لوحظ في الفترة الأخيرة كثرة حالات انتحار الأطفال والمراهقين بسبب طلاق والديهما، حيث يقع الأطفال ضحية لفخ الانفصال الأسرى، والهروب منه بالانتحار، وسط ذهول من الأسرة التي لم تتعامل بحرص مع أولادها في تلك الأمور، لغفلة منهم، حيث لم تكن تتخيل أن يقدم صغيرها على مثل هذا الفعل في يوم من الأيام. "بوابة الوفد" التقت خبراء نفسيين وعلم اجتماع لمعرفة أسباب وجود تلك الحوادث وكيفية تفادي الأسرة منها. يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن اتفاق الزوجين على الطلاق بكل هدوء أمر مهم جدًا، وفي مصلحة الأبناء، بالإضافة إلى عدم كره الآباء لبعض ينعكس بالإيجاب على نفسية الأبناء، وبالتالي لا يقبلون على الانتحار، طالما المناخ الأسري مليء بالتفاهم والود حتى بعد الانفصال. وأكد "فرويز"، أن وجود التفاهم والحوار بين الآباء والأبناء يساعد كثيرًا في حل الأزمة، موضحًا أن علاقتهم الطيبة أثناء الطلاق وبعده، سوف تساعد الأبناء في الإمضاء بحياتهم في سلام، فالقضية كلها تقع على عاتق الأبوان وتصرفهم في الأمر. وحذر استشاري الطب النفسي، الآباء في التكلم بطريقة سيئة أمام أولادهم، حتى لا يخسروهم في النهاية، لافتًا إلى أن أفعالهم الخاطئة أمام أبنائهم هي سبب المشكلة ليس إلا. وأضافت منى شطا، استشاري الطب النفسي للأطفال، أنه يجب خلق حوار مفتوح بين الأسرة الواحدة، فالتحدث مع أفراد الأسرة في حل المشكلات يساعد على التفاهم فيما بينهم، مشيره إلى أنه يجب اتخاذ القرارات الهامة بوجود جميع أفراد الأسرة ولا تكون قرارات فردية؛ لأن ذلك سيساعد الطفل على تقبل أي قرارا يتخذ. ونصحت "شطا"، الآباء بتمهيد هذه الخطوة تدريجياً، من خلال التحجج بتغيب الأب عن المنزل بسبب ظروف خاصة بالعمل، حتى يعتاد الطفل على عدم إقامة الأب معه إقامة دائمة، فوجوده الدائم في المنزل ثم الانقطاع فجأة يؤثر بالسلب على نفسيتهم، مطالبة الآباء التمهل في خطوة الطلاق حتى يتم تجهيز الأولاد نفسياً. وحذرت استشاري الطب النفسي، من نشوب الخلافات داخل المنزل وأمام الأبناء؛ لأن هذا الخلاف سوف يخلق جو من الكراهية داخل الأسرة وبالتالي إحساس الأطفال بعدم الأمان، وهو الذي يؤدى إلى الانتحار، وليس الطلاق هو السبب في تفاقم تلك الأزمة. ونوه دكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن ليس كل طفل يعي معنى كلمة الطلاق، فالسن له دور كبير في الإدراك، موضحاً أن الطفل الذي يقل عمره عن 10 سنوات لا يعرف معنى الطلاق، ولكنه يلمس غياب الأب عن المنزل، وبالتالي يؤثر عليه بالسلب، خاصةً في حال كان متعلق بأبيه، فإن حزنه يدفعه للتخلص من حياته. وتابع صادق، أن دور الآباء هنا الرعاية واحتضان الطفل وعدم السماح بدخول مشاكل الوالدين في علاقتهم بالأطفال، مضيفاً: أما الطفل الأكبر من 10 سنوات قد يدرك معنى الطلاق، إلا أن تصرف الآباء بالخطأ هو من يسبب كارثة الانتحار. وطالب صادق، الأب بمفاجأة أبناءه بقدومه مثلاً لمدرستهم واصطحابهم إلى المنزل، أو لقضاء بعض الوقت معاً، وأيضا مفاجأته لهم بزيارته لهم في "النادي"، فلابد من استغلال كل الفرص لقضاء الوقت معهم، وكسر روتين الزيارات الأسبوعية، التي لها تأثير سلبي على نفسية الابن، كما أن على الأم أن تساعده في ذلك ولا تعقد الأمور.