«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب استرداد الكرامة تحققت بإرادة وعزيمة المصريين
العميد محمد عبدالقادر مقاتل المدفعية فى أكتوبر:
نشر في الوفد يوم 04 - 10 - 2017

6 سنوات تكشف أسرار الملحمة الرائعة والترابط بين الشعب والجيش
مقذوف (مالوتيكا) المضاد للدبابات كان كلمة السر فى معركة العبور
«ويدور الزمن دورته وتحل علينا ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، وذكرى النصر المظفر للقوات المسلحة المصرية على الجيش الإسرائيلى، الذى كان قد ملأ الدنيا ضجيجًا وصياحًا بأنه الجيش الذى لا يقهر، ووصف قواته الجوية -صلفًا وغروراً- بأنها الذراع الطولى، فإذا بجيش مصر الباسل فى يوم السادس من أكتوبر عام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين يقهرهم ويقطع تلك اليد الطولى ويحقق نصرًا شهدت به الدنيا وما زال صوته مدويًا عاليًا عبر الزمان وما زالت الأكاديميات العسكرية والمعاهد المتخصصة تتناوله بالفحص والدرس حتى يومنا هذا وإلى سنوات عديدة قادمة».
وفى تلك المناسبة العزيزة على قلب كل مصرى لا يسعنا إلا أن نلتقى بواحد من هؤلاء الذين رفعوا رأس مصر عاليًا ومحوا بعزيمتهم وتضحياتهم ظلام الهزيمة. هو العميد محمد محمد عبدالقادر. ليتذكر ونتذكر معه أمجاد تلك الأيام الخالدة ليس فى تاريخ مصر وحدها ولكن فى تاريخ الأمة العربية كلها.
ولنذهب معاً لنتعرف على هذا المقاتل المصرى، فهو العميد محمد محمد عبدالقادر.. السلاح: المدفعية.. الدفعة: 55 حربية.. تاريخ التخرج: يوليو 1969
كان وقت عمليات أكتوبر 73 برتبة «نقيب» قائد سرية مدفعية ميدان من العيار الثقيل «155مم».
وعن مرور أربعة وأربعين عامًا على نصر أكتوبر المجيد، الذى أعاد للأمة عزتها وكرامتها ورفع رأس العرب عالياً، يقول عبدالقادر فى هذه المناسبة لن أكون مبالغًا إذا ما بدأت بقولى إن نصر أكتوبر 73 قد بدأ فى اليوم التالى لنكسة يونيو 67، ذلك أن بشائر النصر بدأت برفض الشعب المصرى كله للهزيمة المفاجئة وغير المتوقعة والتى لم تكن أبدًا تعبر عن قدرات وكفاءات المقاتل المصرى، فقد خرجت جماهير الشعب كله رافضة تنحى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عن الحكم فى أول إشارة إلى رفض الهزيمة والرغبة فى الأخذ بالثأر.
أعقب ذلك وفور نزول الرئيس عبدالناصر على رغبة الشعب، الإعداد لاستعادة الكرامة واسترداد أرض سيناء المحتلة.
شهدت الفترة من يونيو 1967 وحتى أكتوبر 1973 ملحمة رائعة وترابطًا منقطع النظير بين الشعب وجيشه وقيادته، فكان الجميع فى خندق واحد، وانصهر الكل فى بوتقة واحدة، وكيف لا والهدف للجميع كان واحداً. وهو تحرير الأرض واستعادة العرض. ولو خضنا فى الأمثلة لهذا الترابط لاحتجنا إلى صفحات وصفحات. وأنا هنا سوف أمر سريعًا على بعض المحطات التى قادت البلاد فى النهاية إلى النصر الذى نحتفل به اليوم.
فور رجوع الرئيس جمال عبدالناصر عن قرار التنحى، بدأ فى اتخاذ بعض الإجراءات والتى تمثلت فى الآتى:
1- تغييرات جذرية فى قيادة القوات المسلحة، فتولت وجوه شابة مشهود لها بالكفاءة قيادة كافة أفرع وأسلحة القوات المسلحة.
2- الاستفادة من العلاقة القوية التى كان يرتبط بها مع الاتحاد السوفيتى فى ذلك الوقت فى إعادة تسليح القوات المسلحة، وتحديث ما لديها من أسلحة.
3- إرسال بعثات تدريبية من الطيارين والضباط إلى الاتحاد السوفيتى وتشيكوسلوفاكيا للتدريب على الطائرات المقاتلة الحديثة.
4- تغيير العقيدة القتالية للقوات المسلحة، فصارت «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة».
5- استحداث شعار عام بأنه «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».
6- جعل ذوى المؤهلات العليا والمتوسطة هم عصب القوات المسلحة بما لهم من قدرة على استيعاب التكنولوجيا الحديثة.
