منح 36 مؤسسة تعليمية ب قنا شهادة الاعتماد    الجامعة البريطانية في مصر تطلق تخصصًا جديدًا بكلية إدارة الأعمال والعلوم السياسية    تعديل لائحة النقابة العامة للعاملين بالزراعة والري والصيد واستصلاح الأراضي    رئيس جامعة العريش يكرم الطلاب المشاركين في الكشافة البحرية    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    دمياط تحيي ذكرى انتصارها التاريخي بوضع الزهور على نصب الجندي المجهول    اجتماع ثلاثي لمتابعة توافر السلع وانضباط الأسعار ب كفر الشيخ    رئيس الوزراء يتفقد مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة بالغربية ويؤكد    مع بداية الموسم الصيفى.. محافظ مطروح يستقبل أول أفواج السياحة الخارجية بالمطار    حماة الوطن يطالب بإعادة النظر في مقترح الحكومة بشأن تعديل قانون الإيجار القديم    مصر واليونان.. شراكة استراتيجية في مواجهة التحديات الإقليمية    تصاعد دخان أسود من الفاتيكان في اليوم الثاني لمجمع الكرادلة المغلق |فيديو    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر    شرطة نيويورك تعتقل عشرات المحتجين الداعمين لفلسطين بجامعة كولومبيا.. صور    وزير الرياضة ومحافظ بني سويف يتفقدون الأنشطة داخل مركز التنمية الشبابية    ميدو يعتذر لمجلس إدارة الزمالك: «تصريحاتي تم تحريفها»    شيكابالا يواصل الغياب عن الزمالك أمام سيراميكا مع أيمن الرمادى    اتحاد اليد يكرم باستور المدير الفني للفراعنة على هامش ودية البرازيل    الداخلية تضبط بائعة بالدرب الأحمر لمضايقتها سائح| فيديو    موجة شديدة الحرارة.. 3 ظواهر جوية تسيطر على طقس الجمعة    الصحة: المرور على 145 منشأة طبية خاصة للتأكد من استيفاء الاشتراطات الصحية    خالد يوسف: خالد صالح أكتر فنان ارتحت في الشغل معاه    المؤلف أيمن سلامة يدعم بوسي شلبي ب «شهادة حق»    3 أبراج تحب بكل قلبها.. لكنها تجد أقل مما تستحق    ترى حفرة محاطة بالأشجار أم عين؟.. لغز يكشف مخاوفك من الحياة    دمياط تستعد للانضمام إلى منظومة التأمين الصحي الشامل    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    أطعمة فائقة التصنيع مرتبطة بزيادة الإصابة بباركنسون    تكثيف جهود البحث عن فتاة متغيبة منذ يومين في القليوبية    تركيا: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات الإنسانية وتحاول تهجير الفلسطينيين وتثبيت وجودها في غزة بشكل دائم عبر توسيع هجماتها    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    عاجل.. حسام حسن خارج قيادة منتخب مصر في كأس العرب 2025 وطاقم جديد يتولى المهمة    الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة يشهد توقيع اتفاقية للتعاون التقني بين مجموعة السويدي ومركز (سيرسي) الإسباني لأبحاث موارد الطاقة    الصفا الثانوية بنات يتفوق على كل أفلام علي ربيع في السينما (بالأرقام)    القومي للترجمة وكلية اللغات بجامعة مصر يوقعان اتفاق لتعزيز التبادل الثقافي    غرفة المنشآت السياحية: الاستثمار في الإنسان هو الأذكى.. وتأهيل الطلاب للضيافة ضرورة لتطوير السياحة    وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يلتقى محافظ طوكيو لبحث التعاون فى مجالات بناء القدرات الرقمية ودعم ريادة الأعمال    لازم تعرفي| نصائح للأمهات لتوعية أولادهن ضد التحرش    أسقف المنيا للخارجية الأمريكية: الرئيس السيسي يرعى حرية العبادة (صور)    اختناق 4 أشخاص في حريق بمكبس كراتين خردة بسوهاج    قصور الثقافة تحتفل بختام مشروع الحكي الشعبي غدا على مسرح السامر    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    بوتين: التبادل التجارى مع الصين بلغ أكثر من 244 مليار دولار    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    الجريدة الرسمية تنشر قرارات رد الجنسية المصرية ل42 شخصا    وزير الري: كاميرات لقياس التصرف على ترعة الإسماعيلية    وزير خارجية إيران: زيارتي للهند تهدف لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    الصحة العالمية تكشف أهداف حملة اليوم العالمى للامتناع عن التبغ لعام 2025    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب بهيش داخل أرض فضاء بالصف.. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشرف توفيق يكتب: أيها الفطاحل.. ارحمونا يرحمكم الله!
نشر في الدستور الأصلي يوم 18 - 03 - 2011


دعنى فى بداية المقال أقص عليك قصة حقيقية حدثت لى.
