وزير الأوقاف يشهد ختام فعاليات اليوم التثقيفي للأئمة والواعظات بجامعة القاهرة    كامل الوزير: لم أشعر بالحزن بسبب انتقال زيزو من الزمالك إلى الأهلي    وزيرة البيئة: مصر تقترب من منطقة نشاط زلزالي وعلينا الاستعداد المبكر    «إير كايرو» تُدشّن أولى رحلاتها بين الغردقة وعمّان لتعزيز حركة السياحة    السفير الهندي ل«بوابة أخبار اليوم»: مصر «بيتي الثاني».. وعُدت لها بعد 30 عامًا    فصيل يسمي نفسه كتائب الشهيد محمد الضيف يتبنى هجوما صاروخيا على إسرائيل من سوريا    كومان: مونديال الأندية "سخيف" ويدمّر اللاعبين    ريبييرو: أعرف ثقافة الأهلي.. ولم أكن مجرد مدرب في أورلاندو    فيليبي ميلو: صلاح ويامال يستحقان الكرة الذهبية 2025    دون إصابات.. السيطرة على حريق توك توك داخل محطه بنزين بالفيوم    المهن التمثيلية تتهم صفحة "فيس بوك" بالنصب على شباب الفنانين مستغلة مسلسل "المداح"    الانتهاء من إقامة 3 منتجعات سياحية ورفع كفاءة كورنيش ومداخل وميادين جمصه    هبة الأباصيري تنعي سميحة أيوب : «ألف رحمة و نور عليها» |فيديو    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    قبل عيد الأضحى 2025.. هل يمكن ذبح الأضحية خلال خطبة العيد؟    محافظ الدقهلية: 1161 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية    الرعاية الصحية بأسوان تتابع سير الخدمات الطبية بمستشفى المسلة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع أداء إيجابي    أول تعليق من رئيس الأوبرا على تعيين مدير مهرجان الموسيقى العربية    حزب المؤتمر يقدم ورقة عمل لمجلس حقوق الانسان المصري حول تضمين المبادئ في برنامجه    فرص عمل للمصريين بالأردن براتب يصل إلى 350 دينار.. اعرف التفاصيل    الشيخ خالد الجندي: من يأكل أموال الناس بالباطل لا حج له    الأزهر للفتوى: الأضحية من الشاة تجزئ عن الشخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا    «القاصد» يرأس لجنة اختيار عميد كلية التربية الرياضية بجامعة المنوفية    بعد هجومه على داعمي إسرائيل.. اعتقال زوجة وأطفال محمد سليمان في أمريكا    بالصور.. رئيس جامعة سوهاج يجري جراحة معقدة استغرقت 5 ساعات    وزير الثقافة: تعليق تنفيذ قرار زيادة رسوم المصنفات الفنية والتعامل بالرسوم السابقة    أيام التشريق.. موعدها وحكم صيامها وأفضل العبادات بها    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    تشغيل عيادات التأمين الصحي بالدقهلية خلال عيد الأضحى المبارك.. تعرف على الأماكن والمواعيد    البورصة المصرية تقيد زيادة رأسمال شركة "يو للتمويل الاستهلاكي"    محافظ بني سويف يكرم الأمهات المثاليات بمسابقتي التنمية المحلية والتضامن    الخلود يقطع إعارة أليو ديانج ويعيده للأهلي قبل المونديال    وافدان جديدان يستعدان لتمثيل إنتر في كأس العالم للأندية    الجباس: الحديث عن تواجدي في بيراميدز بسبب علاقتي مع ممدوح عيد "عبث"    استشاري: الاتحاد الأوروبي بدأ التلويح للمعاملة بالمثل بعدما ضاعف ترامب الرسوم الجمركية    بيطري القليوبية: ضبط 25.5 طن لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك خلال شهر    منظمة