المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الكهرباء: الاستراتيجية الوطنية للطاقة تحقق نقلة كبيرة في توليد الكهرباء    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء أعمال تكريك وتعميق مدخل ميناء البرلس    محافظة القدس تدعو المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية للتصدي لمخططات الاحتلال    محافظ المنوفية: ضبط مخزنين بقويسنا والباجور لحيازتهم مواد غذائية مجهولة المصدر    تمكين ذوي الهمم يبدأ بالتواصل... تدريب موظفي الحكومة على لغة الإشارة    بالفيديو.. الأوقاف: كل نشاط للوزارة يهدف إلى مكافحة كل أشكال التطرف    أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه اليوم الإثنين    وزيرة التخطيط: انعقاد اللجنة المصرية الألبانية يعكس حرص القيادة على تعزيز أطر التعاون    البنك المركزي يضيف 10.74 ألف أونصة جديدة إلى احتياطي الذهب في نوفمبر    الرقابة المالية تنضم إلى فريق دولي تابع للمنظمة الدولية لمراقبي التأمين    "سياحة وفنادق" بني سويف تنظم ندوة توعوية حول التنمر    وزير الخارجية: مصر تدعم الدور المضطلع به البرلمان العربى    مسلحون مجهولون يستهدفون عنصرين من وزارة الدفاع السورية قرب بلدة الغزاوية غرب حلب    خبر في الجول - الأهلي ينتظر رد الرجاء على عرضه لضم بلعمري    كأس العرب| السعودية والأردن.. مواجهة آسيوية خالصة في نصف النهائي    المنوفية تنهى استعداداتها لانطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    تأجيل محاكمة هدير عبد الرازق وطليقها أوتاكا بتهمة نشر فيديوهات خادشة    الأرصاد تكشف خريطة الظواهر الجوية المتوقعة الأيام المقبلة    ضبط سائق نقل اصطدم بسيارة وفر هاربًا    ضبط محطة وقود غير مرخصة داخل مصنع بمدينة السادات    تعليم القليوبية يحسم توزيع رؤساء لجان امتحانات الشهادة الإعدادية والتغطية الصحية    ضبط المتهمين بقتل تاجر ماشية والشروع في قتل ابنه بالبحيرة    غياب عادل إمام عن حضور جنازة شقيقته بمسجد الشرطة وحضور أحمد السعدنى    وزير الزراعة يسلم جوائز مركز "البحوث الزراعية" الثلاثة للفائزين    انتهاء الصلاة على جثمان صابر عرب بمسجد حسن الشربتلى    "الوزراء" يستعرض تفاصيل الخطة الحكومية لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة وأهم التحديات    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    "فورين أفيرز": واشنطن تعيش وهم الطائرات بدون طيار مما يفقدها تفوقها الضئيل على الصين    مخالفة للقانون الدولي الإنساني ..قرار عسكري إسرائيلي بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس شرق طولكرم    دار الكتب والوثائق القومية تنعى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    الهيئة العامة للاستثمار تبحث التعاون مع IT Park Uzbekistan لدعم الشركات التكنولوجية وتعزيز الاستثمارات المتبادلة    جامعة بنها الأهلية تفتح آفاق شراكة دولية مع جامعة هونج كونج للتعليم    محمد أشرف: تعرضت للظلم في الزمالك.. وفوجئت ببند في عقدي كان سببا في رحيلي    لاوتارو مارتينيز: هدف إنتر ميلان التتويج بلقب الكالتشيو    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    وزيرة التضامن: إطلاق جائزتي الدكتور أحمد خليفة و"باحث المستقبل" باسم الدكتورة حكمت أبو زيد    التحقيقات الأولية . ابن روب وميشيل راينر المشتبه به الرئيسى فى حادث مقتلهما بلوس أنجلوس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    بدء اجتماع إسكان الشيوخ لمناقشة استكمال امتداد الطريق الصحراوي الشرقي من الأقصر لأسوان    استشاري ينصح بتناول الشاي المغلي وليس الكشري أو الفتلة حفاظا على الصحة    ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. رحلة فنان مثقف من خشبة المسرح إلى ذاكرة الدراما المصرية    جائزة ساويرس الثقافية تعلن عن القوائم القصيرة لشباب الأدباء وكتاب السيناريو    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    وزيرة التخطيط توقع مذكرتي تفاهم لتبادل الخبرات وتعزيز الاستثمارات بين مصر وألبانيا    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    إخماد حريق داخل عقار فى الهرم دون إصابات    الاثنين 15 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    5 محافظات ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل بالمرحلة الثانية.. اعرفها    فيتامين سي ودعم المناعة.. ما دوره الحقيقي في الوقاية وكيف نحصل على أقصى فائدة منه؟‬    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    وفد من لجنة الصحة بمقاطعة هوبي الصينية في زيارة رسمية لمستشفى القصر العيني    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    تجديد تعيين 14 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية بكلية طب قصر العيني    أولمبيك مارسيليا يفوز على موناكو بهدف ويشعل المنافسة في الدوري الفرنسي    كابال ينهي سلسلة 5 تعادلات.. يوفتنوس ينتصر على بولونيا في ريناتو دالارا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رهان الأمير!
