لم يكد الرئيس السوري بشار الأسد يتنفس الصعداء بإجهاض مشروع القرار العربي الغربي الجديد في مجلس الأمن الدولي الذي يطالب بتنحيه, إلا وظهرت تقارير وتصريحات جديدة أكدت أن "الفيتو" الروسي والصيني لن يطيل عمر نظامه. ففي 5 فبراير, نقلت قناة "الجزيرة" عن مصادر دبلوماسية في نيويورك القول إن دولا عربية وغربية تعتزم مواصلة جهودها داخل مجلس الأمن الدولي وخارجه للوصول لقرار دولي يتعلق بالوضع في سوريا، وذلك بعد إحباط الفيتو الروسي الصيني في 4 فبراير مشروع قرار عربي غربي يدعم الخطة العربية لحل الأزمة على الطريقة اليمنية. وأشارت المصادر السابقة إلى تلميح قوى غربية عزمها التحرك من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار داعم لمشروع القرار العربي الغربي, كما أن بعض الدول الأوروبية تسعى للتحرك واتخاذ مواقف أحادية الجانب للضغط على نظام الأسد. بل وخرج الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أيضا في 5 فبراير بتصريحات من شأنها أن تضاعف الضغوط أكثر وأكثر على الأسد, مشيرا إلى أن بلاده تتشاور مع دول عربية وأوروبية لتشكيل مجموعة اتصال بشأن سوريا، بعد استخدام روسيا والصين في 4 فبراير حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار العربي الغربي في مجلس الأمن الدولي الذي يتبني المبادرة العربية لحل الأزمة السورية على الطريقة اليمنية. وفيما أدان ساركوزي الفيتو الروسي والصيني ووصفه بأنه يشجع النظام السوري على مواصلة "سياساته القمعية", استطرد قائلا:" إن فرنسا لن تيأس، وهي على اتصال بشركائها العرب والأوروبيين لإقامة مجموعة أصدقاء الشعب السوري التي ستحشد الدعم الدولي لتنفيذ الخطة العربية". وبجانب مفاجأة ساركوزي حول "مجموعة أصدقاء الشعب السوري", فقد أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن الوقت حان ليتحرك مجلس الأمن الدولي بحزم حيال سوريا بعد استحالة معالجة الخلافات مع الصين وروسيا, قائلة في بيان لها :"إذا مورس ضغط دولي جدي على نظام بشار الأسد فمن الممكن الوصول لعملية انتقالية مماثلة لما جرى في اليمن". ويبدو أن ردود الأفعال على مجزرة حمص التي راح ضحيتها أكثر من 330 قتيلا ونحو 1600 جريح ترجح أيضا أن الفيتو الروسي والصيني لن يفيد الأسد كثيرا, حيث أكد وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام أن حكومة بلاده اتخذت قرارا بطرد السفير السوري لديها. وقال عبد السلام في مقابلة مع قناة "الجزيرة" إن قرار الحكومة التونسية جاء احتجاجا على المجازر التي جرت في حمص وفي غيرها من المدن السورية، موضحا أن وزارته ستستدعي سفيرها في دمشق أيضا. وتوقع الوزير التونسي أن تحذو معظم الدول العربية حذو بلاده في هذه الخطوة، وخص بالذكر مصر والمغرب ودول الخليج، قائلا :"نحن ننسق مع شركائنا في الدول العربية". وكان المجلس الوطني السوري المعارض كشف في بيان له أن القصف العشوائي الذي نفذه الجيش النظامي على حي الخالدية في حمص منذ مساء الجمعة الموافق 3 فبراير أدى إلى سقوط أكثر من 330 قتيلا ونحو 1600 جريح, واصفا هذا الهجوم بأنه أحد أكبر المذابح المروعة منذ بداية الانتفاضة في سوريا. وبالنظر إلى أن مجزرة حي الخالدية جاءت متزامنة مع تأكيد وكالة "رويترز" أن الانتفاضة الشعبية وصلت إلى حلب, ثاني أكبر المدن السورية , فقد رجح كثيرون أن نظام الرئيس بشار الأسد يعيش لحظاته الأخيرة رغم الفيتو الصيني والروسي, ولذا ضاعف مجازره ضد المدنيين. وكانت "رويترز" نقلت عن نشطاء في حلب قولهم في 3 فبراير إن الهدوء النسبي الذي استمر لأشهر في المدينة تلاشى عندما قتلت ميليشيات الشبيحة عشرة أشخاص على الأقل خلال مظاهرات مؤيدة للديمقراطية في بداية فبراير, موضحين أن أعمال القتل السابقة وهي الأدمى في المدينة وقعت في حي مرجة العشائري بعد أن أطلقت قوات الأمن النار على محتجين يطالبون بالإطاحة بالأسد. بل ونقلت "رويترز" أيضا عن مدرسة تعمل في مدرسة خاصة في حلب القول :" الاحتجاجات معتادة الآن في المدينة, لا يوجد بنزين ولا وقود للتدفئة والسخط يتزايد, كنا نسمع من قبل عن احتجاجات متفرقة في الجامعة فقط أو في الأحياء الفقيرة, ولكن الآن مناطق الطبقة المتوسطة تتحرك". وفي السياق ذاته, قال ناشط في المدينة يدعى نجدت:" إن ضبط النفس النسبي الذي مارسته القوات الموالية للأسد منذ بداية الانتفاضة كي لا تثير غضب سكان حلب بدأ يتلاشى, في السابق كانوا يعتقلون الناس ثم يخلون سبيلهم بعد يومين, وبينما استجمعت المظاهرات قوتها ببطء أصبح الضرب أكثر شيوعا, والآن يستخدمون الذخيرة الحية". والخلاصة أن نظام الأسد يفقد السيطرة على الأمور في سوريا يوما بعد يوم, ولذا فإن الفيتو الروسي والصيني لن يستطيع حمايته طويلا.