كتب - صلاح الدين عبدالله: منذ 10 سنوات، أسست «ثمار» المالية شركة تابعة «ثمار للاستثمار الرياضى» برأس مال 5 ملايين جنيه، بهدف تحويل الأندية إلى شركات مساهمة، من خلال تحويل أعضاء عموميتها إلى مساهمين، بحصص فى أسهم النادى، وحصة أخرى لا تتجاوز 30% لمستثمر استراتيجى، ونسبة ثالثه للتداول الحر بالبورصة، لكن لم يستكمل المشروع بسبب الأزمة المالية العالمية 2008، ثم توالت الكوارث بأزمة اليونان، وثورة 25 يناير، لتتجمد الفكرة والبيزنس الجديد. استمر الوضع على ما هو عليه، إلى أن بدأ حراكاً فى المشهد الرياضى، باعتباره صناعة رئيسية لا غنى عنها، حققت نجاحات فى دول العالم المتقدمة، لتعود الفكرة من جديد مع صدور قانون الرياضة الجديد الذى يعيد تنظيم الشأن الرياضى المصرى. ونصت المادة 71 من قانون الرياضة الجديد: «يجب أن تتخذ الشركات التى تنشأ لمزاولة أعمال الخدمات الرياضية بكافة أنواعها شكل الشركات المساهمة. ويجوز لهذه الشركات طرح أسهمها فى اكتتاب عام وفقاً لأحكام قانون سوق رأس المال، كما يجوز قيد أسهمها ببورصة الأوراق المالية». «وللوزير المختص إضافة مجالات أخرى تتصل بأعمال الخدمات الرياضية، وللهيئات الرياضية الخاضعة لأحكام هذا القانون وبموافقة الجهة الإدارية المركزية إنشاء شركات مساهمة تسهم فيها الهيئة وأعضاؤها والمستثمرون، وتطرح أسهم هذه الشركات للجمهور وفقاً للقانون، كما يجوز قيدها بالبورصة المصرية، شريطة ألا يؤثر ذلك على نشاطها فى الخدمات الرياضية. المراقب للصناعة الرياضية يتبين أن نحو 1200 ناد مسجل، وتشكل النوادى العامة نحو 80%، ويتحقق حالياً فى مصر نموذج وحيد هو الأقرب إلى أن يكون بداية الطريق نحو التحول إلى نشاط رياضى استثمارى يحقق عوائد مالية وفنية هو شركة المقاصة سبورت التابعة لشركة مصر للمقاصة والإيداع والمركزى والتى تمتلك نادى المقاصة الذى يلعب فى الدورى العام، التى تخطط منذ سنوات على أن يتم إدراج الشركة فى البورصة المصرية ويبلغ رأسمال الشركة 54 مليون جنيه وتمتلك الشركة مصنعاً للنجيلة الصناعية برأسمال 30 مليون جنيه ولكن لم تكتمل حتى الآن خطط الشركة فى عملية الإدراج التى ستكون هى الأولى من نوعها. سألت عادل عبدالفتاح رئيس شركة «ثمار» المالية حول الفكرة والتجربة التى لم تكتمل. قال إن «الفكرة بدأت منذ عملية تطبيق الاحتراف فى تسعينيات القرن الماضى، واتخذت الدول الأوروبية تطبيق ذلك، وعلى أساس ذلك قامت «ثمار» المالية بتأسيس شركة لهذا الغرض برأسمال 5 ملايين جنيه». وتابع أنه «تم زيارة الأندية الرياضية الشعبية بالإسكندرية والاسماعيلية وبور سعيد، وباقى الأقاليم، لإقناعها بأن تحويل الأندية إلى شركات مساهمة المخرج الوحيد من انتظار (فتافيت) الحكومة، التى تلقيها للأندية بين الحين والآخر، ولا تغنى ولا تسمن». وأوضح أن العديد من الأندية الشعبية رحبت بالفكرة، إلا أن الأزمات التى شهدها الاقتصاد على المستويين المحلى والعالمى، منذ الأزمة المالية العالمية حالت دون استكمال المشروع، مشدداً على أن قانون الرياضة الجديد سوف يفتح الطريق للأندية بطرحها فى البورصة، ومتوقع نجاح الفكرة نتيجة تدفق الأموال فى هذا المجال، تحت إشراف رقابى وتشريعى، وسوف يكون ذلك فى صالح الأندية، خاصة عند قيدها وتداولها بالبورصة، وهو متوقع أن تستحوذ على نحو 25% من المتعاملين. قال صلاح حيدر، المحلل المالى بشركة «بايونيرز» المالية، إن صناعة الرياضة تحولت خلال 30 عاماً الماضية من نشاط بدنى اجتماعى إلى استثمار يحقق إيرادات بمليارات الجنيهات، مع ما تحقق فى كأس العالم مؤخراً