أدت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العدائية تجاه كل من الصينوإيران إلى التقارب بين البلدين، وهو الأمر الذي ساهم في تأكيد رغبة بكين في التواجد على الساحة السياسية ومزاحمة سياسة الولاياتالمتحدة تجاه القضايا الإقليمية، بالإضافة إلى تعزيز الدور الإيراني في إطار خططها لفرض نفوذها في منطقة الشرق الأوسط. ونرصد من خلال هذا التقرير العوامل التي ساهمت في تقارب الصينوإيران، حيث يرى المراقبون أن العلاقة باتت أشبه بتحالف استراتيجي. ترامب والعدائية تجاه الصينوإيران انتقد الرئيس الأمريكي، في خطاب له في واشنطن في ال 19 من ديسمبر الماضي، كل من روسياوالصين بأنهما "قوتان منافستان تسعيان إلى تحدي النفوذ الأمريكي وأنهما أصبحا يمثلان تهديداً على مصالح الولاياتالمتحدة". ولم يكتف ترامب بهذا، بل خرق سياسة دببلوماسية تعتمدها بلاده منذ عقود في تعاملها مع تايوانوالصين بمحادثته، في اللثاني من ديسمبر 2016، هاتفيا رئيسة تايوان تساي اينج وين. كما انتقد ترامب سياسات الصين تجاه كوريا الشمالية، حيث قال في تغريدة له عبر حسابه الشخصي على تويتر: «تأخذ الصين مبالغ طائلة وتجني ثراء فاحشًا من الولاياتالمتحدة في تبادل تجاري أُحاديّ الجانب بشكل مطلق، ولكنها لا تساهم فيما يتعلق بكوريا الشمالية. جيد». وتطور الأمر إلى أن أعلن ترامب عن فرض حزمة جديدة من التعريفات الجمركية على الواردات من الصين بلغت قيمتها نحو 60 مليار دولار، وتحديد الاستثمارات فيها، وهو ما واجهته الصين بفرض 25% رسومًا جمركيّة على 105 بضائع أمريكية. بالإضافة إلى ذلك شن ترامب هجوما عنيفا على إيران بشأن الاتفاق النووي، كما وصفها بالدولة الارهابية، إلى جانب تلميحه بفرض عقوبات جديدة عليها، أو الانسحاب من الاتفاق النووي، كل هذا من أجل وضع حد للتنامي اللامعقول لإيران في منطقة بالشرق الاوسط. وتحولت تلك السياسات العدائية التي فرضها ترامب على الصينوايران إلى انعكاسات جانبية وهو ما أدى إلى توطيد العلاقات بين بكينوطهران وصل إلى حد تبادل وجهات النظر في عدد من القضايا الاقليمية، أبرزها الأزمة السورية. والوضع في شبه الجزيرة الكورية، إلى جانب تنامي العلاقات الاقتصادية بينهما. العلاقات الاقتصادية وقعت الصينوإيران أول عقد تجاري لإعادة تصميم وتجديد مفاعل آراك لإنتاج المياه الثقيلة في فيينا، أمس الأحد، فى خطوة هامة نحو تطوير المفاعل للاستفادة منه فى توليد الطاقة، وفقا لوكالة شينخوا الصينية الرسمية. ووصف المتحدث بإسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ توقيع العقد بأنه بداية هامة لتحويل مفاعل آراك النووى ليصبح قادرا على تنفيذ مهامه الجديده فى توليد الطاقة، مؤكدا حرص الجانب الصيني على مواصلة العمل مع جميع الأطراف لتنفيذ الاتفاق الشامل بشأن البرنامج النووى الايرانى وتحقيق التوافق الذي توصلت إليه جميع الأطراف منذ عامين. وأعلنت هيئة الجمارك الإيرانية أن حجم صادرات إيران من المنتجات غير النفطية بلغ خلال الأشهر التسعة الأخيرة 31.63 مليار دولار. وأفادت وكالة "مهر" للأنباء بأن إجمالي حجم الصادرت الإيرانية إلى الصين ارتفع بنسبة 12.78%، خلال الفترة ما بين مارس وديسمبر. وفي يناير الماضي، تعهدت الصين بمواصلة دورها في دعم وتنفيذ الاتفاق النووي الإيراني، وذلك على خلفية المهلة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي للاتحاد الأوروبي لإصلاح عيوب الاتفاق. وأكد رئيس غرفة التجارة الايرانيةالصينية المشتركة "اسد الله عسكر اولادي"، في الدورة الثالثة لمنتدى الفرص التجارية والاستثمارية بين ايرانوالصين والتي عقدت في يناير الماضي، أن التبادل التجاري بين البلدين لامس 40 مليار