كتب سامية فاروق ومحمد عيد: فى الوقت الذى يقف فيه العالم متحدًا، وتجتهد مصر بكل طاقتها الدبلوماسية الدولية، للتأثير على المجتمع الدولى لصالح القضية الفلسطينية، ووقف الانتهاكات الصهيونية فى القدس، تسير بعض الرموز السياسية والثقافية الكبرى فى الاتجاه المعاكس، الذى قد يمس موقف مصر وصورتها الدبلوماسية أمام العالم. وأثار الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون، للدراسات الإنمائية، حالة من الغضب الواسع بين الأوساط السياسية فى مصر، بعد زيارته أول أمس إلى مركز «موشى ديان» للدراسات السياسية فى تل أبيب، وذلك على خلفية إلقاء محاضرة بعنوان «دروس من قرن الاضطرابات فى مصر»، بمناسبة مرور 100 عام على ثورة 1919، بحسب بيان المركز، والذى تحدث فيه عن الأوضاع السياسية المصرية فى الفترة الماضية وما آلت إليه الآن، الأمر الذى رفضه الفلسطينيون وهاجموه بشدة، واعتبروه مخالفًا لدور مصر الريادى تجاه القضية الفلسطينية. لم يكن مدير مركز ابن خلدون، للدراسات الإنمائية، الشخصية الثقافية الوحيدة التى أثارت تلك الحالة الجدلية الواسعة، خاصة بعد تعرضه للهجوم من قبل بعض الفلسطينيين أثناء المحاضرة، حيث سبقه قبل ذلك، أحمد ماهر وزير الخارجية المصرى عام 2003، والذى تعرض للضرب من المعتصمين أمام مسجد الأقصى، وكذلك الباحث المصرى ماجد فرج، الذى تعرض للضرب أثناء زيارته لتل أبيب فى عام 2015، كأحد المدافعين عن السلام مع إسرائيل، والهجوم الحاد الذى لاحق الكاتب المسرحى على سالم، بعد إثناء المتحدث باسم حكومة الاحتلال «أدفير جندلمان» عليه، وأخيرًا الثناء والشكر المقدم من إسرائيل للمؤرخ يوسف زيدان، الذى نفى وجود المسجد الأقصى فى فلسطين من الأساس، مما استدعى تقديم الشكر له من الجانب الإسرائيلى. وأدى إلى سخط الجماهير عليه، وقُدمت ضده دعوى لمنع ظهوره إعلاميًا. الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، يرى أن فتح أى علاقات مع إسرائيل، قد يكون من شأنه الإضرار بالمصالح العليا لمصر، لافتًا إلى أن تل أبيب فى الفترة الحالية، تحاول وتسعى للتطبيع مع أى دولة عربية لكسب الود بهدف تهدئة الأوضاع والأمور تجاه ممارساتها بحق الفلسطينيين، خاصة بعد موجة الغضب التى اجتاحت العالم إثر إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، عزمه نقل السفارة الأمريكية للقدس الشرقية. وأضاف «نافعة» ل«الوفد»، إسرائيل تمتلك سياسة مزودجة، فبينما تحاول الظهور بأنها راعية السلام فى المنطقة، تُمارس فى الواقع من شأنها تحطيم روابط التعاون العربى المشترك، لضرب قوة الوحدة العربية، والقضاء على مقومات النمو والازدهار، الذى وصلت إليه مصر الآن. وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على ضرورة أن يعى الجميع، وعلى رأسهم الرموز الثقافية أمثال الدكتور سعد الدين إبراهيم، والدكتور يوسف زيدان، ما يُمثله الكيان الصهوينى من خطر حقيقى على المنطقة والشعوب العربية، مشيرًا إلى أهمية إدراك الخداع السياسى التى تمارسه إسرائيل وراعيتها الأم الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفى سياق متصل استنكر الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية، ما أسماه تحدى الحقوق العربية، بشأن الرفض العربى الغربي، للإعلان الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل، واصفًا ذلك بالتأييد للمخططات الصهيونية ودعمها، مما يُعد خيانة عظمى للوطن، قائلًا: «إذا كنا نرفض الحديث عن الشأن الداخلى لبلادنا خارج الوطن، فما بالك إذا كان الحديث