7- إجراء تعديل مؤقت على قانون التجنيد سمح بمقتضاه بتأجيل تسريح المجندين لحين تحرير الأرض.
وقد أظهر الشعب المصرى -وقد أحس بالخطر- تجاوبًا وتعاونًا لا مثيل له. فبدأت بجهود شعبية حملة لجمع التبرعات لإعادة تسليح الجيش ولدعم المجهود الحربى أسهم فيها كل حسب قدراته دون طلب أو إجبار، كما أسهم رجال الأعمال بنصيبهم فى تلك الحملة، فقدموا السيارات لدعم الجيش وكتب عليها «مجهود حربى» لتمييزها عن باقى السيارات. فكان الشعب كله مثالًا ونموذجًا لإنكار الذات، ومن هنا نقول إن النصر بدأ يوم توحد الهدف لدى الجميع. جيشاً وشعباً وقيادة.
وعما تم من إعداد قبل حرب التحرير وحرب أكتوبر ذاتها، قال عبدالقادر: تلك فترة ما زالت وستظل مرسومة فى مخيلتى بأدق تفاصيلها ولا أكون مبالغًا لو قلت إنها عمرى كله. دعنى أقدم لك لقطات، أو لنقل ومضات، من تلك الفترة كانت بمثابة علامات فارقة: أولاً: الروح المعنوية العالية للقوات جميعها، فصيحة «الله أكبر» التى كانت تدوى بصوت هائل لم يسبق له مثيل. لم يكن متفقًا عليها ولم يتم تلقين أحد من القوات بها، بل خرجت بعفوية من كل من كانوا على شاطئ القناة يستعدون للعبور فور مشاهدتهم للطائرات وهى تعبر القناة وسماعهم لقذائف المدفعية وهى تدك حصون العدو فى خط بارليف. هذه الصيحة إنما تعبر عن إيمان عميق بالله غشى كل الجنود والضباط، كذلك الإيمان بعدالة قضيتهم فكانت مفتاحًا للنصر ثانياً: قهر الجنود للساتر الترابى العملاق والمنشأ على حافة الضفة الشرقية للقناة وبزاوية ميل حادة فإذا بهم يتسلقونه حاملين أسلحتهم ومعداتهم ومرتدين «جاكت العبور» ذلك الاختراع الفذ الذى جمع كل مستلزمات الفرد المقاتل فيه ليمنح الأيدى حرية الحركة هذا إنما يؤكد على عزم وتصميم الجندى على تحقيق الهدف المحدد له ما دام قد اقتنع بعدالته.
ثالثاً: السلاح الرهيب -كما أسميه- وأعنى به المقذوفات الموجهة م/د (مالوتيكا) والذى رغم صغر حجمه فتأثيره عظيم فكان بحق مفاجأة تلك الحرب والتى قدر المخططون العسكريون أنها ستكون حرب دبابات بامتياز فاستقدموا ذلك السلاح ذو الدقة العالية فكان الصاروخ يعادل دبابة. ويدلنا ذلك على الرؤية الثاقبة للقيادة العامة للقوات المسلحة بتكثيف وتوزيع هذه الصواريخ على كامل الجبهة وأن التخطيط الجيد قد أتى بثماره. رابعاً: دقة معلومات الرصد والاستطلاع فيما قبل العمليات بواسطة عناصر الاستطلاع والمخابرات الحربية وفرت كثيراً من المعلومات والإحداثيات الدقيقة للأهداف فى عمق سيناء للقوات الجوية والمدفعية التى قامت فى التمهيد النيرانى بإحداث خسائر تخطت نسبتها 80% وبذلك تم الاستغناء عن القصفة الثانية التى كان مخططًا لها.
