■ لم أرغب فى فتح جرح أصاب الكثيرين من أفراد المجتمع المصرى بعد متابعة بعض مسلسلات رمضان، ولكنه مجرد نداء لصناع الدراما لعدم تكرار نفس الخطايا مستقبلا أو هى صرخة مكتومة تكونت داخلى بعد المشاهدة المتأخرة لمسلسل «سيد الناس»، الذى تعرض لوابل من الانتقادات. وعلى طريقة أن تأتى متأخرا خيرا من ألا تأتى أبدا وحتى لا ننسى ولكى لا يكون ما حدث مجرد زوبعة يزول أثرها وجدت نفسى أقول.. وا دراماه !! «لا هذا سيدٌ لأحدٍ، ولا هؤلاء (الناس).. نحنُ! إنَّ مستوى ما تم تقديمه تحتَ ذريعةِ «الواقعية» أو «الطبيعية» باتَ لا يستحقُّ وصفًا أكثرَ من أنَّه نوعٌ جديدٌ من الدراما، لا يبحثُ إلا عن كلِّ قبيحٍ ليسلِّطَ عليه الأضواءَ، ويُمرَّ مرورًا سريعًا على ما هو إيجابيٌّ، أو يتجاهلهُ تمامًا! ألا ترونَ فينا إلا المواخيرَ والعاهراتِ والشمَّامينَ والخارجينَ عن القانون؟ ألا تلمحونَ إلا كلِّ بَذَءٍ؟ العيبُ ليسَ فينا، ولكن فى عيونكم التى لا ترى إلا ما يُشبِهُها! ألفاظٌ فَجَّةٌ، وقبحٌ بيِّنٌ.. حتى بتُّ متأكدًا بأنَّكم مُغرضونَ قاصدونَ لما تفعلون، فلا يمكن أن تجتمعَ كلُّ هذه الخطايا بغيرِ تعمُّدٍ! لستم شبهنا، وليسَ هذا واقعَنا، وليسَ تناولُكم للسلبياتِ لإصلاحها، ولا انتقادٌ لنقائصَ لتفادِيها... فليسَ فيما تقدمونه عبرةٌ يُعتبرُ منها الناسُ! أنتم لا ترونَ إلا مجتمعًا فى خيالكم المريضِ، وكأنَّكم تعيشونَ فى «الدارك ويب»، تقبعونَ فى أبعدِ وأحطِّ نقطةٍ فى قاعِ المجتمعِ، الذى لا تتجاوزُ نسبتُه نصفَ فى المائةِ إن وجد ... ولكنَّ هذه القلةَ هى كلُّ مجتمعِكم! فحوارُكم يُخجِلُ القلمَ أن يرصُدَه، وما قدمتوه وكأنَّه نبضُ الشارعِ.. ماهو إلا همسات فى بيوت الدعارة.. أنكم وللأسفَ تجاوزتم نقلَ القبحِ إلى تعليمِه. لا أدرى لمصلحةِ مَن تفعلون ذلك؟! إذا كان من أجلِ الانتشارِ، فاذهبوا إلى أفلامِ «البورنو»، فجمهورُها بمئاتِ الملايين !! أخر كلام ■ الحقيقةُ هى السِّلعةُ النادرةُ فى سوق النفاق.. فى مجتمعٍ يُقيِّمُ وزنَ الإنسانِ بمدى براعَتِهِ فى تزييفِ الواقع، تتحوَّلُ الصراحةُ إلى جريمةٍ تُعاقَبُ بالعزلة. قلِ الحقيقةَ فى العمل: «عديمُ ذكاءٍ اجتماعيٍّ». قلها فى السياسة: «مخرِّبٌ». قلها فى العائلة: «قاسٍ». المجتمعُ يريدُ منكَ أن تكذبَ بلباقةٍ، أن تزيِّنَ الفشلَ، أن تبيعَ الوهمَ. الكذّابونَ المحترفونَ يصلونَ إلى القمّةِ، بينما الصادقونَ مكانُهم المقابرُ.. ولو كانوا أحياءً.