بعد مرور عام كامل على 25 يناير، اعترفت المخابرات الإسرائيلية بشكل صريح أن الثورة المصرية غيرت وجه «الشرق الأوسط»، ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على موقعها الإلكترونى تقريراً مفصلاً عن الثورة المصرية، اعترف فيه الجنرال «افيف كوخافى»، رئيس جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلى (أمان) أن الثورة المصرية غيرت وجه الشرق الأوسط ولم تعد إسرائيل بإمكانها التعرف عليه، مضيفاً أن الشرق الأوسط سيحمل رياح التغيير على المدى القصير، لكن مع زيادة المخاطر على وجود إسرائيل. فيما أكد سياسيون ودبلوماسيون إسرائيليون أنه بعد مرور عام على الثورة المصرية جاء اكتساح التيار الإسلامى للانتخابات البرلمانية ليؤكد فشل التيار الليبرالى فى الشارع، مشددين على أنه لا داعى للذعر من الأغلبية الإسلامية لأنهم سيحترمون اتفاقية السلام مع تل أبيب. وأضافت «شيلى يحيوفيتش»، رئيس حزب العمل اليسارى الإسرائيلى، أنه لابد من بذل الجهود للحفاظ على السلام مع القاهرة، موضحة أنه على رغم التغييرات الدرامية فى مصر وفوز الأحزاب الإسلامية فإن على تل أبيب أن تعمل للحفاظ على اتفاقية السلام التى حققت 33 عاماً من الهدوء مع القاهرة، مضيفة أن مصر دولة كبيرة ومهمة فيما يتعلق باستقرار المنطقة. كما أكد البروفيسور «جاى باخور» فى موقع «إسرائيل نيوز» أنه لا داعى للقلق من مصر بعد الثورة، والإطاحة بحليف إسرائيل السابق حسنى مبارك، مضيفاً أن مصر لا تستطيع تجاوز حدود السلام مع إسرائيل وليس أمامها سوى الالتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل، قائلاً: «لا يوجد سبب للقلق حول مصر بعدما أصبحت شبه مفلسة وليس لديها خيار سوى الحفاظ على السلام مع إسرائيل، لأنها لا تستطيع تحمل تكاليف إنهاء حالة السلام معنا». وأضاف أن صعود الإسلاميين فى مصر لا يشكل خطراً على إسرائيل لأنهم يغرقون فى المشاكل الداخلية والاقتصادية للبلاد ورأى أنهم يفتقرون إلى مهارات الاتصالات الجماهيرى والسياسى، واتهم مصر بأنها تعيش من الأموال الأمريكية ولا تملك خيار إلغاء معاهدة السلام وتعريض قناة السويس لمزيد من التخبط على حد تعبيره، مشيراً إلى أن «الجيش المصرى يعتمد على المساعدات الأمريكية، كما أن إيران لا يمكن أن تكون بديلاً عن الولاياتالمتحدة فى مساندة الإخوان ضد الغرب وإسرائيل، وحتى روسيا لا تستطيع أن تحل محل واشنطن فى دعم مصر، لأن روسيا تحتاج لمساعدة فى وقت تزايدت به مشاكلها الداخلية». فيما أعرب «رؤوفين ريفلين»، رئيس الكنيست الإسرائيلى عن أمله أن يوافق رئيس مجلس الشعب المصرى الجديد «سعد الكتاتنى» على زيارة إسرائيل والكنيست، كما أبدى فى الوقت نفسه أمله بزيارة القاهرة قريباً، موضحاً أن إسرائيل تخشى بأن تشهد شتاء إسلامياً بدلاً من ربيع عربى. أما صحيفة «إسرائيل اليوم» فرأت أن الإسلاميين خانوا الثورة ومطالبها وعقدوا تحالفاً بينهم والجيش الذى يرفض النشطاء تواجده فى السلطة، الأمر الذى سيجعل الدستور القادم وأيضاً الرئيس الذى سينتخب فى الصيف إلى الخضوع لتأثير الإخوان. وقالت الصحيفة إن مصر احتفلت بمرور سنة على ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأراد الميدان أن