كتب أمجد مصباح: عن عمر يناهز ال97 عامًا رحلت سمراء النيل وأيقونة السينما المصرية مديحة يسرى مساء الثلاثاء الماضى بعد صراع طويل مع المرض، فقدنا أكثر الفنانات عطاءً، ولما لا وقد ضربت الرقم القياسى فى التواجد على الساحة الفنية لأكثر من «75» عامًا، عاصرت العمالقة ونجوم ونجمات العصر الذهبى للسينما. منذ أوائل وأربعينيات القرن الماضى، وتعتبر الفنانة الراحلة من أكثر الفنانات المعمرات فى تاريخ السينما ولم تصل أى فنانة راحلة لهذا العمر الطويل من قبل، وكانت بالفعل حالة منفردة فى العطاء والتميز. ونحاول فى هذا التقرير رصد المشوار الفنى الطويل للفنانة الراحلة. بدأت رحلتها الفنية الطويلة بالوقوف أمام موسيقار الأجيال الراحل محمد عبدالوهاب فى فيلم ممنوع الحب 1940 حيث اكتشفها المخرج محمد كريم. وكانت بدايتها الحقيقية أمام العملاق يوسف وهبى حينما شاركته فى بطولة ثلاثة أفلام: فى بداية الاربعينيات فى «ابن الحداد» و«رجل لا ينام» و«شهر العسل» وأصبحت مديحة يسرى من نجمات السينما وقامت فى تلك الفترة ببطولة العديد من الأفلام منها: «رجل المستقبل» و«غرام بدوية» و«النائب العام» و«شهر العسل» و«أرض الليل» و«قبلة فى لبنان» و«تحيا الستات» واعتبارًا من عام 1950 أصبحت أكثر تألقًا ونضجًا، وقدمت دورًا مميزًا فى فيلم «الأفوكاتو مديحة» مع يوسف وهبى وتألقت فى أفلام «ياسمين» و«أمير الانتقام». وبعد زواجها من الموسيقار محمد فوزى قدمت معه مجموعة من أروع الأفلام الغنائية والاستعراضية وغلب على بعضها الشكل الكوميدى منها «بنات حواء» و«من أين لك هذا» و«فاطمة وماريكا وراشيل» ولا ننسى فيلم «لحن الخلود» مع فريد الأطرش 1951 و«المؤامرة» مع يحيى شاهين .كما قدمت مجموعة من الأفلام الرومانسية مع الرحل عماد حمدى :«إنى راحلة» و«حياة أو موت» و«أرض الأحلام» و«وفاء للأبد» و «قلب يحترق» و«من غير وداع» و«أقوى من الحب» و مع بداية الستينيات وكان عمرها لم يتجاوز ال40 عامًا اتجهت لأدوار مختلفة دور الأم أو المرأة الناضجة وتألقت بشدة فى تجسيد دور الأم فى فيلم «الخطايا» مع عبدالحليم حافظ وعماد حمدى عام 1962 وأيضًا فى فيلم «الساحرة الصغيرة» ودور مختلف تمامًا فى فيلم «اعتراف» مع فاتن حمامة وصلاح منصور و«سلاسل من حرير» مع عماد حمدى ومحرم فؤاد و«خطيب ماما» و«النصف الآخر» و«العريس يصل غدًا». وفى حقبة السبعينيات قدمت مجموعة من الأفلام المميزة منها «الحب المحرم» و«ليلة وذكريات» و«خائفة من شىء ما» و«خللى بالك من جيرانك» حيث جسدت أدوار الأم مع اختلاف فى كل شخصية. وفى حقبة الثمانينيات تألقت فى أفلام «لا تسألنى من أنا» مع شادية و«من يطفئ النار» مع فريد شوقى ووليد توفيق و«أيوب» مع عمر الشريف و«إنهم يسرقون عمرى» مع محمود الميلجي و«العرافة» و«الأقوياء» و«الصبر فى الملاحات» مع نبيلة عبيد وسعيد صا لح و«الخادمة» و«مع تحياتى لأستاذى العزيز». و من أبرز أفلامها في التسعينيات «الإرهابى» مع عادل إمام وصلاح ذوالفقار. وفى عالم الدراما التليفزيونية شاركت فى بطولة العديد من المسلسلات الناجحة نذكر منها دور «خديجة هانم» فى «هوانم جاردن سيتى» و«الباقى من الزمن» و«ساعة لؤلؤ وأصداف» و«الانسان والمجهول» و«صباح الورد» و«يحيا العدل» وجسدت شخصية صفية زغلول فى مسلسل «طائر فى العنق». تبقى الراحلة الكبيرة مديحة يسرى رمزًا كبيرًا فى تاريخ السينما المصرية عطاؤها الفنى تجاوز ال«75» عامًا وأعتقد أنها من الفنانات القليلات على مستوى العالم اللاتى استمر عطاؤهن لما يقارب ثمانية عقود. شاء القدر للراحلة أن تعيش وتعمل فى عصر العمالقة فى التمثيل والاخراج والغناء وكانت بحق شاهدة على هذا العصر وامتد بها العمر لتعيش فى العصر الردئ فى كافة المجالات الفنية لكنها بقيت فنانة أصيلة تنتمى لجيل لا يعوض. من أسعده الحظ بالجلوس أو التحدث معها يكتشف شخصية نادرة فى الاحترام والتقدير واحترام الآخر كانت بحق هانم. كان لديها وفاء عميق للزمن الجميل وحاولت قدر استطاعتها ان تعلم الأجيال معنى الفن الحقيقى. لم تتنازل أبدًا لتبقى دائمًا فى عيون المشاهدين فنانة محترمة بمعنى الكلمة. رحم الله سمراء النيل مديحة يسرى، أحد العناقيد الذهبية فى تاريخ السينما المصرية.