ارتفاع الديون الخارجية لأكثر من 78 مليار دولار.. والمحلية تتجاوز 3٫1 تريليون جنيه 10 مليارات دولار سندات تطرحها الحكومة بالخارج أكتوبر القادم التحذير من خروج مفاجئ للأموال وتدهور مستويات المعيشة هناك مخاوف مشروعة للوضع الاقتصادى رغم زيادة الأرقام ومؤشرات الأداء الإيجابية بزيادة احتياطى النقد الأجنبى الذى وصل إلى 36٫1 مليار دولار يغطى 7٫3 شهر من الواردات السلعية ويسجل أعلى مستوى له منذ عام 2010 وتحسن معدل النمو الاقتصادى بما يتجاوز 4٫2٪ مقارنة بأوضاعه بعد ثورة يناير 2011 وتراجع كافة المؤشرات حينها، وقررت الحكومة إصدار سندات دولارية قيمتها 10 مليارات دولار فى السوق العالمى خلال شهر أكتوبر القادم وهو ما يزيد من اكتتابات الأجانب فى أدوات الدين المصرى ويرفع من حجم الديون الخارجية المستحقة على مصر فضلاً عن تدفقات الأموال الساخنة وخطورتها عند الخروج المفاجئ على الاقتصاد المصرى. فماذا تقول الأرقام لعدد من المؤشرات عن الوضع الاقتصادى العام وهل نحن نسير على الطريق الصحيح أم لا؟ بداية فإن هناك تحسنًا ملموسًا فى معدل النمو الاقتصادى الذى يتجه إلى النمو الحقيقى الفعال بعد أن سجل أقل من 1٪ بعد الثورة وخلال فترة حكم الإخوان والآن يصل 4٫3٪ وسط توقعات بارتفاعه إلى 6٫5٪ بحلول عام 2020 وتكمن مكونات النمو من استثمارات وناتج محلى إجمالى قل فيه الاعتماد على حجم الاستهلاك الذى تأثر كثيرًا فى الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع الأسعار بشكل مخيف مما أدى إلى تراجع هذا الجانب. ورغم ارتفاع الأسعار فإن هناك تحسنًا فى ارتفاع حجم السيولة المحلية وحجم الودائع بالبنوك حيث تضاعف تقريبا حجم السيولة المحلية من أقل من تريليون جنيه عام 2010 ليصل إلى 2 تريليون و941 مليار جنيه فى نهاية شهر يوليو 2017 الماضى، وبزيادة بلغت 829 مليار جنيه خلال عام واحد فقط. وقد تجاوزت قيمة الودائع بالبنوك 3 تريليون جنيه فى يونية الماضى مقابل 1٫1 تريليون عام 2012 وبزيادة بلغت نحو 900 مليار جنيه خلال العام الأخير فقط وبالتالى فإن هناك أموالاً دخلت القطاع المصرفى بالطبع تخص شرائح اجتماعية معينة مستفيدة من رفع الفائدة أحد آليات الحكومة لخفض التضخم الذى تجاوز 35٪ بعد قرارات تحرير سعر الصرف وزيادة أسعار الوقود. وبتحليل الزيادة فى الودائع على مدى عام من يونية 2016 حتى يونيو 2017 نجد ارتفاع الودائع الحكومية بنحو 149 مليار جنيه وبلغت 511 مليارًا والودائع غير الحكومية ارتفعت بنحو 7٫2 مليار جنيه وبلغت 2٫5 تريليون جنيه معظم الزيادة للقطاع العائلى بنحو 300 مليار جنيه خلال العام وقد ارتفعت كل من ودائع القطاعين العام والخاص والمقيمين بالخارج. وفيما يخص احتياطى النقد الأجنبى فإن رغم زيادته إلى أكثر من 36٫1 مليار دولار فى آخر أغسطس 2017 إلا أن معظمه قروض وودائع خارجية واستثمارات لأجانب فى أذون الخزانة المصرية منذ تحرير سعر الصرف حتى أغسطس الماضى، مع ارتفاع العائد عليها إلى 22٪ وبالتالى فإن هناك جزءًا من الأموال الساخنة دخلت البلاد مع تعويم الجنيه قد تستفيد من ارتفاع الفائدة وتعود أدراجها للخارج بطريقة مفاجئة وهذا هو أساس الخطر. كما دخلت أموال ساخنة للبورصة المصرية خلال الفترة مما يزيد مخاوف الهروب المفاجئ على الاقتصاد المصرى بخلاف أن هناك 7 مليارات دولار أذون قصيرة الأجل سيتم استحقاقها قبل انتهاء 2017، بالإضافة إلى 1٫7 مليار دولار من المفترض سدادها هى الأخرى قبل نهاية العام الجارى كخدمات ديون متوسطة وطويلة الأجل أهمها مليار دولار لسداد قرض تركى تم الحصول عليه فى 2012 ومن المتوقع سداده فى أكتوبر 2017، وتسوية مديونيات قدرها 500 مليون دولار و100 مليون دولار مع ليبيا والسعودية بالترتيب وبالتالى فإن مكونات الاحتياطى التى كانت قبل ثورة يناير