على ما يبدو أن تمدد الأزمة القطرية مع دول الخليج، لن يشهد نهاية قريبة وقد تنقلب إلى أزمة داخلية تضر بنظام الحكم في الدوحة، بعدما تعرضت قطر إلى عقوبات غير مسبوقة من طرف جيرانها الخليجيين بقيادة السعودية بشكل لن يعيد دول مجلس التعاون الخليجي لما كان عليه قبل الأزمة. وحددت شبكة «بلومبيرج» الأمريكية 4 سيناريوهات متوقعة لنهاية الأزمة القطرية، وهى: اتفاق سريع والتحالف مع إيرانوتركيا والانقلاب على حكم الدوحة والغزو. ورأت الشبكة أن سيناريو الاتفاق السريع «غير مرجح وصعب» في حالة قطر مقارنة بأزمتها الدبلوماسية مع الخليج في عام 2014، وتتوقع الشبكة أن تتدخل الكويت في تلك الأزمة مثلما تدخلت قبل 3 سنوات لإبرام اتفاق يلزم قطر بعدم تقديم الدعم للجماعات الإسلامية والمصنفة على قوائم الإرهاب وعلى قطر كذلك أن تكبح جماح محتوى قناة الجزيرة المثير للجدل. وقالت الباحثة بمعهد دول الخليج العربي في واشنطن كريستين سميث ديوان: «قناة الجزيرة تعقد الحياة لدول مثل السعودية واليمن، فيما أن وسائل الإعلام داخل الدول الأربع التي تقود حملة قطع العلاقات ضد قطر، البحرين ومصر والسعودية والإمارات، يتم التحكم في وسائل إعلامها بإحكام شديد». ورأت الشبكة فيما يتعلق بالسيناريو الثاني وهو «التحالف مع إيرانوتركيا»، أنه السيناريو الأكثر ترجيحا مقارنة بأزمة عام 2014، نظراً إلى أنّ هناك الآن قادة أصغر سناً وأكثر عدائية يحكمون السعودية والإمارات، واستناداً إلى حيرة واشنطن في الانحياز لأطراف الأزمة وعدم رؤية العائلة القطرية المالكة أنّ هناك ما يدعوها إلى الاستسلام، إلى جانب ان قطر بشكل عام توطّد علاقتها مع تركياوإيران في إطار مساعيها الهادفة إلى إيجاد مصادر جديدة للطعام والسلع الأخرى بعد فرض حظر جوي وبري وبحري. وأضاف محاضر في قسم الدراسات الدفاعية في كلية «كينجز» بلندن، أندرياس كريج، «أن ما يحاول السعوديون تحقيقه هو العودة الى الثمانينيات عندما شعرت شعوب الخليج بالولاء الأول للسعودية بسبب الأماكن المقدسة لديها وعلى وجه الخصوص، فإنها تريد سياسة موحدة تجاه إيران، المنافس الإقليمي الرئيسي لها وبدلاً من الاتحاد أصبحت دول مجلس التعاون الخليجي تدمر نفسها بالأزمات الدبلوماسية». وعلى مستوى سيناريو الانقلاب، قالت الشبكة إنّ السعودية والإمارات تعتقدان أنّ والد الأمير القطري الشيخ حمد بن خليفة آل الثاني ما زال يؤثر على السياسة القطرية، مذكّريْن بوصوله إلى السلطة عبر الانقلاب على والده في العام 1972 وبإحباطه انقلاباً في العام 1996، ورأى «كريج» أن إمكانية حدوث انقلاب في قطر هو «أمر صعب» حالياً بفضل ولاء جيش قطر الصغير للعائلة الحاكمة، وغنى القطريين في عهد الحكام الحاليين، إذ يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 130 ألف دولار وهو الأعلى في العالم، ويبدو ان دعم الشعب للعائلة المالكة «متين»، حيث يتجمع الناس حول القيادة، بدلاً من لومها على آثار الحصار الخليجي. وقال «كريج» إن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يحدث بها تغيير لنظام الحكم ستكون من خلال «الغزو الخارجي». وهناك عوامل عدة تجعل فكرة «التدخل العسكري» غير مرجحة في الوقت الحاضر، بما في ذلك اعتماد الولاياتالمتحدة بشكل أساسي على قاعدتها الجوية في قطر بقاعدة «العديد» في الحرب ضد «داعش» في العراق وسوريا، إلا ان سفير الإمارات اقترح على واشنطن واشنطن ان تقوم الولاياتالمتحدة بنقل القاعدة، مما يسهل تطبيق الضغط على قطر. وهناك طرق يمكن أن تتصاعد من خلالها التوترات إلى درجة يصبح فيها العمل العسكري إمكانية حقيقية، حيث إن نشر تركيا ل3 آلاف جندي في قطر، وإلقاء إيران المسئولية على السعودية بشأن الهجمات الإرهابية الأخيرة التي شنتها «داعش» في طهران، كل ذلك قد يرفع حد المخاطر المؤدي إلى تدخل عسكري في قطر. وفي حال لجوء قطر ودول الخليج إلى خيار القوة، حذّر «كريج» من عدم قدرة الدوحة على المقاومة، نظراً إلى صغر جيشها بالمقارنة مع جيرانها وغياب الإدارة الأمريكية المركزية للدفاع عنها. وأكدت مجلة «فوربس» الأمريكية أن قطر لا يزال لديها أصدقاء حتى بعد قطع الخليج علاقاته معها، وأنها كبلد حديث بتعداد سكاني يبلغ 2.4 مليون شخص، إذا استطاع إقناع السعودية، بأنه لا يرعى «داعش» وفروعه، فإن الأزمة من المحتمل أن تنفرج قريبا. ورجحت المجلة ثلاثة سيناريوهات متوقعة لنهاية الأزمة القطرية، أولاً، الاعتماد بشكل أكبر على الحلفاء المتبقيين، مثل تركياوإيران والفلبين والهند، في سبيل أن تحافظ قطر على شريان الحياة من خلال استمداد كل النواقص التي حجبتها دول الخليج عنها في إطار الحصار الاقتصادي. ثانياً، الاعتماد على الدول المحايدة في الأزمة مثل عمانوالكويت، حيث يقول جورج كافييرو، مؤسس شركة الخليج للأبحاث، إن تلك الدول تبحث وبسرعة عن حل الأزمة، وأضاف أمير علي، المحاضر في كلية إدارة الأعمال بجامعة مردوخ في استراليا: «ان أمريكا حالياً يائسة من إيجاد حل لأزمة قطر بسبب ضغط وجود قاعدة جوية أمريكية في العديد»، ثالثاً، رأت المجلة ان قطر إذا استمرت في موقفها المؤيد لحركة «حماس» وجماعة «الإخوان»، فإنها ستستفز السعودية وحلفاءها وقد لا تأمن رد فعلهم بوقوع الحرب.