اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن الخوف المتأصل من الفوضى والرغبة في رئيس قوي يقود البلاد نحو الأفضل، يجعل تحول مصر إلى الديمقراطية عمل محفوف بالمخاطر، خاصة أن المواقف القديمة التي مرت بها مصر سابقا تقف في طريق مصر الجديدة، لان اختيار الرئيس الجديد قد يخلق تحديات لمستقبل البلاد، ويمكن أن تقوض المواقف التقليدية تجاه السلطة والعدالة والهوية الوطنية الديمقراطية وتعطل مسار البلاد نحو الحرية. وقالت الصحيفة: على مدى الأشهر القليلة الماضية انخفض الدعم الشعبي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، في حين أن المشاعر المعادية للعسكري قد تبدو تطور مرحب به لتلك الموجودة في المعسكر المؤيد للديمقراطية، وفي حين أن البعض ينتقد العسكري بسبب مواقفه الاستبدادية، والبعض الآخر ينتقد عدم استبداديته بما فيه الكفاية، الفصيل الثاني يشكو من عجز العسكري لتضييق الخناق على الفوضى، الأمر الذي يشير إلى تآكل سلطة الدولة أو فقدان "هيبة الدولة". وأضافت: خوف مصر من الفوضى وشوقها للاستقرار والقيادة القوية، تطبيقا للمثل القائل :"مائة سنة طغيان أفضل من يوم واحد فوضى"، وهو ما يجسد الكثير من الخوف على المنطقة، حيث سيسمح لحكام المنطقة لرسم أنفسهم أوصياء على الاستقرار. وتابعت: في الأشهر المقبلة سوف يحصل المصريون على فرصة لاختيار رئيسهم، ولكن الاختيار قد يخلق تحديات لمستقبل البلاد، فربما تشكل المواقف التقليدية تجاه السلطة والعدالة والهوية الوطنية تقويضا للديمقراطية وتعطل مسار البلاد نحو الحرية. ونقلت الصحيفة عن عالم الاجتماع الفرنسي، "إميل دوركهايم" قوله بأن المجتمعات تريد أن تكون قادتها محبين لله، فهذا يسمح لهم لإلقاء المسؤولية عن اتخاذ قرارات صعبة، وكبش فداء لزعيمهم في أي فشل، ومن الأمثلة على ذلك رد الفعل المصري على استقالة جمال عبد الناصر في أعقاب هزيمة 1967 على يد إسرائيل، فرغم الهزيمة إلا أن عشرات الآلاف من المصريين خرجوا للشوارع مطالبين ناصر بالبقاء. وأوضحت الرغبة في الزعامة البطولية في بلد "الحرية الشخصية" لا يزال مفهوما غريبا يجعل انتقال الديمقراطية في مصر أكثر خطورة، في الواقع، إخضاع الحريات الفردية لمصلحة الأمن القومي، والانتعاش الاقتصادي، هي واحدة من الأسباب التي جعلت المصريين لديهم شعور مشوه للعدالة، جرائم مثل التعذيب وحتى القتل تبدو مقبولة في مواجهة تهديد وطني. بالإضافة إلى ذلك، سمح الطابع الأبوي للمجتمع إلى قمع حق الانتخاب، فالمؤرخ هشام شرابي وصفها بأنها المجتمع العربي يتمحور حول فكرة "هيمنة الأب"، سواء كان ذلك على مستوى الأسرة أو في السياسة، وإرادة الأب هي حق مطلق، ونتيجة لذلك، حافظ المجتمع على بعض الأحكام المسبقة حول السن، فمعظم المصريين ينظرون إلى الشباب بوصفه غير ناضج للغاية، ولا يمكن الوثوق بها لقيادة البلاد.