كنت مدعوا _منذ أربع سنوات تقريبا_ فى أحد البرامج الحوارية لقناة إخبارية شهيرة، ومعى مجموعة من شباب المعارضة ذوى الاتجاهات السياسية والفكرية المختلفة، وعلى الجانب الآخر كان معنا أيضا عدد من شباب الحزب الوطنى ليمثلوا أفكار حزبهم فى الحوار، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية المرموقة الشهيرة.. وطوال الطريق إلى الاستديو لم يكفّ أصدقائى فى الأوتوبيس _ أوتوبيس المعارضة_ عن التريقة على سيارة شباب الحزب الوطنى التى تتبعنا والتى يمتلكها أحدهم.. كمية من الإفيهات والاتهامات والإشاعات تكفى لتحويل ليبرمان إلى عضو فى حركة حماس، بداية من لون السيارة حتى لون البدلة، إلى أن وصلنا للاستديو، وتوجهنا قبل التسجيل لصلاة المغرب على الأرض، ظل كل منا يبحث عن ورقة قديمة ليسجد عليها، حتى وجد كل منا ضالته، وأثناء تسوية الصف قال أحد المعارضين الشباب لأحد شباب الحزب ضاحكا: الله.. ما الحزب الوطنى بيصلى أهوه!
بدأ اللقاء وثار الجميع مدافعا عن رأيه، وانتهت الحلقة بأن صافح المعارضون الكبار رجال الحزب الكبار، وسار كل منهم مؤمنا بمعتقداته محترما لمعتقدات غيره حتى ولو خالفها، أما شباب المعارضة وشباب الحزب فقد ظل كل منهم ينظر للآخر نظرة عداء واضحة، ينظر كل منهما للآخر على أنه السبب فى خراب البلد وضياع استقرارها وتقدمها.
لا أستبعد مطلقا أن يكون صديقى المعارض قد قال هذه الجملة للشاب مداعبا، ولكن حتى ولو كانت دعابة فهى فى الحقيقة تؤصل لمكنون صدور بعض المعارضين الشباب، ينظر كل منهم لكل من يختلف معه فى الرأى على أنه تافه وسطحى ومنتفع ومتسلق، ويرى دائما أنه ومن معه الوحيدون الذين يعملون لصالح هذا الوطن، ولكى تفهم قصدى من ذكر هذه القصة التى صدعتك بها، عليك أن تطبقها على أحداث هذه الأيام.
هل أنت مع الخروج يوم 25 يناير أم لا؟ إن كنت موافقا فأنت معنا، وإن لم تكن فأنت جبان
هل نزلت التحرير أم لا؟ إن كنت قد نزلت فأنت معنا، وإن لم تكن فأنت من حزب الكنبة.
هل تعارض المفاوضات مع الحكومة أم لا؟ إن كنت تعارضها فأنت معنا، وإن لم تكن فأنت مصاب بمرض استكهولم وأدمنت الانبطاح أمام الحاكم.
هل ترفض بقاء الرئيس حتى انتهاء مدته؟ إن كنت رافضا فأنت معنا، وإن لم تكن فأنت مفرّط فى دم الشهداء.
هل ترفض الفريق أحمد شفيق وتتفنن فى التريقة على البلوفر؟ إن كنت رافضا ومتفننا فأنت معنا، وإن لم تكن فأنت لا تستحق الحرية لأنك عبد.. عبد.. عبد ياعنترة!
هل تقبل شتيمة مبارك وزوجته وأولاده وسبهم بأقذع الشتائم أم أنك تريد حقك منهم فقط ولو وصل للإعدام؟ إن كنت تقبل فأنت معنا، وإن لم تكن فأنت مازلت خائفا من مبارك لأنك رعديد بالطبع ياسيدى!
وهكذا يتم الحكم على الأشخاص من بداية الثورة، لابد أن يتم تصنيفك، لابد أن ترفع الراية البيضاء أمام من يعارض رأيك لأنه ببساطة سيحدثك عن دم الشهداء الذى لا تستطيع أن تفتح فمك إذا تم ذكره حقا أو باطلا.
تصورت أن هذا كله سينتهى وتعود النفوس الصافية إلى طبيعتها بعد الثورة، تصورت أن هذه الثورة النقية سوف تقع على قلب كل منا فتغسله بالماء والثلج والبرد، تفتح قلبه لحرية مفقودة وديمقراطية مرتقبة، تملؤه بتسامح نقى يتناسب مع جلال الثورة وما حققته، ولكن للأسف ما زال المسلسل مستمرا وسيستمر..
هل أنت ضد التعديلات الدستورية أم معها؟ إن كنت ضدها فأنت معنا، وإن لم تكن فأنت من الثورة المضادة التى تريد أن يعود مبارك من إجازته فى شرم الشيخ ليستعيد حكم البلاد!