فى مكان يصب فى مصلحة العدو؟!». وتابع «يوسف» ل«الوفد»، إسرائيل منذ نشأتها تحاول اختراق المجتمع المصرى ثقافيًا واجتماعيًا، لضرب أمنها، خاصة وأن الأمن والسلم المصرى يُعتبر من أمن المنطقة، مشيرًا إلى دور مصر الريادى فى عودة الحياة للوطن العربى على كافة المستويات الإقليمية والدولية، وما قدمته لصالح القضية السورية والصلح الفلسطينية وقضية القدس أمام العالم، وتهدئة الأوضاع فى لبنان، وغيرها. وأكد أستاذ العلوم السياسية، رفضه القاطع للدخول فى أى تعاون بأى شكل من الأشكال، مع الكيان الصهيوني، من شأنه تقديم تنازلات بحق الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية، وكذلك تهديد أمن واستقرار مصر، والذى يرتبط به أمن الشرق الأوسط، خاصة وأن مصر تُعتبر هى محور القوة العربية الآن. من جانبه حذر أشرف عثمان، عضو مجلس النواب، من محاولات اختراق الكيان الصهيونى لمصر من خلال هؤلاء الذين ينصبون أنفسهم بالمثقفين وتفتح لهم أبواب الفضائيات، حيث لم تمر أيام قليلة على تصريحات المدعو يوسف زيدان والذى قامت السفارة الإسرائيلية فى القاهرة بإعربها عن سعادتها بتصريحاته عن إسرائيل التى من ضمنها أن المسجد الموجود فى مدينة القدس ليس هو المسجد الأقصى، وفى تصريح آخر «أن القدس ليس مكانًا مقدسًا». وأكد «عثمان» أن ما تريده إسرائيل على المدى الطويل، أن يكون هناك أجيال عربية تعترف بوجودها على التراب الفلسطينى، قائلًا: «هؤلاء الذين يدعون أنهم مثقفون هم خطر على العرب والعروبة من الإرهاب، حيث إن كلا منهم يتبنى فكرًا هدامًا يريد نشره بين شباب الأمة». تقدم الدكتور سمير صبرى المحامي ، ببلاغ للنائب العام ونيابة أمن الدولة العليا ضد سعد الدين ابراهيم مدير مركز ابن خلدون، مطالبًا إحالته للمحاكمة الجنائية لتوجهه إلى إسرائيل. قال البلاغ إن «إبراهيم» توجه إلى دولة إسرائيل تلبية لدعوة مشبوهة له من مركز موسى ديان لدراسات الشرق الأوسط، لإلقاء محاضرة بشأن ثورات الربيع العربى بجامعة تل أبيب فى إطار جلسات يتم عقدها تحت عنوان الاضطرابات السياسية فى مصر، نظرة جديدة على التاريخ. وأضاف البلاغ أنه من المعروف والمعلوم أن كل من يحاضر داخل مؤسسة أكاديمية إسرائيلية يوافق الذين يسيرون ضد الدولة المصرية وضد إرادة الشعب فى 30 يونيو، وأن هذه الزيارة ضمن التطبيع المجانى لإسرائيل، ويأتى ذلك فى الوقت الذى تراجعت إسرائيل فى عملية السلام، بل تقوم بتهويد القدس. وأكد البلاغ أن الأخطر من زيارة «إبراهيم « هو أن يحاضر بعد يوم واحد من تصويت الكنيست على السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية أى البناء الحر فى كل قطاعاتها دون الالتزام بأى معاهدات أو مواثيق تلزم إسرائيل بعدم البناء. وهاجم عدد من شباب فلسطين، سعد الدين إبراهيم خلال إلقائه المحاضرة بجامعة تل أبيب مرددين «التطبيع خيانة.. مطبع عميل». وشن مصطفي بكرى عضو مجلس النواب، هجوًما عنيفًا على المبلغ ضده لزيارته لجامعة تل أبيب بإسرائيل، قال علي موقعه الرسمى: «الذى يذهب مع الكيان الصهيونى فهو يطبع مع إسرائيل، وإذا كانت الدولة لها علاقتها فلا يجب أن ينسحب هذا علي المثقفين، وأضاف أن سعد الدين إبراهيم اعترف قبل ذلك بأنه يتلقى تمويلًا من جامعة حيفا الإسرائيلية لمركز ابن خلدون، والآن جاء فى ظل غضبة الشعب العربى من موقف إسرائيل وأمريكا فى القدس ليذهب ويتحدى ويخرج لسانه ويحضر محاضرة مع رجال الموساد الإسرائيلى بعنوان «قرن من الاضطرابات فى مصر» وكأنه يريد أن يقول إن مصر بها قلائل وأنها تعيش اضطرابات ولن تستقر.