د. آمنة نصير المهر حق خالص للمرأة لا يجوز النكاح دون مهر، ويمكن القول أن المهر نوع من الهبة أو الهدية يقدمه الرجل بين يدى عقد الزواج، وهذه الهدية أمر لطيف يزرع بذور المودة فى بداية الحياة الجديدة، والهدية تكون بحسب قدرة المهدى، فلا حرج فى أقل القليل ولا حرج فى الكثير ما دامت فى حدود القدرة والطاقة، وعلى كل فإن المهر أمر حتمى ولا يجوز حرمان المرأة منه تحقيقاً لقول الحق تعالى: «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة» «النساء 4». وعن ابن عمر -رضى الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق، رواه البخارى ومسلم. وفى تحريم هذا النوع من النكاح حفظ حق المرأة فى المهر، فلا يكون الأمر كأنه تبادل صفقة تجارية بين الآباء بعضهم فى بعض. وأوجب الإسلام إنصاف اليتيمة وتقديم مهر مثيلاتها. ويحض الإسلام على تيسير الزواج والتيسير يكون فى المهر، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الصداق أيسره، رواه الحاكم. عن عمر بن الخطاب قال: ألا لا تغلوا صداق النساء، فإنه إن كان مكرمة فى الدنيا أو تقوى عند الله عز وجل، كان أولاكم به النبى صلى الله عليه وسلم ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتى عشرة أوقية، وأن الرجل ليغلى بصداق امرأته حتى يكون لها عداوة فى نفسه، رواه النسائى. لأنها حملته ما لا يطيق ولذلك يسر المهر، يبارك الله فى زواجه ويزرع حسن العشرة. ويستحب وجوب تعجيل الصداق قبل الدخول، وقال الحافظ بن حجر وفى الحديث إن النكاح لا بد فيه من الصداق فى العقد، ولأنها قطع للنزاع وأنفع للمرأة، فلو عقد بغير ذكر صداق صح ووجب لها مهر المثل بالدخول على الصحيح، ووجه كونه أنفع لها أنه يثبت لها نصف المسمى لو طلقت قبل الدخول، وفى استحباب تعجيل تسليم المهر. ومن التوجيه الإسلامى فى قضية المهر أن يبقى كاملاً فى ذمة الزوج إذا مات قبل الزواج ومن أمور العدل فى حق المرأة فى الشريعة الاسلامية، أن المهر لا يسترده الزوج إذا طلق امرأته يقول تعالى: «وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً» سورة النساء 20. هذا هو العدل الإلهى، ولكن أين هذا مما يطبق على أرض الواقع فى حالات الطلاق والتى تتكدس بها المحاكم؟ الحالة التى يحق للزوج استرداد المهر كله أو بعضه إذا خالعته المرأة وصدق الله العظيم: «الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخاف ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به» «سورة البقرة 229». وهذه الحالة حدثت مع زوجة ثابت بن قيس، والخلع يطبق فى المحاكم المصرية، بعد أن أخذ جهداً كبيراً هذا الأمر على يد المستشار فتحى نجيب، رحمة الله عليه، فيما يسعى وقدم وأنقذ رقبة المرأة المصرية، والخلع يطبق فى المملكة العربية السعودية وكثير من الدول العربية بلا صخب ولا ضجر عكس ما يتداول فى مصرنا الغالية.