التحرير الفلسطينية: غزة تتعرض لإبادة برعاية أمريكية وصمت دولى    المشدد 10 سنوات لعاطل لاتجاره في المخدرات بشبرا الخيمة    رئيس الهيئة الدولية للمسرح ينعى وفاة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    توجيهات مهمة من رئيس الوزراء بشأن التحركات الدبلوماسية    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    تشيلسي يفشل في الإبقاء على سانشو    أول أيام عيد الأضحى المبارك.. بدء تطبيق المحاور المرورية الجديدة بمدينة الفيوم تجريبيًا    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    محافظ المنوفية يتفقد منظومة العمل بمركز الدراسات الوطنية    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    وزير الخارجية اللبناني ونظيره الإيراني يبحثان السبيل الأمثل لتطوير العلاقات الثنائية    رسالة دكتوراه تناقش تقييم جدوى تقنية الحقن الأسمنتي كعلاج فعال لكسور هشاشة العظام    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    قبل نهائي الكأس.. أرقام الحكم محمود بسيوني مع الزمالك وبيراميدز هذا الموسم؟    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    "المطاعم السياحية": بحث ضرائب الملاهي الليلة وإطلاق شعار موحد للمنشأت    درجات الحرارة اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 فى القاهرة والمحافظات    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    مدرسة وذاكرة.. سميحة أيوب امرأة جعلت من الخشبة بيتا ومن الفن وطنا.. عشقت الفن فى عمر ال 15عاما وتلقت الدروس الأولى على يد زكى طليمات.. أعمالها المسرحية بلغت 170 عملا وانقطعت عن السينما 30 سنة    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمدى حمادة يكتب: البابا شنودة ولقاء يموج بالذكريات
نشر في الوفد يوم 28 - 03 - 2012

كان شخصية دينية وحبه متسامحة ونموذجا مشرفا للكنيسة القبطية الوطنية المصرية
هو ابن أسيوط التي انجبت جمال عبدالناصر وزامله بمدرسة حلوان ولمدة عام
لم يكن متزمتاً ولا متشدداً وكان يتذوق الشعر ويقرأ الآيات والأسفار من القرآن والإنجيل
ليلة في ضيافة "البابا" بدير الأنبا بيشوي.. كان من حضورها جلال عيسي وجمال بدوي والدكتور ميلاد حنا
لا يمكن ان تغيب عن الاذهان حالة الحزن والحداد التي عمت البلاد عقب الإعلان الرسمي عن وفاة قداسة البابا شنودة البطريرك الأعظم للكرازة المرقسية والزعيم الروحي لكل طوائف الأرثوذكس علي مستوي العالم.. هذا الرجل كان شخصية دينية وحبه ومتسامحة ولم يكن متشددا كما قد يظن البعض وممن يتعمدوا إغفال تلك الحقيقة التي لا ينكرها سوي الحاقد والجاحد، شخصية هذا القطب القبطي تملكت القلوب والأفئدة واحترمتها العقول الواعية والنابهة بل وقدرتها كل الاطياف الدينية والفكرية.. وهذه الشخصية كانت تتميز بمنطق ورجاحة العقل لصفاء ذهنه ونقاء تفكيره حتي لو تعرض لموقف كان يستعصي علي الفهم كان يذهب لخلوته في وادي النطرون وداخل صومعته في دير الأنبا بيشوي ليظل صامتاً ومتأملاً لأن الصمت ابلغ من أي كلام إلي أن يمن عليه الله بالحل المنطقي بين ثنايا عقله فيقوله وينطق به وبأسلوب راق وبليغ وتتخلل ذلك ابتسامة علي وجهه.
