أشاد السفير حسين طنطاوي مبارك سفير مصر لدى قبرص بمستوى العلاقات التي تربط بين البلدين في شتى المجالات، وخاصة منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة. ونوه السفير مبارك - في لقاء مع وفد من ممثلي الصحف المصرية ووكالة أنباء الشرق الأوسط والذي يزور نيقوسيا حاليا - بأن مصر تربطها علاقات تاريخية بقبرص وترجع تلك الروابط لأكثر من 50 عاما منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والرئيس القبرصي ماكريوس الذي كان أول رئيس لقبرص في عام 1960. واستعرض تاريخ العلاقات التي تعود أيضا إلى الحقبة التي كانت فيها قبرص تحت الاحتلال البريطاني حيث ساعدت مصر قبرص في الحصول على الاستقلال.. لافتا إلى أن اتفاقية الجلاء وخروج العدوان البريطاني من مصر في عام 1954 كانت بمثابة شرارة الانطلاق للكفاح ضد الاحتلال في قبرص، وهى تاريخ يعرفه الشعب القبرصي تماما ويدين لمصر في هذه الجزئية بشدة وهذه كانت البداية الفعلية للعلاقات بين البلدين. وأشار إلى أن العلاقات بين القاهرةونيقوسيا تطورت فيما بعد واتجهت نحو التحسن وظلت وطيدة منذ ذلك الحين.. مذكرا بأن وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة بعد انتخابه رئيسا للبلاد في عام 2014 ساهم في توثيق وتعزيز العلاقات بين القاهرةونيقوسيا. ولفت السفير المصري إلى أن رئيس قبرص نيكوس أنستاسيدس قد زار مصر في نوفمبر 2013 عقب ثورة 30 يونيو مما أعطى دفعة قوية للعلاقات لأنه كان أول رئيس دولة غربية يزور مصر عقب الثورة، إضافة إلى مشاركة الرئيس القبرصي في مراسم تنصيب الرئيس السيسي بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 2014. كما أشار إلى اللقاءات المتعددة والاتصالات المستمرة بين الرئيسين السيسي وأنستاسيدس.. مذكرا بأن الرئيس السيسي قام بزيارة قبرص في أبريل الماضي ليكون أول رئيس مصري يزور نيقوسيا ولذلك يعتبرها الجانب القبرصي زيارة تاريخية. وحول آلية التعاون الثلاثي المصري - القبرصي - اليوناني.. أوضح السفير مبارك أن الآلية الثلاثية تهدف إلى تعزيز العلاقات، وعقد اجتماعها الأول على مستوى القمة بالقاهرة في نوفمبر الماضي، والثاني في أبريل بنيقوسيا، أما القمة الثالثة فسوف تستضيفها أثينا في التاسع من ديسمبر المقبل. وكشف عن أنه من المتوقع أن تعقد قمة ثنائية بين الرئيس السيسى ورئيس وزراء اليونان ويسبق ذلك القمة الثلاثية. وأضاف أن "تلك الآلية لا تنظر فقط إلى توثيق العلاقات السياسية ولكنها تركز أيضا على مختلف العلاقات بما فيها الاقتصادية وتعزيز التبادل التجاري والاستثمار".. لافتا إلى أن هذه الآلية فتحت آفاقا جديدة للتعاون بين القاهرةونيقوسياوأثينا ولاسيما من أجل البحث في إقامة مشروعات بين الدول الثلاث وهناك مشروعات جار مناقشتها الآن في هذا الصدد لتعزيز التعاون وبعضها داخل إطار الاتحاد الأوربي وبعضها خارج إطار الاتحاد الأوربي، وهذه الآلية في حد ذاتها تعتبر مفيدة لهذه الدول الثلاث، كما أنها مفيدة في شرق المتوسط. وردا على سؤال حول التعاون المصري القبرصي في مجال الطاقة.. قال السفير المصري بنيقوسيا إن "قطاع الطاقة هو من بين مجالات التعاون التي برزت مؤخرا بين مصر وقبرص".. لافتا إلى أنه تم مؤخرا في قبرص ومنذ ثلاث سنوات اكتشاف