من هو الرئيس الجديد للقطاع الديني بوزارة الأوقاف؟    جامعة حلوان تعلن ضوابط وأوراق قبول ذوي الاحتياجات 2025/2026    نتيجة تنسيق تقليل الاغتراب لطلاب المرحلتين الأولى والثانية 2025    التأمين الصحي الشامل يشارك في قمة "تيكاد 9" باليابان    "فاليو" تنجح في إتمام الإصدار السابع عشر لسندات توريق بقيمة 460.7 مليون جنيه    شبكة أطباء السودان تحذر من كارثة إنسانية في الفاشر نتيجة انعدام الدواء    متألقون في الدوري يقدمون الحلول لمنتخب مصر الثاني    سكاي: تمت.. موهبة مانشستر سيتي إلى ليفركوزن    العثور على جثة مسن غريقًا ببحر يوسف فى الفيوم    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    كلمات مؤثرة.. يسري نصر الله ينعى يحيى عزمي    أسعار حلاوة المولد 2025.. وشعبة السكر تتوقع استقرار السعر لهذا السبب (تفاصيل)    محافظ المنوفية يتفقد تطوير كورنيش وممشى شبين الكوم للارتقاء بالمظهر العام    660 مليون جنيه تكلفة تأثيث 332 مجمع خدمات حكومية بالمحافظات    التربية المدنية ودورها في تنمية الوعي والمسؤولية في ندوة بمجمع إعلام القليوبية    «الغول على أبوابنا».. ماكرون يوجه انتقادات لبوتين (تفاصيل)    العاهل الأردني يشدد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة    موعد حفل توزيع جوائز الأفضل في إنجلترا.. محمد صلاح يتصدر السباق    إجازة المولد النبوي الأقرب.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    استعدادًا للعام الجديد.. 7 توجيهات عاجلة لقيادات التربية والتعليم بالدقهلية    إيزاك يرفض عرضًا جديدًا من نيوكاسل لتمديد عقده    وزير العدل يزف بشرى سارة لأبناء محافظة البحيرة    محافظ المنوفية يتفقد نسب إنجاز إنشاءات المدارس الجديدة بالأحياء    استقرار الحالة الصحية لزوج لاعبة الجودو دينا علاء داخل العناية المركزة    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    مواصلة جهود أجهزة وزارة الداخلية لمكافحة جرائم استغلال الأحداث    التعليم العالى: "بحوث الفلزات" يعلن افتتاح أول وحدة صناعية للمغناطيس    فى أجواء فنية ساحرة.. "صوت مصر" يعيد أم كلثوم إلى واجهة المشهد الثقافى    فيلم "فلسطين 36" ل آن مارى جاسر يمثل فلسطين بجوائز الأوسكار عام 2026    مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يبدأ استقبال الأفلام للمشاركة فى الدورة 12    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    داعية إسلامية عن التعدد: «انتبهوا للخطوة دي قبل ما تقدموا عليها»    إحالة المدير المناوب وأفراد من النوبتجية المسائية بمستشفى نبروه المركزى للتحقيق    مدير «الرعاية الصحية» ببورسعيد: «صحتك أولًا» لتوعية المواطنين بأهمية الأدوية البديلة    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    رحيل الدكتور يحيى عزمي أستاذ معهد السينما.. وأشرف زكي ينعاه    طبيب الأهلي يكشف حالة إمام عاشور ومروان عطية قبل مواجهة المحلة    رئيس الرعاية الصحية: بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    جولة تفتيشية للوقوف على انتظام حركة التشغيل في مطاري الغردقة ومرسى علم    واعظة بالأزهر: الحسد يأكل الحسنات مثل النار    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    "قصص متفوتكش".. 3 معلومات عن اتفاق رونالدو وجورجينا.. وإمام عاشور يظهر مع نجله    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزيرة التخطيط والتعاون تتحدث عن تطورات الاقتصاد المصري في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية    وزارة النقل تناشد المواطنين التوعية للحفاظ على مترو الانفاق والقطار الكهربائي    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية: تكثيف الهجوم على غزة سيؤدى لأثر إنسانى مروع    بعد إلغاء تأشيرات دبلوماسييها.. أستراليا: حكومة نتنياهو تعزل إسرائيل    إيمي طلعت زكريا: أحمد فهمي سدد ضرائب والدي بعد وفاته    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    أبرزها 10 أطنان مخلل.. ضبط أغذية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر ببني سويف    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف الجديد والتابوهات التقليدية
نشر في الوفد يوم 09 - 03 - 2012

لا ينكر حضور وألق وجاذبية مواقع التواصل الاجتماعي، إلا من كان بعيداً عن عالمها وعن مقدار ما تقدمه من جرعات معرفية على اختلاف مستوياتها، ينهل منها الجميع ما يشاؤون وكما يشاؤون، من دون قيود الزمان أو المكان، أو شتى التابوهات التقليدية التي نعرفها ونعيش ضمنها، بل ونتعايش معها.
هذه الحقيقة «الافتراضية» الواقعية، أصبحت لوناً صارخاً من ألوان حياتنا، لا يمكننا الإغضاء عنه مهما حاولنا نسبته إلى الجيل الشاب، وأنه لا مكان فيه لمخضرمي المثقفين الذين قضوا السنين وراء القلم والورقة وبين طيات الكتب.
