نشرة التوك شو| أصداء إقرار قانون الإيجار القديم.. وشروط خاصة للوحدات البديلة للمتضررين    الجارديان: إسرائيل استخدمت ذخائر ثقيلة في قصف مقهى "الباقة" بغزة ما يعد جريمة حرب    غزة: استشهاد 114 شخصا إثر الهجمات الإسرائيلية منذ فجر الأربعاء على قطاع غزة    رؤساء النواب الأردني والبريطانى يؤكدون ضرورة وقف الحرب على غزة وإنفاذ المساعدات    جلسة مرتقبة بين فيريرا وإدارة الزمالك لحسم التوقيع الرسمي    40 حكما يجتازون اختبارات الانضمام لدورة الحصول على رخصة "VAR"    رغم الاغراءات المالية.. الأهلي يغلق باب الرحيل أمام «عاشور»    سنتين خطوبة ولقب عقب الزواج مباشرة.. 12 صورة وأبرز المعلومات عن قصة حب محمد شريف وزوجته    أمريكا تتأهل لنهائي كأس كونكاكاف بثنائية في جواتيمالا    انتداب الطب الشرعي لمعاينة جثامين الأطفال الثلاثة بالمنيا    وما زال الحر مستعرا، حالة الطقس اليوم الخميس 3 - 7 - 2025    محكمة أمريكية تقرر الإبقاء على مغني الراب "ديدي" رهن الاعتقال    صبا مبارك تدافع عن شيرين عبد الوهاب: "لما بسمع صوتها بدمّع.. وهي أسطورة حقيقية"    عقوبات قانونية للإهمال في تطعيم الأطفال، تعرف عليها    قوات الدفاع الجوى السعودي تدشن أول سرية من نظام "الثاد" الصاروخي    عصام السباعي يكتب: مفاتيح المستقبل    محاضر الغش «بعبع المعلمين» في امتحانات الثانوية!    "القائمة الوطنية من أجل مصر" لانتخابات الشيوخ.. تضم 13 حزبًا وتجمعًا سياسيًا    ترامب: حالات عبور المهاجرين غير الشرعيين الشهر الماضي هي الأدنى في تاريخ الولايات المتحدة    النساء على رأس المتضررين ..قانون الإيجار القديم الجديد يهدد الملايين ويكشف غياب العدالة الاجتماعية    أيمن يونس يهاجم ترشيح عبدالناصر محمد لمنصب مدير الكرة في الزمالك    رئيس شعبة الدخان يكشف موعد تطبيق زيادة أسعار السجائر الجديدة    البلشي: لست مسؤولًا عن تظاهرات أحمد دومة على سلم نقابة الصحفيين    تريلا تدهس 7 سيارات أعلى الطريق الدائري بالمعادي.. صور    بعد 12 عامًا.. الإخوان ترفض الاعتراف بسقوطها الشعبي والسياسي    «الوطنية للانتخابات» تحدد قواعد اختيار رموز مرشحي «الشيوخ» على نظامي القوائم والفردي    طارق الشيخ يكشف كواليس صداقته مع أحمد عامر..ماذا قال؟    مي عمر أنيقة ونسرين طافش بفستان قصير على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    ملك أحمد زاهر تحتفل بعيد ميلاد والدتها: إحنا من غيرك دنيتنا تبوظ (صور)    هل الجنة والنار موجودتان الآن؟.. أمين الفتوى يجيب    الخارجية الأمريكية: واشنطن لن تتكهن بموعد اتفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا    أجمل 10 أهداف فى مباريات دور ال 16 من كأس العالم للأندية (فيديو)    "الصحة العالمية" تطلق مبادرة لزيادة ضرائب التبغ والكحول والمشروبات السكرية    تعرَّف علي قيمة بدل المعلم والاعتماد ب مشروع تعديل قانون التعليم (الفئات المستحقة)    الأعداد المقرر قبولها ب الجامعات الحكومية من حملة شهادات الدبلومات الفنية 2025    زيادة كبيرة في عيار 21 الآن.. مفاجأة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة (محليًا وعالميًا)    للمسافرين.. مواعيد انطلاق القطارات لجميع المحافظات من محطة بنها الخميس 3 يوليو    يكفر ذنوب عام كامل.