كتبت سحر ضياء الدين ومحمود فايد: استنكرت وزارة الخارجية الادعاءات الواهية الواردة فى تقرير المفوض السامى لشئون حقوق الإنسان زيد بن رعد بشأن مصر أمام مجلس حقوق الإنسان فى جنيف، وما تضمنته من سرد لوقائع مختلقة ومغلوطة تعكس تجاهلاً شديداً لحجم ما تحقق على صعيد تعزيز حقوق الإنسان فى مصر. وأبدى البيان الاستغراب الشديد من الزج بالانتخابات الرئاسية المقبلة فى تقرير المفوض السامي، استنادا إلى معلومات يعترف المفوض السامى نفسه بأنها «مزعومة»، معربا عن استنكار مصر من محاولة النيل من مصداقية ونزاهة الانتخابات الرئاسية القادمة دون دليل أو معلومات موثقة، متسائلا عن مدى مسئولية الدولة عن انسحاب مرشحين محتملين طواعية أو لعدم قدرتهم على استكمال أوراق الترشح، مؤكدا أن ما يتم اتخاذه من إجراءات قانونية ضد أى فرد استند إلى مخالفات قانونية تم اقترافها، وتم التعامل معها وفقا لإجراءات قانونية سليمة وفى إطار من الشفافية والوضوح. وأكد بيان وزارة الخارجية، أنه من المؤسف اعتماد المفوض السامى على تقارير مرسلة ومسيّسة تصل إلى مكتبه، دون أن يتكلف عناء التحقق منها أو من مصادرها. كما أنه من غير المقبول الدعم المبطن فى تصريحات بن رعد لجماعة إرهابية ارتأى المفوض السامى أن ينبرى فى الدفاع عن أعضائها أو المتعاطفين معها بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان، فضلا عن استمرار الاتهامات المغلوطة بشأن وضعية المنظمات غير الحكومية والإعلام، رغم ما تتمتع به مؤسسات المجتمع المدنى من دور ووضعية كشريك أساسى فى عملية التحول والتطوير التى تشهدها مصر. ودعت وزارة الخارجية المفوض السامى لشئون حقوق الإنسان إلى الكف عن مهاجمة الدولة المصرية دون وجه حق، وأن يعتمد بدلا من ذلك نهجاً يقوم على المهنية والموضوعية، والالتفات إلى حجم التقدم المحرز على صعيد التحول الديمقراطي، وإلى حرص الدولة المصرية على إرساء قاعدة حقوقية واسعة وفقا للدستور واستناداً لقناعة راسخة بأهمية الارتقاء بمفاهيم وقيم حقوق الإنسان. وردت الحكومة بشكل حاسم على الافتراءات التى تروج ضدها خلال السنوات الماضية، بشأن أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، والتى تظهر من خلال المنظمات المشبوهة، وذلك بتقرير رسمي، أمس الخميس إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف، قدمه المستشار عمر مروان، وزير شئون مجلس النواب، ورئيس اللجنة الوطنية المعنية بآلية المراجعة الدورية أمام مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة. وأكد التقرير أن مصر خضعت لعملية المراجعة الدورية الثانية خلال الدورة العشرين لمجلس حقوق الإنسان عام 2014، تلقت خلالها (300) توصية، قبلت منها (223) بشكل كلي، و(24) توصية بشكل جزئي، بنسبة 82.4% من إجمالى التوصيات التى تلقتها، وفى إطار الحرص على التعاون الفعال مع آليات الأممالمتحدة المعنية بحقوق الإنسان، فقد رؤى تقديم تقرير جمهورية مصر العربية لنصف المدة (الطوعي) لبيان ما تم إنجازه بالفعل بعد مرور نصف المدة المقررة قبل تقديم تقرير المراجعة الدورية الثالثة عام 2019، وخرج هذا التقرير بعد عملية تشاورية شاملة ضمت كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية وممثلى المجتمع المدني، وذلك للتأكيد على جدية مصر فى تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وقال تقرير الرد إنه فى مجال حرص الدولة المصرية على احترام التزاماتها الواردة فى الصكوك والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، فقد عنى الدستور بالنص على التزام الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية التى تصدق عليها، ومنحها قوة القانون، كما نص على قيام النظام السياسى للدولة على احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وأشار