رسالة سلطنة عمان – خاص للوفد: من قلب عاصمة النور باريس: وجهت سلطنة عمان رسالة تنوير وسلام وتسامح عمانية إلى شعوب العالم تؤكد وسطية الإسلام واعتداله دون تطرف أو غلو، مع نبذه للتعصب والمذهبية والعنف والإرهاب. فقد انطلقت بمقر منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) فى فرنسا فعاليات معرض رسالة الإسلام التى تنظمها السلطنة فى مختلف أنحاء العالم. أقيم المعرض فى فترة تواكب استعداد سلطنة عمان للاحتفال هذا العام بالعيد الوطنى الثامن والأربعين. تم فى إطار برنامج الفعاليات عرض مجموعة من الكتب العمانية المهتمة بالتواصل الحضارى وتعميق الفهم المشترك للقيم الإنسانية. بالإضافة إلى استعراض عدد من صور المخطوطات العمانية المتعلقة بمجموعة من المعارف الدقيقة كعلم الفلك وعلم البحار وعلم الطب وغيرها؛ وذلك من أجل إبراز مساهمات وجهود العمانيين فى السياق العالمى للمعرفة والثقافة والعلوم. أعرب رواد المعرض عن تقديرهم لإقامته حيث تصب دلالاته ونتائجه فى صالح البشرية، مؤكدين ضرورة استمراره امتداداً لمبادرات السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان الداعية إلى إثراء حوار الحضارات. وتم خلال احتفالية الافتتاح تدشين المعرض الإلكترونى المصاحب للفعاليات، والذى يضم أجهزة تشتمل على مجموعة كبيرة من اللوحات والأفلام الوثائقية من خلال 18 لغة عالمية، ويتم تصفحها والاطلاع عليها عبر شاشات إلكترونية تعمل باللمس. أشرفت على تنظيمه وزارة الأوقاف والشئون الدينية العمانية، بالتعاون مع المندوبية الدائمة للسلطنة لدى اليونسكو. واشتمل على مجموعة من التحف، ولوحات من الفن التشكيلى، والخط العربى، بالإضافة إلى عرض ملامح الحياة فى عمان ماضياً وحاضراً، كما قدم نماذج من فن الظلال تجمع بين عدد من الفنون، كالخط العربى والزخرفة والإضاءة، لتشكل فى مجموعها أعمالاً إبداعية متكاملة. وضمن الفعاليات الحافلة عقدت جلسة نقاش علمية أدارتها السفيرة الدكتورة سميرة بنت محمد الموسى المندوبة الدائمة للسلطنة لدى اليونسكو، وتم فيها تقديم ثلاث أوراق عمل. الأولى بعنوان: «جذور التعايش فى عمان» وأشارت إلى ما تتمتع به السلطنة من مقومات العيش الكريم والنهضة الحديثة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، وما أرساه من دعائم العدل والمساواة والقيم الإنسانية المشتركة، مشيراً إلى الإرث الحضارى العمانى والانفتاح التجارى والثقافى والتواصل القائم على تبادل المصالح بالإضافة إلى منظومة قانونية تحفظ الحقوق وتحقق كرامة الإنسان. - وقدم رئيس مركز ساينت فيليب فى المملكة المتحدة ورقة استعرض فيها جوانب من انطباعاته التى لاحظها حول النهج العمانى الرصين فى نشر ثقافة التعايش والتفاهم، والأثر العالمى الذى تتركه فى المؤسسات العالمية والمجتمعات الإنسانية، مشيراً إلى أن التجربة العمانية جديرة بالاهتمام والاستفادة، وخصوصاً فى المناحى التعليمية للأجيال الجديدة. وقدم الأمين العام للجمعية العمانية - الألمانية ورقة حول مجالات التعاون لإقامة معرض «رسالة الإسلام» منذ انطلاقته، والمسيرة الحافلة لإقامته فى 35 دولة حتى الآن، والتى رسّخت أهمية العمل بروح الفريق، والاهتمام بالقيم المشتركة والنظر إلى المكتسبات الإنسانية بشكل عام. ومعرض (رسالة الإسلام) تم إطلاقه لأول مرة فى عام 2010، وزار حتى الآن أكثر من خمس وثلاثين دولة وأكثر من مائة وسبع عشرة مدينة، ويحمل عنوان: التسامح والتفاهم والتعايش: رسالة الإسلام فى سلطنة عُمان، ويهدف إلى نشر هذه القيم بين الشعوب، وقد اكتسب قبولاً متنامياً فى الأوساط