تحقيق: حسام أبوالمكارم / إشراف: نادية صبحي تجاوز تعداد المصريين فى الوقت الحالى 104 ملايين نسمة، منهم 8 ملايين مصرى يعيشون فى الخارج، وتخطت معدلات الزيادة السكانية 2.25% سنويا وهو يمثل تحديًا ضخمًا بالنسبة للدولة. هذه الأرقام تجعل النمو السكانى فى مصر قضية أمن قومى، خاصة أن الزيادة السكانية هى سبب رئيسى للأزمات التى تعيشها البلاد. وبالرغم تعاقب الحكومات التى حاولت مواجهة الزيادة السكانية، لكنها لم تستطع قهر تلك الأزمة، ما دفع وزارة الصحة إلى اطلاق حملة لتنظيم الأسرةتحت شعار «اثنان يكفيان»، والتى تهدف إلى خفض معدل المواليد إلى 2.4. وتتمثل خطة الوزارة فى نشر 12 ألفًا من دعاة تنظيم الأسرة فى 18 محافظة، وتعزيز الخدمات فى 6 آلاف عيادة لتنظيم الأسرة فى البلاد، حيث تتلقى النساء فحوصات مجانية، ويشترين وسائل منع الحمل المدعومة. بعد أن بلغت الكثافة السكانية 1800 مصري فى الكيلو متر المربع فى المتوسط وفى القاهرة وحدها 38 ألفًا و500 نسمة فى الكيلو متر المربع الواحد. ويؤدى هذا الكم الهائل من البشر فوق الكيلو متر المربع إلى تزايد العبء على المدن والأحياء حديثة الظهور. ويؤثر سلبًا على الخدمات فيها نتيجة قصور المرافق الصحية، وتلوث البيئة وزحف المبانى على الأراضى الزراعية وانتشار العشوائيات. وتؤكد الدكتورة يمنى الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن مشكلة الزيادة السكانية تحتاج إلى وضع ضوابط صارمة لمواجهتها، وحماية الموارد التى تلتهما الإنفجار السكانى التى تزيد الأعباء الاقتصادية على البلاد. والقت: ارتفاع الإنجاب ينتشر فى طبقات الفقراء فى محاولة للحصول على المال من خلال استغلال الأطفال فى الأعمال المختلفة، وللأسف ليس لدينا خطط لمواجهة ومحاربة الفقر بشكل صحيح. وقالت أستاذ الاقتصاد، هناك عدة عناصر تساهم فى تفعيل الخطط الموضوعة لمجابهة الانفجار السكانى، أولها ضرورة تمكين الفقراء اقتصاديا وزيادة دخلهم الشهرى حتى يتمكنوا من العيش بآدمية ويكونوا قادرين على العيش بعيدًا عن الضغوط، لافتة إلى أهمية تمكين المرأة اقتصاديا من خلال توفير فرص عمل والعمل على زيادة الدخل ما زيادة اهتمامها بالعمل والإنتاج والحد من إنجاب الاطفال. وشددت «الحماقى» على ضرورة وجود خطط للتوعية بخطورة الزيادة السكانية، وتأثيرها على موارد الدولة وزيادة معدلات البطالة، مطالبة اتخاذ إجراءات ووضع قواعد صارمة تحد من انتهاك الموارد وتوجيه كافة الجهود للحد من الزيادة السكانية بدءًا من السعى نحو التنمية والتطوير والتقدم الذى يعود بالإيجاب على الاقتصاد المصرى. وقالت سناء السعيد، عضوة المجلس القومى للمرأة، إن البلاد تعانى من مشكلة زواج القاصرات وهو أمر مخالف للقوانين والدستور المصرى». وأضافت أن ارتفاع نسبة الفقر والأمية وراء ارتفاع معدلات الزيادة السكانية وكذلك زواج القاصرات، مشيرة إلى أن المؤشرات ثبت أن الأسر الفقيرة تلجأ أكثر من غيرها لتزويج الفتيات القصر وإخراجهن من التعليم. وتابعت: «وضع تشريع يجرم زواج القاصرات ويعاقب ولى الأمر والمأذون» إذا تورطا فيه يساهم فى حل أحد جوانب مشكلة الزيادة السكانية فى مصر، موضحة أن الزيادة السكانية دون أن تقابلها خدمات تستوعبها، تخلق حالة من غياب العدالة الاجتماعية، وهو ما تلعب عليه الجماعات الإرهابية فى جذبها للشباب، كما أن الزيادة السكانية تكبل الإمكانيات الحكومية فتعوقها عن إحداث أى تطوير فى المجتمع. ضد التنمية الدكتور خالد الشافعى الخبير الاقتصادى، يرى أن قضية الزيادة السكانية خطر يواجه المجتمع، لارتفاع معدل البطالة الذى يقدر ب 11٫4٪، ما أدى لعدم تحقيق التنمية التى تسعى إليها القيادة السياسية فى مصر، لافتا إلى أن الاستمرار فى الانجاب بالمعدل الحالى يعوق تحقيق التطور والتنمية، الأمر الذى يتطلب تكاتف كافة المؤسسات فى البلاد لمواجهة الزيادة السكانية والحد من ارتفاع معدل الإنجاب. وأشار الخبير الاقتصادى، إلي أن الزيادة السكانية هى السبب الرئيسى فى تدهور البنية التحتية، لعدم قدرتها على الصمود والاستيعاب لكم البشر الكبير فى البلاد، مضيفا أن الحكومة لديها خطة تستهدف 76 منطقة من أكثر المناطق فقرا فى مصر للحد من معدلات الانجاب التى يعتمد عليها الفقراء لزيادة مصدر رزقهم من خلال الاعتماد على الاطفال فى العمل. وطالب الشافعى بضرورة الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة للحد من البطالة التى تتفشى فى المجتمع