الحمد لله حمدا لا ينفد ، أفضل ما ينبغى أن يحمد وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تعبد ، أما بعد ... فقد خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام ، واستخلفه فى الأرض ، وخلق له حواء من ضلعه ، ليسكن إليها ، وشرع الله سبحانه لذريتهما الزواج ، لبناء الأسرة نواة المجتمع ، وتحقيق العبودية لله ، ومع بعد الناس عن شرع رب العالمين ، ثارت المشكلات ، بين الزوجين وبين أوليائهما ، ومن هذه المشكلات ، كتابة قائمة بمنقولات الزوجية ، ولنا معها هذه الوقفات : الوقفة الأولى : مقدمة لابد منها :- قبل أن نخوض فى الحديث عن قائمة منقولات الزوجية ، لابد أن نذكر بعض المصطلحات الهامة المتعلقة ، بالموضوع ، لتتضح صورته فى أذهان القارىء الكريم ، وهى : أولا : أركان وشروط الزواج :- لكى يكون الزواج صحيحا ، فلابد من توافر أركان وشروط معينة ، ذكرها بعض العلماء فى كتاب " الفقه الميسر فى ضوء الكتاب والسنة " وهى : الأركان : أركان النكاح التي بها قوامه ووجوده هي : 1- العاقدان : وهما الزوج والزوجة الخاليان من موانع الزواج التي سبقت الإشارة إليها ، والآتي ذكرها في بحث المحرمات . 2- الإيجاب : وهو اللفظ الصادر من الولي ، أو من يقوم مقامه « وكيلاً » بلفظ إنكاح أو تزويج 3- القبول : وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه ، بلفظ : قبلت ، أو: رضيت هذا الزواج. ولابد من تقدم الإيجاب على القبول. الشروط : يشترط في النكاح الآتي :- 1- تعيين كل من الزوجين : فلا يصح عقد النكاح على واحدة لا يُعيِّنها كقوله : " زوجتك بنتي " إن كان له أكثر من واحدة ، أو يقول : " زوجتها ابنك " إن كان له عدة أبناء. بل لابد من تعيين ذلك بالاسم: كفاطمة ومحمد ، أو بالصفة : كالكبرى أو الصغرى. 2- رضا كل من الزوجين بالآخر: فلا يصح نكاح الإكراه ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : { لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن } ( رواه البخارى ) 3- الولاية في النكاح : فلا يعقد على المرأة إلا وليها ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { لا نكاح إلا بولي } ( رواه الترمذى وصححه الألبانى ) ويشترط في الولي أن يكون : رجلاً ، بالغاً ، عاقلاً ، حراً ، عدلاً ولو ظاهراً . 4- الشهادة على عقد النكاح : فلا يصح إلا بشاهدي عدل مسلمين ، بالغين ، عدلين ، ولو ظاهراً ؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ، وما كان غير ذلك فهو باطل } قال الترمذي : ( العمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن بعدهم من التابعين وغيرهم ، قالوا : لا نكاح إلا بشهود.). واشتراط الشهادة في النكاح احتياط للنسب خوف الإنكار. 