هل أنت مع البرادعى أم عمرو موسى؟ إن كنت مع البرادعى فأنت معنا، وإن لم تكن فأنت غبى وجاهل ولا تفهم فى السياسة.. وكأنه لا يوجد مرشح غيرهما أساسا.
وهكذا يستمر غسيل المخ لعقول المصريين الطيبين الذين ما إن تنسموا بشائر الديمقراطية حتى أراد هؤلاء أن يسلبوها منهم من جديد.. كل منهم يتخيل أنه أصبح فى يوم وليلة هيكل ومكى والبشرى وجلال أمين وهويدى مع بعض، ويقتنع أنه الأصح دائما، دون أن يعلم هؤلاء أن الكبار يختلفون باحترام ودون انتقاص من الآخر، ولهذا أوردت القصة أعلى المقال، فأنا لا أتصور أن الدكتور سليم العوا سيتصل بالأستاذ إبراهيم عيسى غاضبا: ازاى يا إبراهيم تقول انك مش موافق على التعديلات.. انت مش عايز استقرار؟، ولا أتصور أن يتصل الدكتور عمرو حمزاوى بالأستاذ عصام سلطان ساخطا: إيه ياعصام. انت هتقول نعم؟ انت كده بتفرط فى دم الشهداء.. كل منهم له رأى يحترمه ويحترم رأى الآخر أيضا دون مزايدات صبيانية.
هل تجد كوميديا سوداء أكثر من هذه الدعوة لمظاهرة مليونية لرفض التعديلات؟ طب إيه فايدة الثورة بقى والأجندات وكنتاكى وحرقة الدم مادامت النتيجة ستنتهى بمظاهرة؟ وما فائدة صندوق الانتخابات والشفافية التى تطالب بها ما دمت مصرا على أن تسلب حقى فى الاختيار؟ والغريب أن بعض هؤلاء يقتنع الآن تماما أنه يفعل هذا لأن الشعب المصرى ما زال لا يفهم الديمقراطية ولا يعرف مصلحته.. أليس هذا كلام أحمد نظيف ومن بعده عمر سليمان الذى قامت الدنيا ولم تقعد بسببه؟ مكتوب علينا يعنى أن يختار لنا أحد!
البعض يخشى من الديمقراطية لأنها من الممكن أن تأتى بالإخوان؟ طب وإيه يعنى؟ ما المشكلة فى أن يأتى الإخوان ويأمروا بإلغاء قنوات ميلودى ومزيكا، وتضييق الأمور على الناس _كما يظن البعض_ مادامت هذه إرادة الشعب، وإذا شعر الشعب أنه لا يطيق هذا النظام فسيأتى فى الانتخابات القادمة بمن يجعله يتحزّم ويرقص فى الميدان.. هوّه حرّ يا أخى!
الإصرار الفظيع من هؤلاء المستبدين على آرائهم فقط، يكاد يشعرنى أنه لو تحكّم أحدهم فى صندوق من صناديق الانتخابات فسيغيّر الانتخابات بما يتفق مع هواه، إيمانا منه _ولنفترض أن نيته حسنة_ بأن هذا فى مصلحة الوطن، والدليل هذه التكتلات التى تنادى بفرض آرائها على الجميع، والتى تسببت بلا شك فى هذه اللخبطة التى يعانى منها كل مواطن الآن.. وإذا حدث هذا فما الفرق بين ما نحن فيه وبين نظام مبارك؟ فالرجل _كتّر خيره_ هوّن علينا الأمر وزوّر صناديق الانتخابات إيمانا منه _لنفترض أن نيته حسنة أيضا_ بأن هذا فى مصلحة الوطن ولكى يبعد الإخوان عن الحكم أو أى فصيل آخر.
فيا أهل وطنى الكرام.. أيها المناضلون الشرفاء.. يامن خرجتم فى هذه الثورة حاملين رؤوسكم على أكفكم للمطالبة بإسقاط نظام فاسد، وتحقيق الديمقراطية.. لن أقول لكم هل سأصوّت بنعم أم لا.. المهم أننى سأشارك.. دعونا لأول مرة نستنشق هواء نقيا خاليا من التوجهات، دعونا لأول مرة نذهب لصندوق الانتخابات ونختار ما يتراءى لنا لا ما سمعناه من غيرنا لأنهم الأعلم والأفضل والأكثر دراية.. دعونا نكتب ما تنبض به دماءنا لا ما تفرضه علينا دماء الشهداء التى صارت على لسان كل من هب ودب، دعونا لأول مرة نخطئ فنتعلم، ولا تجعلونا نتعود من جديد على أوامر وتوجهات من أعلى.. ليصبح المشهد مشابها لما مضى.. لم تتغير العقول المأمورة ولكن تغيرت الجهة التى تأمر فتطاع!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.