تحقيق: أمانى زايد لأكثر من قرن من الزمان، ظل قلب القاهرة مسكوناً باثنين من أبرز وأشهر مبانى العاصمة، وهما مجمع التحرير، والمتحف المصرى. وقريباً سيشهد قلب القاهرة تغييراً كبيراً، فالمجمع سيتم إخلاؤه قريباً، والمتحف ينتظره مستقبل مختلف بعد نقل آلاف القطع الأثرية منه إلى المتحف الكبير بالجيزة. أشهر قليلة، ويتم إخلاء مجمع التحرير الذى تسبب على مدار سنوات طويلة فى إعاقة حركة المرور بشوارع العاصمة، ومنذ اللحظة الأولى لإعلان إخلاء المجمع والمقترحات لم تنقطع حول طرق الاستفادة منه وتطوير المنطقة، ضمن مشروع تطوير القاهرة الخديوية الذى بدأ منذ 4 سنوات، لكنه حتى الآن لم يتم الاستقرار على مصير «المجمع»، ورغم وجود العديد من الخطط التى تم وضعها لتطوير قلب القاهرة، فإنها لن ترى النور إلا فى بداية العام الجديد. تعود فكرة إنشاء المجمع إلى عام 1950 عندما قرر الملك فاروق إنشاء مبنى ضخم يضم المصالح الحكومية الخدمية فى مقر واحد؛ لتسهيل الأمور على المواطنين لقضاء مصالحهم فى مكان خدمى واحد، وتم الانتهاء من بناء مجمع التحرير عام 1951، ليصبح أكبر مجمع خدمى إدارى فى مصر. هذا المبنى الضخم المكون من 14 طابقاً، يقع على مساحة 28 ألف متر، بارتفاع 55 متراً، ويضم 13 وزارة وأكثر من 25 جهة حكومية، ويتكون من 1356 حجرة، وتوجد به 10 مصاعد يتردد عليه 20 ألف مواطن يومياً، ويعمل به نحو 30 ألف موظف حكومى. ترجع فكرة إخلاء المجمع إلى عام 2000، حين أصدر عاطف عبيد، رئيس الوزراء وقتها، قراراً بإخلاء المجمع من الموظفين؛ بهدف تفريغ العاصمة من المصالح الحكومية؛ لتقليل الضغط على منطقة وسط القاهرة، لكنَّ هذا القرار قوبل بالاعتراض من موظفى المصالح الحكومية داخل المجمع، وقرر بعضهم رفع دعوى فى محكمة القضاء الإدارى؛ لوقف قرار رئيس الوزراء، فتم التراجع عن تنفيذ القرار. وظلت الفكرة ظلت تراود الكثيرين حتى منتصف يناير 2016، ووقتها أعلنت محافظة القاهرة عن خطة لنقل بعض إدارات المجمع، على أن يتم تفريغه بالكامل فى 30 يونيو 2017، لكن الوضع ظل كما هو ولم يتم التنفيذ لعدم تمكن أغلب الوزارات والهيئات الحكومية من توفير أماكن موظفيها, وأخيراً صدر قرار نهائى بإخلاء مجمع التحرير من جميع الإدارات الحكومية فى موعد أقصاه 30 يونيو 2018، ومؤخراً أكدت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، أنه سيتم البدء فى نقل مقار جميع الوزارات والجهات الحكومية إلى العاصمة الإدارية بنهاية ديسمبر 2018. ومع اقتراب اكتمال مشروع العاصمة الإدارية الجديدة والتى من المفترض أن يتم نقل الوزارات إليها، عاد من جديد التفكير فى إخلاء مجمع التحرير، هذا المبنى الأثرى الذى حيَّر الكثير من الخبراء فى طرق الاستفادة منه، بعد جلاء الموظفين عنه، خاصة أن هناك بعض الوزارات والهيئات أخلت بالفعل أماكنها بالمجمع؛ مثل وزارة التضامن الاجتماعى التى أخلت 121 غرفة، ووزارة التعليم العالى التى أخلت 46 غرفة كانت تشغلها إدارة البعثات، والإدارة العامة لمباحث الآداب وشرطة رعاية الأحداث، فى الوقت الذى ما زالت تبحث بعض الهيئات والوزارات، عن توفير أماكن بديلة لها. وتشغل وزارة الداخلية حوالى 351 غرفة موزعة على كل من مصلحة الجوازات ومباحث الضرائب ومباحث التهرب الضريبى، ووزارة العدل وتشغل 325 غرفة موزعة على هيئة قضايا الدولة ومفوضى الدولة والنيابة الإدارية المحلية والنيابة الإدارية للتعليم ومجلس الدولة والمجلس الحسبى ولجنة فض المنازعات ووزارة المالية وتشغل 8 غرف تابعة للضرائب العقارية، كما تشغل محافظة القاهرة 395 غرفة موزعة على مكتب نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية ومديريتى القوى العاملة والطرق والنقل، ومكتب المدير التنفيذى ومدرسة لتعليم القيادة والإدارات التعليمية. من جانبه، أكد