منذ عدة سنوات دعا نجيب محفوظ الي ضرورة فتح حوار بين المثقفين والازهر، كان ذلك بمناسبة المرور باحدي الازمات المعتادة وقتئذ والخاصة بمصادرة كتاب. ورغم تبني جريدة اخبار الادب للدعوة، والحديث عنها في وسائل الاعلام، الا ان احدا لم يهتم. واستمر التوتر سمة للصلة، رغم ان الازهر مؤسسة ثقافية في الاساس والجوهر، ليس لانه الجامعة الاقدم في العالم. حيث يتجاوز تاريخها المستمر اكثر من الف عام، وتحول الازهر الي مركز اشعاع للعالم الاسلامي كله، لم يكن مقرا لجامعة تدرس العلوم الشرعية فقط، انما العلوم الوضعية والعلمية. كان شيوخ الازهر واساتذته يدرسون علوم الفلك والطب والزلازل، وكان الشيخ حسن العطار أحد اكبر شيوخ الازهر في مسيرته الطويلة خبيرا في علم المياه وله مؤلفات في هذا المجال. كان الازهر جامعة عالمية وما زال يقصده الناس من كل فج طلبا للعلم، وفي مدينة البعوث الان ثلاثة عشر الف طالب من الدول الاسلامية، وتعتبر المدينة تطويرا لنظام الرواق الذي ما زال موجودا، وفيه يتم تخصيص رواق لكل جنسية من اقصي الشرق الي اقصي الغرب، الازهر مركز للمفهوم الدقيق للاسلام باعتباره دينا معتدلا وسطا ولذلك يعتبر المذهب الاشعري اساسا، ولكن الازهر هو الجامعة الوحيدة في العالم التي تدرس المذاهب الاسلامية الاسلامية سواء للسنة او الشيعة والمذهب الاباضي ايضا، وعندما يقصد طالب العلم الازهر يسأله الاساتذة علي اي مذهب تريد ان تدرس؟ وما يختاره الطالب يسلكه، تقوم الدراسة علي الاختيار الحر، فالشيخ العالم يجلس فوق كرسي مستندا الي عامود وحوله الطلبة. ومن هنا جاء تعبير استاذ كرسي المتداول في العالم، الازهر كان مركزا لقيادة الثورات ضد كل ظلم محلي او اجنبي، وقد مر بأطوار عديدة الي ان اصبح في حالة لا يرضي عنها اهله ولا المتطلعون اليه، كان يمكن ان يستمر الحال من سييء الي اسوأ الي ان قيض الله له عالما من ابنائه، جليل بعلمه وسيرته وزهده الذي لو عرفنا تفاصيله لصار مضرب الامثال. اقصد بالطبع الدكتور احمد الطيب الذي يقود الازهر في مرحلة دقيقة ومنه جاءت المبادرة التي اعلن تفاصيلها امس في بيان للناس. بيان اعتبره علامة ناصعة جلية في مسيرة الازهر ولذلك تفصيل.