5- خلو الزوجين من الموانع التي تمنع من الزواج : من نسب أو سبب ، كرضاع ومصاهرة واختلاف دين ، ونحو ذلك من الأسباب ؛ كأن يكون أحدهما محرماً بحج ، أو عمرة . } أه . ومن ثم يتضح أن قائمة منقولات الزوجية ليست من أركان أو شروط الزواج ، لكونها أمر مستحدث ، لم تكن موجودة فى عصر سلفنا الصالح ، ولكنها مما تعارف عليه المسلمون الآن ، وسيأتى حكمها فيما بعد . ثانيا : المهر :- قرر الشرع الشريف حقوقًا للمرأة معنوية ، ومالية ، وغير ذلك وجعل لها ذمتها المالية الخاصة بها وفرض لها الصداق ( المهر ) وهي صاحبة التصرف فيه ، قال تعالى : { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئا ً} ( النساء :4( وقال تعالى : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } ( النساء :24 ( والمهر في اللغة والاصطلاح هو المال الذي تستحقه الزوجة ومن في حكمها على الزوج ومن في حكمه بالعقد أو الوطء ، وينقسم إلى المهر المسمى: وهو ما اتفق عليه المتعاقدان في عقد الزواج ، أو اتفق عليه الزوجان بعد الزواج ، ومهر المثل : وهو المهر الذي اعتاد الناس تسميته لامرأة تماثل هذه المرأة من أسرة أبيها ممن حالهن وصفاتهن مثل حالها وصفاتها فيما يختلف المهر باختلافه ، كالجمال والثقافة والسن والمال والزمان والمكان ، فإن لم يوجد أحد من أهل أبيها بهذه الصفات ، قيس على مهر من حالهن مثل حال أهل أبيها ، ثم إن اتفق الطرفان على تحديده حدد بما اتفقا عليه ، وإلا طلب منهما البينة ، فإن أقامها أحدهما قضي له بها ، وإن أقاماها ، قدمت يمين الزوجة لأنها تدعي الزيادة ، وإن عجزا عنها ، قدم يمين الزوج ، لأنه ينكر الزيادة ، فإن حلف قضي له بيمينه ، وإن نكل قضي عليه بنكوله ، لأن النكول إقرار أو بذل ، وهو مما يجري في الأموال. وقد اتفق الفقهاء على جواز جعل المهر المسمى كله مؤجلاً، أو كله معجلاً، وعلى جواز تعجيل بعضه وتأجيل البعض الآخر، وذلك باتفاق الزوجين أو العاقدين المفوضين بذلك. ثالثا : العرف :- عرفه الدكتور وهبه الزحيلى في كتابه " أصول الفقه الإسلامى " بأنه : { هو ما اعتاده الناس وساروا عليه من كل فعل شاع بينهم أو لفظ تعارفوا على إطلاقه لمعنى خاص لا يتبادر غيره عند سماعه ، وهذا يشمل العرف العملي والعرف القولي .} أه . الوقفة الثانية : الحالات المتعلقة بمنقولات الزوجية وحكم كل حالة :- يصبح المهر بعد العقد الصحيح حقاً خالصاً للزوجة ، وعلى ذلك فقد ذهب الحنفية ، إلى أن قبض المهر حق خالص للزوجة ، وليس لأحد أن يقبضه عنها إلا بتوكيل منها بذلك ، صريحاً أو دلالة ، سواء أكانت بكراً أم ثيباً ، ما دامت عاقلة بالغة ، وليس الإذن بالعقد منها إذناً بقبض المهر، هذا إذا كانت الزوجة عاقلة بالغة ، فإذا كانت قاصرة ، أو مجنونة ، أو كانت محجوراً عليها في مالها لسفه أو غيره ، كان الحق في قبض مهرها عنها لولي المال عليها , كسائر الحقوق المالية الأخرى , ضماناً لمصلحتها .و يختلف حكم قائمة منقولات الزوجية بإختلاف حالاتها كالتالى : الحالة الأولى : قيام الزوج بدفع المهر للمرأة أو وليها ، ثم شرائه لمنقولات الزوجية :- ففى هذه الحالة يقوم الزوج بدفع المهر للزوجة أو وليها ، ثم يقوم بشراء منقولات الزوجية ، من ماله الخاص . حكمها : تكون المنقولات ملكا للزوج ، وحقا خالصا له ، لا يشاركه فيه أحد ، إلا إذا وهبها لزوجته ، فتنتقل من ملكه إلى ملكها . الحالة الثانية : قيام الزوج بدفع المهر لولى المرأة ، وقيامها أو وليها بشراء منقولات الزوجية منه : ففى هذه الحالة يقوم الزوج بدفع