العلاقة الزوجية اليوم كعقد حباته فرطت من كثرة أعباء الحياة وعدم الترابط والتقارب والنقاش، فبات الطلاق أسهل كلمة تنطق في بيت صغير مكون من أب وأم وأولاد، ليصبح الأطفال فريسة للطلاق، وآبائهم صيادين، وضعوا فرائسهم في ثلاجات الموتى وأغلقوا عليهم دون شعور، وفي نهاية الأمر أنتجوا جيل مشوه نفسياً. ومن هذا المنطلق، أكد أساتذة علم النفس في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، أن الطلاق يؤثر ثأثيراً سلبياً على الأطفال، وخاصةً إذا كان لديهم أمراض كامنة داخلهم، ففي حالة طلاق الزوجين تظهر تلك الأمراض على هيئة أعراض عصبية، يمكنها أن تتحول بعد ذلك إلى إنتكاسات، تؤدي إلى خلق جيل مشوه نفسياً. في هذا السياق أشار الدكتور أحمد هارون، مستشار العلاج النفسي وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية، إلى أن أغلب المشكلات التي يقع فيها الأطفال يكون سببها الآباء، وخاصةً مشكلة الطلاق. وأوضح هارون، أن هناك 5 أنواع من الطلاق، ولكن كل منهم يؤثر على نفسية الطفل تأثير سلبي، عن طريق 3 مشاكل يقحم الأباء أطفالهم فيها، وهم: الإحتياج النفسي والتقويم وفقدان القيمة. ولفت هارون، إلى أن الأطفال وخاصةً تحت سن 6سنوات يحتاجون إلى تربية مشتركة من الوالدين ولكن في حالة الطلاق لا يحدث ذلك، كما أن الآباء في حالة الطلاق يستخدمون الطفل وليسوا يقوموه، فضلاً عن أنه ينمو في ظل فقدانه قيمة الأمان عند الأب والحنان عند الأم، لذا يظل طوال عمره يبحث عن الأمان والحنان حتى في ظل علاقات غير شرعية، ناهيك عن أنه يتحول إلى شخص لديه قابلية للإستهواء شديدة جداً. وأوضح الدكتور جمال فرويز، إستشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية، أن الطفل كائن حساس ويتأثر بكل العوامل الخارجية، لذا يتأثر بحالات الطلاق التي تحدث بين الوالدين، لافتا إلي أنه يتأثر طبقاً للظروف الحياتية التي تكون قبل الطلاق، فإذا كان المنزل به الكثير من المشاكل كإعتداءات من الزوج على الزوجة، أو صراعات مقلقة بينهم، فالطلاق في هذه الحالة يكون إنقاذ للأطفال. وتابع: إنما في حالة أن يكون المنزل طبيعي، ولكن إضطر الزوجين للإنفصال، ففي هذه الحالة يتأثر الطفل بشكل سلبي، وستكون الإنطوائية والبعد عن الأخرين والأنعزال هي النتيجة الطبيعية له. ومن الأمراض التي ستصيب الطفل في هذه الحالة، إذا كان لدية جينات مرضية، هي الوسواس المرضي، هذا ما أكد عليه إستشاري الطب النفسي، الذي أوضح أن في بعض الحالات يكون لديها أمراض كامنة، تظهر حين حدوث أنتكاسات لهم بعد إنفصال الزوجين. وكشف فرويز، أن التأهيل النفسي للطفل وشرح الموقف له، وإيجاد أب أو أم بديل _حسب الموقف_ يعد عوامل مساعدة لتأهيل هذا الطفل قبل انعزالة عن الواقع. وعن أغرب الحالات التي شهدها إستشاري الطب النفسي، هي طفلة ذات 5سنوات، تركها الأب منذ ولادتها مع أمها وجدها وجدتها وتزوج، وبعد فترة طويلة من الإختفاء، ظهر وطلب من الأم إصطحاب أبنته لمنزلة، وحين عودتها، ظهر عليها علامات "غسيل مخ تام"، فأصبحت تكرة أمها وجدتها وجدها، وتريد العيش مع والدها وزوجته الجديدة فقط. وقالت الدكتورة هبه العيسوي أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس، إن الطلاق معناه إنفصال الزوج عن الزوجة وليس إنفصال الوالدين عن أطفالهم، مطالبه بتوصل الأباء إلي أتفاق يرضي جميع الأطراف حين الإنفصال، ولا يظلم الطفل. وأفادت العيسوي، أنه على الأباء الجلوس مع الأطفال حتى مع صغر عمرهم، وتوضيح أنهم لن يسكنوا في منزل واحد لكنهم لازالوا أطفالهم ولن يعانوا من سوء معاملة أحدهم، كما أنه على الأباء عدم الوعود بأشياء "عنترية" لن تنفذ بعد الإنفصال، ولكن عليهم الإلتزام بكل ما وعدوا به أطفالهم. وأشارت العيسوي، إلى أن على الآباء الإستماع للشحنه السلبية التي ستصدر من الأطفال حين سماع هذا الخبر السئ، وعدم كبتهم، وكذا عدم إقحامهم في مشاكل بعد الإنفصال، ذلك لأن الطفل لديه قرون إستشعار، أي بيسمع ويعقل مهما كان صغير؛ حتى لا يؤثر على الطفل سلباً. وأضافت العيسوي، أن الحاضن عليه أن لا يغير حياة الطفل دفعه واحدة، ولكن لابد أن يكون تدريجياً، حتى لا يشعر بأنه محاصر من كل الجهات، وأن دنيته تحولت لنقيض ما كانت عليه. وشدد العيسوي، على أن الصوت العالى غير مطلوب قبل الطلاق أو بعده، لأن العنف يستقر في ذاكرة الأطفال ولا ينفك عنهم، متابعه: أن الجد والجدة دورهم إستشاري فقط وليس تربوي، حتى لا يشعر الطفل أن كل العائلة تعاقبة على شئ غير مسئول عنه. وهناك أعراض يمكن أن يشعر بها الطفل بعد الطلاق، كالتبول اللإرادي أو التلعثم أو العنف والعدوان، وكذا فقد الشهية أو الأكل بكثرة عن المعتاد، وإرتعاش الأيدي، أستاذ الطب النفسي نوهت الي ذلك، مشيرة إلى أن تلك الأعراض العصبية إذا شعر بها الطفل لابد أن يتابع مع طبيب نفسي لأنها ستؤدي إلى انتكاسة الطفل وتحوله لإنسان غير سوي.