كتب - أحمد سلامة محمود صاحب العشرين ربيعاً شاب حاصل على دبلوم صنايع من أسرة بسيطة، والده مزارع وأمه ربة منزل.. قضى والده حياته فى العمل للإنفاق على تربيته هو وشقيقته نهى لكى يوفر للأسرة متطلبات الحياة من مأكل ومشرب وملبس. حاول محمود البحث عن عمل ليساعد والده فى تدبير نفقات الأسرة، كما أنه يحلم كغيره من الشباب أن يجد شريكة حياته المناسبة، ويكون رب أسرة ينعم بالسعادة مع زوجته وأولاده.. تنقل محمود بين القرى والمدن يعمل فى مختلف المهن فتارة حداداً وأخرى سباكاً وثالثة نجاراً وبائعاً فى سوبر ماركت وغيرها من المهن ينتقل من واحدة إلى أخرى بحثاً عن تحقيق أحلامه وطموحاته وأملاً فى تخفيف العبء عن كاهل والده الذى لم يعد يقوى على العمل. تعرف محمود على أحد الأصدقاء والذى أرشده إلى مكتب أحد رجال الأعمال وأخبره أنه وربما يوفر له فرصة عمل مناسبة تحقق طموحه، ذهب محمود إلى مقر الشركة وطلب مقابلة رجل الأعمال وقص له رحلة عذابه فى البحث عن فرصة عمل مناسبة. كما أخبره بالظروف الاقتصادية التى تعيش فيها أسرته والظروف الصحية التى يعانى منها والده، وافق على الفور صاحب الشركة على توفير فرصة عمل لمحمود كمشرف عمال. رجع محمود لمنزله ليخبر الأسرة بتسلمه عمله الجديد وبالقلب الطيب الحنون لرجل الأعمال صاحب الشركة، كما أخبرهم عن الراتب الذى حدده له كبداية انطلاقه جديدة للشاب فى العمل كمشرف بالشركة. باشر محمود مهام عمله وهو فى غاية السعادة والتفاؤل وبدا صاحب الشركة يثق به ويمنحه صلاحيات فى العمل رويداً رويداً، فكلما زادت ثقة الرجل فى محمود كافأه على تفانيه وإخلاصه وأمانته وأعطاه صلاحيات أكثر. وبدأ قدامى الموظفين فى وضع المكائد وتدبير الخطط للتخلص من ذلك الشاب الذى استطاع فى بضعة أشهر أن يحصل على ثقة صاحب الشركة، وأن يعطيه كافة الصلاحيات فى العمل.. بدأ محمود يكتسب خبرات أكثر وأكثر ليسيطر على مجريات الأمور فى الشركة حتى أصبحت له الكلمة العليا دون غيره. مرت الأيام تليها الشهور ثم السنون ويزداد نجاح محمود وتفوقه وإثباته لذاته فى عمله، وكلما نجح فى ذلك كافأه صاحب الشركة وقربه منه، يوماً بعد يوم أهدى صاحب الشركة لمحمود سيارة خاصة ليذهب بها ويعود من العمل، وأصبح راتب محمود يوفر له ولأسرته حياة كريمة. ساءت الحالة الصحية لوالد محمود حتى وافته المنية وذهب صاحب الشركة برفقة نجلته الوحيدة منى لتقديم واجب العزاء، وما إن التقت عيون منى مع محمود أحس أنها هى الفتاة التى يبحث عنها طيلة حياته. جلس محمود فى غرفته يفكر كيف يفوز بتلك الفتاة، بعد عدة أيام عاد محمود إلى العمل وطلب منه صاحب الشركة أن يخرج معه غداً برفقة ابنته منى لقضاء بعض الوقت على الشاطئ بالإسكندرية تخفيفاً لحزنه على والده. فوجئ محمود أن صاحب الشركة يعرض عليه الزواج من ابنته، وأنها معجبة به وتتمنى الارتباط به، طار محمود من السعادة وعاد إلى منزله يخبر والدته وشقيقته نهى بطلب صاحب الشركة لكن والدته حذرته من الارتباط بها. يا بنى «إحنا فين وهمه فين.. إحنا مهما كبرنا وعلينا همه برده لهم حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم وإحنا غيرهم «لأول مرة ينهر محمود أمه ويخبرها بأنه سيتزوج منى رغماً عنها فهو يحبها وهى تبادله نفس الشعور، وقد ولى وانتهى عصر الفوارق بين الطبقات. حزنت الأم حزناً شديداً على ما فعله ابنها معها لكنها خضعت لرغبته وبالفعل تمت مراسم الزواج بين محمود ومنى كريمة رجل الأعمال المعروف وصاحب أحد أكبر شركات المقاولات. مرت بضعة أيام بين العروسين وهما فى حب وسعادة ثم بدأت المشاكل تدب بينهما بسبب كثرة خروجها من المنزل وقضاء معظم أوقاتها مع «الشلة» بالنادى وعلى الكافيهات والأماكن العامة. شكا محمود لوالدها من تصرفاتها غير المقبولة بالنسبة له لكنه صعق عندما أخبره تلك حياتها ولا تستطيع تغييرها، فى تلك اللحظة تذكر محمود كلمات أمه «يا ابنى هما فين وإحنا فين». بدأ الحزن يخيم على حياة محمود، فهو يعيش بمفرده زوجته خارج المنزل ليل نهار، يجلس بمفرده فى غرفته يسأل نفسه أين السعادة؟ أين الأسرة؟ أين الحب والحنان؟ بدأ محمود يتابع زوجته فى الخروج والعودة للمنزل كما بدأ فى متابعة هاتفها والرسائل التى بينها وبين أحد أصدقائها حتى دب الشك فى قلبه، راقب محمود زوجته عند خروجها فى المنزل فى أحد الأيام حتى توقفت سيارتها أمام إحدى العمارات، نزل محمود من سيارته وسأل حارس العمارة عنها، وكانت المفاجأة أنه يعرفها وانها تتردد على شقة أحد الشباب منذ فترة ليست بالقصيرة. هرع محمود إلى الشقة ودق الباب بجنون وما إن فتحت الخادمة الباب أسرع للبحث داخل غرف الشقة، وكانت الطامة الكبرى حين وجد زوجته فى أحضان عشيقها. فر العشيق هارباً خارج الشقة وهو يلملم أجزاء ملابسه المتناثرة فى كل أرجاء الغرفة، وانهال محمود بالضرب المبرح على زوجته ثم خنقها بيده حتى فارقت الحياة، هرع الجيران إلى الشقة على صوت صراخ الخادمة بعد أن فارقت الزوجة الخائنة الحياة ليذهب محمود الضحية إلى قسم الشرطة قائلاً «غسلت عارى بإيدى»، وأخطرت النيابة التى أمرت بحبسه 4 أيام على ذمة القضية ويراعى له التجديد فى الميعاد.