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة    المصري يكثف مفاوضاته للحصول على خدمات توفيق محمد من بتروجيت    إسماعيل يوسف: الزمالك ليس حكرا على أحد.. ويجب دعم جون إدوارد    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى اليوم الخميس 3 يوليو 2025    وزيرا خارجيتي الإمارات وغانا يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائية    رابطة العالم الإسلامي تُدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية    سعر البطيخ والخوخ والفاكهة ب الأسواق اليوم الخميس 3 يوليو 2025    وفقًا للكود المصري لمعايير تنسيق عناصر الطرق.. استمرار أعمال التخطيط بإدارة مرور الإسكندرية    مملكة الحرير" يحقق رقمًا قياسيًا على يانغو بلاي ويتصدر الترند لليوم الثالث على التوالي    شاهد.. بهذه الطريقة احتفلت مادلين طبر بثورة 30 يونيو    3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    "القيادة الآمنة".. حملة قومية لتوعية السائقين بمخاطر المخدرات بالتعاون بين صندوق مكافحة الإدمان والهلال الأحمر    إعدام المواد الغذائية الغير صالحة بمطروح    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    جاسم الحجي: قوة صناعة المحتوى وأهمية في عصر الإعلام الرقمي    مصرع عامل صعقًا بمزرعة دواجن في بلطيم بكفر الشيخ    مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط تنظم يوم علمي حول أمراض الكلى لدى الأطفال    فريق طبي ينجح في إنقاذ طفلة مولودة في عمر رحمي بمستشفى في الإسكندرية    ما هي الأنماط الغذائية الصحية لمصابين بالأمراض الجلدية؟.. "الصحة" تجيب    هل "الدروب شيبنج" جائز شرعًا؟ أمين الفتوى يجيب    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المصريون" تنشر خطبة الجمعة قبل المساجد ب 24 ساعة
نشر في المصريون يوم 13 - 02 - 2014

قامت وزارة الأوقاف بنشر خطبة الجمعة ليوم غد علي الموقع الرسمي، والصفحة الرسمية لوزارة الأوقاف على شبكة الإنترنت، تحت عنوان " بين الأمل والعمل" بقلم الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، في إطار الخطبة الموحدة التي أقرتها الوزارة وتم تطبيقها على جميع مساجد الجمهورية متضمنة مساجد الجمعية الشرعية وأنصار السنة المحمدية.
وجاءت الخطبة علي النحو التالي:
الحياة مفعمة بالأمل , فلا يأس مع الحياة , ولا حياة مع اليأس , والعاقل يجد لكل عقدة حلًا أو يحاول على أقل تقدير , والأحمق يرى في كل حل مجموعة من العقد المتشابكة , وبما أن صحيح الشرع لا يمكن أن يتناقض مع صحيح العقل , لأن التشريعات موجهة لمصالح العباد , فقد عدّ العلماء اليأس والتيئيس من رحمة الله ( عزّ وجل ) من الكبائر , عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) أن رجلًا قال : يا رسول الله ما الكبائر ؟ قال : (صلى الله عليه وسلم ) : ” الشرك بالله والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله , من وقاه الله إياها وعصمه منها ضمنت له الجنة ”
ويقول الحق سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم (عليه السلام ) في حواره مع الملائكة وقد بشروه بإسحاق ( عليه السلام ) : ” قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ ” (الحجر: 54 ، 55 ، 56 ) , وهذا يعقوب ( عليه السلام ) يقول لولده : ” يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ” (يوسف: 87) , ويقول الحق (سبحانه وتعالى ): ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ” ( الزمر: 53) .