العالمية، وتم التنسيق بشأنه مع العديد من المنظمات الدولية، والمركز الدينية المهتمة بالقيم المعتدلة والدعوة إلى العيش المشترك بين الناس والأديان. يشتمل المعرض على رسائل عالمية وهى حملة إعلامية تهدف إلى نشر ثقافة السلم؛ والوئام؛ عبر وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الالكترونية بمختلف اللغات. ويتم توجيهها من خلال بطاقات أنيقة مطبوعة، مع تعميمها على نطاق واسع فى شبكات التواصل والمواقع الإلكترونية. تحمل أهم الحملات المصاحبة للمعرض عنوان: «افعل شيئاً من أجل التسامح» وتهدف إلى تمكين كل شباب وفتيات العالم من ابتكار الأفكار والأطروحات والتجارب والجهود التى يمكن أن تسهم ولو بشكل بسيط فى نشر الوعى فى المجتمعات الإنسانية، من خلال مبادرات فردية وجماعية. جاء اختيار هذا الشعار إيماناً بأهمية قيمة التسامح فى تجاوز الهوة فى العلاقات الدولية المتوترة، وتقريب وجهات النظر المختلفة، وإيجاد مساحات مشتركة فى أجواء تمكن من الحوار والتفاهم وتحقيق السلام، مع مناسبة هذا الشعار للأفراد فى محيط الأسرة وعلى مستوى المجتمعات والدول. وتم حتى الآن إصدار سبع بطاقات لهذه الرسائل. الأولى تحمل رسالة: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا». وهى جزء من آية كريمة تقرر سنّة التعارف كأساس للتعاملات بين الشعوب والقبائل، فهى ميزة إنسانية فى غاية الأهمية تأخذ أبعادها من كون الاختلاف والتنوع عوامل تكامل وانتظام لا عوامل تفرق. الثانية توجه رسالة:«أحب للناس ما تحب لنفسك». وهى جزء من حديث نبوى شريف، يعمق فى النفس الشعور بأهمية الأنفس الأخرى وتقديرها، ويلفت نظر الإنسان إلى أنه ضمن مجموع إنسانى يتأثر بعضه ببعض، فإن كان يود لنفسه خيراً فليحب ذلك لغيره، ولو فعل كل فرد بهذا التوجيه لقلّت نسب التنافس غير الشريف وما يتبعها من أخلاق مذمومة. تحمل الثالثة رسالة:«خالق الناس بخلق حسن». وهى كذلك جزء من حديث نبوى شريف وتحمل مفهوماً إنسانياً بجعل الأخلاق هى محور التعاملات بين البشر، وأساساً للتعايش فيما بينهم؛ نظراً لما تمثله القيم والأخلاق من تأثير روحى ونفسى عميقين، وعلى الخصوص لدى أتباع الديانات. الرابعة توجه رسالة: «وبالوالدين إحساناً». وهى جزء من آية قرآنية كريمة تدفع الإنسان إلى تقدير الوالدين واحترامهما، وبذل الخير لهما، والإحسان إليهما بكل جميل ومعروف، وتم اختيار هذا الشعار ضمن حملة قيمة التسامح لارتباطها الوثيق بهذا الخلق. الرسالة الخامسة بعنوان: «أد الأمانة إلى من ائتمنك» من أجل تعزيز خلق الأمانة بين الناس، كقيمة مهمة فى التعاملات الإنسانية. كما تضمنت احتفالية افتتاح المعرض رسالة عمانية ضمنية أخرى تستوعبها جيداً الشعوب المتحضرة. فحواها أن الإسلام يؤكد احترام المرأة. ففى باريس تجلت فى الاحتفالية أحد النماذج المعبرة عن الدور المهم للمرأة العمانية العصرية المثقفة التى نجحت فى مختلف المجالات، ومن بينها الدبلوماسية، نتيجة اهتمام السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان برعايتها وتشجيعها، لتشارك فى تنمية الدولة العصرية الحديثة منذ مطلع عقد السبعينيات. فقد شهدت افتتاح المعرض السفيرة الدكتورة سميرة بنت محمد موسى المندوبة الدائمة للسلطنة لدى اليونسكو مع عدد كبير من السفراء ورؤساء المراكز الدينية وأعضاء الجاليات العربية والأكاديميين، وممثلى المجتمع الفرنسى. من جانبها ثمّنت السفيرة فى كلمة الافتتاح جهود السلطنة الكبيرة والمتنوعة بقيادة السلطان قابوس للإسهام فى نشر قيم وثقافة التسامح والتعاون وتأكيدها فى العالم من خلال فعاليات المعرض.