دولار في عام 2017، ومن المستهدف ترقيته ل50 مليار دولار في عام 2018. التعاون العسكري على الرغم من النفوذ السياسي والعسكري لإيران في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن طهران تعد أحد أكبر مستوردي السلاح من الصين، وهو ما انتهزته الصين لتزاحم الولاياتالمتحدة في منطقة الخليج العربي. ففي منتصف نوفمبر من عام 2016، وقع وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان مع نظيره الصيني تشانج وان تشيوان على عدة اتفاقيات للتعاون المشترك، في المجال العسكري والدفاعي ومحاربة الإرهاب. وتنص الاتفاقيات الموقعة، على تطوير التعاون الدفاعي والعسكري بين البلدين، وتبادل الخبرات في المجالات العسكرية، بما في ذلك التدريبات، ومواجهة الإرهاب، وعوامل زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. وفي اكتوبر عام 2015، وقعت شركة الدفاع الإلكتروني الإيرانية «صا إيران» عقدًا مع شركات صينية، بشأن استخدام نظام «بايدو-2» الخاص بالملاحة بالأقمار الصناعية الخاصة بها لأغراضٍ عسكرية، وبحسب مراقبون، فإن هذه الاشارات ساهمت في تحسين استخدام ايران للملاحة بالاقمار الصناعية في صواريخها وطائراتها بدون طيار. وأصدرت لجنة أبحاث الكونجرس الأمريكي تقريراً حول مصادر تسليح إيران، قالت فيه "إن إيران أصبحت سوقًا مهمّة لتصدّر الصين أسلحتها إليها. كما استفادت طهران من علاقتها العسكريّة مع بكين، خصوصًا خلال حربها مع العراق وبطريقةٍ مباشرة". وقالت تقارير صحفية إن قائد القوة البحرية الايرانية الأدميرال حبيب الله سيّاري قام بزيارة إلى الصين في اكتوبر من عام 2014 ، حيث طلب فيها ترميم أساطيل النقل البري والغواصات الخاصة بإيران وتحديثها، بالإضافة إلى رغبة بلاده في شراء مجموعةٍ كبيرة من المعدات البحرية الصينية، بما فيها الفرقاطات والغواصات والصواريخ. وتحاول إيران الاستفادة من علاقاتها مع الصين للحصول على تقنيات عسكرية متطورة، حيث حصلت على المقاتلات الصينية "تشنجدو جيه -10"، والرادارات المحمولة جواً، وذلك في إطار سعيها لتعزيز خططها في فرض سيطرتها ونفوذها العسكري على المنطقة. الاتفاق النووي كانت الصين أول الدول التي أعلنت ترحيبها بالاتفاق النووي مع ايران، الذي تم ابرامه في عام 2015، وهو الموقف الذي تناقض مع عدد من دول المنطقة. وكان الرئيس الصيني شي جين بينج أول رئيس، من بين مجموعة الدول الست، يقوم بزيارة طهران عقب الاتفاق النووي، حيث التقي خلالها بالمرشد الايراني على خامنئي أواخر يناير الماضي. وقد علّق خامنئي على الزيارة قائلا «إنّ إيران لن تنسى تعاون الصين معها خلال العقوبات الدوليّة عليها»، مضيفًا أنّ «إيران تميل دائمًا نحو الشرق، وأنّ الغرب لم يستطع يومًا كسب ثقة الشعب الإيرانيّ». أوجه التشابه في الأزمة السورية تدعم كل من الصينوايران الرئيس السوري بشار الاسد، من خلال مساندته عسكرياً وسياسياً، وهو ما يقف حائلاً أما رغبة الولاياتالمتحدة في تنحيته من رئاسة سوريا. وقد تجلّى هذا الدعم عندما استخدمت الصين حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد ثلاثة قرارات أدانت فيها نظام بشار الأسد في سوريا. وأفادت تقارير صحفية أن هناك دعم عسكري ومالي صيني كبير لمساندة بشار الاسد؛ للابقاء على النظام السوري، حيث شارك نحو 5 آلاف من مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصيني في سوريا، لاختبار تقنياته العسكرية، ودعم نظام الأسد. وما أكد صحة تلك التقارير، هو ما صرح به بشار الأسد، في حديث تلفزيوني سابق حول جهود إعمار سوريا، حيث قال "بدعم من أصدقائنا روسياوالصينوإيران وهناك العديد من البلدان الأخرى بدأت بمناقشة إعادة إعمار سوريا".