رحب حقوقيون وخبراء قانون، بمقترح بعض النواب، وجمعية رعاية أطفال السجينات، بإجراء تعديلات تشريعية على قانون إيصال الأمانة والغارمين، بحيث يتضمن عدم تسجيل العقوبة فى الصحيفة الجنائية للغارمات، مشيرين إلى أن المرأة المصرية باتت تتعرض لضغوط اقتصادية، التى تندرج تحتها ظاهرة الغارمات أو سجينات الفقر. وقال الحقوقيون، إن السيدات يحملن كثيراً من الأعباء، خاصة المصريات، الأمر الذى يتطلب تكاتف الجميع لمساعدة الغارمات فى فك كربهن، وكذلك تدبير مشروعات صغيرة لهن، تساعدهن على وجود مصدر رزق دائم لهن، مثلما تفعل مؤسسة مصر الخير. ورحب محمد عبدالعزيز، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، باقتراح بعض النواب وجمعية رعاية حقوق أطفال السجينات، بإلغاء عقوبة الغارمات من الصحيفة الجنائية الخاصة بهن، باعتباره مشروع مبادرة اجتماعية تستحق الدراسة، قائلاً: «المرور بضائقة مالية ليس جريمة»، مشيراً إلى أن تسجيل العقوبة يؤثر على المستقبل الأسرى؛ بسبب عدم قدرتها على العمل مرة أخرى نتيجة صحيفة حالتها الجنائية. وطالب عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، باستبدال عقوبة الحبس بقضاء الخدمة العامة، أو ما شبه ذلك، حتى لا تصبح الغارمة ذات سابقة جنائية، يمكن أن تؤثر على مستقبل أبنائها، بعد أن تزايدت حدة الظاهرة مؤخراً؛ نظراً إلى استخدام التجار إيصالات الأمانة لتوثيق الدين، ما يحول عملية البيع والشراء من قضية مدنية يمكن الفصل فيها دون عقوبة الحبس. وأشاد «عبدالعزيز» بدور الجمعيات والمنظمات الحقوقية، وبعض القائمين على الأعمال الخيرية، المساهمين بالإفراج عن الغارمات، ومشدداً على ضرورة البحث عن أسباب الظاهرة والتعامل معها، خاصة أن بعضها يرجع للعادات والتقاليد السائدة، خاصة فى الريف، من مغالاة فى زواج الفتيات، ووضع أعباء مالية مبالغ فيها على كاهل الأسر. وتابع «عبدالعزيز»، أن زيادة عدد الغارمات ترجع للفقر وغياب السياسات الاجتماعية التى تكفل للمواطن العيش بكرامة كجزء من منظومة العدالة الاجتماعية، وأيضاً عدم وجود سياسات اقتصادية واضحة ومحددة للتمكين الاقتصادى للنساء الأكثر فقراً فى المجتمع، مشيراً إلى أن الأمية والبطالة دفعتا المرأة لمواجهة المجهول بدخولها السجن لتواجه الجحيم فى زنزانة، بمعايشتها المجرمين، من تجار المخدرات والبلطجية والسارقين. وقالت سناء السعيد، عضو المجلس القومى للمرأة، إنه من الخطأ أن يتم إيداع الغارمات؛ بسبب الفقر والعوز داخل السجن مع المنحرفين من تجار المخدرات والبلطجية؛ بسبب مبالغ زهيدة قد تصل فى بعض الأحيان إلى 50 أو 100 جنيه؛ لأن ذلك يؤثر على حالتها الجسمية والنفسية فمعايشتها للمجرمين داخل السجن قد تخلق منها شخصية منحرفة ومجرماً جديداً للمجتمع. وأكدت عضو المجلس القومى للمرأة، ضرورة تنظيم التعامل بين الغارمين والغارمات، وبين مصادر تمويل مشروعاتهم متناهية الصغر، فى القروض التى يتم تحصيلها من الجهات الرسمية وغير الرسمية، سواء كانت تلك الجهات بنوكاً أو جمعيات رجال الأعمال أو الخيرية، لحمايتهم من الوقوع فى سجل العقوبات الجنائية. وأوضحت «السعيد»، أن المجلس القومى للمرأة أعد دراسة دقيقة، تبين خلالها أن 23% من الغارمات المتعثرات فى سداد الديون تعول أسراً، وخسارتها كانت نتيجة عدم وجود دراسة جدوى قوية تضمن نجاح المشروع، والذى ترتب عليه الوقوع تحت سيطرة الأقساط والديون، التى أدت إلى هذه العقوبات الجنائية، مطالبة بوضع فترة سماح مناسبة، وتقديم وسائل الأمان من خلال الجهة المدينة أثناء تأسيس المشروع لضمان نجاحه. وقال الدكتور محمد عطاالله، الخبير القانونى، إن الدولة عليها مراعاة الحالة الإنسانية والاجتماعية فى المقام الأول للمستدين، مطالباً بأن يسهم البرلمان فى وضع تعديلات تشريعية، تمنع تسجيل العقوبة فى الصحيفة الجنائية للمرأة الغارمة، شريطة ألا تكون لها سابقات استدانة. وأوضح «عطاالله»، أن السجن بحق المرأة الغارمة قد يؤثر على سلوكها الاجتماعى بمخالتطها المجرمين بأنواعهم، لمجرد عجزها عن تسديد مبلغ زهيد اضطرت لاقتراضه لمساعدة زوجها المريض أو الإنفاق على أولادها، مشيرة إلى ضرورة اضطلاع المجتمع بدوره فى توفير بديل ومصدر دخل للمرأة التى تعيل، حتى لا تضطر للاقتراض ومن ثم دخول السجن – حسب قولها. ولفت الخبير القانونى، إلى ضرورة سن تشريعات، تفرض على الدولة تولى مساعدة الأسر الفقيرة فى الزواج، لحماية النساء العفيفات من لقب «صاحبة سوابق»، وذلك من خلال صناديق الدولة، والتعاون مع رجال الأعمال والجمعيات الأهلية، متسائلاً هل المجتمع يحاسبهن على مساعدتهن فى علاج أزواجهن وتزويج أبنائهن وبناتهن؟ فهل أصبح هذا جرماً فى مجتمعنا يعاقبن عليه؟