المهر المتفق عليه ، للمرأة أو وليها ، ثم تقوم هى أو وليها بشراء منقولات الزوجية منه . حكمها : تكون المنقولات حقا خالصا للزوجة ، لأنها شريت بمهرها . الحالة الثالثة : عدم قيام الزوج بدفع المهر للمرأة أو لوليها ، وقيامه بشراء منقولات الزوجية : ففى هذه الحالة ، لا يدفع الزوج مهرا للزوجة أو وليها ، وإنما يقوم بشراء منقولات الزوجية بدلا من دفع المهر . حكمها : تكون المنقولات حقا خالصا للزوجة ، لأنها تقوم مقام المهر . الحالة الرابعة : الإشتراك فى شراء منقولات الزوجية : ففى هذه الحالة تقوم الزوجة أو وليها بشراء بعض منقولات الزوجية من مالهما الخاص سواء تم الإتفاق بينها وبين الزوج على ذلك أم لا . حكمها : تكون تلك المنقولات حقا خالصا للزوجة ، مع أحقيتها فى تملك منقولات الزوجية الأخرى الواردة فى الحالتين الثانية والثالثة السابق ذكرهما آنفا . الوقفة الثالثة : حكم كتابة قائمة بمنقولات الزوجية :- مع خراب الذمم ، وإنعدام الضمائر ، و تضييع كثير من الأزواج لحقوق أزواجهم ، رأى كثير من أولياء النساء كتابة قائمة بالمنقولات الزوجية ( قائمة العفش ) لتكون ضمانًا لحق المرأة لدى زوجها إذا ما حدث خلاف بينهما ، وتعارفوا على ذلك ، وأنكر آخرون هذا المسلك بمقولة ( كيف يستأمن ولى المرأة زوجها على لحمه " المرأة " ولا يستأمنه على عفشها ) وقد قال النبى صل الله عليه وسلم : { اتقوا الله في النساء ، فإنهن عوان عندكم ، أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ( رواه مسلم ( ، ونشأ الخلاف بينهما ، مما أدى إلى وأد علاقات زوجية عديدة فى مهدها ، بسبب تمسك كل منهما برأية وتخطئة الطرف الآخر ، فما هو الحكم الشرعى فى كتابة تلك القائمة ؟ الصحيح هو استحباب كتابة تلك القائمة - فى الحالات من الثانية إلى الرابعة - للآتى : أولا : لأن تلك المنقولات مملوكة للزوجة باعتبارها مهرا لها ، وهو دين فى ذمة الزوج ، وقد استحب العلماء كتابة الديون لقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ } ( البقرة 282 ) وقوله { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ } ( البقرة 283 ) ثانيا : سدا لذريعة الفساد ، فمع خراب الذمم وفسادها يأكل كثير من الأزواج حقوق زوجاتهم ، ولاسبيل لإثبات تلك الحقوق إلا بالكتابة ، فيستحب كتابتها . ثالثا : قال تعالى : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } ( 199: الأعراف ) ويقصد بالعرف برأي كثير من العلماء ما تعارفه الناس من الخير في المعاملات والعادات ، ولما أمر الله سبحانه نبيه بالأمر به كان ذلك دالاً على اعتباره في الشرع ، وإلا لما كان للأمر به فائدة ، وقد جرت القاعدة على أن { المعروف عرفا كالمشروط شرطا } - ومعناها أن ماجرى به العرف بين الناس لايحتاج إلى اشتراط ، لأنه معتبر، فيكون وجود العرف في البلد ، كوجود الشرط في العقد - وقد تعارف الناس على كتابة تلك القائمة ، وكتابتها لا تخالف الشرع ، بل توافقه ، فيستحب العمل بها . وهذا ما أيدته اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية فى الفتوى رقم ( 8875 ) حيث سئلت : { ما حكم الإسلام في ما يسمى ب ( القائمة ) وهي عندنا: أن تكتب في وثيقة الزواج وهي تتكون من المنقولات التي أحضرها العريس ، أو التي لم يحضرها العريس ، ويقال : إنها من المصالح المرسلة لخراب الذمم ، قياسا بوثيقة الزواج ؟ }