وهذا الرجل كان نموذجا مشرفا للكنيسة القبطية المصرية الوطنية ومنذ عهد "بولس" الرسول وكان بحق نعم من جلس علي كرسي "البابوية" ولمدة قاربت علي ال 42 عاماً أمضاها بحلوها ومرها وظروفها ووقائعها واستطاع أن يقود سفينة هدي السماحة القبطية بالتعقل والهدوء والتفكير الواعي والمنطقي لأنه كان يقدر المشاعر ولم يكن بالغريب بأنه في ذات الوقت هو الشاعر!.. أليس هو من قال جعلتك يا مصر في مهجتي.. وأهواك يا مصر عمق الهوي.. إذا غبت عنك ولو فترة.. أذوب ضينا أقاسي النوي.. إذا عطشت إلي الحب يوماً.. بحبك يا مصر قلبي ارتوي.. نوي الكل رفعك فوق جعلتك الرؤوس.. وحقا لكل امرئ ما نوي.
كان البابا شنودة تموج في اعماقه الوطنية المصرية بإحساسه الفياض بالكرم والحنان والوطنية التي لا تكذب ولا تتجمل وهو ابن أسيوط التي انجبت الزعيم الوطني الخالد جمال عبدالناصر والشيخ العلامة حسنين مخلوف، وما أروع أن تنجب هذه المحافظة زعيماً وحباً قبطياً وزعيماً ثورياً ومناضلاً بل من محاسن الأقدار أن يكون قداسة البابا شنودة زميلا ملازما لعبدالناصر ولمدة عام وعلي "تختة" واحدة بمدرسة حلوان الداخلية ووفقاً لما أعلنته مؤخراً السيدة هدي جمال عبدالناصر الذي أحسن قداسة البابا شنودة الترحيب بها في احدي المناسبات.. ومن المشاهد التي لن ينساها ابناء الشعب المصري بالطبع مشهد جنازة عبدالناصر ساعة الرحيل ومشهد وداع البابا شنودة الأخير وبعد حياة حافلة قدما فيها الراحلان الكثير ويا طالما أفاضا بالخطب التي تنبه وتغذي العقول وكانت ملهمة وليست بالمبهمة أو المبرجلة!! حل قداسة البابا شنودة التي كانت مصر في داخله لأنه وطن يسكن فيه بل وطن يسكن بداخله!
هذا الرجل كان من حظي ومنذ اكثر من 20 عاما أن سعدت بالجلوس معه ولمدة زادن عن ال 10 ساعات وداخل دير الانبا بيشوي وكنت من ضمن مجموعة محترمة من نقابة الصحفيين كان علي رأسها الراحل جلال عيسي ابن أخبار اليوم وكان وقتها الوكيل الاول لنقابة الصحفيين وكان هناك ايضا الراحل الكاتب الصحفي جمال بدوي وقت أن كان رئيساً لتحرير الوفد عقب رحيل استاذنا مصطفي شردي أول رئيس تحرير للوفد وكان يتواجد ايضا دكتور الهندسة والمفكر اليساري ميلاد حنا الذي كان يداعبه البابا شنودة بذكائه وقفشاته في جو من المحبة والمودة الخالصة وكان هناك ايضا آخرون ولم يكن عددنا يزيد عن "العشرة" في حضرة البابا شنودة جلسنا حوله وكان يتوسط دائرة الجلوس وبجوارنا الحوامل المستديرة وموضوعاً عليها أطباق مملوءة بالحلوي والبسكويت والمشروبات الباردة والساخنة.. ودار النقاش وتم استعراض الرؤي والأفكار وحتي النظريات العلمية والسياسية والاقتصادية وأحدث ما تضمه الكتب والمؤلفات.
كانت الجلسة محببة لا تثاؤب ولا ملل ومر الوقت وكأنه دقائق حتي قرب موعد بدء الغروب في استعراض مضمون الكتابات والقراءات وحتي إلقاء "النكات".