حقل "أفروديت" في قبرص وهذا هو الحقل الأساسي الذي اكتشف عقب ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، وكان الجانب القبرصي مقدرا جدا لترسيم الحدود مع مصر لأن مصر الدولة الأولى التي وقعت حدود بحرية مع قبرص في عام 2003. وأشار إلى أن حقل افروديت القبرصي تم اكتشافه بينما كانت مصر تمر بثورتين أدت إلى انخفاض حجم الغاز المصري، فحدث تعاون بين وزارتي البترول المصرية والقبرصية على استيراد الغاز القبرصي.. مؤكدا على وجود ترتيبات تجرى حاليا بوتيرة جيدة لاستيراد الغاز القبرصي. وأوضح السفير مبارك أن توجه مصر هو الاستمرار في استيراد الغاز القبرصي بصرف النظر عن حقل "ظهر" الذي اكتشفته شركة إيني الإيطالية، لاسيما وأن السوق المصرية هي سوق ضخمة حيث يبلغ عدد السكان ما يقرب من 90 مليون نسمة. وحول إمكانية أن تصبح مصر محورا لتصدير الغاز إلى أوربا في المستقبل القريب.. قال السفير مبارك إن "تلك هي الرؤية المصرية وترتكز على تحويل مصر إلى محور ليس فقط في شمال أفريقيا ولكن في شرق المتوسط ومنطقة البحر المتوسط بأكملها، من خلال امتلاك مصر فعليا لمحطات تسييل الغاز في إدكو ودمياط وباستثمارات ضخمة جدا في هذا القطاع تصل إلى 8 مليارات دولار"، منوها بأنه لا أحد يمتلك هذه الإمكانيات التي تتمتع بها مصر حتى الآن. وأضاف أنه "من حسن الحظ أنه عندما تم اكتشاف حقل الغاز بشرق المتوسط كان لدينا بالفعل محطات تسييل الغاز العملاقة الموجودة وهو ما تعطينا ميزة ودفعة قوية لنكون مركزا للغاز بشرق المتوسط وفى شمال أفريقيا".. موضحا أن الطريق ليس مفروشا بالورود، ففي أي مجال يوجد منافسون ولكن هذا هو المسعى والرؤية المصرية. وذكر السفير المصري أن التوقعات التي أعلنتها شركة "إينى" بشأن حقل "ظهر" تؤكد أنه الأكبر في شرق المتوسط وبالتالي فإن هذا الحقل سيغطى الاستخدام الداخلي ويسمح بإعادة التصدير مرة أخرى للغاز المصري. ولفت إلى أنه كلف بنقل رسالة تطمين للجانب القبرصي بعد اكتشاف حقل "ظهر" مفادها بأن مصر سوف تستمر في خطوات استيراد الغاز من قبرص وذلك في إطار السياسة العامة للدولة حيث قام عقب توليه منصبه بنيقوسيا بعقد لقاءات مع المسئولين المصريين المعنيين بشركات الغاز الطبيعي وشركة "إيجاس" والذين أكدوا التوجه العام لمصر وهو استمرار التعبير عن الرغبة في استيراد الغاز القبرصي وذلك في ظل وجود رؤية أوسع وأشمل لكى تتحول مصر إلى مركز لتسييل وتصدير الغاز. وأشار السفير المصري لدى قبرص إلى أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وقبرص كانت قد شهدت نموا وارتفاعا حتى بداية عام 2011 وقت قيام ثورة يناير حيث كان الميزان التجاري بين الدولتين يبلغ آنذاك 100 مليون يورو، ولكن ترتب على تباطؤ العجلة الاقتصادية في مصر نتيجة الثورة وما أعقبها في 30 يونيو 2013 تأثر الميزان التجاري بين مصر وقبرص، وأن الميزان التجاري يتراوح الآن من 62 إلى 65 مليون دولار، والحقيقة أن مصر كانت المستفيدة من علاقاتها الاقتصادية من قبرص لأننا كنا نصدر ثلاثة أضعاف ما كنا نستورد من قبرص. وأضاف أن "قبرص تعد من البلدان القليلة التي يكون فيها حجم الميزان التجاري في صالحنا، فنحن نصدر لها المنتجات والمشتقات البترولية بكثافة كانت تشكل 50 % من صادرتنا