من الكتب الجميلة التي اقرأها في أيامي الحالية ، كتاب " الأزهر .. الشيخ والمشيخة " ، للكاتب الصحفي المبدع حلمي النمنم ، صاحب الاسلوب المتميز، في الكتابات التاريخية، والقضايا الثقافية . الكتاب يحتوى على تاريخ الأزهر، أول مسجد جامع بني فى القاهرة، أسسه جوهر الصقلي ،حين شرع فى تأسيس العاصمة الجديدة ،لضرورة أيدلوجية أو مذهبية وهو نشر المذهب الشيعي الذى كانت تعتنقه الدولة الفاطمية فى ذلك الوقت فتحول إلى ساحة علمية يتم فيه تقديم بعض الدروس والمناقشات الدينية عموما حتى قرر صلاح الدين الايوبى غلق أبواب ثم إعادته مرة أخرى فى عهد الظاهر بيبرس . مابين لحظات ازدهار وأفول ظهر الدور الحقيقي للأزهر و تجمع العلماء المسلمين فيه من الشرق والغرب جعل منه أهم جامع وجامعة إسلامية فى الوقت الذى انتهت فيه الخلافة العباسية فى بغداد على يد المغول وانهيار الحضارة الإسلامية فى الأندلس مما جعل بعض علمائها يفرون الى الأزهر . أيضا الدور السياسى والعلمى والاجتماعي الذى لعبه الأزهر طوال تاريخه فى الحياة المصرية وبداية ظهور منصب شيخ الأزهر والدور الذى لعبه هؤلاء المشايخ فى السياسة وانحيازهم الدائم للحاكم . الكتاب لا يهدف التأريخ للأزهر ودوره لكنه محاولة كما يقول المؤلف إلى فهم الوقائع كما دونها المؤرخون والدارسون فهو يتناول كل معلومة بالشرح والتحليل ويفند بعض الأكاذيب ويقدم الأدلة على عدم صحتها بعيدا عن الدراسات التاريخية التي سبق وقدمت عن الأزهر ودوره طوال العصور الماضية ومساهماته فى الثورات المصرية بداية من ثورة القاهرة الأولى إثناء الحملة الفرنسية على مصر وحتى ثورة 25 يناير . لكن أهم ما ناقشة المؤلف فى كتابة هو ما أثير حول " رواق الأقباط "عند تولى الدكتور احمد الطيب مشيخة الأزهر ومطالبة الشيخ بإعادته -"الرواق" اقرب إلى المدينة الجامعية اليوم - رغم إن الكاتب هنا يؤكد بالأدلة التاريخية انه لم يكن هناك ما يسمى برواق الأقباط فى الأزهر أو حتى وجود لدارسين أقباط فهذه المطالب تزيد من حالة الاحتقان الطائفي ونحن فى غنى عن ذلك . الكتاب فى مجملة تحفة تاريخية وثقافية واضافة كبيرة للمكتبة العربية ولا يجب ان يفوت القارى العربى لما يحتويه من معلومات تاريخية وسياسية وعلمية مهمة.