خامساً: التدريب الجيد، والذى تم على أيدى الضباط وضباط الصف على مدى السنوات الست السابقة على حرب التحرير. ذلك التدريب بكل أنواعه (نهارى/ليلى/ فردى/ مجمع/سرايا/كتائب) والذى أوصل الجندى لمستوى الاحتراف، أما عن العمليات القتالية فأقول: ما إن بدأ قصف المدفعية حتى أخذت القوات فى ركوب القوارب طبقًا لجدول معد سلفاً بحيث معلوم لكل فرد متى وأين سيركب القارب ورقم القارب المحدد له، كان مخصصًا لى ولجنودى القاربين رقم 2، 1 فى المعبر رقم 24 ضمن الموجة الثانية للعبور. كان محددًا لنا زمن الرحلة بسبع دقائق ونصف إلا أن حماس الجنود فى التجديف قد أوصلنا فى خمس دقائق فقط، تسلقنا الساتر الترابى دون أى معدات حيث لم تكن معدات الصعود المتمثلة فى سلالم من الحبال قد وصلت بعد. ما أن صعدت القوات الساتر الترابى وبدأت فى التقدم، حتى خرجت دبابات إسرائيلية من حفر مموهة. وأخذت تستخدم الرشاشات بصورة عشوائية تعكس مدى الذعر والهلع الذى انتابهم. إلا أن كتائب وسرايا الصواريخ والمقذوفات الموجهة، والتى ما زالت تحتل الهيئات العالية فى الضفة الغربية –وقد كانت ترصد ما يدور أمامها على أرض الضفة الشرقية- قد أخذت فى اصطيادها الدبابة تلو الأخرى فى صورة رفعت من معنويات قوات الموجات الأولى، ما إن بدأ دخول الليل حتى بدأ العدو هجوماته المضادة بالمدرعات ولكون المعلومات لديه قليلة إضافة إلى عنصر المفاجأة فقد أمكن تدمير الكثير من مدرعاته فى تلك الليلة. ولما بدأ فى القصف العشوائى بالمدفعية أمكننى مستخدمًا إحدى طرق إدارة النيران (إدارة النيران بنقص الإمكانيات) من تدمير بطارية للعدو شاهدناها وهى وتتطاير شظاياها فى الجو. اعتبارًا من صباح اليوم الثانى للقتال كان استخدام المدفعية هو العنصر الغالب على العمليات فى قطاع الطريق الأوسط لسيناء والذى كنت أعمل بسريتى ضمن الكتيبة، وشهدت تلك العمليات بطولات فردية وبطولات جماعية كثيرة، فهناك على سبيل، المثال أسر النقيب يسرى عمارة للعقيد الاسرائيلى عساف ياجورى- قائد لواء مدرع، كما كانت معركة المزرعة الصينية والتى كان بطلها المقدم حسين طنطاوى نموذجًا للعمل الجماعى. كما أن هناك الكثير والكثير من البطولات من رجال الصاعقة والمظلات تحتاج إلى مجلدات لنشرها وإعطاء كل ذى حق حقه فيها. خلاصة القول إنه قد تم تلقين العدو الإسرائيلى درسًا أظن أنه لم ينسه ولن ينساه أبدًا على أيدى قوات مسلحة ساندتها بقوة قوى الشعب، فكان النصر.
ويحضرنى هنا بعض أبيات من الشعر من قصيدتى «أكتوبر» إذ مَنّ الله على بتلك الموهبة أقول فيها:
أكتوبر يا شهرًا عظيمًا بِكَ نَزْهُو
وبِذِكْرِ ما أَنْجَزْنَا وحَقَقْنَا أَيَّامُكَ تَحْلو
فَفَى رِحَابِكَ حَارَبْنَا وعَبَرْنا القناةَ
وصيحاتُ التكبيرِ لِعَنانِ السماءِ تَعْلُو
**********
بِذِكرِ سِيرَتُكَ العَطِرة الرُوحُ تَسمو
ولاستعادةِ شريطِ الذكرياتِ تَهفُو
ويَغيِبُ العقلُ قليلا فى تَذَّكرٍ
فهنا قواتٍ وتلك قواتٍ والكل مُلْتَحِمُ
(... وانتصرنا)
وما زال العطاء غزيراً، إذ يواكب حلول الذكرى الرابعة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد خروج وليد جديد إلى الحياة. فبالأمس القريب خرج للنور كتاب (.. وانتصرنا) من إعداد العميد محمد محمد عبدالقادر، أحد أبطال نصر أكتوبر 1973، وأحد رجال المدفعية الذين دكوا فى اللحظات الأولى للهجوم حصون العدو فى خط بارليف من خلال التمهيد النيرانى العنيف والذى شهد العدو قبل الصديق بأنه أقوى تمهيد نيرانى حدث فى العصر الحديث، وفى الكتاب يتناول الكاتب بالتحليل المراحل المختلفة التى مرت بها البلاد من بعد النكسة وحتى الوصول إلى قرار الحرب ثم العبور وإحراز النصر المستحق.
ويتعرض الكاتب فى كتابه (... وانتصرنا) إلى أبرز الأحداث التى مرت عليه كقائد لوحدة فرعية صغرى، حيث كان برتبة نقيب قائدًا لسرية مدفعية ميدان من العيار الثقيل 155 مم، ويتضمن الكتاب الذى يأتى فى ثمانية فصول سرداً لقصة الشهيد البطل البرعى نصر البرعى، وقصيدة من تأليف الكاتب بعنوان «ملحمة النصر» تحكى قصة الحرب التى هى قصة دفعته الدفعة رقم «55»، مع تعريف مختصر بدور الدول العربية التى أسهمت فى الإعداد للحرب؛ وهمسة من الكاتب فى أذن شباب مصر يناشد فيهم وطنيتهم فى الوقوف صفًا واحدًا لبناء الوطن وتحقيق نهضته داعيًا إياهم إلى تدبر ما قام به جيله من نصر ما زال يتغنى به العرب فى كل مكان، مؤكدًا أنهم ليسوا أقل وطنية ولا حبًا لهذا الوطن.
