عشقها العقاد .. وسحرت الأجانب بجمالها فى مهرجان كان هو ليس احتفالا فقط بعيد ميلاد نجمة سينمائية كبيرة بل هو فى حقيقة الامر ايضا تاريخا كاملا لما يقارب قرنا من الزمان للسينما المصرية .. إنه عيد ميلاد سمراء النيل فنانة كبيرة .. مديحة يسرى التى جسدت ادوار البطولة امام معظم نجوم السينما المصرية . هي المصرية ذات الجمال الأصيل ولعل هذا هو ما أهل الفنانة مديحة يسري لاقتحام عالم الفن في أربعينيات القرن الماضي وتصنيفها وبجدارة كأجمل عشر نساء في العالم وفقاً لمجلة "التايم" الأمريكية. ولدت "مديحة يسري" واسمها الحقيقي "هنومة حبيب خليل علي" يوم 3 ديسمبر 1921م في محافظة القاهرة تلقت تعليمها فى مدرسة الفنون. جاءت النقلة الحقيقية في مشوار الفنانة "مديحة يسري" عندما شاهدها الفنان "يوسف وهبي" في إحدى البلاتوهات فاستدعاها وعرض عليها العمل معه في ثلاث أفلام وهي: "ابن الحداد" و"الفنان العظيم" و"أولادي" الأمر الذي كان بمثابة فاتحة الخير عليها والانطلاقة الكبيرة لها في سماء الفن. شاركت الفنانة المصرية مديحة يسري في مهرجان "كان" السينمائي الدولي في فرنسا عام 1952 وقد فتنت الجميع بجمالها حتى وصفتها الصحافة الفرنسية قائلة : "أهذا الجمال مصري؟". كما حرصت الفنانة الألمانية ماريا مويان التي ظهرت في فيلم "طريق القاهرة" على تبادل الحوار مع مديحة عن مصر وأثارها وكذلك بطلا الفيلم السويدي "رقصت مرة واحدة" وهما يتحدثان مع مديحة يسري عن مصر وجمال نساءها. وقد لا يعرف الكثيرون أن نفس الفتاة التي نشرت صورتها في إحدى المجلات المصرية عام 1939 كأحد الوجوه الجديدة هي ذاتها مديحة التي تعلق بها فؤاد الأديب الكبير عباس محمود العقاد منذ رؤيته للصورة فدعاها إلى حضور صالوناته الأدبية الأسبوعية وأغدق عليها بعطائه الفكري والأدبي بشكل فتح أمامها أبواب العلم والمعرف حتى أن الأديب الكبير الذي كان عازفاً عن الزواج .. وقع في حب تلك الفتاة التي لم يكن عمرها قد تجاوز العشرين بينما هو في الخمسين من عمره. سمراء النيل تعرفت بعد ذلك إلى النجم السينمائي أحمد سالم فاختطفها فوراً للعمل في السينما وتزوجها بعد ذلك وسرعان ما أصبحت نجمة مشهورة وحدث ما كان يخشاه العقاد ولكنه لم يستطع إلا أن ينجرف في حبه فلا هو قادر على أن ينساها ولا قادر على أن يتقبل وضعها الجديد ويرضى أن يكون واحداً من المعجبين. كان أول ظهور لها على شاشة السينما عام 1940م في فيلم "ممنوع الحب" مع الفنان "محمد عبد الوهاب" بعد أن اكتشف موهبتها المخرج "محمد كريم" ثم شاركت بدور صغير فى فيلم "رصاصة فى القلب" مما رشحها للقيام بدور البطولة فى فيلم "أحلام الشباب" عام 1942م. "مديحة يسري" تزوجت أيضاً من المطرب "محمد فوزي" ثم انفصلت عنه عام 1959م وذلك عقب إنجابها لابنه تدعى "وفاء" توفيت وهي صغيرة نتيجة مرض نادر وابن يدعى "عمرو" بطل مصر في الجودو ولكنه توفى في حادث سيارة عام1982م كما تزوجت من الشيخ "إبراهيم سلامة" والشيخ "سلامة راضي". ومن أبرز أعمالها: "أقوى من الحب- العرافة- من يطفئ النار- الأقوياء- أيوب- لا تسألني من أنا- الخادمة- الكف- الصبر في الملاحات- الرقص مع الشيطان-الإرهابي- ممنوع الحب".ظلت الفنانة المصرية سنوات طويلة محتفظة برونقها وجمالها مما ساعدها على الاستمرار في العمل الفني رغم تقدمها في العمر، حيث أدت أدوار الأم والمرأة الناضجة في عدد من الأعمال منها "هوانم جاردن سيتي" و"يحيا العدل" وسيت كوم "مغامرات الحياة" ولا يمكن ان ننسى أغنية "بلاش تبوسني في عينى" ذلك الوجه الصبوح بعينيه الرائعتين وبشرته السمراء الحقيقية والذي غنى له عبدالوهاب جزءا من الأغنية؟ وجه فاتنة اتت جديدة على السينما وكان عليها على رغم جمالها البديع وتعبير وجهها الرائع أن تكتفي في ذلك الحين بذلك المشهد وبأن يغني موسيقار الاجيال لعينيها لكنها منذ تلك اللحظة عرفت كيف تدخل أفئدة الناس مديحة يسرى "شخصية قوية أخلصت للسينما في غالبية أوقات حياتها ممثلة ومنتجة ومسئولة عن هوية الفيلم الذي تشارك فيه" وكذلك امرأة "وضعت حياتها العائلية غالبا في خدمة حياتها المهنية وعشقها للسينما". هى باختصار فنانة حقيقية من نوع بات اليوم نادر الوجود وسيدة لاتزال حتى اليوم لا تعرف عيشا الا أمام الكاميرا سواء أكانت كاميرا سينمائية أو تليفزيونية هي التي تقول إن لا شيء سيبعدها عن التمثيل سوى الموت.