يبدأ مجلس الشوري اليوم دور الانعقاد الأول بعد ثورة 25 يناير، ينتخب رئيسه رقم «33» منذ انشاء مجلس شوري النواب في عام 1866، أو رقم «5» منذ انشاء مجلس الشوري الحالي في عام 1980. ترددت شائعات قوية خلال الفترة الماضية عن الغاء مجلس الشوري وتعرض لهجوم شديد خلال مرحلة الانتخابات أدت الي احجام المواطنين عن المشاركة في اختيار نوابه وتدنت نسبة التصويت الي درجة كبيرة واعتبرها البعض استفتاء علي الرفض الشعبي لاستمرار مجلس الشوري. ويرجع السبب في ذلك الهجوم الي الغاء الاختصاصات الدستورية التي حصل عليها مجلس الشوري عام 2007 في دستور «71» الملغي بالإعلان الدستوري الذي تم الاستفتاء عليه في مارس عام 2011. وأدي تقليص اختصاص الشوري بعد أن كان له الحق في وجوب موافقته علي 32 مشروع قانون مكملاً للدستور وعلي الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من الدستور وإعادته لسيرته الأولي مجرد قطعة ديكور علي مائدة الإصلاح السياسي إلي احجام الناس عنه ومقاطعة مرشحيه بعد أن ذكرهم بنواب النظام السابق الذين استثمروا الحصانة البرلمانية في السطو علي اقتصاد الدولة وظهر فسادهم في البر والبحر من أمثال ممدوح اسماعيل وهشام طلعت وصفوت الشريف الذي تولي رئاسة المجلس خلال الفترة الأخيرة لمدة 7 سنوات انتهت بحل المجلس. وكنت مع الغاء مجلس الشوري إذا تم تجريده من اختصاصاته وبقاؤه كإحدي عجائب الدنيا السبع أو خيال مآتة ننفق عليه من ميزانية الدولة ونكتفي بمنح الحصانة لنوابه. وقلت كذلك ان استمرار الشوري يتطلب منحه اختصاصات دستورية واضحة ومحددة ليكون غرفة ثانية الي جانب مجلس الشعب لتعميق الممارسة الديمقراطية ويستجيب لمعطيات التطورات الاجتماعية والاقتصادية والتعاطي مع التغيير والتطور في أدوار ووظائف الدولة في العصر الحديث والاستفادة من انتشار النظام البرلماني الثنائي الذي يعكس الحاجة إلي ترسيخ وتطوير النظم الديمقراطية من خلال تنويع عملية التمثيل والتكامل بين كافة القطاعات السكانية وترسيخ سلطة القانون. في مارس عام 2000 سافرت مع مجلس الشوري لحضور أول اجتماع لمجالس الشيوخ علي مستوي العالم وكان الاجتماع لتبادل المعرفة والخبرة البرلمانية من خلال مناقشة اسلوب عمل البرلمانات التي تأخذ بنظام المجلسين، حضرت المؤتمر وفود 70 دولة من بينها 6 دول عربية منها مصر، وقدم مجلس الشيوخ الفرنسي دراسة عن عدد الدول التي تأخذ بنظام المجلسين وعددها 67 دولة وزادت الي 77 دولة في العام الماضي وتلاحظ لمجالس الشيوخ أن الاتجاه نحو نظام المجلسين هو الغالب في المستقبل، وصدر بيان عن المؤتمر يؤكد أن انتشار النظام البرلماني الثنائي يوفر اطارا كافيا لعملية اللامركزية، كما يقوم بدور فعال في انشاء معايير قانونية وترسيخ سلطة القانون كما يعمل كآلية حديثة لتنفيذ مبدأ الفصل بين السلطات. ويقوم المجلس الثاني في العديد من الدول الغربية والعربية بوظائف تشريعية مهمة مثل مجلس اللوردات في انجلترا ومجلس الشيوخ في فرنسا ومجلس الشيوخ في إسبانيا ومجلس المستشارين في اليابان ومجلس الشوري في سلطنة عمان ومجلس النواب في الأردن ومجلس الأمة في الجزائر. ونحن في مصر لنا تجربة في دستور «23» الذي كان ينص علي وجود مجلس للشيوخ ومجلس للنواب وقام مجلس الشيوخ المصري في عدة مناسبات بدور فعال في السياسة التشريعية طوال تلك الفترة الي جانب مجلس النواب. كما أن مصر صاحبة أقدم حضارة في التاريخ سبقت الي الحياة النيابية في عهد محمد علي باشا مع بدء أول برلمان بانشاء المجلس العالي عام 1824. الخلاصة لا نريد أن يكون مجلس الشوري مجرد آلية تمنح الترخيص بالحصانة البرلمانية للموعودين، أمام الجمعية التأسيسية التي سيختارها مجلسا الشعب والشوري يوم السبت القادم مهمة تاريخية لإعداد دستور يليق بمصر وبتاريخها النيابي ومجلس الشوري من خلال الدستور الجديد إما يكون أو لا يكون وأريده أن يكون غرفة ثانية فاعلة إلي جانب مجلس الشعب للاستفادة من الخبرات التي انضمت اليه في الانتخابات الأخيرة والتي ما كانت توجد بدون ثورة 25 يناير، إن أمام نواب الشوري مهمة تاريخية للقيام بها الي جانب نواب الشعب وهي تحقيق باقي أهداف الثورة وتبني مطالب الجماهير ودفع عجلة الانتاج وعودة الأمن وتطهير البلد من الفاسدين.