ويتضمن الفصل الأول الأجواء فى مصر عقب نكسة يونيو 1967.
ويتعرض فيه الكاتب لحال البلاد عقب النكسة، ويتطرق إلى إعادة بناء القوات المسلحة وجهود الدولة والشعب وقطاعاته المختلفة لدعم المجهود الحربى، ويقدم الكاتب فى الفصل الثانى نبذة عن حياته وزملائه من الدفعة داخل الكلية الحربية، ويتعرض فيه إلى الحياة العسكرية فيما بعد التخرج والانضمام إلى إحدى كتائب المدفعية ثقيلة العيار، ثم الحياة على جبهة القتال على الشاطئ الغربى للقناة فى الاسماعيلية. خلال الفترة التى عرفت بحرب الاستنزاف وما تلاها من أحداث. ويحكى الكاتب عن تعرضه لموقفين أثرا فى حياته، ويحدثنا الكاتب فى الفصل الثالث عن تحضيرات وتجهيزات الأيام القليلة التى سبقت هجوم السادس من أكتوبر وحتى تمام استعداد القوات يوم الخامس من أكتوبر 1973.
وفى الفصل الرابع يصور لنا الكاتب بصورة تفصيلية أحداث يوم السادس من أكتوبر 1973 والتمهيد النيرانى بالمدفعية والطيران، ثم عبور وحدته تحت ستار التمهيد النيرانى وصيحات «الله أكبر»، ويقدم لنا الكاتب فى الفصل الخامس وصفاً دقيقاً للتغلب على معاناة القوات فى صعود الساتر الترابى ثم ملاقاة مدرعات العدو وجهاً لوجه. ثم يتعرض لقيامه وبواسطة السرية التى يقودها بتدمير بطارية مدفعية للعدو مساء يوم السادس من أكتوبر.
وتتضمن الفصول الأخيرة قصة الانضمام إلى مركز قيادة اللواء المشاة الميكانيكى الذى كان مكلفًا بتطوير هجوم الفرقة. وإصابة قائد السرية الثانية واستشهاد العريف البرعى نصر البرعى، وقصة مفرزة اقتناص الدبابات. وقصة العريف البطل الشهيد سيد. من المدفعية من إحدى فصائل المقذوفات الموجهة م/د. والذى كان ضمن المفرزة والتى كان الكاتب يمثل فيها عنصر المدفعية غير المباشرة، ذلك البطل الذى بما لديه من صواريخ (أربعة صواريخ) دمر دبابتين ومدفعين ذاتيى الحركة، محققًا أعلى معدل إصابة بنسبة 100% ثم استشهاده فور إطلاق آخر صاروخ معه، كما يتضمن الهجمات الجوية للعدو وتصدى صواريخ الدفاع الجوى لها، وواقعة إصابة أحد جنود السرية (جندى الإشارة/ سيد محمد سالم) جراء القصف الجوى بأسلحة محرمة دوليًا وكنا نطلق عليها (قنابل الجوافة)، وإيقاف إطلاق النار، والعودة إلى غرب القناة للمشاركة ضمن قوات حصار الثغرة والأثر النفسى الذى أحدثه ذلك القرار بعد التأكد من تحقيق النصر. واحتلال مراكز الملاحظات لمناطق زراعية وأثر ذلك فى إحداث هدوء نفسى للجميع. ووضع خطط لمنح الجنود إجازات قصيرة جدًا لطمأنة ذويهم مستغلين فى ذلك استتباب إيقاف إطلاق النار على كامل الجبهة.
ولقد قدم الكاتب ذلك الجهد فى هذا التوقيت إيمانًا منه بأن تلك الملاحم والبطولات لا يجب أن تموت بموت أصحابها وقد استغل قدرته على تطويع اللغة وملكة نظم الشعر لديه للخروج بكتاب تميز عن غيره بالمزج بين تسجيل وتوثيق الأحداث لتلك الفترة الهامة فى تاريخ هذا الوطن مع استخدام وسائل أدبية أخرى تقرب الصورة للقارئ كالشعر. ثم اختلف عن غيره من كاتبى القصص بأن ضمن كتابه نصائحًا للشباب مستغلًا تشابه الظروف بين تلك الفترة فى حرب أكتوبر وهذه الأيام حيث تخوض فيها البلاد حربًا لا تقل ضراوة بل تزيد، فجاء كتابه جامعًا ومحققًا تمامًا الغرض من كتابته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.