المصرى، قائلا:» الزيادة السكانية تلتهم الموارد وتقضى على التنمية التى تعمل الدولة عليها بعد سنوات عجاف». وتايع: «محافظات الصعيد مسئوله عن 43٪ من اعداد المواليد عام 2017، والاهتمام بالتعليم والقضاء على الأميه وتوفير الرعاية الصحية الجيدة، وتحسين حياة الفرد لن يتحقق فى ظل ارتفاع السكان الذى تعانى منه البلاد منذ سنوات». الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعى، يقول إن 56٪ من الفلاحين والمزارعين يقطنون على 8٫5 مليون فدان، من الأراضى الزراعية فى مصر ما يدل على حجم الاختلال بين السكان والمساحة الزراعية فى مصر. وتابع: «لابد من الخروج من دائرة الأزمة السكانية التى تشهدها البلاد منذ عقود طويلة ولم تستطع الحكومات التعامل معها بسبب ضعف الخطط والتفكير البطئ فى إيجاد حلول جذرية قادرة على انتشال البلاد من هذه الدائرة الجهنمية». وأكد أستاذ الاقتصاد الزراعى، أن مصر تستورد كافة السلع الغذائية ما عدا بعض الخضراوات نتيجة لارتفاع معدل الانجاب فى ظل موارد المحدودة، ما نتج عنه فجوة غذائية كبيرة فى مصر. يوافق الشرع والدين وقال أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن تنظيم النسل يأتى من المنفعة العامة للمواطنين، لذا لابد من أن يكون هناك توعية فى ذلك الأمر بجميع المحافظات، لمواجهة الزيادة السكانية، وهذه أمور لابد أن تشارك فيها المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر والكنيسة وغيرهما من مؤسسات المجتمع المدنى لتوعية المواطنين بهذا الأمر. وأضاف «كريمة»، أن كل ما يأتى بمنفعة عامة للجميع هو أمر شرعى ولا يخالف الدين، خاصة أن الفترة الحالية تتطلب تنظيم مؤتمرات توعية فى جميع المحافظات عن تنظيم الأسرة والنسل، والتحذير من خطورة الزواج المبكر، وكذلك الحفاظ على الأبناء وألا يتخطى النسل الاثنين حفاظا عليه وأسرته وكذلك الحفاظ على المجتمع من الانفجار السكانى. 128 مليون نسمة فى 2030 وفى عام 2000 توقعت الأممالمتحدة أن يصل عدد سكان مصر إلى 96 مليون نسمة فى عام 2026، ولكن تعداد عام 2006 بلغ 73 مليون شخص، بزيادة سنوية بلغت 2.6%. وفى عام 2017، أظهرت التقديرات أن عدد سكان مصر وصل 104.5 مليون نسمة، منهم 9.5 مليون يعيشون خارج البلاد. الزيادة السكانية 128 مليون نسمة فى 2030 ووفقا للتقرير، فإنه ما لم يتغير معدل الخصوبة البالغ 3.47 ولادة لكل امرأة، بحلول عام 2030، من المتوقع أن يصل عدد سكان مصر إلى 128 مليون نسمة، مشيرًا إلى أن هذا النمو يأتى فى وقت مليء بالتحديات على الصعيد المناخى، مع ما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على فقدان الأراضى الصالحة للزراعة (أيضًا تحت ضغط المساكن)، وارتفاع مستويات البحار، واستنزاف الموارد المائية النادرة. ونوه التقرير بتبعات الزيادة السكانية على البطالة وسوق العمل داخل مصر، قائلًا: «يمكن للمرء أن يتخيل التأثير على نظام تعليمى لا يستطيع 35% من الطلاب الملتحقين بالمدارس المتوسطة القراءة أو الكتابة فيه». وحسب التقرير، تمثل العمالة تحديًا آخر، حيث يدخل 700 ألف مشارك جديد سنويًا فى القوة العاملة، حيث يكون أكثر من 25% من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا -ثلثهم حاصلون على شهادات جامعية- عاطلين عن العمل. الزيادة السكانية. وأضاف التقرير أن نجاحات تنظيم الأسرة فى مصر قد تراجعت بسبب أحداث عام 2011، حيث أدت هذه الأحداث إلى تفاقم الوضع، وقوضت خطط الحكومة للحد من الزيادة السكانية قبل ذلك بسنوات، علمًا بأن تراجع معدلات نمو السكان من 3.5 فى المائة فى السبعينيات إلى 1.7 فى المائة فى منتصف العقد الأول من القرن الحالى، لكن بحلول عام 2008، ارتفع المعدل ليصل إلى 2.11 فى المائة فى عام 2011. وأوضح التقرير أن هناك 10 محافظات أعلى إنجابًا والمقرر أن يتم تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع «اثنين كفاية» فى هذه المحافظات وهى الأكثر احتياجًا والأعلى من حيث معدلات الإنجاب، وبها أكبر عدد من السيدات المستفيدات من برنامج تكافل، وينفذ المشروع فى 2257 قرية ضمن 119 قسما ومركزا فى المحافظات العشر المستهدفة وهي: (أسوان – الأقصر – قنا – سوهاج – أسيوط – المنيا – بنى سويف – الفيوم – الجيزة – البحيرة)، وتصل تكلفة المشروع إلى 100 مليون جنيه يتحمل صندوق إعانة الجمعيات بوزارة التضامن الاجتماعى 90 مليونًا والباقى منحة من صندوق الأممالمتحدة للسكان.