فأجابت : { إذا كان الأمر كما ذكر، فلا مانع من ذكرها في وثيقة الزواج ، والتوقيع من كل من الزوجين عليها حتى إذا حصل خلاف يوجب الخلع يكون ما دفعه الزوج واضحا لا لبس فيه. } أه . وكذا ما أيدته دار الإفتاء المصرية فى الفتوى رقم ( 4017 ) بتاريخ 17 / 8 / 2013 ، حيث سئلت عن حكم الشرع في قائمة العفش التي يطلق عليها قائمة المنقولات الزوجية حيث تردد أنها بدعة لا أصل لها في الإسلام وأنه يجب الإقلاع عنها ؟ فأجابت : { قرر الشرع الشريف حقوقًا للمرأة معنوية ومالية وغير ذلك وجعل لها ذمتها المالية الخاصة بها وفرض لها الصداق وهي صاحبة التصرف فيه وكذلك الميراث ولها أن تبيع وتشتري وتهب وتقبل الهبة وغير ذلك من المعاملات المالية ، قال تعالى في شأن الصداق أي المهر : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئا ً) (النساء :4) وقوله تعالى : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ) ( النساء : 24 ) .وإذا ما قامت المرأة بإعداد عش الزوجية بمقدم صداقها ، سواء أمهرها الزوج الصداق نقدًا ، أو قدمه إليها في صورة جهاز أعده لعش الزوجية فيكون هذا الجهاز قد جاء ملكًا للزوجة ملكًا تامًا بالدخول ، وتكون مالكة لنصفه بعقد النكاح إن لم يتم الدخول كما جاءت بذلك نصوص القرآن الكريم وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعادة ما يكون هذا الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوج ملكًا تامًا أو مؤجرًا له من الغير فيكون الجهاز تحت يد وقبضة الزوج ، فلما قلت الذمم ، وعدمت الضمائر ، وكثر ضياع الأزواج لحقوق أزواجهم رأى المجتمع كتابة قائمة بالمنقولات الزوجية ( قائمة العفش ) لتكون ضمانًا لحق المرأة لدى زوجها إذا ما حدث خلاف بينهما ، وتعارفت الأمة على ذلك . والعرف أحد مصادر التشريع الإسلامي ما لم يتعارض مع نص من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس لأنه لا اجتهاد مع النص ولقول الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وآله وسلم : { ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله تعالى حسن وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله تعالى قبيح } رواه أحمد - ( قال عنه الألبانى لا أصل له مرفوعا ) والقائمة ليست أمرًا قبيحا ولكنها أمر حسن فلا حرج في فعلها .والله سبحانه وتعالى أعلم } أه . فإذا لم يكتب الزوجان قائمة بمنقولات الزوجية ، فأن حق الزوجة في العفش لا يسقط لمجرد أنه لم يكتب في عقد النكاح ، فالعقد إنما هو لتوثيق الحقوق وإثباتها عند التنازع ، وليس له أثر في استحقاق حق أو إسقاطه شرعاً . الوقفة الرابعة : حكم الشبكة المقدمة للعروس :- اختلف عرف الناس فى حكم الشبكة المقدمة من الزوج لزوجته على ضربين : الأول : إعتبارها جزء من المهر ، تتم المساومة عليها ، وفى هذه الحالة تكتب بقائمة المنقولات ، كجزء من المهر . فإن فسخ الخاطب خطبته قبل العقد استردها لعدم العقد عليها ، وإن طلق الزوج زوجته قبل الدخول بها ، استرد نصفها لقوله تعالى { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ? وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى? ? وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ? .