إذا كان للثورة ثمن فلاستقلال القرار الوطني أثمان، دفعت مصر ثمن ثورتها في 25 يناير حين شرعت في محاكمة العاتبين بأمنها القومي ثار رئيس أمريكا وهدد وتوعد وفجأة وبدون مقدمات عجت الفضائيات ووسائل الإعلام والشوارع بنشر خبر عاجل وما أكثرها في بلدنا في تلك الأيام.. ألا وهو تنحي هيئة المحكمة التي تنظر قضية التمويل الخارجي والتي اثارت جدلاً واسعاً منذ بدء التحقيق فيها.. وكان السبب هو أن القاضي استشعر الحرج.. كيف؟ والقضية نظرت ومؤجلة لاستدعاء مترجمين وإذا كان هناك حرج؟ لماذا تولي أمرها من الاساس.. وتعددت الاسئلة وحارت الاجابات وتباري القانونيون ورجال الرأي في تحليل الأسباب وكالعادة الشارع حائر والشعب تائه لا يعرف من أمره شيئاً.. وجاءت الاجابة سريعة أن رئيس محكمة الاستئناف اتصل برئيس الهيئة وطلب منه التنحي عن القضية لأن نجله يعمل في مكتب للاستشارات القانونية له علاقة بالسفارة الأمريكية ولكن تلك الاجابة نفاها تماماً رئيس الدائرة وأكد أن نجله ليس له علاقة بذلك وأنه يعمل في مجال بعيد كل البعد عن أمريكا ومصالحها.. وهنا لابد أن نفهم السبب الاساسي وراء تنحي المحكمة ونوع الحرج الذي استشعرته وهو ضغوط سياسية. ومرت ساعات من الحيرة والتساؤلات وبثت إحدي الفضائيات أن الحكاية كلها كانت صفقة وهي إعادة عمر عفيفي ضابط أمن الدولة الهارب في أمريكا والمتهم في ذات القضية ويقال إنه بالفعل المدبر لكثير من الأحداث الدموية التي شهدتها مصر بعد الثورة.. وأكدت المصادر وصوله إلي مصر فعلا.. المهم سافر الأمريكان في طائرة عسكرية خاصة هبطت في مطار القاهرة دون أن يكون مرئياً لذلك وكان في المطار شخصيات سيادية لتكون في وداع المتهمين في سلام وأمان مع كامل الاحترام. وليكن ما أشيع حقيقة وانها كانت صفقة نعود إلي مئات التساؤلات الحائرة التي ابتلينا بها منذ فترة.. وهو لماذا التعتيم واخفاء المعلومات؟! والتكتم غير المبرر ولماذا لم يخرج مسئول حتي الآن ليوضح للشعب كل الحقائق ولماذا رفع الحظر عن هؤلاء المتهمين وأسباب تنحي القاضي؟ أم أن هذا ليس من حق الشعب؟ عشرات الاحداث وقعت وكانت غامضة وطالبنا مراراً وتكراراً بسرعة توضيح الحقائق.. ولكن واضح أن القائمين علي الامر في بلدي يطبقون المقولة الشهيرة .... والقافلة تسير. قضية التمويل الخارجي لم نألفها نحن ولم نسع إليها بل هم من سعوا إليها وكشفوها وأكد أن المتهمين يسعون إلي هدم مصر وتخريبها وتقسيمها وإثارة الفتن والقلاقل ويزعزعون الاستقرار بأحوالهم المريبة ويمارسون السياسة.. وظهر علينا رئيس حكومة الانقاذ ينشد بقوله مصر لن تركع.. وتذهب أمريكا ومعونتها إلي الجحيم.. وفتحنا الحسابات وبدأنا في جمع التبرعات للاستغناء عن ماما أمريكا ومعوناتها ولترفع رأسك فوق انت مصري كل هذا ذهب ادراج الرياح. ولأن المواطن الأمريكي مواطن من الدرجة الأولي حدث ما حدث.. وسقطت ورقة التوت التي كانت الدولة العظمي تخفي وراءها حقيقتها التي كانت تتشدق بها وهي احترام القضاء وحقوق الإنسان والديمقراطية أين كل ذلك وهي ساومت وحاولت ونجحت في ارجاع متهمين يمتلون أمام القضاء أيا كانت التهم لم تنتظر حكم المحكمة أو حتي تسمح لهم بالذهاب للمثول أمامها.. وبقوا داخل سفارتهم المحصنة حتي موعد سفرهم.. ولماذا الحيرة فما فعلته أمريكا أمر طبيعي من دولة تحترم مواطنيها وتقدرهم حق قدرهم وحريصة كل الحرص علي كرامتهم حتي لو خالفت الأعراف والقوانين الدولية.. ولكن ليس من الطبيعي ألا نتعلم من أمريكا بالطبع في مخالفة القانون ولكن في الحرص علي مواطنيها ونبدأ وفوراً في بحث حقوق أبناء مصر المغتربين والذين يعانون في سجون الدول العربية والأجنبية دون تهم تذكر منهم لم يزعزعوا الأمن ولم يثيروا القلاقل ومعظمهم أبرياء ونحاول اعادتهم إلي أرض الوطن وتعقد الصفقات من اجلهم فالمصري ليس أقل من الأمريكي. وكلمة أخيرة نتمني وندعو أن يتخلي المسئولون عن أسلوب التجاهل لمشاعر الشعب المصري ويؤمنون بحقه في المعرفة وتوضيح الأمور والاعلان عنها إذا كان ما حدث صفقة من عدمه.. والأهم والاخطر هو عدم الزج بالقضاء ورجاله في القضايا السياسية فهذا هو الحصن الأخير الباقي والذي مازال يعطينا الشعور ببعض الاحساس بالامان الذي افتقدناه كثيراً ومازلنا نتساءل أين الحقيقة؟1