نشر في الوفد يوم 12 - 03 - 2012

تلقيت من مكتب الأمير طلال بن عبد العزيز في القاهرة، ملفا يضم مشاركات له، من خلال صفحته على «تويتر» مع الشباب العربي، طوال شهور (نوفمبر وديسمبر ويناير) الماضية.
طالعت المشاركات، واحدة وراء الأخرى، مقرونة باليوم الذي جرت فيه، فاستوقفتني فيها صراحة لافتة للنظر في تناول شتى الأمور العامة، داخل المملكة العربية السعودية، ثم خارجها، على امتداد العالم العربي وثورات الربيع فيه.
ولأن صاحب الصفحة قد اختار أن يفتتح أوراق الملف، بآية من القرآن الكريم، فإن اختيار تلك الآية في حد ذاتها، قد استوقفني هو الآخر، لا لشيء، إلا لأن الذي يؤمن بهذه الآية الكريمة، مدخلا إلى إصلاح البلاد والعباد، إنما يضع يده، منذ اللحظة الأولى، على المدخل الصحيح نحو الإصلاح، إذا أريد له - أي الإصلاح - أن يتجسد في كيانات حية ومفيدة في حياة الناس!
الآية الكريمة تقول: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».. ورغم أننا جميعا، أو أغلبنا على الأقل، يرددها كل يوم تقريبا، فإنها - في ما يبدو - تظل في كل الأحوال تجري على ألسنتنا، دون أن تتجاوزها إلى عقولنا وقلوبنا.. وإلا.. ما كان هذا هو حالنا الذي لا يخفى بؤسه وقلة حيلته على أحد..
ولا بد أن الأمير طلال لم يقرر أن يضع الآية الكريمة، في صدر ملف يضم مشاركاته الإلكترونية، مع شباب وطنه، من فراغ، ولا بد أيضا أنه لم يضعها، إلا بعد أن تأمل الحال طويلا، ثم وجد قناعة راسخة في نفسه، بأنه لا أمل في أي إصلاح حقيقي، من أي نوع، إلا إذا بدأ هذا الإصلاح بالإنسان، وانتهى إليه.. وما دون ذلك، أو ما سواه، فهو إضاعة للوقت، والجهد، وتبديد للطاقة، دون عائد، ولا جدوى.
وحين تنزل إلينا مثل هذه الآية الكريمة، من السماء، ثم تستقر في سورة من سور القرآن الكريم، قبل أكثر من 1400 عام، فإن هذا معناه، أن كتابنا السماوي، قد قرر، منذ البداية، أن الله تعالى سوف يغير ما بنا، في أي وقت، نحو الأفضل، بشرط أن نبدأ نحن، أولا، فنغير من أنفسنا.
ولا أزال أذكر، أن الدكتور إبراهيم شحاتة، يرحمه الله، كان قد أصدر في حياته كتابه المهم «وصيتي لبلادي» في ثلاثة أجزاء، وكان قد وضع فيه خلاصة تجربته، نائبا لرئيس البنك الدولي، لعدة سنوات، وشاغلا لمواقع دولية كبيرة، ومختلفة، لسنوات أخرى.. لا أزال أذكر أنه في كتابه ذاك - أو في «وصيته لبلاده» إذا شئنا الدقة - قد جعل هذه الآية نفسها، في أول صفحة، وكان رهانه زمان، هو نفسه رهان الأمير طلال، هذه الأيام، وهو - أقصد الرهان في الحالتين - يبقى رهانا على أن نغير من أنفسنا، ومن الإنسان العربي في الإجمال، فوقتها فقط، سوف يكون لهذا العالم العربي شأن آخر، يختلف عن هذا الشأن الذي تراه.. ولو أنت سألتني عما إذا كان مثل هذا التغيير سوف يأتي من جانب كل إنسان على حدة، من تلقاء ذاته، أم أنه في حاجة إلى دولة تقوم به وتقوده على أرضها، فسوف أقول دون تردد، إن تغييرا على هذا المستوى، لا يمكن أن يتم تطوعا، ولا تلقائيا من جانب الإنسان الفرد وإنما هو في حاجة إلى سلطة قائمة تدرك أهميته، وضرورته، وحتميته، ثم تنهض به في الحال..
