260 حالة طلاق يوميا.. إحصائية أعلنها تقرير صادر عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أي 1.5 مليون حالة طلاق منذ بداية 2017، معظمها نتيجة عجز الزوج عن الوفاء بالمتطلبات المالية للأسرة، الأمر الذي أثار مخاوف الخبراء والمتخصصين في علم الاجتماع والنفس، على استقرار المجتمع. وأوضح التقرير أن ارتفاع الأسعار خلال الفترة الأخيرة، تسبب فى انتشار ظاهرة الطلاق، وفى بعض الحالات كان الزوج مضطرا إلى الهروب وترك الأسرة، أو أن ترجع الزوجة إلى بيت أهلها، وتختار الطلاق كحل للتخلص من النزاعات المستمرة لعجز الزوج عن الإنفاق على زوجته وأولاده بسبب غلاء الأسعار. وقالت رباب عبده، مسؤول ملف المرأة بالجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، إن الإحصائية صادمة وتدق جرس الإنذار في وجه المجتمع ليتحرك سريعا قبل السقوط في دائرة المشكلات الاجتماعية شديدة الخطورة على استقراره وأمانه، موضحة أن الطلاق ليس كلمة تخرج وينتهي الأمر، بل قرار يدفع ثمنه كل الأطراف، خاصة الأطفال، حيث تزداد فرص تسربهم من التعليم، وصولا إلى هروبهم للشارع، ومن ثم التعرض لمخاطر تعاطي المخدرات والسرقة أو الاستغلال الجنسي. وأضافت عبده ل"البديل" أن غياب الوعي لدى الزوجين والأسر بطبيعة الزواج والحياة الجديدة، تجعلهم يركزون فقط على الجانب المادي من النيش والأثاث والمطبخ ونوع السجاد، وتجاهل التوافق العقلي والوجداني والثقافي بين الطرفين، ومن ثم تفشل الزيجات لأن أغلبها مبنية على قشور مادية وليس تكوين أسرة حقيقية، محذرة من جريمة الزواج المبكر للأطفال، خاصة أن الأم أو الأب الحاضنين يلجأون إلى تزويج الفتيات في سن مبكرة للتخلص من أعبائهن الاقتصادية، ما يعتبر جريمة متكاملة تتعرض فيها البنت للعنف الجسدي والنفسي وضياع حقها في الرعاية لطفولتها. وأكدت أن المرأة تدفع الثمن مضاعفا بعد الطلاق، خاصة في حالات الطلاق الشفوى غير الموثق، حيث يلجأ إليه الزوج عمدا للهروب من التزامات النفقة وحضانة السكن والطفل، ومن ثم ارتفاع نسب النساء المعيلات، موضحة أن الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث، كشفت في دراسة، أن عام 2017 ارتفعت فيه نسب النساء المعيلات من 35% إلى 45%، وأغلبهن مطلقات، مطالبة بضرورة عقد دورات تأهيلية للشباب قبل الزواج. وأوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن الإحصائية تعكس حالة الانهيار الذي وصل إليه المجتمع، ما يترتب عليه كوارث متعددة؛ منها تشرد الأطفال واستغلالهم في أعمال إجرامية؛ أي يخسر المجتمع طاقة البناءة، مضيفا أن الفقر والحالة الاقتصادية الصعبة ليستا سببا رئيسيا في ارتفاع معدلات الطلاق، لكنهما عوامل مؤثرة بجوار انهيار القيم والعادات وعدم إدراك أهمية الزواج وتكوين الأسرة. وتابع فرويز ل"البديل"، أن الطلاق ينتشر كلما زاد الفقر وزاد الثراء أيضا، فكلاهما لا يدرك أهمية الحفاظ على الأسرة والأبناء، لكن الطبقة المتوسطة التى انكمشت بسبب الأعباء الاقتصادية، الوحيدة التي تنخفض لديها حالات الطلاق، مطالبا الإعلام بتحمل مسؤولياته تجاه المجتمع ومحاربة الأفكار الهدامة التي لا تعزز بناء الأسر، والنهوض بالثقافة المنحدرة، وإعادة أخلاقيات المجتمع الأصيلة من خلال وجبات إعلامية ممنهجة مرئية ومسموعة ومقروءة، تحذر من مخاطر الطلاق والتفكك الأسري، وأيضا العنف الذي يتعرض له الأطفال بعد الانفصال وغيرها من المشكلات.