اللواء محمد أيمن عبدالتواب، نائب محافظ القاهرة للمنطقتين الغربية والشمالية، أنَّ هناك عدة مشروعات يتم تنفيذها فى المحافظة؛ أهمها مشروع القاهرة الخديوية الذى يعمل على عودة الطابع المعمارى للعاصمة، أو ربما يتم تحويل مجمع التحرير لفندق، مؤكداً أن المبنى سيظل كما هو, حتى لا نفسد الشكل الحضارى له، وهناك مقترح بطرح عدة مسابقات للشركات الهندسية لإعادة توظيف المجمع من جديد، وتحديد الشكل الذى سيكون عليه. وتشير البيانات إلى أن الحى الحكومى فى العاصمة الإدارية الجديدة يقع على مساحة 1133 فداناً بما يعادل 4.8 مليون متر مربع، وتشمل المرحلة الأولى نقل مبنى مجلس النواب، ومجلس الوزراء، بالإضافة إلى المرحلة الأولى من المبانى الوزارية بإجمالى 36 مبنى ليسع 29 وزارة على مساحة 153 فداناً، وتتولى وزارة التخطيط عملية تنظيم نقل الوزارات والهيئات للعاصمة الإدارية. وأكد الدكتور حمدى عرفة، خبير الإدارة المحلية وتطوير العشوائيات، أنَّ المجمع يعد مبنى أثرياً، ويتبع التنسيق الحضارى وممنوع هدمه، وقال: من الأفضل أن يتم استغلاله بصورة ملائمة، فقد سبق أن أثيرت مقترحات حول تحويله إلى فندق، لكنه لن يكون مجزياً؛ نظراً إلى أن الفنادق لها مميزات خاصة، ويجب أن تطل على النيل. وأضاف: الأفضل أن تتم إعادة تطوير المنطقة لخدمة السياحة والاهتمام بإعادة الشكل الحضارى لمنطقة وسط البلد، ومن الأفضل، أيضاً، أن يتم تسليم المبنى لجهة واحدة لا تتعامل مع الجمهور، وذلك لخفض حدة الزحام المرورى، أو يتم تأجيره للقطاع الخاص وتحويله إلى مول تجارى، وهذ الأمر سيعيد الروح للمنطقة، ويسهم فى تنشيط السياحة. المتحف المصرى يغادر مكانه بعد 116 عاماً نقل القطع الأثرىة النادرة.. والافتتاح 15 نوفمبر فى نوفمبر المقبل، تمر الذكرى 116 على افتتاح المتحف المصرى بالتحرير، الذى يعد أكبر المتاحف العالمية. ومؤخراً تم نقل 5 آلاف قطعة أثرية من المتحف إلى المتحف الكبير بالرماية، وهو ما طرح سؤالاً مهماً عن مصير متحف التحرير بعد افتتاح المتحف الكبير. ويؤكد مسئولون، أنَّ متحف التحرير سيظل محتفظاً بطابعه المميز، خاصة أن مخازنه مليئة بالقطع الأثرية التى تجذب الزوار، وتستعد وزارة الآثار لتطوير المتحف وعرض كنوز تانيس المكونة من 2000 قطعة ومجموعة يويا وتويا تمهيداً للافتتاح فى نوفمبر القادم. وكانت فكرة بناء المتحف جاءت فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى، الذى وضع حجر أساس المتحف فى أبريل عام 1897، وبدأ البناء فى المتحف عام 1898، وعلى الفور بدأ بناء المتحف عن طريق الشركة الإيطالية، وتنافس على تشييد مبنى المتحف 73 مكتباً هندسياً، وفى النهاية تم اختيار تصميم المهندس المعمارى الفرنسى مارسيل دورنون. فى 15 نوفمبر 1903 تم افتتاح المتحف ليضم 35 ألفاً و325 قطعة أثرية، والآن وصلت القطع إلى أكثر من 150 ألف قطعة, أهمها المجموعات الأثرية التى عثر عليها فى مقابر الملوك والحاشية الملكية للأسرة الوسطى فى دهشور عام 1894، ويضم المتحف الآن أعظم مجموعة أثرية فى العالم، ويعد المتحف المصرى فى مدينة القاهرة، أحد أكبر وأشهر المتاحف العالمية؛ حيث يقع فى قلب العاصمة المصرية (القاهرة) من الجهة الشمالية لميدان التحرير. وفى عام 1983، تم تسجيل مبنى المتحف كمبنى أثرى باعتباره قيمة معمارية فريدة من نوعها, كما تم توزيع الآثار على طابقين؛ حيث توضع الآثار الثقيلة مثل التوابيت الحجرية والتماثيل واللوحات والنقوش الجدارية فى الطابق السفلى، أما الطابق العلوى فيحتوى على عروض متنوعة تضم المخطوطات وتماثيل الأرباب والمومياوات الملكية، وآثار الحياة اليومية عند قدماء المصريين، وصور المومياوات والمنحوتات غير المكتملة، فضلاً عن تماثيل وأوانى العصرين اليونانى الرومانى والآثار الخاصة بمعتقدات الحياة الأخرى