بروسيا، اتجهت الأنظار إلى النشاط الرياضى المصرى ليبدأ رحلة البحث من تحويله إلى نشاط استثمارى. وأضاف أن قانون الرياضة الجديدة سوف يحدث نقله نوعية للأندية المصرية، وأن تغيير وجهة النظر الخاصة للأندية كشركة لها مساهمون تتطلب تحقيق ربحية معينة، وتحقيق أهداف المساهمين متماشياً مع البعد الاجتماعى، وهو ما سوف يجذب بشكل كبير اهتمام القطاع الخاص فى ظل التأكيد على إمكانية وجود عوائد قوية للاستثمار فى المجال الرياضى سواء فى البنية التحتية للأندية الرياضية أو فى البنية البشرية وأوضح أن «الاتجاه إلى الاستثمار الرياضى تأخر كثيراً بالمقارنة بالنهضة التى تشهدها أوروبا ودول الخليج التى تحول جميع الأندية الرياضية إلى شركات مساهمة، وفى أوروبا تتداول أسهم الأندية الرياضية على أسواق المال العالمية، وتتناقل ملكيتها بين مستثمرين عالميين بشكل مستمر وتحقق عوائد طائلة تضاهى إيرادات شركات صناعية، إلا أنه فى مصر لا يزال النشاط الرياضى يأخذ الشكل الاجتماعى بشكل كبير». وأوضح أن العديد من الأندية تتجه إلى تأسيس شركات مساهمة لتوفيق أوضاعها مع اشتراطات الاتحادات الأفريقية والدولية حتى تستطيع المنافسة فى مسابقتها الدولية والقارية تلك الشركة التى لم تطفُ بعد على سطح نشاط الاستثمار الرياضى حتى الآن، خاصة أن معظم الأندية المصرية تعد مؤسسات مملوكة للدولة والتحول إلى شركة مساهمة سيكون صعباً للغاية، إلا أن قانون الرياضة الجديد يتيح للمستثمر الجديد تملك الأندية الخاصة وتحويلها إلى شركات مساهمة ولكنه لم يعالج الأندية التى تعود ملكيتها للدولة خاصة، وأن تلك الأندية هى التى تحقق عوائد كبيرة من الرياضة من خلال عقود الرعاية والإعلانات ومبيعات اللاعبين، إلا أن عوائدها تعود للنادى كمؤسسة رياضية خدمية حكومية ولا يعود إلى الشركة المساهمة التى أسسها النادى ويأمل فى اجتذاب مستثمرين وضخ استثمارات جديدة. وشدد حيدر على دور البورصة المصرية فى مساعدة الأندية المصرية فى التحول إلى شركات مساهمة والعمل على جذب الشركات المساهمة التى تمتلك بالفعل أندية، مثل مصر للمقاصة ووادى دجلة والجونة وتسويق عوائد الإدراج فى البورصة المصرية، لتلك الشركات من إمكانية تمويل توسعاتها ونشاطاتها التى تحقق عوائد ووضع برامج لفصل النشاط الرياضى للشركات التى تمتلك أنديةن مثل إنبى والمصرية للاتصالات ومصر للألومنيوم وإنبى والكثير التى تعتمد بشكل أساسى على دعم الشركة الأم للنشاط الرياضى وبعض العوائد القليلة من الخارج ووضع برامج دعم هيكلى واستشارات مالية وإدارية وفنية للمساعدة فى التحول بشكل إيجابى، ومن ناحية أخرى لا يقوم النشاط الاستثمارى الرياضى على تحول الأندية فقط إلى شركات مساهمة بل هناك مؤسسات اقتصادية رياضية تحقق عوائد قوية يمكن تحويلها إلى شركات مساهمة، مثل هيئة استاد القاهرة واستاد الإسكندرية وبعض الاستادات الأخرى التى يمكن أن تقع تحت مظلة شركة مساهمة قابضة تدير تلك الشركات بشكل استثمارى قوى. كررت السؤال على محسن عادل، نائب رئيس البورصة، حول دور الاستثمار الرياضى وتداوله بالبورصة. قال إن «دخول قطاع الاستثمار الرياضى للبورصة هو أمر جيد، خاصة أنه سوف يعمل على تنوع قطاعات الأسهم السوقية إلا أنه مطلوب اختيار التوقيع المناسب لمثل هذه الطروحات». وأضاف أن «العبرة فى تقييم نجاح أى طرح جديد ليس فى بيع الشركة المروجة للأسهم المعروضة، ولكن بأداء تلك الأسهم بعد تداولها، موضحاً أن حداثة هذه الشركات عند تأسيسها سيمثل عنصر جذب للمستثمرين متوسطى وطويلى الأجل، لأنها ستطرح بأسعار قريبة من القيم الاسمية».