يخرج علينا بين يوم وآخر من يلبس مسوح القديسين ليطالبنا بمسامحة الفلول.. ولا مانع من التفلسف واستعراض ثقافته السياسية العريضة بذكر التجربة الجنوب أفريقية. ولهؤلاء نقول، في أي ثورة في العالم ظل بقايا النظام البائد في أرفع المناصب في الوزارات والجامعات والأجهزة المصرفية والرقابية والأمنية؟.. في أي ثورة ترشح نواب النظام المنحل في انتخابات البرلمان.. وأي ثورة احتفت بأزلام النظام المنحل وسمحت لهم بتكوين جبهات ضد الثورة و"آسفين يا مخلوع" و "أبناء الفساد" بل واستضافتهم تلفزيوناتها وعاملتهم كأصحاب حقوق وتوجه سياسي.. وتركتهم يستفزون أهالي الشهداء والمصابين ويعتدون عليهم في حماية الأمن..وفي أي دولة دبر ومول وارتكب أذناب النظام البائد العديد من الجرائم التي أهدرت دماء أبناء الوطن "من ماسبيرو لبورسعيد" ولم تمتد لهم يد. المصالحة فرضت الشعب المصري رغماً عن أنفة، ومع ذلك فهؤلاء يمنعهم حقدهم أن يقبلوا بها أو أن يتوقفوا عن العبث بأمن الوطن.. ويتعاملون مع وطنهم بمبدأ "فيها لأخفيها"، إما أن تكون مصر لنا وحدنا ننهبها أو لا تكون. أما جنوب أفريقيا التي تثرثرون بها فلم يتبجح فلولها بوقاحة لا حدود لها، قدموا مصلحة الوطن وارتضو بالتعايش من أجل بناء وطن قوي.. والقضية هنا ليست في مصالحة أو غيرها، القضية أن من باع وخان الوطن قبل الثورة لا يمكن أن يخلص له بعد الثورة!