التقرير إلى استكمال الاستحقاق الأخير لخريطة الطريق السياسية فى نهاية عام 2015 بإجراء انتخابات حرة ونزيهة لمجلس النواب تابعتها العديد من المنظمات غير الحكومية والدولية والسفارات الأجنبية. وقد قام كل من المجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجلس القومى للمرأة، ولجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب خلال السنوات الماضية بالعديد من الزيارات للسجون وأقسام الشرطة، ونشروا تقاريرهم عن هذه الزيارات. وإعمالاً للاختصاص الدستورى المقرر لرئيس الجمهورية، فقد أصدر خلال الفترة من عام 2014 حتى منتصف عام 2017 عدد 23 قراراً بالعفو عن العقوبة استفاد منها 1072 محكوماً عليه. وانطلاقاً من التزام الدولة وفقاً لأحكام الدستور بتحقيق العدالة الاجتماعية، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، فقد تم تنفيذ حزمة من المشروعات والبرامج. وحرصاً من الدولة المصرية على ضمان توفير الفرص اللازمة لدعم وتطوير أوضاع المرأة داخل المجتمع، وتعزيز أدوارها القيادية، فقد اتخذت حزمة من الإجراءات التشريعية والتنفيذية. وتأكيداً على ما توليه مصر من اهتمام بحقوق الأطفال، فقد تم اتخاذ العديد من الإجراءات التشريعية والتنفيذية، منها إطلاق استراتيجية وطنية للطفولة والأمومة حتى عام 2023 بالمشاركة بين الحكومة والمجلس القومى للطفولة والأمومة والجمعيات الأهلية، وسحب تحفظ جمهورية مصر العربية على المادة 21/2 من الميثاق الأفريقى لحقوق الطفل ورفاهيته بشأن حظر الزواج تحت سن 18 سنة. وقال بيان الرد: تضمن الدستور المصرى النص على التزام الدولة بضمان حقوقهم صحياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وترفيهياً ورياضياً وتعليمياً، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، مع إلزامها باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز ضدهم، فضلاً عن منح المجلس القومى لذوى الإعاقة الاستقلال الفنى والمالى والإداري، مع كفالة حقه فى إبلاغ السلطات العامة عن أى انتهاك يتعلق بمجال عمله. ونفاذاً للالتزام الدستورى فقد تضافرت كافة الجهود الحكومية والمجتمعية المبذولة فى مجال دعم وحماية الأشخاص ذوى الإعاقة. وأولى دستور2014 رعاية خاصة للشباب، وكفل اكتشاف مواهبهم، وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية، وتشجيعهم على العمل الجماعى والتطوعي، وتمكينهم من المشاركة فى الحياة العامة، مع تخصيص نسبة 25% من مقاعد المجالس المحلية لهم، وفى هذا الإطار تم اتخاذ عدد من الإجراءات. وأفرد دستور 2014 لأول مرة فصلاً مستقلاً للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، وألزم الدولة بمكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ونفاذاً لذلك تم اتخاذ عدد من الإجراءات الصارمة وتعديل بعض القوانين. وفى إطار حرص الدولة على تمتع المصريين بالخارج بحقوقهم السياسية، فقد صدر قانون مجلس النواب متضمناً النص على وجوب أن يكون للمصريين بالخارج عدد من المرشحين فى القوائم الانتخابية، وقد أسفرت انتخابات مجلس النواب الأخيرة عن انتخاب ثمانية أعضاء من المصريين بالخارج. وحرصاً على رعاية مصالح المغتربين بالخارج، فقد أنشئت وزارة خاصة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج، والتى قامت بدور هام فى دعم حقوق المصريين فى الخارج. وفى مجال رعاية اللاجئين المتواجدين فى مصر، فتحرص الدولة على مواصلة التعاون مع المفوضية العليا لشئون اللاجئين، وذلك من خلال دعم وتيسير عمل مكتبها فى القاهرة، حيث تستضيف مصر عدة ملايين من اللاجئين، تكفل لهم حرية السكن والانتقال والعمل، فضلاً عن حصولهم على كافة الخدمات التى يتمتع بها المواطن المصري. ونظراً لتفاقم الأخطار الناتجة عن هذه الظاهرة عالمياً، واتساقاً