ولن يكون ذلك ممكنا، إلا من خلال دولة تؤمن بأن هذا التغيير له طريق واحد، بل وحيد، هو طريق التعليم.. فعندما تقرر أي دولة أن تقدم لمواطنيها خدمة تعليمية تليق بها، كدولة عصرية، ثم بهم، كبني آدميين، فإنها سوف تضمن أن تغير هذه الخدمة التعليمية من أبنائها، على المدى الطويل، وسوف ينعكس ذلك حتما، على صورة وواقع الدولة ككل، في ما بعد، إذ الدولة - أي دولة - في النهاية، ليست إلا آحادا من المواطنين، تجمعهم أرض واحدة، وتوجههم سلطة شرعية واحدة.
وربما أراد الأمير أن يشير إلى عواقب عدم بدء التغيير من عند الإنسان، تحديدا، عندما ضرب مثلا في إحدى المشاركات بالاتحاد السوفياتي، وكيف أنه كان على مدى سنوات بعيدة، ينعم بالاستقرار، ولا يعرف الإصلاح، فكانت عاقبة الاستقرار غير المقترن بالإصلاح، انهيارا للاتحاد بكامله.. ربما كان الأمير طلال، دون أن يدري، يستعمل هذا المثل، ليقول بشكل غير مباشر، إن الاستقرار في الدولة، دون إصلاح يوازيه، ويقترن به، يؤدي بالضرورة إلى عواقب وخيمة، ولن يكون الإصلاح إصلاحا، في أحواله كلها، إلا إذا بدأ بالإنسان، من حيث هو إنسان، وانتهى عنده في كل الأوقات.
عندما سُئل صاحب المشاركات، من جانب أحد الشباب، أن يطرح رأيه في الرقابة الجادة، التي يتعين أن يعرفها عصرنا الذي نعيشه، فإن الأمير لم يتردد في أن يقول بأن الرقابة التي نحتاجها، في أيامنا هذه، تضطلع بها ثلاث جهات: الإعلام وخصوصا المقروء منه، ثم السلطة التشريعية، وأخيرا أجهزة الرقابة بوجه عام.. وقد عرف العالم، منذ قرون، رقابة السلطة التشريعية، ثم جاءت من بعدها، أجهزة الرقابة على اختلاف أنواعها، وأسمائها، وأدوارها، في كل بلد.. وأخيرا، جاء الإعلام في صورته العصرية، ليكون رقيبا من نوع جديد، على أداء السلطة إزاء رعاياها بوجه عام.
لفت انتباهي بقوة، أن يضع الأمير طلال، الإعلام، في هذه المرتبة، في حياة الشعوب، وأن يقدمه، من حيث الترتيب، على السلطة التشريعية ذاتها، وعلى كل أجهزة الرقابة.. فما أخطر الإعلام حقا في هذا العصر، وما أعظم مهمته، إذا أدركها ووعاها القائمون على أمره! ولكن.. سوف نجد أنفسنا، في غاية الأمر، نعود إلى حيث بدأنا، لنقول إنه لا الإعلام سوف يؤدي دوره الرقابي المفترض، ولا حتى السلطة التشريعية، أو أجهزة الرقابة التقليدية إجمالا، ما لم يكن الإنسان، في كل منها، مهيأ ابتداء، لأن ينهض بمثل هذا الدور، وإلا أصبح عندنا شكل الرقابة، دون الرقابة ذاتها، وأصبح عندنا مظهرها، دون جوهرها أو مضمونها.
ومن أجل هذا كله، كان رهان الأمير طلال - الذي لا يتزعزع - على الإنسان، وعلى ضرورة تغييره، مسبقا، ليتغير مجتمعه لاحقا، ولو أنك راجعت أداء أي دولة متطورة، في عالمنا، فسوف يتبين لك، أن تطورها راجع في أساسه، إلى أن الرهان الفائز على أرضها، هو رهان الأمير طلال، بشكل خاص، ورهان كل إنسان عاقل، بشكل عام.. فمتى يفوز هذا الرهان ويكسب على أرض العرب؟!
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.