كتبت- سناء حشيش: انطلقت قافلة دعوية أمس إلى محافظة شمال سيناء تضم عددًا من شباب علماء الأوقاف لتبصير الناس بصحيح الإسلام الوسطى وذلك في إطار اهتمام وزارة الأوقاف بالقوافل الدعوية التي تجوب جميع محافظات الجمهورية. أكد العلماء المشاركون في القافلة على ضرورة التخلى بالأمل وبث روح التفاؤل وعدم اليأس وأشاروا إلى أن الأمة التي تجعل من الأحداث التي مرت بها دافعا قويًّا إلى الأمل والعمل، وتأخذ من ماضيها لحاضرها ، وتستفيد من الأزمات والمحن الدروسَ والعبرَ ، وتستثمر وقتها في البناء والتنمية ، إنما تشق طريقها الصحيح نحو المستقبل ، أكد الدكتور كمال سيف معاون رئيس القطاع الديني أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان حريصًا في وقت الشدائد على بث روح التفاؤل والأمل في قلوب أصحابه حتى لا تتسارع إلى نفوسهم روح الإحباط أو اليأس ، لافتا إلى أن رغم ما تعرض له النبي (صلى الله عليه وسلم) من الأذى هو وأصحابه لم يفارقه الأمل والتفاؤل ، فيقول (صلى الله عليه وسلم) : (وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) ، فلولا الأمل ما ذاكر طالب ولا اجتهد، ولولا الأمل ما زرع زارع ولا حصد ، ولولا الأمل ما فكر والد في إنجاب الولد . وأشار إلى أن الأمل الذي دعا إليه الإسلام هو الأمل الذي يحمل الإنسان على العمل؛ لأن الأمل بلا عمل أمل أعور أو أعرج لا طائل منه، ولا فائدة ، وكان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول: " لَا يَقْعُدُن أَحَدُكُمْ عَنْ طَلَبِ الرِّزْقِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي، فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ السَّمَاءَ لَا تُمْطِرُ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً ". أوضح الدكتور عمرو محمد عبد الغفار الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة بالديوان العام أن الإسلام نظر إلى العمل نظرة توقير وتمجيد ، فرفع قدره وقيمته ، وجعله سبيلًا للرقي والتقدم، وجعل النجاح والإصلاح مرتبطين بالعمل، فقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}، ، ومدح (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) العامل المنتج ، بقوله: (اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى). ولأهمية العمل في حياة الأمة كان (صلى الله عليه وسلم) يدعونا إلى العمل حتى في آخر لحظات الدنيا، فيقول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَليغرسها)، ولا يكفي مجرد العمل، إنما ينبغي أن يكون العمل متقنًا، قال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ): (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ). فيما أشار الدكتور مسعد الشايب الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة بالديوان العام إلى أن من إتقان العمل التخطيط له قبل البدء فيه، فالعمل بلا تخطيط يؤدي إلى التخبيط، ومن ثم لا بد أن نضع خططًا قصيرة، ومتوسطة ، وطويلة المدى لما يُستقبل من أيامنا ، فهل خطط كل منا على المستوى الفردي أو موقعه المؤسسي لإنجاح عمله، وتطوير نفسه ، واستثمار قدراته وطاقاته؟. كما أكد أن الإنسان الذي يسير على غير هدى لا يعرف له وجهة ، ولا يدرك له غاية، لهو إنسانٌ تتوالى عليه الضربات فتسقطه صريع المحن، بائس الحال، شقي النفس، قليل الإنجاز أو عديمه ، قال عمر (رضي الله عنه): " إنِّي أَكْرَهُ الرَّجُلَ أَنْ أَرَاهُ يَمْشِي سَبَهْلَلًا" أَيْ: لَا فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَلَا فِي أَمْرِ الآخِرَةٍ ، والتخطيط للمستقبل لا يتنافى مع التوكل على الله تعالى، فلا حرج على المسلم أن يقول: إن شاء الله سأفعل كذا ، قال تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}، لكن ذلك لا يعني أن يكون أمره عفويًّا بلا دراسة ولا تخطيط، فالتخطيط المتقن أحد أهم عوامل النجاح . أكد الدكتور رمضان عبد السميع الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة بالديوان العام أن من أراد أن يتعلم التخطيط فليتأمل هجرة النبي (صلى الله عليه وسلم) فقد كان (صلى الله عليه وسلم) نموذجًا للقائد والمعلِّم، فتراه وهو في رحلة الهجرة يخطط ويدبر ويثق في نصر الله (عزّ وجلّ) أولاً وأخيرًا ، فيأتي بعلي بن أبى طالب (رضي الله عنه) ؛ لينام في فراشه على سبيل التمويه، ويسلك طريقًا وعِرًا غير مأهول ولا معتاد، ويختبئ في الغار حتى يهدأ الطلب عليه وعلى صاحبه، ويدبر من يأتيه في الغار بالأخبار والطعام، ومن يعفي على الآثار، ويحسن انتقاء من يقوم بكل مهمة، وهُو في هَذا كلّه متوكلٌ على الله تعالى، مُعلنًا أنه في معية الله تعالى، فيقول لصاحبه: {..لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا..}. على أن كل ذلك يحتاج إلى عزيمة وإرادة صلبة ، إذ لا يمكن أن نقتحم غمار المستقبل بغير عدته ، ولا أن نغير واقعنا إلا بعزيمة وإرادة قوية للتغيير في كل المجالات، قال تعالى :{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}. أكد الدكتور أسامة فخري الجندي أن التغيير المنشود لابد أن يشمل تصحيح المفاهيم الخاطئة، والأفكار المنحرفة ، ومن أهمها ما يتعلق بسماحة الإسلام ، وقبوله لسنن الله الكونية في التنوع والاختلاف ، وترسيخ أسس المواطنة المتكافئة، والعيش المشترك، فإن من الحقائق المؤكدة أن الاختلاف بين الناس سنة كونية من سنن الله (عز وجل) يجب أن نحترمها؛ لأن الناس لا يفكرون بطريقة واحدة، قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}، فهذا الاختلاف دليل على أن الله (عز وجل) منح عباده حرية الاختيار ، ومن ثم يجب علينا التعامل في الحياة مع كل الناس على اختلاف أفكارهم وتباين عقائدهم دون السعي إلى الإقصاء للمختلفين منهم. كما أشار فضيلته إلى أن الإسلام يؤكد أن حق الدين والوطن يدفعان كل إنسان إلى الأمل والعمل، وفق منهج مدروس من التخطيط والإعداد، سعيًا للإنتاج والإتقان ، والبناء والنماء، لا إلى الكسل والإحباط والتشاؤم، فحبنا لديننا وأوطاننا ينبغي أن يكون حبًّا حقيقيًّا يقوم على التضحية في سبيله والعمل لأجله ، سعيًا إلى رقيه وتقدمه.