أخطاؤه إدارية وأخلاقية لا جنائية.. مما يضعف الحل القانونى لإقالته مرونته وقدرته على المناورة تتيح له الفرصة لمواجهة خصومه يثير الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حالة جدلية منذ بداية حملاته الانتخابية الرئاسية فى 2016 حتى الآن، وتثير قراراته حالة جدلية ونقاشية بداية من السياسيين والإعلاميين وأفراد الشعب الأمريكى وفى باقى دول العالم، وينقسمون فيما بين مؤيد ومعارض ومحايد، ودفعت هذه الحالة التجاذبية إلى مواظبة العديد من جهات ومعاهد قياس الرأى والاستطلاعات إلى إجراء استطلاع كل شهر على مدار السبعة أشهر الماضية منذ دخوله البيت الأبيض حتى أغسطس الحالى، على كافة القضايا الداخلية والخارجية التى تتعلق بأدائه إلا أنها انتهت بغالبية إقرارها بضعف أداء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ولكنها لم تقدم مبررات حقيقية ومقنعة تكفى لإسقاطه وإزاحته عن منصبه. ومنذ بضعة أيام طالبت النائبة زو لوفجرين عضو الكونجرس، بإجراء فحص على القوى العقلية للرئيس ترامب، حيث ترى من وجهة نظرها أنه غير مؤهل لتحمل أعباء وواجبات منصبه كرئيس للبلاد، وكانت مجموعة من العلماء النفسيين والمتخصصين من جامعتى ييل وجون هوبكينز قد سبقوا النائبة زو لوفجرين، فى إعلانهم على الملأ أن دونالد ترامب مريض بداء الكذب، كما يراه الأستاذ الدكتور جون جارتز الخبير والمحاضر فى الأمراض والعلوم النفسية فى جامعة جون هوبكنز، الذى قال فى أبريل الماضى إنه يتابع خطابات ولقاءات ترامب بشكل يومى وتبين له من فحصه أنه «مريض خطير» على حد قوله، ويكذب طوال الوقت، أما الدكتورة براندى إكس لى قامت بدعوة زملائها فى الجمعية الأمريكية لأساتذة علم النفس والمكونة من 800 طبيب، بالإعلان على موقع إلكترونى تم تدشينه وحصل على 41 ألف توقيع أنهم يجب عليهم إطلاقهم تحذير عام للشعب الأمريكى أن الرئيس ترامب يداعب ويغازل ويخاطب النواحي النفسية لدى الشعب الأمريكى، تماما كما كان يفعل النازيون أيام حكم هتلر فى ألمانيا، ويقنعون أنفسهم بأنه يفعل الصالح للأمريكيين وهو فى الحقيقة يدمرهم تدميرا، وقامت الدكتورة لى بتنظيم محاضرات عامة استعانت فيها بمن تبقوا من أعضاء الجيش النازى الألمانى الذين وصفوا ما كان يفعله الأطباء المسئولون عن إبادة اليهود فى غرف الغاز فى معسكرات الأوشفيتس، وكيف كانوا يتدربون على إقناع أنفسهم بأنهم على صواب ويقتلون لديهم العاطفة كما يتدربون على مخادعة الآخرين. إلا أنه رغم كل هذه الشواهد المضادة لترامب وشعبيته، انقسم الشعب الأمريكى بخبرائه ومحلليه وسياسييه إلى فريقين، الأول يرى ويؤيد ترامب والآخر يندد بأدائه ويعلن ندمه على اختياره، وخاصة بعد حوادث مظاهرات ومصرع البعض فى مدينة شارلوتسفيل فى ولاية بوسطن، والتى أعادت ذكريات مؤلمة من انقسامات وإثارة نعرات التفرقة العنصرية وتفوق الجنس الأبيض على غيره من باقى الأجناس والأعراق حتى وإن كانوا من الشعب الأمريكى، وكيف بدا الرئيس ترامب