لم تسلم ثورتنا العظيمة من محاولات الاستغلال والمتاجرة.. مارس محترفو الظهور هوايتهم فى سرقة الثورة وتصدر المشهد دون وازع من ضمير.. لم يقتصر الأمر على الوجوه الكريهة التى خرجت علينا عبر شاشات الفضائيات لتنسج قصصاً من الخيال وتنسب لنفسها بطولات زائفة ومواقف وهمية.. وصل الأمر بتسلق الفاشلين فى كل موقع قمة الهرم وأطلقوا علىأنفسهم ألقاباً على غرار منسق وناشط ورئيس ائتلاف حتى كرهنا كل هذه الألقاب.. حدث هذا فى الوقت الذى توارى فيه أبناء الثورة وفضلوا البقاء فى الظل.. حاولت جاهداً البحث عنهم بعد الثورة ولكن دون جدوى.. هم أبناء مصر الأوفياء أقمت معهم فى ميدان التحرير طوال أيام الثورة.. وتفرقنا أمام مقر رئاسة الجمهورية فى الجمعة التى سقط فيها الرئيس المخلوع. كنت أتصور أن تنتهى عملية القفز على الثورة بعد مرور عام على قيامها.. ولكن حدث العكس وظهرت عمليات تسلق منظمة يقودها مجموعة غريبة ركبت الثورة فى أيامها الأخيرة. وكان آخر محاولات التسلق تلك الدعوة التى يتبناها الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء السابق واثنان أو ثلاثة من نواب البرلمان والمتسلقين من بعض التيارات التى أسقطها الشعب في الانتخابات.. وتقوم هذه الدعوة على تشكيل مجلس لقيادة الثورة.. تصورت فى البداية أن الأمر لا يعدو كونه مزاحاً خاصة أن المتصدرين لهذه الدعوة لايمتون للثورة بصلة.. ولكن فوجئت بالصديق العزيز ممدوح الولى نقيب الصحفيين فى مرمى النيران بسبب رفضه استضافة اجتماع لهذا المجلس.. هنا أيقنت أن الأمر جدلاً هزل، وقرأت تصريحات لنقيب الصحفيين يرد فيها على اتهامات بعض المغرضين باتخاذه قرار الرفض منفرداً، وأوضح النقيب للموثورين بأن القرار جاء بعد استشارة عدد من الزملاء أعضاء المجلس.. واتصلت بالزميل ممدوح الولى لأستفسر أكثر عن الموضوع فقال لى إن الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء السابق هو الذى طلب منه حجز القاعة لهذا الاجتماع.. تعجبت كثيراً من تلك الواقعة خاصة عندما سمعت اسم الدكتور شرف الذى يأبى إلا أن يتاجر بالثورة حتى آخر يوم فى حياته خاصة أن الرجل أول من حصد ثمارها وجلس على كرسى رئيس الوزراء الذى لم يكن يحلم به من قبل. تصورت أن يختفى الدكتور عصام شرف من المشهد السياسى بعد أن تلطخت يداه بعار الوثيقة المشبوهة التى كادت تحرق مصر والتى رفضتها كل الأحزاب والقوى الوطنية وجموع الشعب.. تصورت أن يختفى الدكتور شرف بعد أن أهدر المال العام فى سفريات مكوكية خلال فترة وجيزة وفعل ما لم يفعله أى رئيس وزراء سابق واصطحب معه حاشيته فى كل مكان وكشفت الأجهزة بعد ذلك بالمستندات حجم المبالغ التى أنفقها فى تلك الفترة.. وفعل الرجل كل هذا باسم الثورة وفى حماية الثوار. لقد ركب الدكتور شرف موجة الثورة وتصدر المشهد رغم أنه كان عضواً فى أمانة السياسات بالحزب الوطنى المنحل وليس هذا فحسب.. بل أنه قام بجولات مكوكية لمساندة مرشحى الحزب الوطنى فى الانتخابات وذلك أثناء وجوده فى السلطة ولم يفعل كما فعل الوزراء المحترمون الذين تجنبوا المشاركة فى هذا الخبث.. لقد استمعت الى خطاب الدكتور شرف وهو جالس على المنصة الرئيسية فى مؤتمر انتخابى بمينا البصل بالإسكندرية وهو يدعو الناس لانتخاب مرشح الحزب الوطنى.. لقد خطب شرف خطبة عصماء جعلت من الحزب الوطنى أمل مصر ومن الرئيس حامى الحمى وصانع المعجزات. كنت أتصور أن يختفى الدكتور شرف من المشهد السياسى.. ولكن يبدو أن الرجل الذى اصطحب مصور مجلس الوزراء ليلتقط له الصور وهو يتناول الإفطار فى مطعم شهير للفول والطعمية ويأمره أن يوزعها على الصحف يأبى إلا أن يستمر فى الصورة بالزور والبهتان.. ويبدو أن الرجل الذى تاجر بموقف فيه شهامة عندما نزل من سيارته بصحبة مصور بمجلس الوزراء ليلتقط له صورة وهو يساعد فى انقاذ المصابين فى حادث سيارة ويأمره بتوزيعها على الصحف مازال مصراً على تسلق الثورة حتى بعد مرور عام كامل ولكن هذه المرة من بوابة نكتة اسمها مجلس قيادة الثورة.. هل من المعقول أن يستمر رجل في خداع البسطاء بعد كل هذا وينصب نفسه حامياً للثورة ومسئولاً عن اختيار مجلس لقيادتها؟ أعتقد أن الشعب أذكى من ذلك ولا ينسى أبداً الماضى حتى لو كان بعيداً. وعلي شاكلة الدكتور شرف فوجئنا بنائب من المحلة كل مؤهلاته أنه أقام دعوى لهدم مشروع مدينتى ولقنته المحكمة درساً قاسياً وقالت ان المشروع الذى يصل حجم الانفاق فيه الى «100» مليار جنيه ويسهم فى توفير الآلاف من فرص العمل هو أولى بالحماية وليس الهدم، وفندت المحكمة أكاذيب النائب فى حكاية ثمن الأرض وقالت ان الشركة اشترت الأرض بسعر المثل فى المنطقة.. وتصور النائب الذى نجح بسبب ضعف مرشح الإخوان على المقعد الفردى فى هذه الدائرة انه اصبح زعيماً ثورياً ونصب نفسه وصياً على الثورة فيما يسمى بمجلس قيادة الثورة. أما ثالثهم فلا علاقة له بالثورة من قريب أو بعيد وكان خارج البلاد عندما وقعت أحداث الثورة وعاد بعد أن استقرت الأمور.. هذه هى النماذج التى تسعى لسرقة الثورة تحت دعاوى زائفة براقة كان آخرها أكذوبة مجلس قيادة الثورة. إن الشعب المصرى هو البطل الحقيقى للثورة.. فلولا خروج «12» مليون مصرى فى ميادين المحافظات فى وقت واحد وساعة واحدة ما نجحت الثورة وما سقط النظام.. وأبداً لن يسمح الشعب للمتسلقين بسرقة ثورته مهما طال الزمن..