يرتدى ملابس عيد إلا أن الوجهين اللذين لبسهما منعاه من ذلك فقد كان من جهة شاباً مبتسماً ينظر إلى الأمام، ومن جهة ثانية وجهاً ذا لحية، ووجهاً منتقباً ولايزال يطل فوق الجميع من أعلى الجيش الذى يعلم جيداً أنه يتمتع بأيام أفضل، طالما بقى يحكم الإخوان المسلمين. وأضافت الصحيفة أن الميدان انقسم فيما نرى الشباب الليبراليين يريدون استمرار النضال والثورة، فهم يرون أنها لم تنته فى الحقيقة، لم يريدوا مبارك لكنهم لم يريدوا أيضاً الجيش فى الحكم، لكن المشير طنطاوى لايزال ممسكاً بزمام السلطة، وتلقوا أيضاً الإخوان المسلمين الذين يحكمون مجلس الشعب الآن. وأشارت إلى أن كلمة الديمقراطية أصبحت بفضل الثورة «موضة»، وإن كان الجميع يعلمون فى الواقع أنه لا توجد ديمقراطية سوى شىء قليل من الحرية، صحيح أن مصر جربت انتخابات ديمقراطية لأول مرة منذ 1952، وولد عنها مجلس شعب ذو أكثرية إسلامية ساحقة. وعلى صعيد متصل، أصدر مركز دراسات الأمن القومى بجامعة تل أبيب التقرير الاستراتيجى الإسرائيلى لعام 2011، والذى اهتم بذكرى مرور عام على ثورة الخامس والعشرين من يناير. وأعد التقرير قيادات الجيش والاستخبارات والمجلس القومى الأمنى السابقين وحلل مستقبل مصر مع إسرائيل، وأكد أن احتمالات تطور ونمو ديمقراطى مستقر فى مصر أقل بكثير من تونس، حيث إن الجيش المصرى هو الحاكم منذ عام 1952 حتى هذا اليوم ولا يبدى أى رغبة للتنازل عن هذه السلطة حتى عام 2012. وأشار إلى أنه على الرغم من إبداء الجيش رغبة حقيقية بالعودة لقواعده واستجابته إلى حد ما للمطالب العامة من خلال موافقته على اعتقال بعض كبار ضباط الشرطة الذين عملوا مع النظام السابق. وبشكل عام، لا يعارض الجيش توسيع الحياة السياسية، ومع ذلك يبدو أن المواقع تحتل من قبل الذين لم يتواجدوا فى ميدان التحرير الذين كان لهم الدور الأساسى بإسقاط نظام مبارك، وهى شخصيات تمثل قوى سياسية يشكك الكثيرون بالتزامها بالقيم الديمقراطية. وأضاف التقرير أن القوى العلمانية فى مصر قد تحطمت ولم تخط مطلقاً بخطوات بعيدة المدى فى مجال الديمقراطية مثل تونس. وأكد التقرير أن مصر بلد محافظ ومنشأ الإخوان المسلمين الذين واصلوا نشاطهم رغم قمعهم مع القوى الجهادية الأخرى، ومع تخفيف الضغوط عليهم عادت القوى الإسلامية للعمل بقوة كبيرة فى الشارع السياسى فى حين تجد القوى السياسية الأخرى صعوبة متزايدة للاستعداد لخوض نضال لتحديد مستقبل مصر. وعاد التقرير ليؤكد مجدداً أن الاستقرار قد يطول تونس سريعاً ولكن لن يطال مصر التى سيتأخر بها الاستقرار لأسباب منها أن عدد السكان فى تونس أقل والمستوى الثقافى أكثر ارتفاعاً، بالإضافة إلى أن الجيش فى تونس ليست لديه طموحات سياسية، على عكس مصر وليس من السهل عليه أن يتنازل عن دوره الذى بدأه فى 1952 حسب تأكيد التقرير الإسرائيلى. وأكد الخبراء الذين أعدوا التقرير أن الدول الأوروبية والأمريكية لم تعد تؤمن أن إسرائيل يمكنها أن تظل تؤدى دور «الشرطى» بالشرق الأوسط وطلبوا منها أن تقدم لأمريكا والدول الغربية ما يدل على قيامها بهذا الدور متسائلين عن الدولة الجديدة التى ستكون «شرطى الشرق الأوسط» هل هى مصر أم إيران التى تحاول انتزاع مكانتها فى المنطقة؟