والمسألة هنا في عالم التواصل الاجتماعي عبر نوافذه المعروفة، من الفيسبوك أو التويتر أو غيرها مما عرفنا أو لم نعرف، حقيقة لا تقبل المناقشة أو الجدل فيها، بل أصبحت ذات مكانة أكبر مما هي عليه، بعد أن كانت المطية الناجحة التي حملت على ظهرها بذور التغيير، ونجح الشباب في استثمارها أفضل استثمار في تشييد بناء متماسك، برأي واضح واحد وحلم واحد وجهود موحدة، غيرت وجه الحياة بعد أن يئس الكثير من أرباب الثقافة من إمكانية تغيير حجر واحد من أحجار الواقع الثقيل المضني.
وأمام هذه الواقعية المفروضة، يقف المثقف التقليدي إن جاز لنا وسمه بهذا الوصف ما بين الإقدام على خوض هذه الساحة أو العدول عنها وتركها لروادها الجدد، بعد أن رأينا كتابها يستطيعون الوصول إلى القارئ بسرعة البرق، من دون وساطة المطبوعات وأربابها، وفي مطلق الحرية من مقصات الرقباء وأترابها، فنراهم يؤثرون ويتأثرون، ويطرحون أحلامهم وآمالهم، ومشكلاتهم وحلولها، ويبحثون في صالونات ثقافية افتراضية ممتدة، جميع المسائل الفكرية وغير الفكرية بصوت عالٍ، باحثين حقيقة عن حلول لمشكلات الجيل.
وجرت العادة أن يقف أبناء جيل أي لون ثقافي، برهة من الزمن حين تطرأ عليهم تنوعات التكنولوجيا، كما حدث لأقطاب الصحافة عقب دخول الإذاعة، أو بين الإذاعة والتلفزيون، أو غيرها، إلا أن المسألة هنا في عالم السرعة لا تحتمل التردد أبداً، فكل يوم يتأخر فيه المثقفون الحقيقيون عن هذا المجال، سيشغل مكانهم صوت مبتدئ جديد قد لا يحمل من التنوير ما يحمله المثقفون والمصلحون الاجتماعيون الحقيقيون.
وحاجة المجتمعات ماسة على الدوام لمن ينير لها الطريق، وأن لا تترك الشعوب تجرب في مصائرها، لأن أمانة المعرفة تقتضي أن لا يتوانى من وضع المجتمع فيهم ثقته، عن زمام السير نحو النهضة والحضارة، على النحو الذي يضمن أعلى درجات المنفعة وأقل مستويات الخسائر.
والغريب أن بعض المثقفين الجادين لا يزالون يرون في هذه الوسائل العصرية فضاءات لا تليق بمكانة الثقافة، وكأن الثقافة لم توجد إلا لبطون الكتب النادرة المهجورة التي لا يعرفها إلا النخبة أو نخبة النخبة، حتى صار المثقف غريباً في مجتمعه، وكأنه يتكلم لغة غير لغة الناس الذين يعيش بينهم. ومردّ هذه الحال هو التعقيد المقصود أو غير المقصود في لغة الثقافة، في تصور يكاد يكون مطرداً عند كثير منهم، ففي اعتقادهم أن تبسيط الخطاب المعرفي ليكون في متناول الناس قد ينزل بمستوى المثقف والثقافة، ولا يدركون أن الخطاب المعرفي البسيط الشعبي، أبقى على مدى الأيام وأعمق في مدى التأثير من التلوينات المبهمة الطلسمية.
ويثبت هذه النظرية البسيطة الواضحة، ما أحدثته مواقع التواصل الاجتماعي من تأثير كبير عظيم، عجزت عنه آلاف الأوراق الفلسفية المعقدة أو القصائد الملغوزة المعقدة، ليخرج في جيل الشباب والإنترنت تنويريون شباب يعرفون من أين تؤكل الكتف، ويتقنون لغة الجيل وحاجته وآماله ويبسطون أحلامه، ليصنع الجميع ما اعتقد، إلى زمن قريب، كثير من المثقفين أنه من المستحيلات، ورأينا كيف وقف الكثير من المثقفين ذاهلين أمام عظم موجات التغيير، وتساقط أحجار الدومينو السياسية الواحد تلو الآخر، أمام موجات الشعوب السلمية البسيطة.
آن الأوان لأن يعيد المثقفون نظرتهم إلى مخزونهم الثقافي أولاً، فيسعون إلى إخراجه وتمريره على حجر الواقع الشاحذ، ليتم تشذيبه وتقليمه وإعادة إنتاجه كمنتج سهل الهضم لغةً وعبارةً ومدلولاً، ثم أن يغيروا نظرتهم لمنابر التواصل الاجتماعي الجدية الجديدة، ويغتنموا فرصتها ليصلوا بهذا الخطاب إلى أوسع الشرائح الإنسانية، لأنهم عند ذلك يكونون قد أدّوا حق الثقافة والمعرفة في أعناقهم، وصنعوا من تراكم تجاربهم منارات أمام الجيل المنطلق المتدفق، ليحسن استثمار منجزاته أحسن استثمار، وحتى لا يقتنص خفافيش ظلام المعرفة هذه المكتسبات، فيحيلوها ويحرفوها عن مسارها الحقيقي التنويري الإنساني.
والمسألة، كما قلنا وأكدنا، لا تحتمل أنصاف الحلول، أو التردد، أو المساومة على الماضي أمام وفرة المستقبل، بل هي مسار إجباري في اتجاه واحد لا مناص منه، لمن يحترم ولاءه الاجتماعي وعَقده الإنساني مع ذاته ومعارفه، وبالطبع إنما نقصد في كل دعوتنا هذه، المثقف الحقيقي الملتزم، لا تجار الكلمات وبائعي الهمهمات!!
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.