مناوئاً للأعراق والملونين وخاصة السود من الشعب الأمريكى، وناصرا على الجانب الآخر للبيض مما أظهر وجهه الحقيقى وأثار حوله خلافاً واسعاً للرأى سوف نستعرضه فى الملف التالى: كان دونالد ترامب المرشح الجمهورى للانتخابات الرئاسية الأمريكية هو حصان التيار الشعبوى العالمى، الذى مثل ظاهرة احتذى بها بعض المرشحين فى دول مثل فرنسا أثناء انتخاباتها الرئاسية أيضاً، ولكن على الرغم من ظهور ترامب مناصراً لطبقة العمال البيض الأمريكيين ممن لا يحملون المؤهلات العليا، مخاطباً تطلعاتهم لحياة كريمة يحصلون فيها على حقوقهم المهدورة بسبب عدم مساواتهم بالأغنياء أو بمن ينتمون للطبقة الوسطى من المتعلمين والعاملين أو الموظفين، سواء فى الرعاية الصحية أو فى تعليم أولادهم والحصول على وظائف لائقة، إلا أن محاولات ترامب كى يبدو مناصرا لهذه الطبقة التى دعمته بقوة فى الانتخابات لم تدم طويلا بعد ظهوره على حقيقته فى مناصرته لطبقة البيض على حساب السود وأصحاب الأعراق والألوان والانتماءات القليلة الأخرى، فى خطابه الذى ألقاه عقب وقوع حادث فى مدينة تشارلوتسفيل فى ولاية بوسطن، والذى قام أحد المتظاهرين البيض بدهس مجموعة ممن يتظاهرون وينددون ضد العنصرية، وخرج على الملاء ليقول إن «هناك أناساً طيبين من بين المتظاهرين» وألقى اللوم على الفريقين، مما جعل الشعب الأمريكى يعيش صدمة قومية ضد اختياره لمنصب الرئيس لجموع الأمريكيين كما كان يعلن أثناء حملاته الانتخابية. وانهالت المقالات والتحليلات واللقاءات الإعلامية والصحفية التى تهاجم الرئيس الأمريكى من الإعلاميين والسياسيين والنشطاء السود والهيسبانيك وغيرها من الأقليات، من بينهم الكاتب تشارلز بلو وهو كاتب أسود فى نيويورك تايمز فى مقالته بعنوان «سقط فى كل الاختبارات الرئاسية»، وصف بلو الرئيس ترامب بالعديد من الصفات السلبية كان أبرزها التى اجتمعت آراء الكثيرين حولها هو كذبه وتضليله للرأى العام، وقال «بلو»: إن الأمة الأمريكية بلا قائد وأن من يتواجد فى البيت الأبيض ويعنى ترامب ما هو إلا عاقد للعقدة التى يعيشها الشعب الأمريكى وفى انتظار قدوم الرئيس الحقيقى للبلاد». تعددت الأسباب التى هاجم من أجلها الكاتب تشارلز بلو وغيره للرئيس ترامب والتى تحددت فى النقاط التالية: شخصنة أدائه كرئيس للبلاد يرى «بلو» أن ترامب يعتمد على حسه وشعوره الشخصى فى خوضه كل معركة أو قضية سياسية، وما يهمه هو انطباع وتأييد رجل الشارع فى الولاياتالمتحدة والعالم لسياساته أياً كانت صحيحة أو مخطئة، كما أكد بلو أن ترامب يهتم جدا بالصورة الذهنية التى ترسمها وسائل الإعلام عنه، منتقدا مبدأ الشللية المحيطة به من أول ابنته إيفانكا ووزوجها جيرد كتشنر وصولاً بفريقه الرئاسى الذى يغيره كل حين وآخر. الصدمات المتتالية والعنصرية اعتبر «بلو» أن ما حدث فى تشارلوتسفيل وتصريحات ترامب التى تغيرت ثلاث مرات متتالية، فى كل مرة تزيد الطينة بلة حتى إنه فى المرة الأخيرة الذى وصف داهسى المتظاهرين