لقبرص وذلك قبل قبل 25 يناير وكنا نصدر الأسمنت والملابس وبعض الخضروات والفواكه والحديد". وعن التعاون المصري القبرصي في قطاع السياحة وكيفية الاستفادة من الخبرة القبرصية في مجال الخدمات.. قال السفير مبارك إن "هناك تعاونا بين السفارة المصرية بنيقوسيا ورئيس غرقة الشحن بليماسول القبرصية حول كيفية دعم قناة السويس بعد توسيعها".. لافتا إلى أن الموضوع مرتبط بالتجارة العالمية حيث أنه لابد أن تزدهر الأخيرة حتى تزدهر قناة السويس. وأوضح أن هناك مشاريع مشتركة للتعاون السياحي من أجل تنظيم رحلات سياحية بحرية مشتركة تربط بين قبرصوالإسكندرية أو بورسعيد ثم تسير بقناة السويس مرورا بسفاجا وقد تشمل الأردن. وعما إذا كان هناك مجالات أخرى للتعاون.. أشار السفير المصري إلى التعاون بين الجانبين في مجال الشحن نظرا لخبرة قبرص في هذا المجال حيث تعتبر الأخيرة عاشر دولة في العالم تمتلك أسطولا بحريا وثالث دولة على المستوى الأوربي أيضا، وأن 70% من الاقتصاد القبرصي يعتمد على الخدمات وجزء كبير من الخدمات هو للشحن. واعتبر أن قبرص تعد قوة مهمة جدا بشرق المتوسط في مجال الشحن.. مشيرا إلى أنه يتم في الوقت الحالي مناقشة كيفية تنشيط خطوط الشحن بين ميناءي الإسكندرية وليماسول وهو الأهم في قبرص وتسيير خطوط للشركات بحيث تستخدم الميناءين وهناك اتفاقية بينهما. وعن كيفية الاستفادة من الخبرة القبرصية في مجال الشحن والخدمات اللوجستية في محور قناة السويس.. أكد السفير المصري أن هناك فرصا للتعاون والتكامل بين البلدين بين موانيء البلدين، وعلى سبيل المثال في ميناءي الإسكندرية وليماسول. وأشار إلى الزيارات المتبادلة بين الجانبين وكانت آخرها تلك التي قام بها وفد من رجال الأعمال المصريين والغرف التجارية.. مشددا على أنه من المهم أن رجال الأعمال الذين يقدمون إلى قبرص أن يكون لهم الرغبة في إقامة مشروعات مشتركة مع رجال الأعمال القبارصة. وقال إن "حجم الاستثمارات القبرصية المشتركة في مصر تقدر بنحو 4 مليارات يورو".. منوها بأن رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس سيقوم بإقامة مشروع استثماري ضخم في ميناء اينابا القبرصي. وحول سبل استثمار المناخ السياسي والعلاقات المتميزة بين القيادتين السياسيتين لتعزيز التعاون الاقتصادي والمزيد من التعاون الاقتصادي.. وصف السفير مبارك المناخ السياسي بين مصر وقبرص ب" الممتاز".. مشيرا إلى أن قبرص تقدر أهمية وحجم مصر وذلك يرجع إلى العلاقات التاريخية حيث كان هناك عدد كبير من القبارصة يقيمون في مصر ويشعرون بالفعل أنهم مصريون بخلاف حجم مصر كقوة إقليمية في المتوسط وشرق المتوسط والشرق الأوسط. وأضاف أن "الأزمة المالية في قبرص قاربت على الانتهاء حيث تحسنت التصنيفات المالية للبلاد وفقا لمؤشرات الوكالات الائتمانية العالمية وهو ما يفتح آفاقا جديدة للتعاون مع مصر". وبخصوص ما يؤكده المسئولون بنيقوسيا عن أن قبرص تعد سفيرا لمصر داخل الاتحاد الأوروبي.. أوضح السفير المصري أن قبرص بالفعل باعتبارها تقع في جنوب أوروبا هي الأكثر تفهما في القارة الأوربية لما يحدث في مصر وهو ما يتم ملاحظته خلال اللقاءات مع المسئولين القبارصة.. مذكرا بأن قبرص هي دولة عضو بالاتحاد الأوروبي وتنقل إليه ما تشهده مصر.