هل الديمقراطية مجرد مبادئ ومقولات وقيم أم هى حالة من التحضر السياسى ؟؟ هل هى قواعد وقوالب جامدة أم أفكار مرنة قابلة للتطور؟؟ .. الأسئلة تقليدية ومتاحة منذ عرف العالم كلمة "ديمقراطية" حتى مات فى سبيلها ملايين وأهرقت من أجلها شلالات دم . الكتاب الجديد للدكتور عادل مصطفى الصادر عن دار "رؤية" للنشر تحت عنوان "فقه الديمقراطية" يحاول أن يتتبع تطور فكر الديمقراطية عبر العصور ومدى تحولاتها من مجتمع لآخر، فهو يرى بوضوح أن الديمقراطية مناخ، وفى تصوره أيضا أن الحرية التى يتيحها المناخ الديمقراطى ليست ترفاً أو رفاهة وزيادة فضل، لأنك عندما تسلب الإنسان حريته فأنت لا تسلبه شيئا يمكن أن يعيش بدونه وإنما تسلبه ماهيته التى بها يكون بشرا . ويوثق الكاتب لفقه الديمقراطية من خلال كتابات ثلاثة من أهم المفكرين السياسيين فى التاريخ الحديث وهم "جون ستيوارت مل، وكارل بوبر، وتشارلز فرانكل"، ويستعرض الكتاب تطورات الفكر السياسى بين موجات الاحتفاء بالليبرالية والاشتراكية خالصا الى أن الحرية أهم وأعظم من المساواة . وينقل الكتاب أن السائد حتى القرن التاسع عشر الميلادى هو أن التطور العلمى والعقلى يتطلب حكومة مركزية مسيطرة تنظم وتوجه كل شىء فى المجتمع حتى ظهر كارل بوبر فأثبت أن ذلك التصور مغلوط، لأن التقدم العلمى هو الذى يعتمد على الديمقراطية، ذلك لأن العلم يحتاج الى التنافس وطرح المزيد من الفرضيات، فضلا عن الدقة المتزايدة فى الاختبارات . ويناقش الكتاب بتفصيل مقولة "سيجموند فرويد" الشهيرة "أغلب الناس لا يريدون الحرية" وهى مقولة واردة فى كتابه "مساوئ الحضارة" وتفصيلها أن الحرية دائما تقتضى المسئولية، وأن أغلب الناس يخشون المسئولية . وفى المجمل فإن كتابات الفلاسفة والمفكرين انتهت الى أن الديمقراطية ليست بابًا ولكنها طريق بمعنى أنها ليست مفتاحا سحريا يحل جميع المشكلات أو حجابا موصوفا يحفظه حامله من العين أو باب مغارة أسطورية يفضى الى الكنز فى لحظة فارقة تفصل بين الشقاء والنعيم. ويقع الكتاب فى 170 صفحة من القطع الصغير وقد قام بتصميم الغلاف الفنان الشهير حسين جبيل .