ومنددى العنصرية أنهم «أناس طيبون» على حد قوله لا يدل إلا على عنصريته وتحيزه للنخبة وليس لعامة الناس بيض وسود كما كان يبدو عليه فى الانتخابات، مما يؤكد على حد قول «بلو»: «إن العنصرية متأصلة فى عقيدة ترامب الفكرية حتى إن لم يظهر ذلك منذ البداية». الإعلام كانت قضية الإعلام وترويجه للشائعات السلبية عن أداء الرئيس ترامب وعلاقته بالجانب الروسى الذى تدخل لحسم الانتخابات لصالح ترامب وغيرها من المبالغات على حد تعبير ترامب، أثرها فى تراجع شعبية الرئيس بعد أول 100 يوم من توليه الرئاسة مقارنة بوضعه أثناء الانتخابات الرئاسية، ففى حادث تشارلوتسفيل ظهر ترامب وكأنه يحاول استعادة مكانته وتصحيح صورته الشعبية المهزوزة وليس مداواة شعبه المجروح المنقسم فيما بينه، وللأسف ظهرت حملة ترامب فى إعادة نهضة أمريكا على أجنحة الشياطين وليس ملائكتها، عندما أطلق تويتته التى قال فيها «شكرا للشرطة الأكثر عنفا وذكاء» عندما خرجت مجموعة من قوات الشرطة لمكافحة مجموعة صغيرة من المتظاهرين العنصريين وهاجمتهم هجوما شديدا وموسعا. غضب جماهيرى ولم تنهل مقالات المهنيين من الإعلاميين والسياسيين فقط لتحليل الموقف الترامبى، بل أتاحت المواقع الإلكترونية تسجيل الجماهير لآرائها أيضاً، حيث طالبت أعداد كبيرة من الأمريكيين بتولى الوطنيين وأصحاب الآراء السديدة سواء من الديمقراطيين أو غيرهم من المستقلين دفة إدارة شئون البلاد، حيث يرون أن ترامب وتصريحاته أثارت الكراهية بين فئات الشعب الأمريكى وجعلته «يأكل فى بعضه البعض»، مما يهدد مسار التاريخ الأمريكى الذى سار منذ بداياته نحو الديمقراطية العظمى والعدالة والمساواة الاقتصادية التى «تحطمت على صخرة ترامب»، وتساءلت الجماهير: هل تعكس حكومة ترامب رغبة الأمريكيين الحقيقية فى توفير مدارس أفضل لأبنائهم؟ توفير رعاية صحية شاملة لهم جميعا؟ بيئة نظيفة؟ ثم يجيبون عن أسئلتهم بجملة واحدة وهى «أن ديمقراطيتهم فى كارثة». الدستور الأمريكى 25 المعدل أثار الكثيرون حمية أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ فى تفعيل المادة 4 من الدستور المعدل 25، والتى تنص على قيام نائب الرئيس وغالبية أعضاء الحكومة التنفيذيين بتفويض رئيس مجلسى ممثلى الأمة (الكونجرس والسينات)، والمتحدث باسم مجلس السينات بإعلان أن «الرئيس غير قادر على أداء صلاحيات وواجبات منصبه، وبناء عليه يتوجب على نائب الرئيس أن يتولى فوراً صلاحياته وواجباته لمنصب الرئيس». زيادة إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان قام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بزيارة قاعدة أرليننجتون فى فيرجينيا الأسبوع الماضى وأعلن من هناك أنه سيرسل مزيداً من القوات الأمريكية قوامها 4 آلاف جندى إلى أفغانستان، مدعومين بالأسلحة والإمكانات الذكية التى تساعدهم في معركتهم ضد الإرهاب، منتقدا قرار أوباما بالانسحاب الذى يعتبره أحدث فجوة واسعة ملأها تنظيما داعش والقاعدة وهو ما ظهر الآن