ومصر الآن مطحونة بين نقص الانتاج.. وانخفاض الاحتياطي إلي حد الخطر.. يأتي التهديد الامريكي بقطع المعونة الاقتصادية والعسكرية معاً.. فهل تموت مصر جوعاً ويتضور الشعب .. أم يستسلم لمطالب الامريكان بالتدخل في السيادة المصرية.. ولو كان عندنا شركة كشركة قناة السويس لقمنا بتأميمها رداً علي هذه السياسة الامريكية والاوروبية، كما فعل جمال عبد الناصر.. ولو استطعنا ان نستعيد ما سرقه لصوص العهد السابق لفعلنا.. فماذا نفعل؟! وهل نبيع سيادتنا أم نقاوم وأمامنا فيديل كاسترو ظل صامداً يقاوم الضغط والحصار الامريكي الكامل أكثر من نصف قرن.. وما استسلم أبداً.. الحل ان نربط الحزام علي البطون.. وان ننطلق للانتاج، ولكن أمامنا هذا المثل العظيم الذي ضربه لنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، الفاروق.. كانت المجاعة قد ضربت كل جزيرة العرب من أقصاها إلي أقصاها فقد امتنع المطر فأجدبت الارض واحترق سطحها وكل ما عليها من نبات فصارت الارض سوداء كثيرة التراب فإذا تحركت الريح سفت رماداً.. ولذا سمي هذا العام.. عام الرمادة.. كما أصاب الطاعون بلاد العراق والشام وفيهما معظم بيوت المسلمين.. فماذا فعل الفاروق عمر.. لقد أوقف تطبيق بعض «الحدود» أي لم يطبق الحد - مثلاً - علي من يسرق ما يأكله.. كما أوقف غيرها محافظة علي المسلمين وأرضهم.. اذ كيف يقطع يد سارق الطعام في هذه الحالة.. هذا الدرس قدمه لنا أمير المؤمنين العادل: عمر بن الخطاب.. فماذا نحن فاعلون ومصر الآن معرضة للافلاس وفيها 85 مليون مصري قد يدخلون علي عام مجاعة قادم لا محالة اذا لم نتصرف.. وهل يبيع المصري شرفه وعرضه والله سبحانه وتعالي لعن المتكسبة من ثدييها أي المتنازلة عن شرفها.. هنا نسأل: كم حجم المعونة الامريكية هذه.. وهل نستطيع ان نرفضها وهل هناك ما يعوضنا عنها.. أقول نعم عندنا، والمثل قدمه لنا الفاروق عمر بن الخطاب في عام الرمادة.. يمكننا أن نوقف الحج والعمرة عاماً أو عدة أعوام وأن يتبرع كل راغب في الحج والعمرة بتكاليف هذه أو تلك.. أو بعض تكاليفها.. خصوصاً هؤلاء الذين سبق لهم اداء فريضة الحج مرة ومرات.. أو من سبق له أداء العمرة.. وليس في هذا الاجراء بدعة أو شبهة أننا نمنع المسلم من أداء فريضة ما.. نقول ذلك لأن مصر عرفت سابقاً وقف اداء الحج أعواماً عدة.. حدث هذا أيام الخليفة المستنصر بالله الفاطمي الذي تفشت في زمنه المجاعة لعدة سنوات ولم يجد المصري ما يأكله حتي الاطفال!! لان النيل لم يفض بالماء ليروي الارض ويزرعها الناس.. وحدث أيضاً أن اوقفت مصر اداء فريضة الحج عندما هددت الجيوش الصليبية الطريق البري أمام الحجاج عبر شبه جزيرة سيناء واضطرت مصر الي ايجاد طريق بحري من القصير علي البحر الأحمر إلي أراضي الحجاز.. ولكن توقف هذا الطريق أيضا عندما هددت سفن الاساطيل البحرية الصليبية أمن الطريق أمام الحجاج.. إذن للمسلم أن يوقف أداء فريضة الحج والعمرة.. إلي حين.. علي أن يخصص تكاليف هذه العملية لمصلحة الوطن ولمصلحة الأمة.. وكم أتمني أن يصدر شيخ الأزهر الإمام العاقل الرائع بيانا بذلك.. علي ان ينشئ الازهر وتحت رعايته وتصرفه صندوقاً لتلقي طلبات التبرع بكل تكاليف الحج أو العمرة وان يكون هذا الصندوق بعيداً عن أيدي الحكومة، أي حكومة وكل حكومة.. فلم تعد لنا أي ثقة في الحكومات، حتي ولو كانت حكومات انقاذ.. لأن المصري بات يعرف ان الداخل إلي جيب الحكومة مفقود. وان تخرج اجهزة الاعلام - التي جمعت الملايين تربحاً من الثورة وأحداثها وفيها كل الاعلانات التي تدعو المصريين للتبرع بتكاليف الحج والعمرة.. وكذلك كل الصحف، وان يتقدم شيخ الازهر الامام الدكتور احمد الطيب، كل المسلمين داعيا لهذا العمل العظيم.. وان تقوم كل اجهزة الاعلام بإذاعة بيانات الازهر.. اذ ليس بعد كلام الازهر أي كلام، بشرط أن يكون هذا الكلام مدعماً بالقرآن والسنة .. وتجربة عام الرمادة.. اننا نعلم ان اجمالي تكاليف الحج والعمرة حتي دون حساب قيمة المشتريات والهدايا تصل إلي مليارات الجنيهات ومعظمها يدفع بالعملة الصعبة التي تعرفها أمريكا وهذه المبالغ في رأيي تغطي بل تزيد علي قيمة كل المعونة الامريكية اقتصادياً كانت أو حتي عسكرية.. تعالوا نفعل ذلك .. واعلموا - يا أهل مصر - ان الله سيكتب لكل متبرع أنه ادي الفريضة.. فمن مات دون وطنه فهو شهيد.. ما رأي استاذنا الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب، هذا النبت الطيب أبا عن جد.. اعانه الله علي حمل هذه الامانة وإنجاحها..