والغريب أن ثقافة البابا شنودة كانت جامعة ولو كان الامر يتعلق بالملفات والكتابات القبطية أو الهيروغليفية وبالدرجة أن البابا شنودة أشار إلي ما هو منسوج بخط قبطي جميل ومذركش وأخذ يترجم معانيه لنا لنستوعب في عقولنا ما ترمز له.. وفي جلسات قداسة البابا شنودة كنت تري ملامح وجهه الباسم والبشوش.. كانت روحه صافية ومرحه وعندما تقع عيناه عليك تشعر بالرهبة والحنو والطيبة.. لم يكن متزمتاً ولا متشدداً وكان يفخر بصداقاته مع شيوخ الأزهر ومحبته للشيخ متولي الشعراوي وكان يدلل علي صدق ما يقوله لنا بوقائع وحوادث التاريخ عبر الأزمان ولو كان الأمر يتعلق بسيرة الأنبياء والرسل والرهبان.. البابا كان يتذوق الشعر بل كان يحفظ الشعر الجاهلي والحديث منه ايضا.. وكان يلقي علينا بالشعر بتأثر بالغ ويظهر ذلك علي قسمات وجهه وطريقة الإلقاء البليغ حتي لو قرأ الآيات والأسفار من القرآن والإنجيل.
الرجل بحق كان موسوعة دينية وفكرية وأدبية وعلمية وفلسفية ولا يتردد في الإجابة عن أي سؤال أو استفسار حتي لا تحتار.. ومن أدبه أنه كان لا يقاطع أحداً في الحوار أو الحديث.. يظل صامتا ومستمعا إلي أن تنتهي ثم يبدأ في الرد بابتسامة لا تفارق وجهه ثم يضع عصاه تحت ابطه أو يستند عليها بمشهد تفكيري وتأملي وتنطلق رؤاه بسلاسة وعذوبه ما ينطق به فترتشف افكاره وتتقبلها بدون اعتراض أو امتعاض وعندما تقق النظر له تجده منشرحا ومتبسطا وبالدرجة انك تتطلع اليه من كل زوايا جلسته فيهيأ لك أنه ينظر لك تماما عندما تدقق النظر في لوحة "الموناليزا" الشهيرة التي تنظر لك من أي اتجاه قد تقف فيه أمامها!!
ما علينا.. بعد ان تنتهي هذه الجلسة الممتعة يقف البابا داعياً الحضور الي جولة حرة داخل الدير ويشاركنا المسير ويقف امام كل "ركن" شارحا ويستمر السير الي ان نصل لمساكن اقامها للرهبان من الأحباش ويستمر السير وسط الزراعات الندية حيث الثمار الطبيعية من زراعات الدير الطبيعية وتتذوق طعم ما تنتجه أرض الدير فتجدها حلوة المذاق فتطلب المزيد ولا تشبع وكأن البابا ينظر لنا ويقول هذه هي البركات ومن عند الله.
كان السير في صحبة قداسة البابا شنودة متهادي وعندما يقف كان يعلق بالكلام وفي الجولة لا تشعر بالتعب والإرهاق ثم نعود بعد ان يكون الليل قد بدأ إسدال استاره لمقر البابا ونصعد لأعلي لنجد مأدبة عامرة بما لذ وطاب وخصوصاً أطباق "صدور البط" وبكثرة وكان البابا يشاركنا الطعام وانتهزتها فرصة لكي التقط صورة وبأدب جاءني شخص فاضل وأبلغني بأن البابا لا يحب التصوير أثناء تناول الطعام فنظرت له ووجدت منه ابتسامة حانية.
وأذكر أن الراحل الأستاذ جمال بدوي سطر صفحة يومياته في العدد الأسبوعي لجريدة الوفد في نهاية الثمانينيات عن هذا اللقاء ونشر مع اليوميات صورة صحفية كبيرة لقداسة البابا شنودة وهو مستنداً علي عصاه بالقرب من حافة ترعة المياه التي تروي أرض الدير "الآن".
رحم الله قداسة البابا شنودة الذي كان نموذجاً لرجل الدين المصري الأصيل وكان المتسامح "النبيل" ولذلك بكيناه وودعناه إلي مثواه وهذه مشيئة الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.