فلا ييأس مذنب من العفو ,لأن الله عزّوجلّ فتح باب التوبة واسعًا , وفي الحديث القدسي أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ” يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي , يا بن آدم لو جئتني بقراب الأرض خطايا لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بمثلها مغفرة ” ( أخرجه الترمذي ) .
ولا ييأس مريض من عدم الشفاء مهما كان مرضه عضالًا , فعليه أن يأخذ بأسباب التداوي مع التعلق بحبل الله في الشفاء , ولنا في أيوب (عليه السلام) أسوة ، يقول الحق ( سبحانه ) : ” وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ” (الأنبياء: 83 ، 84) .
وإن كنت عقيمًا لا تنجب فلا تيأس من رحمة الله وفيض عطائه , فهذه امرأة إبراهيم (عليه السلام) عندما بشرتها الملائكة بالولد على كبر سنها تقول: ” يَاوَيْلَتَى آلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ” (هود: 72 ، 73) ، وزكريا (عليه السلام ) عندما دعا ربه فقال : ” رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ” (مريم: 4 ، 5) جاءته الاستجابة الربانية العاجلة ” يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ” (مريم: 7) , وعندما تساءل (عليه السلام) ” رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ الله يَفْعَلُ ما يَشاءُ ” (آل عمران: 40) جاءه الجواب ” كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ” ( مريم : 9) .
وإن كنت في حالة من ضيق اليد فاعلم أن فقير اليوم قد يكون غني الغد ,وغني اليوم قد يكون فقير الغد , والأيام دول , وأن الله ( تعالى ) إذا أراد للعبد شيئًا أمضاه له “ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ” (يس: 36) , ويقول ( سبحانه وتعالى ) : ” مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ “ ( فاطر : 2 ) .
ومهما تكن اللحظات العصيبة في حياتك فتعلق بحبل الله ( عز وجل ) ، فهذه مريم (عليها السلام ( عندما أظلمت الدنيا في عينيها ولم تجد ملجئًا من الله إلا إليه قالت:
” يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ” (مريم: 23) فكان الغوث والرحمة في قوله تعالى: ” فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ” ( مريم: 24 ، 25، 26 ) .
وها هم المسلمون في غزوة الأحزاب عندما أطبق عليهم المشركون من كل جانب لكن النصر جاءهم من حيث لم يحتسبوا كما صور ذلك القرآن الكريم في قوله تعالي” : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ” ( الأحزاب: 9 ، 10 ، 11 )
وها هو سيدنا إبراهيم ( عليه السلام ) عندما ألقاه قومه في النار كان النجاء من عند الله ” قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ” ( الأنبياء :69 , 70 ) .
وهذا يونس ( عليه السلام ) عندما التقمه الحوت فلجأ إلى الله (عزّوجلّ) واستمسك بحبله كانت الرحمة والنجاة حاضرتين ، يقول ( الحق سبحانه ) : ” وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ”
( الأنبياء : 87 ، 88 ) .
ومن رحمة الله ( عز وجل ) بنا أنه يحاسبنا على الأخذ بالأسباب ، أما النتائج فمردها إليه (سبحانه ) ، فإن أحسنّا الأخذ بالأسباب وأحسنّا التوكل على الله ( عز وجل ) فتح لنا أبواب رحمته في الدنيا والآخرة ، فيروي عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) أنه سمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ” لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا ” ( أخرجه أحمد ) ,ويقول الحق ( سبحانه ) :” وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ “( الطلاق : 2), ويقول ( سبحانه ) : “..وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ” ( الطلاق : 3 ) ،ويقول ( سبحانه ) : “..وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ” ( الطلاق :4) ،ويقول سبحانه : ” أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ” ( الزمر : 36 ) .
