلة أصبحوا على دراية كبيرة بما يحدث و كل واحد منهم له رأي فيما يجري , و هنا أصبحت اهتمامات الشباب سياسية و لفترة طويلة , و لكن بعضهم أصابه الملل من كثرة الحديث في السياسية فأخذوا يبحثون عن اهتمامات قديمة أو جديدة بعيدة عن السياسة , فعادت اهتماماتهم إلى الأنترنت و الشات و الموبايل و التلفاز و كرة القدم الضائعة و الغريب أن النشاط الكروي متوقف و بالرغم من ذلك هو يشغل جانب كبير من اهتمامات الشباب في وقتنا الحالي شباب يبحث عن فرصة عمل ك ( وزير ) و شباب يبحث عن كرة سقطت في ( البير )