أقوى من وضعها الآن لأنها كانت من مصادر دخل حقيقة للبلاد من التحويلات والقناة والتصدير والاستثمارات الأجنبية المباشرة وعائدات السياحة. ولكن الجانب الإيجابى أن البنوك استطاعت توليد المزيد من الدولار عقب قرار التعويم حيث حققت أعلى تدفقات دولارية فى تاريخها ووفقا لتصريحات مسئول فى البنك المركزى فإن البنوك العاملة فى البلاد، وفرت نحو 55٫1 مليار دولار لتلبية احتياجات العملاء وتدبير الاعتمادات المستندية منذ تحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر وحتى منتصف سبتمبر الجارى وقال المسئول الذى طلب عدم نشر اسمه تم سداد مستندات تحصيل واعتمادات مستندية بنحو 40 مليار دولار وفتح اعتمادات مستندية بنحو 15٫1 مليار دولار. وقد حقق ميزان المدفوعات فائضًا بلغ 11 مليار دولار فى الفترة من أول يوليو 2016 حتى نهاية مارس 2017 وفقًا لبيانات البنك المركزى منها نحو 9 مليارات دولار تخص الفترة التى أعقبت قرار تحرير سعر الصرف مقابل عجز كلي بلغ نحو 3٫6 مليار دولار خلال الفترة المقابلة من السنة المالية السابقة. وهناك تصاعد ملحوظ فى الإيرادات السياحية حيث ارتفعت بمعدل 128٪ لتصل إلى 1٫3 مليار دولار مقابل 550٫5 مليون دولار الفترة المناظرة. وهناك ارتفاع لإجمالى التدفق للاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر خلال الفترة يوليو/مارس 2016/2017 بمعدل 12٫1٪ ليسجل نحو 10٫8 مليار دولار مقابل 9٫6 مليار دولار خلال الفترة المناظرة وقد سجلت تدفقًا للخارج بنحو 4٫2 مليار دولار مقابل نحو 3٫7 مليار وبالتالى هناك زيادة لصافى التدفق للداخل للاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر ليسجل نحو 6٫6 مليار دولار مقابل نحو 5٫9 مليار دولار كنتيجة أساسية لارتفاع صافى الصندوق للداخل للاستثمار فى قطاع البترول بنحو 1٫8 مليار دولار ليسجل نحو 3٫3 مليار دولار مقابل نحو 1٫5 مليار دولار. ولكن تتوقع الحكومة زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتكون أكثر حضورًا فى مجال التنقيب والبحث عن البترول على الرغم من أن ذلك لن ينعكس على توفير مزيد من فرص العمل للشباب. كما تبدو فرص البنك المركزى فى زيادة الاحتياطى النقدى بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة ضعيفة نظريًا من الناحية النسبية وهو ضعف مرتبط بكثرة الاستحقاقات التى يجب أن يسددها وفوائد الودائع الخليجية التى حصل عليها فى وقت سابق بمعنى أن هناك زيادة ستكون ضئيلة. وتسعى الحكومة إلى طرح سندات دولية جديدة تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار بحلول أكتوبر القادم لتحافظ على أوضاع النقد والتمويل اللازم للموازنة العامة بمصادر خارجية وهو ما سيرفع من مخاطر الديون الخارجية التى ربما تتجاوز 90 مليار دولار، وسيكون الرهان فقط على انتعاش التصدير المصرى إلى الخارج وعودة الحركة السياحية فى وقت قريب جدًا. وفيما يخص التحويلات فإن هناك زيادة بلغت 1٫6٪ لتسجل نحو 12٫6 مليار دولار مقابل نحو 12٫4 مليار دولار لارتفاع كل من صافى التحويلات الخاصة والتى بلغت 12٫5 مليار دولار. وتكمن المشكلة الكبرى فى تضخم كل من الديون الخارجية والداخلية التى وصلت إلى أرقام فلكية حيث بلغت الديون الخارجية نحو 78 مليار دولار وهى أكثر من ضعف حجم الاحتياطى النقدى كما وزادت أعباؤها على الموازنة وارتفع نصيب الفرد منها وكذلك الديون المحلية والتى تجاوزت نحو 3٫1 تريليون جنيه بمعنى أن الدين العام يمثل أكثر من 125٪ من قيمة إنتاجنا السنوى وهو رقم بالتأكيد مخيف وله تداعياته السلبية على الأسعار وعلى مستويات المعيشة وحياة المواطنين ويجب أن يكون هناك حل جذرى لهذه الديون فلا يمكن للدولة أن تعطى أملاً لمواطنيها وهى غارقة فى الديون ولا تستطيع أن تكف يدها عن الاقتراض.