} ( البقرة 237 ) وإن طلقها بعد الدخول فلا يسترد منها شيئا ، وهى للزوجة . الثانى : إعتبارها هدية لا تتم المساومة عليها ، فتتملكها الزوجة بالهبة ، وتكتب أيضا بقائمة المنقولات . فإن فسخت الخطبة ، استردها الخاطب إن كان الفسخ بسبب المخطوبة ، وإن كان الفسخ بسببه استحقتها المخطوبة ، لقوله صلى الله عليه وسلم { لا ضرر ولا ضرار } ( رواه ابن ماجه وصححه الألبانى ) فلا يستفيد من أخطأ بخطئه ، فيجمع ضررين على الآخر – ضرر فسخ الخطبة ، وضرر أخذ الشبكة - فإن طلقها قبل الدخول أو بعده ، فلا يحل له المطالبة بها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { ليس لنا مثلُ السَّوءِ ، الَّذي يعودُ في هبتِه ، كالكلبِ يرجِعُ في قيْئِه } ( رواه البخارى ) وهذا ما أيده الشيخ عطية صقر في " فتاوى دار الإفتاء المصرية " ردا على السؤال التالي : { إذا فسخت الخطبة قبل عقد الزواج فهل للخطيب أن يطلب ما دفعه للخطيبة من شبكة وخلافها ؟ } فأجاب: الشبكة في بعض الأعراف هدية لا يساوم عليها فهي غير المهر تمامًا ، وهنا إذا فسخت الخطبة فلا حق للخاطب فيها لأن الهدية تملك بالتسليم ، وفي بعض الأعراف تكون الشبكة من ضمن المهر يساوم عليها ، فإن كانت كبيرة يخفف عن الخاطب المهر، وإن كانت صغيرة زيد في المهر، فإذا فسخت الخطبة أي قبل العقد ردت الشبكة إلى الخاطب لعدم تمام الموضوع الذي قدمت من أجله ، سواء أكان الفسخ من جهته أم من جهتها. بهذا حكمت بعض المحاكم المصرية ، وحكمت محاكم أخرى بأن الفسخ إذا كان من جهة الخاطب لا تسترد الشبكة ، ووجهة النظر أن الشبكة هدية إذا قبضت لا يجوز استردادها , فالراجع في هبته كالكلب الراجع فى قيئه كما في الحديث ، لكن إذا كان العرف يعتبرها جزءًا من المهر فتكون من حق الخاطب. } أه . الوقفة الخامسة : صورية قائمة المنقولات :- قد يضطر الزوج إلى التوقيع على قائمة منقولات الزوجية قبل شرائها لإتمام العقد ، وقد يوقع على قائمة بمبلغ أكبر من ثمن المنقولات المذكورة فيها ، وقد تذكر بالقائمة أشياء ليست موجودة فى الواقع ، فما حكم ذلك ؟ أجاب مركز الفتوى بموقع إسلام ويب على الشبكة العنكبوتية على هذا فقال : { ما يكتب في قائمة منقولات الزوجية يقصد به توثيق حقّ الزوجة في تلك المنقولات ، وما يكتب بهذه القائمة يرجع إلى ما اتفق عليه الزوج مع وليّ الزوجة بشأن الصداق وأثاث بيت الزوجية ، وهي أمور ترجع للعرف ، والعرف إذا لم يخالف الشرع لا مانع من العمل به. وعليه ؛ فالظاهر – والله أعلم - أنه لا مانع من كتابة أشياء ضمن القائمة لم يشترها الزوج ما دام راضيا بذلك ، فقد سئلت اللجنة الدائمة : ما حكم الإسلام في ما يسمى ب (القائمة) وهي عندنا : أن تكتب في وثيقة الزواج وهي تتكون من المنقولات التي أحضرها العريس أو التي لم يحضرها العريس ، ويقال : إنها من المصالح المرسلة لخراب الذمم ، قياسا بوثيقة الزواج ؟ فأجابت : { إذا كان الأمر كما ذكر، فلا مانع من ذكرها في وثيقة الزواج، والتوقيع من كل من الزوجين عليها حتى إذا حصل خلاف يوجب الخلع يكون ما دفعه الزوج واضحا لا لبس فيه. وبالله التوفيق .} أه . يتضح من ذلك أن رضا الزوج بالكتابة يجعلها جائزة ولا حرج فيها ، أما إن انتفى الرضا ، وبالرغم من ذلك وقع عليها ، فقد فرط فى حقه ، فلا يلومن إلا نفسه . الوقفة السادسة : التنازع على منقولات الزوجية :- قد تثور بعض المشكلات بين الزوجين ، فتطلب المرأة منقولات الزوجية ، أو تأخذها من منزل الزوجية ، وقد لا يحدث الوفاق بينهما ، ويعجز الحكمان عن رأب الصدع بينهما ، ويدب النزاع فتنتهى علاقتهما بالطلاق ، فما حكم منقولات الزوجية فى هاتين الحالتين ؟ الحالة الأولى : التنازع حال قيام العلاقة الزوجية :- إن نشأ النزاع بعد العقد على الزوجة وقبل الدخول بها ، فلا يجوز لها أخذ المنقولات كلها ، لاحتمال إنتهاء النزاع بالطلاق ، فلا تستحق إلا نصف المهر ومنه المنقولات . وإن نشأ بعد العقد وبعد الدخول فلها الحق فى أخذ كل مهرها معها ، ومنه المنقولات . الحالة الثانية : التنازع بعد إنتهاء العلاقة الزوجية :- وهنا نفرق بين حالتين : الأولى : الطلاق قبل الدخول بالزوجة :- إن إنتهى النزاع بالطلاق قبل الدخول ، فتستحق الزوجة نصف مهرها ، ومنه نصف منقولات الزوجية التى جاء بها الزوج – فى الحالات السابق ذكرها – وتستحق كل منقولات الزوجية التى أتت بها من مالها ، لقوله تعالى : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ? وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى? ? وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ? .} ( البقرة 237 ) الثانية : الطلاق بعد الدخول بالزوجة :- وإن انتهى النزاع بالطلاق بعد الدخول بالزوجة ، فتستحق كل مهرها ، ومنه منقولات الزوجية كاملة ، ما جاء به الزوج – فى الحالات السابق ذكرها – وما جاءت هى به من مالها أو جاء به وليها . قال الشيخ ضياء الدين فى " مختصر خليل المالكي " : { وفي متاع البيت ، فللمرأة المعتاد للنساء فقط بيمين ؛ وإلا فله بيمين } أه . وقال شارحه الخرشي : { يعني أنه إذا اختلف الزوجان في متاع البيت الكائن فيه سواء كان ذلك الاختلاف قبل البناء أو بعده ، أو كان قبل الطلاق أو بعده... ولا بينة لواحد من الزوجين ، فإنه يرجع في ذلك لما هو العرف ، فما كان يصلح للنساء فالقول قولها كالحلي بيمين ، وما كان يصلح للرجال والنساء معاً أو للرجال فقط فالقول للرجل بيمين ، لأن البيت بيته، وكلام المؤلف مقيد بما إذا لم تكن فقيرة وإلا فلا يقبل قولها إلا بمقدار صداقها ، وينبغي أيضاً أن الرجل لا يقبل منه فيما لا يشبه أنه يملكه لفقره مما هو للرجل عند التنازع.} أه . الوقفة السابعة : الإرث و منقولات الزوجية :- قد يتوفى أحد الزوجين أو كلاهما ، فما مصير منقولات الزوجية ؟ وللإجابة على هذا السؤال نوضح الآتى : أولا : فى حالة وفاة الزوج : – قبل الدخول أو بعده - فتستحق الزوجة مهرها كاملا ومنه منقولات الزوجية التى تعد من المهر ، فعَن ابنِ مسعودٍ رضى الله عنه ، أنَّهُ { سُئِلَ عن رجُلٍ تزوَّجَ امرأةً ، ولم يفرِضْ لَها صداقًا ولم يَدخُلْ بِها حتَّى ماتَ ، فقالَ ابنُ مَسعودٍ : لَها مثلُ صَداقِ نسائِها ، لا وَكْسَ ، ولا شَططَ ، وعلَيها العدَّةُ ، ولَها الميراثُ ، فقامَ مَعقلُ بنُ سنانٍ الأشجعيُّ ، فقالَ: قَضى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في بَرْوَعَ بنتِ واشقٍ امرأةٍ منَّا مثلَ ما قضَيتَ ، ففرحَ بِها ابنُ مَسعودٍ } ( رواه الترمذى وصححه الألبانى ) ثانيا : في حالة وفاة الزوجة : وبقاء الزوجية بينها وبين زوجها ، يرث زوجها نصف تركتها – ومنها منقولات الزوجية التى جاء بها ، أو جاءت هى بها - إن لم يكن لها ولد ، أو الربع إن كان لها ولد ، ويرث بقية الورثة باقى التركة بما فيها المنقولات . فإن زالت الزوجية قبل الوفاة ، بطلاق رجعى - ولم تكن في العدة – أو بطلاق بائن بينونة صغرى أو كبرى فلا يرث منها ، مالم تكن فارة من إرثه – أى طلبت الطلاق منه في مرضه الذى مات فيه لتحرمه من إرثها – فتعاقب بنقيض مقصودها ، ويرث منها . ثالثا : في حالة وفاة الإثنين : ولم يعلم أيهما مات قبل الآخر ، فلا توراث بينهما ، ويرث باقى الورثة تركتها بما فيها منقولات الزوجية . الوقفة الثامنة : المصالح والمفاسد المترتبة على تحرير قائمة المنقولات :- قد تترتب على كتابة قائمة منقولات الزوجية ، مصالح ، ومفاسد ، تختلف بحسب حال الزوجين ، وأهلهما . أولا : المصالح :- 1- حفظ حق الزوجة : وهى أكبر مصلحة محققة ومرجوة من وراء الكتابة ، فبها تحفظ الزوجة حقها ، فى حال نكول الزوج عن هذا الحق . 2- حسم لمادة النزاع : بين الزوجين لوضوح حق كلا منهما . 3- إصلاح ذات البين : فقد يجعلها الله سببا فى إصلاح ذات بين الزوجين ، فبعض الشباب قد يتسرع فى طلاق زوجته ، فتردعه القائمة - بما سيعود عليه من خسارة مادية متمثلة فيما دفعه من مهر أو ما اشتراه من منقولات الزوجية - عن طلاقها فيتريث ، فيجعل الله فى هذا التريث خيرا كثيرا ، مصداقا لقوله تعالى : { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} ( النساء : 19( ويذهب سخيمة قلبيهما ، ويؤلف بينهما ، ويجمع بينهما على خير . ثانيا : المفاسد :- اساءة إستخدامها : فبعض النسوة وبعض الأولياء لا يرقبون فى مسلم إلا ولا ذمة ، فتراهم يستخدمونها بطريقة تستهدف إذلال الزوج ، والحط منه ، وكذا بعض الأزواج يتلاعبون بها لإضاعة حقوق زوجاتهم . فننصح الزوجين بالصلح وبالعفو والصفح { والصلح خير } ( النساء 128 ) { وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ( التغابن 14 ) وبالحفاظ على حياتهما الزوجية من الانهيار، فما فرح الشيطان بشيء فرحه بهدم الحياة الزوجية ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئاً ، قال : ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ، فيدنيه منه ويقول : نعم أنت . } ( رواه مسلم . ) والله الموفق المستشار / أحمد السيد على إبراهيم ** نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والكاتب بمجلة التوحيد