رغم صغر حجم دولة قبرص إلا أنها تمثل فى الوقت الراهن شريكاً استراتيجياً بالغ الأهمية لمصر داخل الاتحاد الأوروبى، وكلا البلدين خاصة فى السنوات الثلات الأخيرة بدأ يمد يده للآخر وكان نتاج هذا أن قامت قبرص ومصر ومعهما اليونان بتدشين آلية للتعاون بينهم وعقد قادة الدول الثلاث «4» قمم، ومن المنتظر أن تعقد قمة أخرى فى نيقوسيا بين رؤساء الدول الثلاث بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبالنظر الى الاقتصاد القبرصى سنجد أنه يتمتع بعدة خصائص متميزة للغاية ومنها أنه اقتصاد خدمى بالدرجة الأولى، وهناك انتعاش كبير فى السياحة والخدمات المالية وقطاع المقاولات وهذه الخدمات تمثل نحو «82٪» من إجمالى الناتج القومى الإجمالى، الأمر الذى يؤكد أنه من بالغ السهولة أن تستفيد الشركات المصرية فى مجالات مختلفة من هذا الشريك الاستراتيجى الهام جداً فى شرق المتوسط وهو جمهورية قبرص. حاورت فى نيقوسيا المستشار التجارى على باشا رئيس المكتب التجارى المصرى هناك وهو من الكفاءات الشابة فى جهاز التمثيل التجارى ودار بيننا حوار طويل حول مستقبل العلاقات التجارية بين القاهرةونيقوسيا وكانت السطور التالية: فى البداية سألت المستشار التجارى على باشا عن الاقتصاد القبرصى والخصائص التى يتميز بها فأجاب: قبرص بلد اقتصادى خدمى، ويعد مركزاً هاماً للغاية فى دول حوض المتوسط للخدمات المالية حيث تتواجد به مقرات لشركات خدمات مالية عالمية مثل شركات «K.P.M.G»، و« «P.W.C» و«Deloitte» و«Ernst - young» وتعد هذه الشركات بمثابة الاستشارى لعملائه من دول كثيرة أخرى وتتولى توفير الفرص الاستثمارية لهم وإدارة محافظهم الاستثمارية وغيرها من الأنشطة المالية، الأمر الآخر أن قبرص بها منظومة متكاملة للنقل والشحن البحرى وتعد بمثابة المركز العالمى لإدارة إنشاء الشحن مع الأخذ فى الاعتبار أن المسافة بين القاهرةونيقوسيا صغيرة للغاية ولا تتجاوز حوالى الساعة والربع بالطائرة يضاف الى كل ما سبق وجود منظومة بنكية جيدة، وانتعاش كبير فى السياحة والمقاولات. وكيف يمكن من وجهة نظركم استغلال الموانئ القبرصية لإحداث نقلة كمّية ونوعية للصادرات المصرية؟ يوجد هنا فى قبرص ميناءان هامان هما ميناء ليماسول، وميناء لارناكا ويمكن استغلالهما فى تصدير السلع المصرية من الحاصلات الزراعية سريعة التلف مع الاشارة الى أن هناك شركات قبرصية كان لها تجارب ناجحة فى هذا الموضوع وقد تقدمت احدى الشركات بعرض لإنشاء خط «رورو» «RORO» لتصدير السلع الزراعية المصرية الى الأسواق النهائية لها فى ايطاليا وشرق أوروبا وألمانيا خاصة أن هذه الشركة كانت لها تجربة ناجحة قبل الثورة استمرت لمدة «3 سنوات» وأحب أن أشير لك فى هذه النقطة إلى أن المكتب التجارى استطاع العام الماضى توفير 25 فرصة تصديرية فى قطاعات مختلفة. قاطعت رئيس المكتب التجارى وقلت له: ولكن عدد سكان قبرص لا يتجاوز مليون نسمة وبالتالى فهناك تخوف من المصدرين فأجاب: أنت تتحدث فى نقطة فى منتهى الأهمية والخطورة وهى نظرة المصدرين الى دولة مثل قبرص على أنها صغيرة وهو تصور خاطىء مليون بالمائة لأن قبرص تتمتع بموقع حيوى جداً حيث يمكن التصدير منها الى دول أخرى عبر الوسطاء التجاريين والتجار القبارصة وسبق وأن تم إبرام صفقات لتصدير الموالح المصرية الى الصين عن طريق وسطاء قبارصة وجارٍ التحضير لزيارة وفد من مجموعة سلاسل هايبر ماركت روسية كبيرة لمصر خلال شهر أغسطس القادم لبحث استيراد سلع غذائية مصرية متنوعة عن طريق وسيط قبرصى ويعكف المكتب التجارى فى قبرص على وضع اللمسات النهائية للزيارة. ذكرت أن قبرص تعتمد بدرجة كبيرة على تجارة الخدمات فكيف يمكن للشركات المصرية أن تستفيد من هذه التجارة خاصة فيما يتعلق بالخدمات المالية؟ نعم، يعد قطاع الخدمات المالية «بنوك صناديق الاستثمار تأمين استشارات مالية» أبرز القطاعات فى الاقتصاد القبرصى، الأمر الذى يجعل منها واحدة من أهم المراكز المالية فى أوروبا وبالتالى فإن قبرص نظراً لموقعها الجغرافى المتميز وقربها الشديد من مصر بالاضافة الى العلاقات السياسية المتميزة ستكون محطة مهمة ونقطة ارتكاز رئيسية لنقل الاستثمارات الاجنبية الى مصر وهو ما يعزز من أهمية تحقيق التواصل الدائم بين صناديق الاستثمار والبنوك والشركات الاستشارية المالية الكبرى المتواجدة فى قبرص والجانب المصرى سواء على المستوى الحكومى أو القطاع الخاص، وأحب أن أشير فى هذه النقطة الى أن المكتب التجارى فى العاصمة القبرصيةنيقوسيا كان قد قام بفتح قنوات اتصال مع المقرات الاقليمية لشركات الاستشارات العالمية مثل «K.P.M.G» والاستعانة بالتسهيلات التى منحتها للمكتب فى تنظيم أول ندوة للترويج لمحور قناة السويس بالخارج فى 30 يونية 2015. لو تحدثنا عن التصدير للسوق القبرصى..ما هى الفرص التى يمكن أن تتاح هنا للمصدرين المصريين؟ مشكلة المصدر المصرى كما أشرت لك سابقاً أن المصدر المصرى ينظر الى السوق القبرصى على أنه سوق صغير، فقبرص تعد محطة للتصدير من مصر لدول أخرى من خلال الوسطاء القبارصة وهنا شركات كثيرة تعمل فى مجال الوساطة التجارية ونجح المكتب فى إبرام تعاقدات تصديرية لكمية كثيرة من البرتقال المصرى للصين وروسيا عن طريق وسيط قبرصى ونحن هنا لم نتوقف على دعوة كبار المصدرين المصريين للسوق القبرصى بل نقوم بتوفير فرص تصديرية للشركات الصغيرة والمتوسطة التى تستطيع تصدير كميات محدودة «كونتينر أو 2كونتينر»، وقد استطاعت شركات مصرية تحقيق أرقام طيبة فى بعض الصادرات حيث استطاعت احدى الشركات تصدير ورق صحى «تواليت» بنحو «5» ملايين يورو» ونجحت شركة أخرى فى تصدير منتجات بلاستيك بنحو «3» ملايين يورو، ونحن مستمرون وسنظل فى عمل برامج توعية للمصدر المصرى نحو هذا السوق. هل توجد استثمارات مصرية هنا فى نيقوسيا؟ توجد استثمارات رجل الأعمال نجيب ساويرس وهى الاستثمارات الخاصة بمشروع المارينا السياحية فى منطقة «إيانابا» باستثمارات تقدر بنحو «250» مليون يورو، وانتهت المرحلة الأولى من المشروع فى سبتمبر الماضى ويعد هذا المشروع من أكبر المشروعات التى شهدتها قبرص فى مجال السياحة. الى أى مدى وصلت مرحلة التعاون فى مجال السياحة بين البلدين خاصة أن قبرص من الدول الهامة المستقبلة للسياح الأجانب؟ كما تعلم، تستقبل قبرص سنوياً ما لا يقل عن «3» ملايين سائح وكان تشكيل باقات سياحية مشتركة بين دول مصر وقبرص واليونان هو أحد أهم التوصيات الهامة التى صدرت عن رؤساء الدول الثلاث خلال القمم التى عقدت بينهم خلال الفترة الأخيرة.. ووضع المكتب التجارى بنيقوسيا هذا الملف الهام ضمن إحدى أهم أولوياته، وكان من نتاج هذا الجهد إرسال عدد من الشركات القبرصية السياحية الى القاهرة والالتقاء بالاتحاد العام لغرف السياحة وهيئة تنشيط السياحة، بالاضافة الى ذلك تقدمت احدى شركات الطيران القبرصية المنشأة حديثاً فى قبرص بطلب الى وزارة الطيران المصرية لتيسير رحلات طيران منتظم وشارتر «عارض» من قبرص للقاهرة ومطارات أخرى مصرية، وأحب أن أضيف فى هذه المنطقة أن هناك ترتيبات بين الجانبين المصرى والقبرصى لإعادة تشغيل سياحة سفن «الكروز» عبر موانئ شرق المتوسط. أعلم أن قطاعى المقاولات والدواء من أهم القطاعات القبرصية المتقدمة.. هل هناك أوجه تعاون بين الشركات المحلية هنا ونظيرتها المصرية؟ فى المقاولات استعانت مصر بخبرات شركة Nemisis القبرصية فى تنفيذ ازدواج طريق الشيخ فضل رأس غارب بتكلفة تقدر بنحو «350 مليون جنيه»، وقامت الشركة بتأسيس فرع لها فى مصر باستثمارات مباشرة تقدر بنحو «4» ملايين يورو، ويسعى المكتب التجارى هنا الى تحقيق نوع من الشراكة بين الشركات القبرصية والمصرية فى دولة ثالثة ولتكن بأفريقيا أو أوروبا بهدف تحقيق المنفعة المشتركة ومساعدة إحداهما الأخرى على النفاذ لأسواق جديدة «أوروبا بالنسبة لمصر، وأفريقيا بالنسبة لقبرص» أما عن قطاع الأدوية فيعد هذا القطاع هنا من أهم القطاعات الصناعية الرائدة فى قبرص وتبلغ صادراته «300» مليون يورو، وهناك مفاوضات جادة لقيام شركة قبرصية كبيرة بضخ استثمارات جديدة قيمتها «20» مليون يورو لإنشاء مصنع أدوية بالعين السخنة وتصدير منتجاته بالكامل.