بعد البعث. وفى أغسطس 2004 اختفت حوالى 38 قطعة أثرية من المتحف، ولم يتم العثور عليها، وفى أغسطس عام 2006 حدثت أكبر عملية تطوير للمتحف من الداخل والخارج. وخلال حالة الانفلات الأمنى التى وقعت عقب ثورة 25 يناير، تم اقتحام المتحف فى يوم 28 يناير 2011 من قبل مجهولين، وسرقة حوالى 54 قطعة أثرية، وبعدها قامت قوات الجيش بتأمين المتحف ضد عمليات النهب والسرقة, وأطلقت وزارة الآثار فى مايو 2012 مبادرة لوضع خطة لإعادة تأهيل المتحف بصورة شاملة ساهمت فيها وزارة الخارجية الألمانية بتمويل الدراسات اللازمة والأبحاث العلمية، كما شاركت جمعية «نوعية البيئة الدولية» فى تنفيذ المبادرة لإعادة المتحف لحالته الأصلية، التى تضمنت أعمال ترميم هندسية ومعمارية، وأعمال تطوير منطقة التحرير المحيطة بالمتحف. 5 آلاف قطعة من آثار توت عنخ آمون تم نقلها من متحف التحرير، للمتحف المصرى الكبير بالرماية، وتستعد وزارة الآثار لتطوير سيناريو العرض المتحفى بالمتحف المصرى بالتحرير، لإعادة افتتاحه فى 15 نوفمبر المقبل، تزامناً مع الاحتفال بذكرى تأسيس المتحف، وفى محاولة من وزارة الآثار لعدم تأثر المتحف المصرى بالتحرير بعد نقل عدد كبير من مقتنياته إلى المتحف المصرى الكبير، شكلت الوزارة لجنة تضم مدراء لأكبر 5 متاحف عالمية، يكون من ضمن مهامها وضع وجهة نظر علمية لإعادة توزيع القطع الأثرية بالمتحف المصرى، على أن تحل مجموعة يويا وتويا محل مقتنيات المتحف المصرى التى نقلت إلى المتحف المصرى الكبير. وأعلن الدكتور خالد عنانى، وزير الآثار، مؤخراً، أنَّ وزارة الآثار تعمل مع مديرى متاحف تورينو وبرلين واللوفر والمتحف البريطانى ومتحف هولندى، لوضع خطة طويلة المدى لوضع المتحف المصرى على الخطى العالمية لإدراجه ضمن المتاحف باليونسكو، وإدراجه ضمن التراث العالمى، بمنحة من الاتحاد الأوروبى، ومن المقرر أن يتم عرض كنوز تانيس وآثار (يويا وتويا) فى الممرات والقاعة الخاصة بآثار توت، وهناك سيناريو عرض جديد يضم القطع الخاصة ب«يويا وتويا وتانيس»، والأخيرة وحدها تحتوى على أكثر من 2000 قطعة وقناع، بالإضافة للقناع الذهبى، ويوجد أيضاً قناع ساشنج الذهبى، كما سيتم عرض مجموعة يويا وتويا، وعددها 200 قطعة، فى جناح أساسى فى الدور العلوى. من جانبه، أكد محمد على، مدير المتحف المصرى بالتحرير، أنَّ هناك خطة لتطوير المتحف، بعد أن تم نقل القطع الأثرية الخاصة بالملك توت عنخ آمون. وأكد أن المتحف المصرى بالتحرير، ملىء بالكنوز الأثرية ولم يتأثر بعد نقل آثار «توت عنخ آمون»، وسيظل محافظاً على قيمته الأثرية، فهناك مجموعات لا تقل أهمية عن توت عنخ آمون، التى سيتم عرضها بطرق مختلفة لجذب الزائرين، فالمتحف يحتوى على ما لا يقل عن 150 ألف قطعة أثرية. وأضاف أن الخطة تعتمد على تغيير دهانات الحوائط وعودتها لما كانت عليه وقت افتتاح المتحف عام 1902، وتطوير المنافذ، وتم تغيير 90% من الإضاءة، وإعادة صيانة الفتارين من حيث تحديث الدهانات وصيانتها من الناحية الفنية، وهناك مشروع لإضاءة الحديقة ليلاً وواجهة المتحف؛ حيث نعمل طوال اليوم حتى لا يفقد المتحف جزءاً من أهميته، وهناك عروض مؤقتة يتم عملها كل فترة، هذا فضلاً عن أن هناك تطويراً بالعرض المتحفى، وهناك لجنة مختصة من الأثريين لحصر الآثار الموجودة وعرض القطع التى تجذب الزوار، فالمتحف يجذب ما لا يقل عن 4 آلاف زائر يومياً، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد خلال الفترة القادمة، ويرى أن موقع المتحف فى ميدان التحرير يجعل له أهمية كبيرة. وأشار إلى أنه سيتم عرض كنوز تانيس وآثار (يويا وتويا) فى الممرات والقاعة الخاصة بآثار توت، مؤكداً أن المتحف سيظل محتفظاً بالقطع المهمة التى تميزه والتى تعود لعصور ما قبل التاريخ حتى العصر اليونانى والرومانى.