غير أن الأمل بلا عمل أمل أجوف ، وأمانٍ كاذبة خاطئة ، وقد كان سيدنا عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) يقول : ” لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول : اللهم ارزقني وقد علمت أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة ” ، ولا يكفي مجرد العمل ، إنما ينبغي أن يكون العمل متقنًا ، فَعنْ عَائِشَةَ(رضي الله عنها ) أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» مسند أبي يعلى ، ويقول الحق ( سبحانه ) :” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ” ( الكهف :30 ) والإسلام لم يدعُ إلى العمل، أي عمل فحسب، وإنما يطلب الإجادة والإتقان، فعَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: ” إِنَّ اللهَ (عز وجل) يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ ” [رواه البيهقي في الشعب].
وذلك مع ضرورة مراقبة الله (عز وجل) في السر والعلن، فإنه من الصعب بل ربما كان من المستبعد أو المستحيل أن نجعل لكل إنسان حارسًا يحرسه، أو مراقبًا يراقبه، وحتى لو فعلنا ذلك فالحارس قد يحتاج إلى من يحرسه، والمراقب قد يحتاج إلى من يراقبه، لكن من السهل أن نربيَ في كل إنسانٍ ضميرًا حيًا ينبض بالحق ويدفع إلى الخير لأنه يراقب من لا تأخذه سنة ولا نوم.
وللتأكيد على أهمية العمل دعانا الإسلام إلى أن نعمل إلى آخر لحظة من حياتنا، حتى لو لم ندرك ثمرة هذا العمل، وما ذلك إلا لبيان قيمة العمل وأهمية الإنتاج للأفراد والأمم، فعن أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا) [الأدب المفرد].
كما دعا القرآن الكريم إلى العمل، وجعله في مصافّ العبادات، فقد نادانا الحق سبحانه لصلاة الجمعة – هذه الشعيرة العظيمة – بأمرٍ، ثم صرفنا إلى العمل بأمرٍ مساوٍ له حيث يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة 9 – 10) وكان سيدنا عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ (رضي الله عنه) إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَجَبْتُ دَعْوَتَكَ وَصَلَّيْتُ فَرِيضَتَكَ، وَانْتَشَرْتُ كَمَا أَمَرْتَنِي، فَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (تفسير ابن كثير).
وإذا كان الإسلام يدعو إلى العمل والإنتاج فإنه يرفض – وبشدة – البطالة والكسل والتسول، لأن ذلك من أسباب تأخر البلاد وهلاك العباد، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يستعيذ بالله من العجز والكسل، فعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قَالَ: كان رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ :( اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ) [ أخرجه مسلم ].
ومن ثَمَّ كان ترغيب الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) في العمل ونهيه عن البطالة والكسل، فعن أبي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) : «لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَه» [ أخرجه البخاري] ، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ( رضي الله عنهما ) قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنْ أَطْيَبِ الْكَسْبِ، فَقَالَ: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٌ» [أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير ]. وعَنِ الْمِقْدَامِ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) عَنْ رَسُولِ (صلى الله عليه وسلم) اللهِ قَالَ : “مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ” أخرجه البخاري. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) :”إِنَّ مِنَ الذُّنُوبِ ذَنُوبًا لا تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَلا الصِّيَامُ وَلا الْحَجُّ وَلا الْعُمْرَةُ”، قَالُوا: فَمَا يُكَفِّرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:”الْهُمُومُ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ”أخرجه الطبراني، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ – وَأَحْسِبُهُ قَالَ – وَكَالْقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ» متفق عليه.
وما كل ذلك إلا للتأكيد على أهمية العمل والإنتاج، إذ إن الأمم لا تملك كلمتها ولا إرادتها إلا إذا عمل أبناؤها جميعًا على رقيها ونهضتها، واستطاعت أن تنتج طعامها، وشرابها، وكساءها، ودواءها، وسلاحها، وسائر مقومات حياتها، ولن يكون ذلك إلا بالعلم والعمل والتخطيط الجيد، وهو ما نتناوله بمزيد من التفصيل في خطبنا القادمة إن شاء الله تعالى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.