تحولت وادي النطرون إلي سرادق كبير.. الجميع جاء من كل حدب وصوب.. أقباطاً ومسلمين ليكونوا في استقبال جثمان البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. حيث يواري جسده بالمقبرة التي تم إعدادها له خصيصا بدير الأنبا بيشوي تنفيذا لوصيته. انتقلت "المساء" إلي وادي النطرون حيث شاهدت الاستعدادات واللمسات الأخيرة استعدادا لاستقبال جثمان البابا شنودة الثالث فالطريق المؤدي لدير الأنبا بيشوي من طريق الاسكندريةالقاهرة الصحراوي تم استبدال جميع اللمبات الكهربائية التالفة علي أعمدته حيث تم تركيب 150 كشافا كهربائيا جديدا لإضاءة الطريق وتمت تسوية الطريق وزيادة العلامات واللوحات الارشادية لتكون هادية للقادمين للدير ومع اقترابنا من الدير شاهدنا شركة محمول تقوم بتنفيذ محطة تقوية أمام الدير لخدمة الأعداد الغفيرة التي ستشارك في دفن جثمان البابا شنودة من الداخل والخارج. وبدخولنا لدير الأنبا بيشوي وجدنا جميع الآباء والقساوسة والرهبان يتابعون علي قدم وساق اللمسات الأخيرة للمقبرة التي ستضم جثمان البابا شنودة والتي تم تشييدها داخل كنيسة أثرية صغيرة بالدير وتمت تغطيتها من الداخل بالرخام الأبيض. واستمر العمل بالمقبرة حتي ساعة متأخرة من الليلة الماضية. تنفرد "المساء" بماجاء علي اللوحة التذكارية التي سيتم وضعها علي جدار المقبرة وهي عبارة عن قطعة كبيرة من الرخام الأبيض وحروف الكتابة عليها باللون الأسود وكتب عليها نصا: "صاحب القداسة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية 117. معلم الأجيال وراعي الرعاة وقديس عصرنا.. ارتقي كرسي مارمرقص الرسول في 4 هاتور 1688 للشهداء الأبرار الموافق 14 نوفمبر 1971 ميلادية واستراح في الرب يوم السبت 8 برمهات 1728 للشهداء الموافق 17 مارس 2012 ويرقد حسب وصيته في هذا المكان". يقول القمص روماديوس أمين دير الأنبا بيشوي إن ارتباط البابا شنودة الثالث بالدير يعود لتواجده بالدير يوم صدور القرعة الهيكلية واختياره لأن يكون بابا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وكان قداسته متواجدا بالكنيسة الأثرية التي تضم جسد القديس العظيم الأنبا بيشوي وكان يصلي وبعد الانتهاء من صلاته جاءته رسالة بأنه صار البابا المختار من الله ومن مذبحة المقدس ليكون بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وازداد ارتباطه بالدير منذ ذلك اليوم صار هناك عمرانا رهبانيا وعمرانيا في الدير وازداد عدد الآباء لكثرة محبتهم في قداسته وارتباطهم بتعاليمه الرهبانية وأصبح له خلوة أسبوعية بالدير لا يمنعه عنها إلا سفره خارج البلاد وكانت آخر خلوة للبابا شنودة راعي الوحدة الوطنية بالدير في يناير 2011 ولم يتمكن من مواصلة خلوته بسبب المرض. أما القمص تادرس الأنبا بيشوي فيقول إن الفترة من 5 سبتمبر 1981 حتي 5 يناير 1985 وهي الفترة التي أصدر فيها الرئيس الراحل أنور السادات قرارا بعزل قداسة البابا شنودة الثالث كانت هذه الفترة ذهبية بكل المقاييس علي الآباء الذين تمتعوا بالعشرة مع قداسة البابا شنودة أثناء تواجده بدير الأنبا بيشوي طوال هذه الفترة وتعلموا منه الرهبنة الحقيقية من تواضع ووداعة وطول آناء واحتمال وصبر علي الشدائد. مشيرا إلي ان البابا شنودة الثالث كان يقول للآباء اشكروا ربنا لأني عدت دفعة أخري إلي الفردوس في إشارة منه إلي أن قرار عزل السادات له قد دفعه للفردوس. أما الدكتور يسري نصيف حنا فيقول فقدنا رمزا من الرموز الوطنية المخلصة والمحبة لوطنها. مؤكدا ان قداسة البابا شنودة الثالث كان ابا رحيما بالجميع وظل طوال حياته يرسي دعائم المحبة والتسامح بين الجميع.