حوار - صلاح الدين عبدالله: "لا شيء يعطى شخصاً امتيازاً كبيراً فوق آخر سوى البقاء هادئاً وواثقاً تحت كل الظروف دائماً"، هكذا تقول الحكمة، وللحكمة نور فى كل قلب لا يعلمها إلا من سطر صفحاته بتجارب الحياة حلوها بمرها، وكذلك الشاب الثلاثيني. «الصداقة قصر مفتاحه الوفاء وغذاؤه الأمل وثماره السعادة» كانت أول كلمات تعلمها من والده فى سنوات عمره الأولى، على هذا الدرب سار ليجعل دستور حياته يؤسس على الحكمة والصداقة، والسيرة الطيبة. أجندة صغيرة بيده لا تفارقه يسترجع بها سطور الماضي، ونصائح والده، التى لا تغيب، أول ذكرى تلفت الانتباه، تاريخ استلام عمله، غامر بمستقبله من أجل تحقيق ذاته، وها هو يسعى إلى أن يترك السيرة الذاتية فى قلوب الآخرين، ليكون ذلك فلسفته فى الحياة. أحمد محمد سعيد عضو مجلس إدارة الإخوة المتضامنين للاستثمار العقارى والأمن الغذائى.. تحمله المسئولية فى عمر مبكر من حياته بعد وفاة والده يعتبرها ميزة، وليس ضعفاً، سيرة والديه الطيبة فتحت أمامه الأبواب المغلقة، ثقة فى الآخرين بلا حدود، ولا يخشى خيانتهم.. ملامحه تكتسى بطيبة أهل قريته الصغيرة، يفتش فى أن يجد له مكاناً فى طابور النجاح.. فى غرفة مكتبه جلسنا وبدأ أكثر تفاؤلاً، يقول: «حصاد الإصلاح الاقتصادى سوف يجنيه رجل الشارع بعد الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث جميع المؤشرات الاقتصادية تدعو إلى التفاؤل». «استقرار الدولة، المسار الصحيح فى السياسة النقدية والمالية، رفع الدعم، نمو مؤشرات الاقتصاد، تراجع معدلات البطالة والتضخم، مؤشرات تطمين للمرحلة القادمة، لم يعد ينقصنا سوى مشروعات إنتاجية يجنى ثمارها سريعاً، حتى يشعر رجل الشارع بنتائج الاصلاح». من هنا بدأ الحوار. «أمامنا فرصة كبيرة فى القطاعات الزراعية والصناعية لمواجهة الاستيراد، وإحلال المنتج المحلى محل الواردات»، لكن هل نحن قادرون؟ كان ذلك مجرد سؤال للشاب الثلاثينى، وقبل أن يعود للإجابة، تكشفت على وجهه علامات الرضاء قائلاً: إن هذه القطاعات تحظى بقدر كبير من كثافة العمل، وهى مناسبة لتوفير فرص للشباب، بما يكون له الاثر الايجابى على انخفاض معدلات البطالة، والاعتماد على الإنتاج المحلى. الحكمة والسيرة الطيبة ونشأته فى بيئة ريفية متصالحة مع النفس، منحته راحة فى التعامل مع أمور الحياة والعمل، وكذلك التفكير، إذ يعتبر أن الاجراءات الإصلاحية الاقتصادية ضرورة ولم يكن أمام الدولة بديلاً عنها، بعد ست سنوات من عدم الاستقرار، بسبب تداعيات الثورة، رغم أن التكلفة الاجتماعية قاسية إلا أنه لم يكن بديلاً آخر متاحاً. أقاطعه قائلاً: لكن الحكومة عند اتخاذ القرار لم تكن مستعدة لمثل هذه القرارات؟ يجيبنى قائلاً: إن الإصلاحات تحمل جرأة كبيرة، لم يكن بمقدور واحد اتخاذها، سوى النظام الحالى، وهو يعتبر أمراً جيداً، ورغم أنه تم رفع الدعم بصورة تدريجية، لكن يجب أن يذهب إلى مستحقيه، مع مراقبة ذلك. أسأله رغم أن الإجراءات الإصلاحية تجاوزت العام، إلا أنه لايزال الجدل قائماً للآن حول السياسة النقدية بين مؤيد ومعارض.. فبماذا تحلل؟ يرد على قائلاً: إنه مع قرار تحرير سعر الصرف واجهت السياسة النقدية العديد من الصعوبات، التى سبقت عملية تحرير سعر الصرف، خاصة فيما يتعلق بالسوق الموازية فى الدولار، اضطرت لرفع سعر الفائدة بهدف امتصاص السيولة فى السوق، ومواجهة التضخم، ونجحت إلى حد كبير فى ذلك. الحكمة من السمات التى غرستها بداخله والدته، حينما يتحدث عن السياسة المالية ومدى نجاحها، من عدمه، تتكشف وجهة نظره بأن السياسة المالية تحملت عبء السياسة النقدية، نتيجة ارتفاع أعباء تكلفة الدين، ورفع سعر الفائدة الذى كان له الاثر السلبى على الاستثمار. ولكن كيف ترى إصلاح السياسة المالية؟ يجيب إن إصلاح السياسة المالية يقوم على الملف الضريبى الذى هو الأساس، وهذا يتطلب إعادة تجربة الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية الاسبق فى عام 2005، حينما نجحت هذه السياسة فى ضم العديد من الشرائح الأخرى، وكذلك أمام الحكومة مهمة صعبة فى عملية حصر القطاع غير الرسمي، والذى يمثل ركيزة مهمة فى الاقتصاد بما يسهم به، مع الوضع فى الاعتبار تحديد ضرائب على الثروة والعقارات، حيث إن الضرائب تمثل إيراداً ثابتاً فى الاقتصاديات العالمية. الشاب الثلاثينى تحمل مسئولية أسرته بعد وفاة والده فى سن مبكرة، وواجه مطبات الحياة بثبات، مما خلق بداخله قدرة على التحدي، وتحليل الأمور بدقة، التقط سؤالى حول الاستثمار، وكأنه علم ما يدور بداخلى يقول إن انطلاقة الاستثمار تتطلب خريطة واضحة تساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية، بما يتوافر مع كل منطقة، وكذلك العمل على توفير بيئة استثمار مناسبة تقوم على التسهيلات والتيسيرات، وليس الروتين. الشاب الثلاثينى قرر دراسة الهندسة، ولكن حددت له الأقدار دراسة البيزنس والتجارة، ليرسم حياته وطموحه على هذا الأساس، بذلك يعتبر أن الاستثمار فى الصعيد، ومنطقة محور قناة السويس والمثلث الذهبى، بما يضم من ثروات معدنية، كنز مدفون، استغلاله سوف يساهم بقدر كبير فى التنمية. للمغامرة رصيد فى حياة «محمد سعيد»، وسوف يظل يتذكر الصراع المدون فى أجندته منذ سنوات، حينما غامر بعمله محاسباً فى إحدى الشركات الكبري، ليبدأ تجربة جديدة فى حياته، عضواً بمجلس إدارة الشركة المقيدة ببورصة النيل، ومن هذا المنطلق يكون شغله الشاغل بورصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والدور المطلوب من البورصة والرقابة المالية لدعم هذا السوق، والشركات التى لديها رغبة فى النمو، والعمل على تحسين صورة السوق من خلال الرقابة المشددة على مافيا التلاعب. تجربته عضواً بمجلس الإدارة فتحت أمامه العمل على النهوض بالشركة التى بات رأسمالها 10 ملايين جنيه بعد زيادة رأس المال مؤخراً، ونجح مع مجلس الإدارة فى تحديد استراتيجية تقوم على التوسع فى أنشطة الشركة سواء فى قطاع التسمين، والمقام على مساحة كبيرة، وكذلك الاهتمام بالتوسع فى القطاع الداجنى خلال الفترة القادمة، والاستفادة من البطاقة الاستيرادية للشركة، بما يحقق قيمة مضافة للشركة والمستثمرين. الشاب الثلاثينى متسامح إلى أبعد الحدود حتى مع من أساء إليه، لكن تركيزه فى الوصول مع مجلس الإدارة بالشركة إلى الإدراج بالسوق الرئيسى هدف يسعى إليه طوال الوقت، فى ظل الأداء المرضى للشركة والتى سجلت خلال فترة الأشهر التسعة المنتهية سبتمبر 2017 على أساس سنوى قفزات بلغت 22.3%، وسجلت صافى أرباح نحو 271.4 ألف جنيه خلال ال 9 أشهر الأولى من 2017، مقابل نحو 221.8 ألف جنيه، خلال الفترة المماثلة من العام الماضى. «محمد سعيد» شغوف بالقراءة خاصة فى مجال البيزنس، محب للرياضة لما تمنحه من سعادة وتركيز، مغرم بالألوان التى تميل إلى القاتمة التى لا تتناسب مع شخصيته الواضحة.. يظل هدفه الوصول بالشركة إلى الريادة، والانتقال بالسوق الرئيسى، فهل ينجح فى ذلك؟.