أكتب هذه السطور وأنا أشعر بالوحدة في عالم غلبت عليه المادة، يشعرنا جميعاً بالقسوة في كل مناحي الحياة التي لم يعد فيها مكان للقلوب، التي تنبض بالحياة والحب والعطف والتسامح والإخاء والإيثار والصبر والتحمل، كل هذه الصفات أودعها الله في قلوب البشر، صفات فطرية قبل أن تتلوث بالكراهية والقسوة والعناد والأنانية والاستعجال والضجر، لماذا كل هذه الأمراض التي أصابت بني البشر؟.. لأنهم جميعاً يبحثون عن السعادة ولكن هيهات. هل وجدتم السعادة في الكراهية أم في القسوة أم في العناد؟.. هل وجدتموها في الأنانية أم الاستعجال أم الضجر؟.. كلا والله، فكل هؤلاء من سبل الشقاء وليس السعادة، بني وطني، السعادة الحقيقية، فالصدقات ليست فقط أن تعطي مالاً ولكن مساعدة الناس في كل ما يحتاجونه لتدبير شئون حياهم يعد صدقة، حتي إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «تبسمك في وجه أخيك صدقة»، وهذا أقل شيء يمكن أن يبذله الإنسان لأخيه الإنسان، فما بالك بما هو أعلي من هذا بأن تعطي المحتاجين وترشد الحائرين وتعلم من يجهلون وتواسي أصحاب الأحزان والهموم، فالكلمة الطيبة صدقة، يقول تعالي في كتابه العزيز: «ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها» صدق الله العظيم. فالكلمة أمانة فما بالنا نتكلم كثيراً ونملأ الدنيا صراخاً وعويلاً ولا نري أثراً لهذه الكلمات في بناء حياتنا وتوجيه أجيالنا وتصحيح مسارنا، الإجابة واضحة جلية لأن الكل يكذب من أجل منافعه الدنيوية التي سوف تزول عنه حتماً بعد وقت ليس بطويل، فرفقاً بأنفسنا وأولادنا وبناتنا الذين فقدوا البوصلة والقدوة معاً، إذا كنا جميعاً نبحث عن السعادة فليكن العطاء بمعناة الشامل هو السبيل إليها، حاول أن تتجرد من أطماعك والق بها في أقرب سلة مهملات وجرب العطاء لأهل بيتك وجيرانك وأقاربك وأهل وطنك واجعل هذا كله خالصاً لله بقلب يملؤه الحب والبذل والعطاء وسوف تري السعادة تحيط بك في الدنيا والآخرة.. ولنا في الحديث بقية إن كان هناك أجل. --------- عماد الدين الأسود