مع التزامات مصر الواردة فى اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية والبروتوكول المكمل لها، فقد صدر فى عام 2016 قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، متضمناً النص على تجريم كافة صور هذه الجريمة، فضلاً عن إلزام الدولة بتوفير التدابير المناسبة لحماية المهاجرين المهربين، وإقرار حقهم فى العودة الطوعية إلى بلادهم. وقد أسفرت هذه الجهود بالحد بشكل كبير من الهجرة غير الشرعية عبر الحدود المصرية. وإدراكاً من الدولة بخطورة جريمة الاتجار بالبشر لكونها ممارسة إجرامية تتنافى مع القيم الإنسانية المستقرة، فقد قامت باتخاذ العديد من الإجراءات الجادة لمكافحة هذه الجريمة، والتى كان من أهمها:- - إنشاء اللجنة الوطنية لمنع ومكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار فى البشر. - اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر. - إنشاء دوائر جنائية متخصصة للنظر فى تلك الجرائم. - الانتهاء من توقيع بروتوكول تعاون مع المجلس القومى للطفولة والأمومة لتوفير مقر آمن للفتيات والنساء ضحايا الإتجار بالبشر. وإيماناً من الدولة بأهمية مكافحة الإرهاب والتصدى لخطاب التطرف، وذلك دون الإخلال بالضمانات التى تكفل المحاكمة المنصفة وحماية واحترام حقوق الإنسان، فقد صدر قانون مكافحة الإرهاب وقانون الكيانات الإرهابية بتنظيم الأحكام والقواعد المتعلقة بالتجريم والعقاب فى مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، استهداءً بما أفرزته التجارب الدولية والإقليمية فى هذا المجال. وتجدر الإشارة إلى ترؤس مصر اللجنة المعنية بقضايا الإرهاب داخل مجلس الأمن خلال فترة عضويتها بالمجلس (2016-2017)، كما تتقدم مصر بشكل دورى فى مجلس حقوق الإنسان بقرار حول أثر الإرهاب على التمتع بجميع حقوق الإنسان. وحرصاً من الدولة على التعاون الفعال مع آليات الأممالمتحدة المختلفة المعنية بحقوق الإنسان، والالتزام بالوفاء بالتزاماتها التعاهدية، فقد تم إنشاء لجنة وطنية لإعداد تقرير مصر لآلية المراجعة الدورية الشاملة أمام مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، واقتراح السياسات والتدابير اللازمة لتنفيذ توصيات آلية المراجعة الدورية، وذلك بالتوازى مع تشكيل لجنة حكومية أخرى، تتولى الرد على الشكاوى الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومختلف المراسلات والاستفسارات التى ترد إليها من الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، وإعداد التقارير الدورية لمصر أمام اللجان التعاهدية لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية، فضلاً عن توجيه الدعوة إلى 6 من أصحاب الولايات الخاصة لزيارة مصر فى الفترة المقبلة. وتتويجاً لجهود الدولة فى مجال دعم وتعزيز حقوق الإنسان فقد وافق مجلس الوزراء المصرى فى نوفمبر عام 2017 على رؤية وطنية شاملة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان. وفى ختام التقرير أكد أنه يتضح من العرض المتقدم الخطوات السريعة والمتواصلة التى تتخذها مصر على طريق كفالة وتعزيز حقوق الإنسان لمواطنيها، وهى وإن لم تصل إلى حد الكمال، فإنها على الطريق الصحيح له، حيث تسعى مصر جاهدة إلى تنفيذ التزاماتها الدولية فى مجال حقوق الإنسان رغم كل ما تعانيه من تحديات اقتصادية وعمليات إرهابية تهدف إلى تفكيك الدولة وتقسيم شعبها وعرقلة جهودها المبذولة فى سبيل تحقيق التنمية الشاملة فى كافة مناحى الحياة. وختاماً، فإن مصر تقدمت بتقرير نصف المدة (الطوعي) لتؤكد حرصها على الوفاء بالتزاماتها الدولية، ومحاربة الإرهاب ومضيها قدماً فى اتجاه تحقيق طموحات شعبها نحو إقامة نظام ديمقراطى يدعم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ويتطلع إلى المزيد من التقدم والتنمية.