فى تواجدهما بقوة فى العراق وسوريا، وهو الأمر الذى جاء مخالفا لادعاءات ترامب أثناء حملته الانتخابية بأنه يكفى ما فات من الدماء والتضحيات واتباع سياسة انغلاقية لا تورط الولاياتالمتحدة فى مزيد من نزيف الأموال والشباب والدماء على الأراضى الغريبة. استبدال قانون «أوباما كير» ب«ترامب كير»: فشل الرئيس ترامب فى الحصول على تصويت الأغلبية فى الكونجرس على عدم تمرير قانون أوباما كير واستبداله بقانون مماثل مقترح من حكومة ترامب، وهو ما اعتبره السياسيون خفوقاً وتراجعاً للأداء «الترامبى» فى مواجهة أول تحد لأول مشروع قانون مقترح. المعاهدات التجارية NAFTA أبدى الرئيس ترامب اعتراضه على الكثير من بنود وأشكال التعاون التى تنص عليها اتفاقية نافتا التى تجمع بين المكسيكوالولاياتالمتحدةوكندا، حيث يرى أنه يتوجب تعديل بعض البنود الخاصة بحصص العمالة، والبيئة ومستويات الصحة والسلامة، والمزيد من الحريات فى واردات كنداوالمكسيك أى معاملة تجارية «بالمثل» وفرض مزيد من المحاذير على حراس السلامة. ورغم تأييد بعض الديمقراطيين لهذه التعديلات إلا أنها تمثل أخطاراً ومجازفات على بعض الجوانب الأخرى، فترويج ترامب لشعار «أمريكا أولاً» فإنه فى سبيل تحقيقه يواجه السوق الأمريكى الكثير من المشكلات فى إطار منافساته مع المنتج الأجنبى، الذى يحذر بدوره أيضا المنتج الأمريكى فى بلاده مثل محاذير على فول الصويا الأمريكى فى كندا والسيارات الأمريكية فى كنداوالمكسيك، مما يجعل هناك خسارات واسعة فى تصدير المنتج الأمريكى لهذه البلدان وتوجهها لأسواق أخرى مثل الصين، كما تهدد هذه التعديلات خسارة مجموع 6 ملايين وظيفة فى الولاياتالمتحدة مرتبطين بحجم العمال مع كنداوالمكسيك. استبعاد بعض من أعضاء الفريق الرئاسى استبعد الرئيس الأمريكى العديد من أعضاء فريقه الرئاسى أثناء حملته الانتخابية وغيرها ممن كانوا فى بعض المناصب مثل رئيس ال«إف بى آى» الذى كان باقيا من حكم أوباما، وبعض من مستشارى الأمن القومى ماك ماستر وميشيل فلاين، وسكرتير الصحافة شين سبيايسر وغيرهم، إلا أن أبرزهم هو ستيف بانون رئيس مجلس برايت بارت وكان رئيس فريقه، كما أنه من الشخصيات المفضلة من تيار اليمين وكان له آراء سديدة فى حظر دخول المسلمين من بعض البلدان العربية والأفريقية، تهدئة الصدام والخطاب مع كوريا الشمالية واستبعاد الخيار العسكرى، بالإضافة إلى تصريحات بانون عن خسارة السوق الأمريكى لمنافسته مع مثيله الصينى، وأحداث تشارلوتسفيل وهو ما لم يعجب ترامب، وجاءت إسرائيل لتصطاد فى الماء العكر كعادتها ووصفت بانون فى صحفها بأنه الصديق الصدوق للدولة الإسرائيلية والتى تفتقده لأنه كان من مؤيدى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وهو ما كان سبباً للصدام بينه وبين زوج ابنة ترامب كوتشنر. وأثار خروج بانون من البيت الأبيض بداية لشن بعض الإعلاميين الحرب على ترامب وهو ما قاله جويل برلاك رئيس تحرير أحد المواقع الإخبارية الإلكترونية.